بيان 1ماي لنواصل رفع مشعل الثورة

محمد المثلوثي

2011 / 5 / 2

أيها العمال، أيتها الجماهير المفقرة والمستغلة والمهمشة

في السنوات الفارطة كان الاحتفال بعيد العمال العالمي في تونس مجرد كرنفال أصفر باهت، يركن فيه العمال وعموم الكادحين الى بيوتهم، بينما يقيم الديكتاتور بن علي مراسم ديبلوماسية يهرع اليها أزلام النظام ليحملوا على أكتافهم أوسمة العار والخيانة، ولتقوم وسائل الاعلام بعكاظيتها المعهودة في تمجيد المكاسب العظيمة التي نالها العمال بفضل سياسات الرئيس الرشيدة ووقوفه الدائم الى جانب الشغالين. أما في هذه السنة فيحق للعمال وكل جماهير شعبنا المسحوقة ان تعيد لهذه الذكرى مغزاها الحقيقي، مغزاها النضالي والثوري. فغرة ماي لم تكن أبدا مجرد عطلة سنوية بل هي محطة لتجديد نضال عبيد العصور الحديثة ضد نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي لم يجنوا منه غير مزيد البؤس والبطالة والفقر وانحدار حياتهم المادية والروحية، ولم يجن منه العالم غير المجاعات والحروب والكوارث البيئية
في السنوات الفارطة كانت مجموعات العمال والمناضلين الصغيرة التي كانت تحيي هذا اليوم برفع الشعارات واللافتات المناهضة للديكتاتورية ولنظام الاستغلال الرأسمالي تجد نفسها معزولة عن بقية جمهور الشغيلة وعن باقي الفئات الاجتماعية المضطهدة، وكانت تجابه اعداء كثيرين وبوجوه متلونة، وكانت محاصرة ومحرومة من حقها في التظاهر والتعبير. لكن هذه السنة تجد الطبقة العاملة نفسها في خضم حركة ثورية عارمة، مسنودة ببقية ضحايا النظام الفاسد. وتجد في هذا المناخ الانتفاضي مساحة واسعة للتعبير عن أهدافها التاريخية والتقدم في نضالاتها ومواجهة مستغليها، ولتعلن بكل جرأة ووضوح أنها لا تحمل مشروعا لتحررها الخاص بل لتحرير المجتمع نفسه من بربرية استغلال الانسان لأخيه الانسان، وأنها تجد في بقية المسحوقين من فلاحين وبطالين وتلاميذ وطلبة ومهمشين... الحليف والسند في وحدة ثورية تشق طريقها البطولي من اجل مواصلة حركتها الانتفاضية لدك آخر قلاع هذا النظام المتفسخ الذي يسعى بكل الأساليب للتمديد في أنفاسه
أيها العمال، أيتها الجماهير المفقرة والمستغلة والمهمشة
ان حركتنا الثورية التي استطاعت اجبار رمز الديكتاتورية على الهروب بشكل مخزي ومذل تواجه اليوم اعظم محاولات الثورة المضادة للاتفاف عليها ووقف هيجانها الثوري في حدود اصلاحات سياسية فوقية تحافظ على أركان النظام القائم وأساساته العامة، مستعملة أكثر الأساليب مناورة ومكرا. فبعد فشل محاولاتها الأولى، والسقوط المدوي لحكومتي الغنوشي تحت ضربات الاعتصامات والمظاهرات والمصادمات مع قوى القمع، جاءت الحكومة الثالثة بقيادة الباجي قايد السبسي التي حاولت ولا تزال تقديم بعض التنازلات الوهمية في مسعى لإطفاء اللهيب الثوري والترتيب لسيناريو جديد هدفه اعادة ترميم الدولة الديكتاتورية واضفاء الشرعية عليها. ولقد حاولت هذه الحكومة أن تستجيب لبعض الشعارات التي رفعتها الحركة بحل مجلسي النواب والمستشارين والاعلان عن تشكيل هيئة للتحضير لإنتخابات مجلس تأسيسي. لكنها في الواقع تسعى بكل الوسائل الى افراغ هذه الشعارات من مضامينها الفعلية، فالهيئة غير الشرعية وغير المنتخبة التي حاول من خلالها السبسي ترضية بعض الأحزاب والشخصيات ما فتئت ان تحولت الى برلمان جديد يقوم بتشريع القوانين ويقترحها على الحكومة التي ترد هي بدورها على هذه المشاريع بمشاريع أخرى في لعبة برلمانية الهدف منها تحويل المعركة من نضال جماهيري في الشوارع الى محاصصات حزبية ومعارك فوقية يبقى فيها الجمهور الواسع مجرد متفرج سلبي. فالتجمع الدستوري قد قالت الجماهير كلمتها فيه وفي مسؤوليه وقياداته المجرمة، وان العودة للثرثرة والخطابات في هذا الموضوع لا يعدو أن يكون تلهية للجماهير ووقف حركتها في الاجهاز النهائي على هذا الحزب بفرض محاسبة مسؤوليه وتحويل مقراته الى ملك للشعب وطرد كل الأحزاب المتفرعة عنه، وهذا يكون بالنضال الميداني وليس بالمشاريع القانونية والمعارك الفوقية أو باقتراحات تقدم لحكومة هي نفسها لا تملك أي شرعية، بل هي حكومة الثورة المضادة. كذلك فان المجلس التأسيسي الذي يراد له أن يكون مجرد كعكة تتقاسمها الأحزاب، وتحويل جماهير الثورة الحقيقيين الى قطيع من الناخبين الذين يتدافعون وراء الوعود الانتخابية المنتفخة، سوف لن تكون الانتخابات اليه سوى تكرار للانتخابات البرلمانية في ظل بن علي، طالما أن أجهزة القمع مازالت بيد كوادر النظام القديم، وطالما الادارات وجميع مفاصل الدولة بيد التجمع الدستوري، وطالما القضاء لايزال مكبلا ويرزح تحت المجلس الأعلى للقضاء المعين من طرف بن علي، وطالما ميليشيات النظام تبث الفوضى وتثير الرعب في مقايضة رخيصة بين الحرية والأمن.

أيها العمال، أيتها الجماهير المفقرة والمستغلة والمهمشة
ان وقوف الثورة عند حدود الاصلاحات الشكلية سوف لن يعني سوى هزيمتها والعودة التدريجية للديكتاتورية بأثواب جديدة وديكور ديمقراطي سيحاول توجيه كل الطاقة النضالية للجماهير نحو مسرحيات انتخابية فوقية وصورية متلاحقة. وان توقفنا ورضوخنا للترهيب والتخويف من الفوضى سوف لن يقود الا الى استعادة النظام "لهيبته" التي وعده السبسي بها وجاء مكلفا بفرضها بالمناورة في مرحلة أولى وبالقمع الدموي في مرحلة لاحقة. لكن تجربتنا العظيمة التي راكمناها، والدروس التي استخلصناها من المرحلة الأولى لحركتنا الثورية سوف تكون خير سلاح لمواجهة كل المناورات والدسائس. فاذا كنا نريد لحركتنا أن تحقق أهدافها العميقة فاننا ملزمون بالاتجاه الى تنظيم أنفسنا أكثر فاكثر، ففي مواجهة الفوضى المصطنعة علينا باعادة احياء تقليد لجان ومجالس الأحياء وتعميمها وتحويلها الى مجالس قارة منتخبة من الأهالي، وتكون مهمتها، اضافة للحماية وضبط الأمن العام، ادارة الشؤون الاجتماعية اليومية والاستعاضة عن الأجهزة البيروقراطية المعينة بشكل تسلطي. وبالنسبة للاضرابات والاعتصامات، علينا بتشكيل مجالس لتنظيمها ومنع العناصر المندسة ليحولوا وجهتها لنشر الفوضى المتعمدة وتصفية الحسابات الشخصية، كذلك محاولة تجنب كل ما يمكن أن يضر بمصالح المواطنين العاديين الذين هم في الواقع يساندون تحركاتنا ويجدون مطالبنا شرعية سواء تلك المتعلقة بالمطالب الاجتماعية العاجلة أو بمطالب التشغيل. وان بث روح التآزر والتعاون من شأنه التقليص أكثر ما أمكن من عمليات النهب والسرقة والحرق التي تحركها خيوط خفية لحفنة من المستكرشين والفاسدين الذين يخشون المحاسبة ووصول العدالة الثورية الى ممتلكاتهم التي راكموها بطرق مشبوهة وملتوية وعلى حساب عرق العمال وقوت الجماهير الفقيرة.
أيها العمال، ايتها الجماهير المفقرة والمستغلة والمهمشة
ان وسائل الاعلام القذرة تحاول القيام بحملة شعواء لتجريم نضالاتنا الاجتماعية وتصويرها بانها "أنانية" و"تخريب" و"اضرار بالاقتصاد الوطني" و"بث الفوضى"..الخ وهي في ذلك تحاول كسر معنوياتنا وخلق حاجز بيننا وبين بقية اخواننا من الشرائح والفئات الاجتماعية الأخرى، كما تحاول خلط هذه النضالات الشرعية بعمليات السرقة والنهب التي يقوم بها سواء مجرمون عاديون أو عصابات منظمة وممولة من أطراف مشبوهة. كما أن هناك أطرافا لا هم لها سوى الوصول الى السلطة تحاول ايهامنا بأن نضالاتنا ليست ملائمة في توقيتها، أو أنها تتعارض مع نضالاتنا السياسية ضد بقايا النظام المتهاوي. لكننا نقول لكل هؤلاء بان دعايتهم لن تفل من عزيمتنا، وان نضالنا السياسي مرتبط بنضالنا الاجتماعي، وهما وجهان متلازمان لحركتنا، وان النضال السياسي سيفقد معناه اذا خلى من مضمونه الاجتماعي والتغيير الفعلي للواقع المعيشي المباشر لجماهير الشعب. واذا كلاب الدعاية البورجوازية تحاول هرسلتنا ومطالبتنا بالتضحية في سبيل الوطن، فنحن نقول لهم أنه من الأولى قبل مطالبتنا بالتضحية (ونحن أصلا لا نملك شيئا نضحي به) أن تقوموا أنتم بالتضحية بامتيازاتكم، وأن تقتطعوا قليلا من ثرواتكم التي حصلتموها بعرق العمال وجهدهم والسمسرة بقوتهم والمعاملات المشبوهة مع عائلات الطرابلسي وبن علي.
أيها العمال، أيتها الجماهير المفقرة والمستغلة والمهمشة
ان مصير ثورتنا بايدينا، وان النظام الذي يحاول تبديل جلدته كالثعبان لم يعد يملك نفس القوة التي كانت لديه قبل سقوط بن علي. وان ميزان القوى مازال يسمح بالذهاب اشواطا أخرى في مسيرتنا الثورية. فلتكن لنا الجرأة على كسر قيودنا نهائيا، فاننا لن نخسر شيئا في هذه العالم البائس، وفي المقابل فان لنا عالما جديد نربحه
عاشت وحدة العمال و جميع جماهير شعبنا المستغلة و المضطهدة
لا مكان لبقايا التجمع و أزلام بن علي في منظمة العمال
المجد و الخلود لشهداء الانتفاضة
مناضلون مستقلون تقدميون



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن