عمال الكهرباء يعلنون التوقف عن الإصلاحات بمؤتمر صحافي

فاتن قبيسي

2002 / 8 / 14

جريدة السفير

عمال الكهرباء يعلنون التوقف عن الإصلاحات بمؤتمر صحافي:
<<السفير>> تعرض نماذج عن فوارق التعويضات قبل الخصخصة وبعدها
الرافعي: نحتاج لمئة مليون دولار كتعويضات إجمالية

 

حشد عمالي خلال المؤتمر الصحافي (حسن عمار
يعيش عمال ومستخدمو <<مؤسسة كهرباء لبنان>> حالة طوارئ هذه الايام، فالاضراب المفتوح الذي بدأت بتنفيذه نقابة العمال السبت الماضي احتجاجا على مشروع قانون تخصيص الكهرباء <<يفرخ>> تحركات ونشاطات اخرى ليس أقلها اجتماعات متتابعة لمجلس النقابة ومشاورات دائمة ومؤتمرات صحافية كان اولها مؤتمر عقد امس في مبنى المؤسسة، وذلك في ظل التوقف عن القيام بأعمال التصليحات، عشية جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب التي ستناقش اليوم قانون خصخصة الكهرباء.
حالة غليان سادت امس اروقة المؤسسة، ولافتات تبشّر <<بالاضراب المفتوح حتى تحقيق المطالب>>، ظللت الاجساد المحشورة في احدى باحات المؤسسة، حيث اطلقت في خلال مؤتمر صحافي مواقف زاد في سخونتها ارتفاع درجة الحرارة في المكان المغلق، مؤكدة ان القاعدة العمالية هي التي تحكم البلد لا السياسيون الذين كانوا خلال الحرب إما في سويسرا، وإما كانوا يلعبون لعبة السياسة، او كانوا متفرغين لجمع المال فيما كان عمال الكهرباء يضعون ارواحهم على اكفهم، حتى كان مصير بعضهم الشهادة. وركزت المواقف على المطالبة بتصفية حقوق العمال في تعويض نهاية الخدمة كاملة قبل إلحاقهم بالهيئة او بالشركة او بالفائض، منبهين الى ان سعر الكيلو وات الكهرباء سيتضاعف بعد تخصيص المؤسسة.
ولكن ما هي نقطة الخلاف الاساسية بين العمال والدولة بالمعنى القانوني التفصيلي؟
حاولت <<السفير>> الاجابة عن هذا السؤال من خلال الحصول على شهادات عدد من النقابيين والعمال.
ولكن لا بد اولا من الاشارة الى ان قصة الخلاف تبدأ من المادة الخامسة من المرسوم الرقم 2444 التي تنص على الآتي: يبقى تعويض الصرف من الخدمة لمستخدمي مصلحة كهرباء لبنان خاضعا للاحكام القانونية والنظامية المطبقة عليه قبل العمل بهذا المرسوم ويجري احتسابه على اساس:
راتب شهر عن كل سنة خدمة فعلية لغاية العاشرة.
راتب شهرين عن كل سنة خدمة بعد العاشرة ولغاية الثلاثين.
راتب ثلاثة اشهر عن كل سنة خدمة فعلية بعد الثلاثين.
ويقتطع معدل 3% من راتب المستخدم الشهري كمساهمة في تحمل الكلفة الناتجة عن هذه الاحكام.
وبما ان المرسوم يشترط للحصول على هذا التعويض إما بلوغ المستخدم سن ال64، وإما وفاته او اصابته بعجز، فإن الدولة ترفض تطبيقه لعدم توافر احد هذه الشروط، مستندة في اقرار مبدأ التعويضات على اساس قانون الضمان، مع احتساب تعويض اضافي بموجب مشروع قانون الخصخصة لكل مستقيل، ويوازي هذا التعويض الاضافي 30 شهرا، على ألا يقل عن 30 مليون ليرة ولا يزيد عن 200 مليون ليرة.
أما العمال فيعتبرون أنهم سيتعرضون لما يسمى <<بالصرف الكيفي>>، ولذلك يجب على الدولة مراعاة ظروف العمل المعمول بها بموجب المرسوم 2444.
ويقول الأمين العام لاتحاد المصالح المستقلة وعضو نقابة عمال ومستخدمي <<كهرباء لبنان>> طارق الرافعي ل<<السفير>>: كان من المفروض ان يتابع العمال سنوات الخدمة حتى بلوغهم ال64 <<اذا ما اخذ ربنا امانتهم>> ليحصلوا على التعويض الذي يلحظه المرسوم المذكور، فلماذا تقطع الدولة عليهم الطريق لتقدم لهم بدائل مجحفة!.
ويبلغ عدد عمال ومستخدمي المؤسسة حوالى 2540 عاملا ومستخدما يتوزعون بحسب الاعمار كالآتي: ثلاثة عمال تتراوح اعمارهم بين 20 و30 سنة، 280 عاملا تتراوح اعمارهم بين 30 و40 سنة، 870 عاملا بين 40 و50 سنة، و1387 عاملا بين 50 و64 سنة.
ويؤكد الرافعي ان 1387 عاملا وهم الشريحة الاكبر بين العمال هم الاكثر <<مظلومية>>، لأنه كان يفترض ان يحصلوا بعد 30 سنة خدمة على تعويضات تحتسب على اساس ثلاثة اشهر عن كل سنة خدمة.
والمشكلة لا تقف بنظر العمال عند حدود عدم تطبيق المرسوم 2444، بل تشمل ايضا مشكلة عدم تصفية حسابات العمال والمستخدمين من قبل مؤسسة <<كهرباء لبنان>> في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويقول الرافعي في هذا المجال: اذا ازيلت المؤسسة فمن يقوم بالتسوية مع الصندوق ليتسنى له دفع تعويضاتنا؟ بعد الخصخصة لن يعود هناك شيء اسمه مؤسسة <<كهرباء لبنان>> وبالتالي من سيقوم بتصفية التعويضات مع الصندوق؟!>>.
اذن يلحظ مشروع الخصخصة تعويضات حالات الاستقالة كما اوردناها سابقا، ولكن ماذا عن التعويضات في حال إلحاق العامل بالشركة الجديدة او بالفائض؟
يتخوف العمال من فكرة تحويلهم الى الشركة الجديدة، كمن يدخل الى المجهول برأيهم، فهي لم تصبح واقعا بعد ونظامها الداخلي غير موجود، وبالتالي هناك علامات استفهام حول التعويضات وحول مصير العمال. ويتساءل هنا عضو النقابة روجيه عشقوتي: <<من يضمن لنا أن نبقى عاملين داخل هذه الشركة حتى بلوغنا السن القانونية؟>>.
ولعل التشنج يبلغ مداه عندما تتحدث الى العمال عن كيفية احتساب التعويضات في حال إلحاقهم بالفائض، لأن النتيجة تصبح كالآتي: الاحتساب يقوم على أساس الراتب فقط ملغيا التقديمات الاضافية، وعلى حرمان العامل من التعويض على اساس شهر وشهرين وثلاثة اشهر استنادا الى المرسوم 2444، وحرمانه من التعويض ل30 شهرا اضافيا (بحسب مشروع الخصخصة) في آن معاً، واحتساب الراتب على اساس قانون الضمان (شهر عن كل سنة)، ما يعني برأي هؤلاء <<ضربة>> كبيرة لهذه الشريحة التي تجهل مصيرها حتى بعد وضعها على لائحة الفائض. هذا من الناحية المادية، أما من الناحية الاجتماعية فإن العامل سيخسر الضمان الاجتماعي والصحي له ولأسرته.
ويستغرب عشقوتي التمييز بين موظفي وزارة الطاقة والمياه ومستخدمي المؤسسة، فالموظفون ينالون التعويضات المطلوبة، مع إعطائهم حق الاختيار بين البقاء في الشركة بنفس الراتب والرتبة او الالتحاق بأي إدارة رسمية اخرى منتقدا كلام احد المسؤولين في معرض تبرير هذا التمييز بقوله بأن عدد الموظفين لا يتجاوز 25 و27 موظفا، وبوسع وزارة المال ان تدفع لهم التعويضات المناسبة، علما ان العمال والمستخدمين برأيه هم من حافظ على ديمومة المؤسسة في احلك الظروف.
وبالانتقال الى امثلة واقعية، اختارت <<السفير>> ثلاثة نماذج من المستخدمين ذات مستويات مختلفة من حيث الرواتب وسنوات الخدمة لعرض الفوارق بين التعويضات المتوجبة لهم بحسب المرسوم 2444 وتلك التي تعترف بها الدولة (انظر الجدول).
النموذج الاول:
رئيس قسم فني يتقاضى ثلاثة ملايين ليرة، يبلغ عدد سنوات خدمته 34 سنة، ويحق له تعويضات عن 62 شهرا بموجب المرسوم 2444، اي بقيمة 186 مليون ليرة، اما بموجب الصيغة المقترحة بعد خصخصة المؤسسة، فإن هذه التعويضات تنخفض الى 57 مليونا و800 ألف ليرة، لانها تحتسب على اساس الراتب فقط والبالغ مليون و700 ألف ليرة، وعلى اساس قانون الضمان (شهر عن كل سنة)، بدلا من 62 شهرا، اما في حال الاستقالة فإن تعويضاته تحتسب على اساس 34 سنة خدمة اضافة الى بدل 30 شهرا اضافيا.
النموذج الثاني:
اداري يتقاضى مليونا و500 الف ليرة (مع التقديمات)، ويحق له تعويض ل64 شهرا بعد 35 سنة خدمة بما قيمته 96 مليون ليرة، فيما لن يحصل بعد العودة الى اساس الراتب البالغ 800 الف ليرة وبالاستناد الى قانون الضمان الذي يحصر عدد الاشهر ب35 شهرا، إلا على 28 مليون ليرة فقط.
النموذج الثالث:
عامل يتقاضى 500 ألف ليرة، ويحق له تعويض بعد 35 سنة خدمة عن 64 شهرا بما يوازي 32 مليون ليرة، الا ان التعويضات تنخفض وفقا لما تقترحه الدولة بعد الخصخصة الى 17 مليون ليرة علما ان الراتب يخلو من التقديمات وبالتالي يحتسب في هذه الحالة كراتب اساسي.
وانطلاقا من هذا الواقع المجحف بحسب العمال، توصل النقابيون الى صيغة معينة، احتسبوا فيها التعويضات الاجمالية التي يمكن ان ينالوها، على اساس الفارق بين التعويضات المستحقة لهم في صندوق الضمان وتلك التي يلحظها المرسوم 2444، ويشير طارق الرافعي الى انها تبلغ مئة مليون دولار، وهي بمثابة تسوية تقوم من خلالها المؤسسة بتصفية ذمتها لدى صندوق الضمان وبنفس الوقت تؤمن من خلالها لحوالي 2500 عامل حقوقهم المحقة، وهو مبلغ برأيه ليس كبيرا اذا ما قيس بالمليارات التي ستباع بها المؤسسة، مقترحا ان تقتطع الدولة 5% فقط من المبالغ التي ستحصل عليها الدولة لقاء بيع المؤسسة لدفع هذه التعويضات المقترحة.
ويستغرب الرافعي كيف كان الرئيس رفيق الحريري وعدنا عندما نفذنا اضرابنا منذ حوالي 4 اشهر باعطائنا التعويضات على اساس شهر وشهرين وثلاثة اشهر حتى ولو لم يبلغ الواحد السن القانوني، ثم تبدل الموقف و<<صار في توافق سياسي للاسف على حساب العمال>>، منتقدا اعطاء التعويضات لشركتي الخلوي بما يجعل القطاع الخاص او <<غول رأس المال>> كما يسميه يأخذ حقه، فيما لا يجد العامل الفقير من يحميه، علما ان رواتب عمال مؤسسة <<كهرباء لبنان>> لا تتجاوز برأيه 16/1 من قيمة الموازنة العامة للمؤسسة!>>.
مؤتمر صحافي
عقد رئيس نقابة عمال ومستخدمي كهرباء لبنان اميل جحا امس مؤتمرا صحافيا في المبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان، في حضور اعضاء مجلس النقابة ورئيس اتحاد نقابات المصالح المستقلة والمؤسسات العامة فؤاد حرفوش وعضو هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام مارون الخولي وحشد كبير من العمال والموظفين في مؤسسة الكهرباء.
وتلا جحا بيانا جاء فيه: اذا كان البعض تعجب من سلسلة الاضرابات التي نفذناها منذ عام فهذا من شأنه، نحن لسنا هواة اضراب بل نتحرك دفاعا عن حقوقنا ومكتسباتنا.
منذ طرح موضوع الخصخصة لقطاع الكهرباء بداية العام الحالي قمنا باجراء سلسلة اتصالات مع الوزارات المعنية وعدد كبير من النواب ورؤساء اللجان بهدف تضمين المشروع بنودا تحافظ على حقوق العمال في تعويضات نهاية الخدمة وديمومة العمل.
وبالفعل استطعنا اجراء تعديل اولي بالتعاون مع رئيس واعضاء لجنة الاشغال والطاقة ثم اكملنا الاتصالات لاجراء تعديلات اخرى مع رئيس واعضاء لجنة الادارة والعدل.
وفيما اعتقدنا اننا حققنا بعض النجاح في هذا المجال، فوجئنا باجتماعات سريعة للجنة نسف فيها ما اتفق عليه سابقا وكذلك فعلت لجنة المال واخيرا اللجان المشتركة.
امام هذا الوضع كان لا بد لنا ان نتحرك فاجرينا عدة اتصالات لم تؤد الى نتيجة عندها كان لا بد من اعلان الاضراب.
ان هدفنا من الاضراب هو ادخال تعديل على المشروع المطروح اليوم على الهيئة العامة لمجلس النواب للمحافظة على حقوقنا في فروقات تعويض نهاية الخدمة لانه بعد اقرار المشروع لن تعود هناك مؤسسة اسمها كهرباء لبنان وبالتالي يتوجب تصفية فروقات التعويض العائدة للعمال والمستخدمين والتي تختلف عما يدفعه الضمان الاجتماعي.
وردا على سؤال قال جحا: ان تحركنا يهدف الى تعديل القانون قبل اقراره، واتصالاتنا مستمرة مع جميع المسؤولين ونحن على استعداد للبحث في اية تسوية قبل اقرار المشروع، وفي حال اقرار القانون دون اي تعديل سيقرر مجلس النقابة كل الخطوات التي سنقوم بها.
وقال ردا على سؤال: لقد قمنا بالتصليحات يومي السبت والاحد الماضيين، اما اليوم فتوقفت كل اعمال التصليحات ما عدا الاعطال التي تشكل خطرا على المواطنين.
انهم يتهموننا باننا سنوقف الانتاج وذلك كوسيلة ضغط علينا، ونحن في تاريخ الاضرابات في مصلحة كهرباء لبنان لم نسع الى توقيف الانتاج. وناشد الرؤساء الثلاثة الاستجابة لمطالبهم، لان مصير 3 آلاف عائلة بين ايديهم.
وتحدث رئيس اتحاد النقابات المستقلة حرفوش فقال: <<في 27 كانون الثاني 2002 اجتمع مجلس الوزراء لاقرار قانون الموازنة واتخذ القرار باعطاء المطالب التي نطالب بها اليوم ولم يلحظ هذا القرار بتعديلات قانون الخصخصة، لذلك قررت النقابة الاضراب اليوم>>.
وعقدت اللجنة الادارية لمجلس المندوبين اجتماعا واصدرت البيان التالي: <<توضيحا لما اتحفنا به مؤخرا العديد من المسؤولين من ايضاحات نظرية بخصوص مشروع خصخصة قطاع الكهرباء، فانه يهمنا ان نؤكد للرأي العام بان بين طيات هذا المشروع مخططا لضرب العمال والنيل من تعويضات نهاية الخدمة وذلك استكمالا لما كانوا قد بدأوه من الغاء لمجموعة من المكاسب قد اخذوها على مراحل في اوقات سابقة. ويهمنا ان نؤكد ان جميع ما يصرحون به عبر وسائل الاعلام من حفظ لحقوق العمال لم نجد له اي اثر في مشروع الخصخصة الموجود حاليا في الهيئة العامة للمجلس النيابي، حيث ان القانون يطبق بالنصوص وليس بالتصريحات فاننا نرى بأن هذه التصريحات هي لذر الرماد في العيون وتشويه صورة العمال لدى الرأي العام بانهم الجلادون.
كهرباء راشيا
الى ذلك، نفذ عمال ومستخدمو مصلحة الكهرباء في منطقتي راشيا والبقاع الغربي اضرابا عاما وشاملا حيث امتنع الموظفون عن استقبال مراجعات المواطنين وشل العمل الاداري في المكاتب، لكن العمال ابدوا استعدادهم القيام بتصليح الاعطال التي تطرأ على الشبكة العامة خلال الاضراب متمنين تحقيق مطالبهم.
قاديشا
كما نفذ عمال ومستخدمو شركة كهرباء قاديشا في الشمال اضرابا صباح امس احتجاجا على مشروع قانون تنظيم الكهرباء. وتوقف العمل في الشركة واكدت النقابة في بيان لها انها ستتابع كل التطورات لاتخاذ الموقف المناسب، مؤكدا ان قاديشا هي شركة خاصة، كما ذهب عدد من اعضاء مجلس النقابة الى بيروت للمشاركة في الاضراب المركزي.


https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن