الطائفية وثقافة الاستئصال في الإسلام ج4

الاء حامد
alah_hamed@yahoo.com

2010 / 12 / 12

بدا أحب ان أرد على أصحاب العقول المنغلقة بمقت الطائفية ممن ينتقدون الأجزاء الثلاثة من بحثنا الطائفية وثقافة الاستئصال بإدعاءات واهية لا تستمد الى عين الحقيقية شيا وإنما ينتقدون من زوايا ضيقة تعدوا الى عجزهم الفكري والعقائدي فيسلكون سبيلا غير سبيله من القذف والسبب والتشهير والشاتمون يعلم عنهم الناس جميعا أنهم غير مخلصون فيما يقولون ,, فعبثا يحاولون ان يحملون الناس على أرائهم الضيقة او يقنعونهم بصدقهم وان كانوا اصدق الصادقين لذا نحن ندعوهم الى مجاراة الصدق في طعونهم بما تستهويه الحجج والأدلة العقلانية من مأرب وان عجزوا في ذلك فاسلم إليهم ان يكفوا أنفسهم مؤنة ازدراء الناس إياهم وحماهم الدخول في مأزق هم فيه من الخاسرين محقين كانوا ام مبطلين. ه

في الدراسات والمقامات السابقة التي جعلنا من الإسلام نموذجا ثم العراق نموذجا أخرا وها نحن نستهل بحثنا بجعل الشيعة النموذج الأخير الذي استأصلته الطائفية وأبعدته عن متناول القرار منذ حقبة بعيدة نستثني منها حكم الإمام علي وحكم عبد الكريم قاسم الاثنان لم يمثلان الشيعة في حكمهم الأول حكم بأسم الخلافة الإسلامية والأخر حكم بأسم الليبرالية العراقية!!

كما انوه بأن مدار البحوث في الطائفية هي سياسية وليس عقائدية أصولية مثلما يفهمها البعض!! لذا ان دراسة محركات العنف الطائفي في المجتمع العراقي التي وضحنا معالمها في الجزء الثالث هي مرهونة بالإجابة داخل الحقل السياسي على مجموعة من التساؤلات مثلما نوهنا سلفا !!
تاريخ الإقصاء الطائفي وحقل السلطة والثروات المادية والإشكال التي تظهر بها,, وهذا التساؤل يطال تاريخ الايدولوجيا وتاريخ الثقافة والحيز المعرفي أيضا.
اختفاء وظهور العنف الطائفي كممارسة سياسية داخل تكوينات الدولة العراقية وبنية المجتمع العراقي القائمة على الصراع وتشوش وتفكك الطبقات الاجتماعية لصالح نزعات طائفية. وقراءة واقعية الصراع ( العنف الطائفي ) داخل الحركات الإسلامية الدينية (الإسلام الأصولي) تلك الحركات التي تمتد الى استثمار رأسمال الطبقات السفلى في التركيبة الطائفية السياسية وهنا من خلال التساؤلات يبدو الولاء للطائفة او التعصب الطائفي اشد الإخطار فتكا بوحدة العراق اذ انه يتجاوز الهوية الوطنية,, هذا من جهة ومن جهة أخرى فأن الولاء للطائفة بالتعصب الطائفي هو اشد انتهاكات حقوق الإنسان فيه!!

والواقع ان انقسام الجماعة الإسلامية في العراق الى طائفتين رئيستين يعود لمرحلة مبكرة من التاريخ الإسلامي بعكس ما يشاع جهلا من ان هذه الظاهرة كانت نتاجا متأخرا او بفعل عوامل ومؤثرات خارجية. فظاهرة الانقسام هي ظاهرة طبيعية وتاريخية, عرفتها كل الأديان وعكست بأستمرار مصالح وانقسامات اجتماعية او أثنية في الجوهر والرؤى واجتهادات فكرية او تفسيرية ولا يشذ المجتمع الإسلامي عن ذلك.

ولأن العراق كان تاريخيا مركز نشوء التشيع كظاهرة تاريخية ولأن قطاعا لا يستهان به من سكانه كان قد تأثر به ونشأ على اعتناقه,, فقد تعرض هولاء بأستمرار الى التمييز والقمع من قبل السلطات العثمانية آنذاك .
او على الأقل الإهمال والإقصاء الم نقل قمعا واعتمدت الدولة العثمانية كمثال للتعامل مع العراق وولاياته على أساس تقريب السنة واعتمادهم وكان ذلك من أسباب تعزيز مشاعر الانقسام الطائفي وأسسه الاقتصادية والاجتماعية

وقد كان المحرك لهذا الإقصاء سياسيا بالدرجة الأولى, كما ان الأمر الواضح خلال التاريخ السياسي للعراق هو إقصاء الشيعة عموما عن السلطة وخلال قرون طويلة, ولم يعوض عن ذلك الا قليلا في فرض الصفويين المذهب الشيعي على إيران في القرن السادس عشر, او تحول عدد لا بأس به من قبائل جنوب العراق الى المذهب الشيعي , او الدفاع غير الكافي عن الشيعة في وجه تعديات الوهابيين عليهم والتي وصلت في مطلع القرن التاسع عشر الى قلب مناطقهم في العراق.

لكن أيضا الشيعة كشيعة لم يكونوا يتحركون كثير ا لغرض مشاركتهم في القرار. كان هنالك من الاستكانة لغربتهم عن السياسة والمؤسسة السياسية , وكان هنالك نوع من التبرير الفقهي لتلك الغربة. وقد استفادت السلطات الحاكمة من هذه المنحى كثيرا

بالعودة الى ساحات الصراع الطائفي نجد ان المسؤول عن هذا الواقع الطائفي في العراق كما أسلفنا تياران أساسيان الأول التيار العربي القومي والثاني تيار الإسلامي السياسي المتطرف.
إضافة إلى بعض الليبراليين من الجانبين الذين وقعوا في شراك الطائفية السياسية وأداروا ظهرهم لليبراليتهم التي يفترض ان يكون متقاطعة تماما من أي مشروع طائفي وذلك من خلال توهم بعضهم ان مصلحة طائفتهم وحمايتها من طائفية الطرف الأخر, يستوجب في هذه المرحلة الاصطفاف في خندق الطائفة واعتبار ان كل ما سواه من مبادئ ديمقراطية وتقديم الهوية الوطنية أمور سابقة لأوانها من حيث الأوليات.

وهذه أيضا عقبت تركه ثقيلة تفاقمت من الحالة السلبية التي ورثت من عهد الدكتاتور صدام حسين وفي المقابل ممارسة الطائفية في جانب الحكم انتعشت بعض الأحزاب نضيرها الدينية الشيعية لتواجه هذه الطائفية.
وهكذا بدا تمهيد الطريق لصراع طائفي, الا انه صراعا بين السلطة التي كانت في غالبيتها سنية وبين المعارضة التي كانت متنوعة ولكن غالبية الأحزاب الإسلامية المشاركة فيها لمناهضة النظام الدكتاتوري كانت من الأوساط الشيعية. غير انه لم يكن أي من المحركات الطائفية السياسية يضاهي ما أحدثته طبيعة النظام الدكتاتوري في العراق النظام الذي هيمن على كل شي وحصر الحق والحقيقية به واعتبر ان كل ما عدا تصوره ورؤيته لا نصيب له من الشرعية والوجود.

ولهذا نخلص في خاتمة بحثنا هذا انه لا يمكن مسح إبعاد النزاع في العراق الا بعد نفض غبار نصف قرن من الحكم العسكري التسلطي, الذي أورث العراق حملا كبيرا وشائكا من الحروب المدمرة والعقوبات الكاسحة وسوء الحكم وسوء الإدارة وحكم الأسرة الواحدة والفساد مما أدى الى استنزاف الموارد ودمار المجتمع المدني وإضفاء الطابع الشخصي على مؤسسات السلطة وخلف وراءه امة تنوء تحت تقل التشظي الشديد وتعاني من أزمة هوية طاحنة..0
لنا عودة في الجز الخامس والاخير



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن