في محاولة لإيقاظ المشاعر الوطنية

طارق محمد حجاج
mr_tareq_hajjaj@hotmail.com

2011 / 5 / 8

يرى اليمين الإسرائيلي أن القيادة الفلسطينية لم تنضج بعد لقبولها الاقتراح الإسرائيلي بشأن الدولة الفلسطينية، ويجب إنضاجها على نار الضغط والقمع والحصار لحثها على قبول مثل هذا الحل.
ويعتقد اليسار أن القيادة الفلسطينية جاهزة لقبول مثل هذا الحل، وإن لم تكن جاهزة يجب أن يتم إقناعها بمزيج من توسيع رقعة أرض الكيان الفلسطيني قليلاً دون أن تصل إلى حدود الرابع من حزيران "يونيو" 1967، وبالضغط الدولي والعربي، وبالدعم المالي الموجه لخلق مصالح وأصحاب مصالح معنية لقبولها بمثل هذا الحل.
قد يصور للقارئ منذ الوهلة الأولى أن القوى السياسية الإسرائيلية منقسمة على نفسها، والحقيقة أن جوهر هذا الانقسام يكمن في طريقة التعامل السياسي مع القيادات الفلسطينية للوصول بها إلى نفس الهدف. فهل يبقى الريموت كنترول في يد إسرائيل لتوجيه الأحزاب الفلسطينية إلى الوجهة التي تبتغيها الصهيونية؟.
لقد أثقلت الجراح كاهلنا وغيرت الصدمات من مواقفنا وأثرت الأحداث المتدافعة في سلوكيات الشعب الفلسطيني عند التعاطي مع مجريات الأمور على الساحة الفلسطينية.
فأصبحنا لا نبالي ولا نكترث ولا نعطي للأحداث أهميتها وثقلها، بل نمررها مرور الكرام بالرغم من أنها كفيلة لتفجير ثورات وانفجارات بركانية تأكل الأخضر واليابس. أو أن الفلسطينيين ضاقوا ذرعا من التفاعل مع الأحداث المتلاحقة وأصبحوا بلا مبالاة. فهل من الممكن أن تصبح كثرة الجراح الشماعة التي يعلق عليها الشعب الفلسطيني مبرراته لعدم التفاعل بجدية وبنسبية متوازنة مع الأحداث الدامية؟.
لقد أدى إحراق بوعزيزي التونسي الجنسية لنفسه إلى أعمال انتقامية وغاضبة في تونس سرعان ما امتدت إلى جميع البلدان العربية المحيطة، لتسقط زعامات وحكومات دكتاتورية لطالما قمعت واعتقلت وتسببت في تخلف شعوبها.
فيما كانت واقعة إحراق بوعزيزي لنفسه سببا في سلسة الغضب العارمة التي أثرت في مشاعر الشعوب العربية وأيقظت نفوسها، فهل يعقل أن الساحة الفلسطينية لم تشهد أحداثا مأساوية بحجم هذا الحدث لكي ينهض الفلسطينيون بأنفسهم لتحرير أراضيهم.
لقد انتقلت الثورة إلى الفلسطينيين انتقالا خجولا يغلب عليها طابع الإتيكيت، فيما خرج الملايين في الدول لإسقاط النظام، خرجنا نحو المئات لإنهاء الانقسام وكأن مطلبنا ثانوي مقارنةً بمطالب باقي الدول العربية.
لا أحاول التبخيس ولا التقليل من مسيرة النضال الفلسطينية، ولكني عاتب على برودة الدم في التعاطي مع الأحداث والجرائم الإسرائيلية على الساحة الفلسطينية.
والحقيقة أننا لم نكن في يوم من الأيام كذلك، لقد قاومنا الاحتلال منذ ولادته وتفاعلنا مع الأحداث كما ينبغي لها.
نحن من أشعلنا الانتفاضة الأولى بسبب دهس جيب عسكري إسرائيلي لمجموعة من العمال الفلسطينيين في مخيم جباليا. ونحن أيضا من أشعلنا الانتفاضة الثانية عند تدنيس شارون للمسجد الأقصى. وللأسف الشديد نحن من لم نحرك ساكنا عند مقتل الطفل محمد الدرة، والرضيعة إيمان حجو والطفل فارس عودة وغيرهم الكثير ممن سقطوا شهداء بأبشع طرق القتل الوحشية، نحن وللأسف لم نتفاعل بصورة لائقة عند ارتكاب قوات الاحتلال مجزرة في مخيم جنين والمجازر في قطاع غزة وأقساها الحرب على غزة عام 2008، وعند محاصرة ياسر عرفات في المقاطعة ثم قتله، وعند مقتل الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة.
نحن يا قوم من مرت عليهم قصة موت الطفلة "عبير سكافي" بصدمة عصبية نتيجة حصرتها على أبيها بعد منع الاحتلال من السماح لها بزيارة أبيها المعتقل في السجون الإسرائيلية.
وكما تقول إسرائيل في أول المقال: علينا الضغط بالقوة أو شراء بعض النفوس بالأموال، فعلينا أن نقول إما السعي وراء الرواتب والمال وانتظار مزيدا من الدعم المالي وزيادة الرفاهية، وإما أن نكون يدا واحدة في مواجهة الاحتلال، لأن تضحياتنا ما زالت خجولة ومتواضعة فالجزائر قدمت مليون شهيد، فالتضحية ليس لها سقف معين لضمان جني ثمارها.
فمعا وسويا حتى القدس، وحتى لو سقط منا مائة شهيد يوميا.
( فأن توقد شمعة في الظلام خير من أن تلعن الظلام آلاف المرات)
Mr_tareq_hajjaj@hotmail.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن