الرد الفلسطيني على متغيرات المنطقة:

خالد عبد القادر احمد
khalidjeam@yahoo.com

2011 / 4 / 4

حتى اللحظة, نجد ان القضية الفلسطينية, المستقلة نسبيا عن قضية الاحتلال المباشر, لا تزال يتفاقم ضررها على الوضع الفلسطيني الخاص, وحتى اللحظة يثبت ذلك ان مستوى القيادة الفلسطينية وتجليه في نهج سياسي لم يرتقي بعد الى مستوى حقيقية الذات الفلسطينية.
فحقيقة الذات الفلسطينية تكمن في انها وضع قومي خاص, ويجب بالتالي ان يكون له نهجه السياسي المعبر عن استقلاله وسيادته, وان هذه الذات الفلسطينية وقعت تاريخيا في خطأ انكار استقلاليتها الموضوعية وما يجب ان تعكسه من خصوصية موقف وحركة في الصراع من حولها, وعلى العكس من هذه الروح القيادية الاستقلالية فقد بات المصير الفلسطيني محصلة تقاطع الصراع من حوله, لذلك لم يتجلى تاريخيا على صورة كيان سياسي مستقل, بل كان دائما ولاية تابعة لمركز سياسي اجنبي,
ان الاحتلال الصهيوني الاحلالي الراهن هو احد اشكال تجليات القضية الفلسطينية التاريخية, ولا ينفي عنه هذه الحقيقة ان الخطر الذي يحمله يستهدف الغاء وشطب الصيغة القومية الفلسطينية من الوجود واحلال مشروع الصيغة القومية الصهيونية محلها, فما هو المتوقع اذن من مسار تاريخي من المساس باستقلال وجود الصيغة القومية الفلسطينية, الى محالوة الغاء هذا الوجود؟ وما هو المتوقع من وضع قومي يرهن شكل ومصير وجوده لما يتمخض عنه الصراع من حوله؟ وهل يمكن لنهج قيادي لا يدرك هذه الحقيقة إلا ان يكون عاجزا فاشلا غير فاعل؟ يرى استقلالية قراره في انه يتخذه خلف ابواب مغلقة؟ لكنه لا يرى ان حركته تماثل حركة ورقة تطفوعلى سطح ماء متحرك.
ان مصيرنا بات محصلة التفاعل السياسي لصراع الرؤى العالمية, وكذلك محصلة التفاعل السياسي لصراع رؤى المحاور الاقليمية, وكل ما علينا ان نفعله هو ان نحاول ارضاء الجميع. وان نبحث لمصيرنا القومي عن موقع بقاء على ارض يشغلها فعليا كلها هذا التفاعل السياسي والصراع بين الاطراف الاخرى.
حتى الامس السياسي رسمت قيادتنا نهجها على صورة هزيمة الانظمة في حرب عام 1967م , واعترافهم بالكيان الصهيوني كضريبة لهذه الهزيمة, وهو اعتراف لم يقلص مساحة اوطانهم لكنه قلص حجم ثوابتنا من الحقوق والشرعية. فقد قبلنا ان ندفع نحن ثمن هزيمتهم في الصراع, بل واضفنا الى ذلك ان دفعنا في صورة اتفاقيات اوسلو ثمن هزيمة اشقائنا العرب لنا في حرب تصفية الثورة الفلسطينية, ومن ثم عدنا وقبلنا ان ندفع ثمن مساومتهم مع الكيان الصهوني المعروضة في صورة المبادرة العربية, وفي المقابل فانهم يرفضون حتى مجرد الاعتراف بجواز السفر الفلسطيني الذي لا يزال هو بذاته موضع احتلال صهيوني, بل ورغم انهم يكرمون للمشروع الصهيوني على حساب وجودنا ومشروعيتنا ومصيرنا, فانهم يعلنون بوجهنا اقصى درجات الغضب اذا احسوا ان زيارة فرد من السلطة لدولهم تحمل اي درجة انتقاص لسيادتهم على اوطانهم,
اليوم تطرح الانتفاضات الشعبية متغيرات يسميها البعض _ ثورة قومية عربية جديدة_ ويبشرنا البعض ان هذه المتغيرات هي مقدمة لتحرير فلسطين, لانها حركة شعوب, كانهم لم يقرؤا معنى ما حدث في مباراة كرة القدم المصرية التونسية والاستعداد الذي ابداه الجمهور لاسالة الدم التونسي انحيازا للنعرة القومية المصرية.
القيادة الفلسطينية لا تدري ما الذي يجب عليها فعله مع مستجدات الواقع, وهي تعيش حالة انتظار ان تنتهي الرموز الانتقالية في مصر وتونس من ترتيب اوضاعها وتنتظر ايضا ان ترى ما ستتمخض عنه الحرب الاهلية في ليبيا والصراع الجاري في اليمن وما سيحدث في سوريا والاردن, وتصاعد الازمة في الخليج بين كتلة مجلس التعاون الخليجي وايران,
في مقابل هذا الانتظار الفلسطيني شكلت المتغيرات مظلة لحراك عدواني صهيوني واسع عام تستولي فيه على الوطن وتستكمل تفككيك عوامل الصيغة القومية الفلسطينية, اما كتابنا الاشاوس فيرون انه استيلاء على ارض زراعية لفلاح او شقة سكنية لاسرة او تدمير لمقدرات الصمود الاقتصادية
وحين تحرك شبابنا واستدعوا شعار انهاء الانقسام فان حركة حماس التي لا نية عندها لانهاء الانقسام استدعت بصورة عملية التصعيد مع الكيان الصهيوني لاجهاض محاولات انهاء الانقسام, ورجاءا ان لا يتهمني احد بانني ابريء ذمة الكيان الصهيوني من التصعيد, فالكيان الصهيوني في مسار تصعيد الصراع معنا والقضاء علينا تاريخيا لكننا علينا ان نعترف هنا ان حماس وتهربا من شعار انهاء الانقسام لجأت لطلب التصعيد الصهيوني تماما كوجه اخر لطلب _ الثوار _ للتدخل الاجنبي في ليبيا. ونحن الان على ابواب مذبحة جديدة سيتعرض لها القطاع من اجل عدم انهاء الانقسام.
لا يوجد من يمثل القومية الفلسطينية بسيادة واستقلال قومي, فلا منظمة التحرير الفلسطينية ولا سلطة رام الله ولا سلطة غزة, ولا اي فصيل من الفصائل يحمل تمثيلا للقومية الفلسطينية, لذلك على الحراك الشعبي الفلسطيني ان يكف عن ان يكون اصلاحيا وان يفجر الارض في انتفاضة شعبية عارمة تحت اقدام الفصائل والمؤسسات الفلسطينية, في سياق تفجيرها تحت اقدام الاحتلال, وفي سياق التحرر من الوصاية العربية والولاء للمحاور الاقليمية جميعا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن