واعراقاه، أيحكمُكَ اللصوصُ والمارقونَ ؟

مديح الصادق
madih_sadiq@yahoo.com

2011 / 2 / 20

لا أحد يقرأ، لِمنْ تكتبون ؟ أنتم لا تجهدون سوى أنفسكم، معاشر الكتاب، والمثقفين، وفِّروا أوقاتكم ومجهوداتكم لمن هم أحوج إليها، من العيال، أو المقربين، أطنان الورق تستهلك لنشر هذيانكم الذي لا يحظى إلا باهتمام الشحاذين، والعاطلين، ومَنْ هم على شاكلتكم، أولاء الذين يجترُّون همومهم على موائد الخمر السري، أو يشكونها لزوجاتهم، بعد أن يخلد للنوم الصغار، إن لم يكن ذلك للعشيقات، لا حياء لمن تنادون، لماذا إذاً، تكررون النداء ؟ مواقع الاتصالات الحديثة تكتظ بما تتقيؤون، والحاكمون الكبار، والمتوسطون منهم، والصغار، مشغولون جميعا في سباقهم المستميت، ليل نهار، في الثراء الفاحش الذي لا يوقفه سد ولا حدود، بلا حسيب، ولارقيب، والله الذي باسمه علَّقوا خِرَقا من كل الألوان، وفصَّلوا على مقاساتهم أردية ساقوا بالعصا خلقه لأن يرتدوها مكرهين؛ قد استمهلوه ردحا من الزمان كي يستكملوا ما جاءوا لأجله، فاغرين أفواههم التي لا تمتلئ ولو غرفوا ما فوق الأرض وما تحتها من قاذورات، فهل تظنون أن سيسمعكم، أو يقرأ لكم عصابات منظمة تسترت بالدين كي تضحك على ذقون الفقراء، والمساكين ؟ صدقوني، هم بين أميٍّ لا يفقه الحرف، وفاقهٍ له ؛ لكنه مستهزئ به، والصنف الأخير هم الجبابرة، المستخفُّون بقدرة هذا الشعب العظيم، الجبار، على اكتساحهم كما تُكتسح القمامة من الطرقات، وما هي إلا صرخة حتى تراهم مولين الأدبار خائبين، وساعتها سوف يُخزى كل دجال منافق، أو ساكت على حقه، ذليل

ألقى على الطاولة بحِدَّة رزمة من نسخ الصحيفة التي أكتب عليها مقالاتي، تلك التي احتفظت بها لحين عودته من زيارته، بعد فراق يقارب العشرين عاما، للعراق، تلفَّتَ حوله منتبها إلى خروجه عن المألوف في مكان للراحة، في هذا البلد الذي يتبادل الناس كل شيء بالهمس، غيَّر ملامح وجهه التي عكست صورة العراقيين حين يغضبون، تقبلت الحسناوات على الطاولة المقابلة اعتذاره, وزدن على ذلك وردة حمراء، ذكَّرتنا الساعة أن اليوم هذا هو عيد الحب، وأن آلافا من الشبيبة المنتفضة على ما طالها، وطال العراقيين جميعا من تعسف وظلم، سيحملون قلوبهم على راحاتهم، يتحدُّون ما قد بُيِّت لهم من أزلام السلطة، وأحزابها التي لم تنتج سوى القتلة والسارقين، وما يتوعد به الشعب جميعا فلول الظلاميين والإرهابيين، ستنتصر إرادة الشعب في التغيير، بلا هتافات، ولا قصائد؛ بل حتى بدون مقالات، فالباطل زيف، مثل رغوة كأس، أو كما يقولون : زوبعة في فنجان

تناول رشفة من علبة القهوة التي يهواها وراح يسرد لي بمرارة أكاد أسمع قلبه يتقطع وهو يحكي قصصا غريبة عمَّا آلت إليه الأمور؛ في كل المدن والقرى التي زارها، من الشمال حتى الجنوب، خصوصا في الأعوام الأخيرة التي ادَّعوا بأنها شهدت نوعا من الاستقرار الأمني؛ وإن كان نسبيا؛ لكنه في الحقيقة غطاء لهم كي ينهبوا على هواهم خزائن سلَّطهم عليها سيدهم الأكبر، المحتل البغيض، البطالة قد استشرت بشكل فظيع، الصناعة وقواعدها الأساسية قد أهملت حتى غدت أوكارا للأحزاب الحاكمة، ومَن لفَّ لفَّهم من أصحاب السوابق، والراقصين للنظام السابق الذين خلعوا بسرعة البرق بدلات الزيتوني، وأنواط الشجاعة التي غنموها جزاء تفننهم في قتل الذين يذرفون اليوم عليهم دموع التماسيح، أما التعليم - ياسيدي المثقف، يا كاتب المقالات - فقد غدا صورة للمحاصصة البغيضة، والمذهبية الرخيصة، وساحة لاستعراض ما يفرزه النظام القائم من شعوذات تهدد مستقبل الطفولة والشباب، وبالتالي تسوق البلاد إلى مستنقع الوحل والخراب، والمرأة قد سُرقت كرامتها، وامتهنت، وصارت سلعة في مجتمع يغذيه الحاكمون يوما أتعس من يوم، بأفكار ليس لها علاقة بالأصالة، أوالدين، وتلك - لَعَمري - وصمة عار في جبينهم، ما بعده عار

وبرلمان - حاشا الشرفاء منهم - ما هو إلا جوقة للببغاوات، يرددون نشازا ما يريده منهم أسيادهم في البيت الأبيض، وتل أبيب، وقم وطهران، يديرون ظهورهم لشعب عظيم ارتضاهم عنه نائبين في دفع الأذى عنه، والظيم، فما أن استقروا على عروشهم حتى صاروا بلمح البرق مطايا للسلطة التي لم تكن إلا شلة من قطاع الطرق، والسارقين، فأي نواب أنتم ؟ وأي برلمان هذا الذي انتسبتم إليه ؟ تطالعون الذئاب وهي تنهش لحوم أهلكم وتدسون رؤوسكم في الجحور؛ ألا أخزاكم الله يا فرقة الطبالين، ألا حلَّت عليكم لعنته، يا معشر المنافقين

غدا، في الخامس والعشرين من شباط ستهدر جموع الغاضبين من شعب لم يعد قادرا على الصبر، شبابا وشيبا، من النساء والرجال، من كل أطياف العراق، ممن توهم الأوغاد بأنهم قد خُدعوا باسم القومية الشوفينية، أو المذهب، أو الدين، من الجائعين والمحرومين، مثقفين متنورين، أساتذة، طلابا،عمالا، فلاحين، تجمعهم صيحة ستهتز لها عروش الخاوين : لا للظلم، ولا للاستعباد، ولا لنهب الثروات، وليغادر أرضنا النظيفة كل الدخلاء مصاصصي دماء الفقراء، ليسقط في الوحل نظام المحاصصة الطائفية البغيض، ألا ألف تحية للشباب الواعي، المنتفض على الواقع المر البغيض، الشباب الذي ألقى جانبا كل الأعلام والرايات، ولم يحمل عاليا علما غير علم العراق، قلوبنا معكم، فلا تغادروا الساحة إثر تهديد مغلوب على أمره، ولا تغرَّنكم دسائس منهم أو مساومات قد يشترون فيها ضمائر مهتزة فيجنون منها شق الصفوف، ولا تقبلوا بوعودهم لأنهم كما عرفتموهم دوما لا عهد لهم وكاذبون، إيَّاكم وأنصاف الحلول فهي سنة درجوا عليها وقد تعلموها من سيدهم الأكبر القابع خلف الأسوار، وإياكم والتخريب فهو مضيعة لما أنتم قادمون عليه، والنصر لكم حتما، وكيف لا ؟ ألستم الأحفاد الصالحين لمن أحيَوا بالدماء نخلات العراق ؟

شباط - 19 - 2011



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن