رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد

فخر الدين فياض
fakheraldeen333@gmail.com

2011 / 3 / 20

سيدي الرئيس:

كما تعلمون أن هناك عاصفة من رياح التغيير تجتاح المنطقة العربية، فتقلب أنظمة عاتية، لم يدخر قادتها جهداً، على مدار عشرات السنين، لتمكينها وتثبيتها، وكأنهم يدّعمون بناءً سيظل أبد الدهر.. ومع ذلك ذهبت تلك الأنظمة أدراج الرياح، وكأنها لم تكن يوماً.. ما خلا إرثاً بغيضاً من الاستبداد والفساد والقهر ومآس لا تحصى في حياة فقراء هذه الأمة.

سيدي:

إن سوريا ليست بمعزل عن دول المنطقة وشعبها جزء من شعوب هذه الدول التي انتفضت وطالبت بحريتها وحقوقها الأساسية في العيش الكريم، ضمن وطن آمن يسعى حثيثاً للقضاء على الفساد والمفسدين..

إن كمية الوعي بحقوق الإنسان التي يمتلكها اليوم المواطن السوري هي أكبر من أن يخلصه إياها أحد أو جهة ما، مهما بلغت وبالغت في قسوتها وإرهابها، وحتى لو توقفت ثورة السوريين اليوم، لأي سبب من الأسباب، فإنها عائدة بصورة أكبر وأقوى..

سيدي:

لاحظتم أن شعارات المحتجين لم تمس سيادتكم، كانت شعارات ضد الفساد والاستبداد.. ومعظمها كان "حرية.. حرية" وهو أمر حقيقي عند شعبنا السوري الذي يمتلك روحاً مدنية عالية، بعيداً عن الحقد أو الرغبة في الانتقام..

وأعتقد أنكم تملكون أرصدة شخصية عالية عند السوريين عموماً، وربما كانت من أكثر المفارقات التاريخية أن ينتفض شعب على نظامه، ويناشد رأس النظام أن يقود عبوره العظيم نحو الحرية والعدالة الاجتماعية..

إنه حال السوريين اليوم الذين ينتظرون من سيادتكم موقفاً تاريخياً لقيادة أوسع شرائح شعبنا نحو التغيير، بما يليق بمدنية هذه البلاد وتاريخها الذي يرفض العنف والدم..

لقد رأى السوريون أن ضحايا الاحتجاجات في درعا شهداء عظام لثورة الشعب السوري، ضد الاستبداد والفساد.. وفي جميع المعايير إن هؤلاء أغلى شهداء وطننا.. لكنهم يا سيدي الرئيس ليسوا شهداء ضد شخصكم الكريم، وربما هم قناديل نور تضيء طريق البلاد تحت قيادتكم لشعبنا نحو الحرية ودولة القانون والعدالة الإجتماعية..

سيكثر شهداؤنا، وربما تغرق البلاد في مستنقع من الدم.. وحدكم القادر على تجنيب البلاد هذا المصير..

لم يهتف السوريون "تنحى" ولا "إرحل" لقد ناشدكم هذا الشعب قيادته للقضاء على نظام أفسد كل ما هو جميل وحقيقي في حياتنا..
سيدي الرئيس:

إن عموم السوريين يكنون الكثير من الاحترام والحب لشخصكم، وأنتم المهيئون لقيادتنا نحو أهدافنا الشعبية والمدنية.. الأمر الفارق عن باقي الدول العربية التي انتفضت.. إذ كان رأس النظام هو الهدف، شأنه شأن النظام برمته..

سأروي لسيادتكم قصة أختم بها رسالتي:

في عام 2005 كنت مدير تحرير إحدى الصحف الخاصة في سوريا، وكانت إحدى "الصحفيات" قد فرضتها إحدى الجهات "الأمنية" للعمل داخل الصحيفة.. على مدار عامين لم تقدم هذه "الصحفية" تقريراً واحداً يثبت أنها تتمتع بأقل كفاءة لتدخل به جريدة، لكنها كتبت تقريراً بأحد زملائها منع على أثره من مزاولة عمله الصحفي داخل سوريا، حتى هذه اللحظة.. رغم شهاداته الرفيعة من أهم صحف العالم العربي.. رغم معرفة تلك الجهة الأمنية بأن تقريرها كاذب، لكن "الصحفية" المدججة بترسانة فاسدة لم يكن من الممكن تكذيبها.. إنه مثال يعبر عن حياتنا اليوم.

"الصحفية" والعهدة على ذمة الراوي، أنها تشارك اليوم في قمع المحتجين في غير مكان..

سيدي الرئيس:

إن تلك "الصحفية" وأمثالها، الذين يزعمون إخلاصهم لسيادتكم، الدفاع عن شخصكم الكريم، هم النظام الذي يرفضه السوريين، إنهم يا سيدي يدافعون عن الفساد وعن القمع وعن الاستبداد، الذي يتيح لهم البقاء متنفذون، ضمن كفاءتهم الضعيفة، التي تضرب كل معايير الجدارة والاستحقاق، إضافة إلى استشراء اللصوصية والبلطجة على مرافق الدولة.. هؤلاء هم أعداء جنابكم الحقيقيون الذين سيذهبون بالبلاد والعباد..

لكننا كسوريين نناضل في سبيل ضوء الشمس والحرية والعدالة الاجتماعية نناشد سيادتكم قيادة هذا العبور العظيم نحو أهدافنا المشروعة.. وتقبلوا بذلك خالص احترام السوريين ومحبتهم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن