زمنwiki leaks

فاطمه قاسم
babydream-2008@windowslive.com

2010 / 12 / 12

قد يتعرض "جوليان أسانج" مؤسس موقع "wikileaks" إلى السجن، إذا ما ثبتت التهم الموجهة إليه، ولكن "الحرب الثالثة" التي أشعلها الموقع الالكتروني الأشهر، مازالت تستعر، وتخلق مشاكل أكثر، وتعرض الآلاف من الأفراد، والعشرات من الحكومات إلى إحراجات قد لا تتوقف عند حدود الإحراج، مثلما جرى مع المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية، التي افتضح سفراؤها بأنهم لا يمارسون العمل الدبلوماسي فقط الذي تحدده الاتفاقيات الدولية، بل يمارسون عملاً أمنياً في غاية الخطورة، وأن رسائلهم، وتقاريرهم، وتوصياتهم، وآرائهم، وتحليلاتهم، لم تكن لها أدنى درجة من السرية أو الحصانة أمام مندوبي "wikileaks"، والمتعاونين معه من أشخاص لم يكشف النقاب عنهم بعد.

الإعصار الذي انطلق مع تسريبات" wikileaks" عبر مئات الآلاف من الوثائق المنشورة، مازال في حالة من التصاعد، وخاصة أن التهديدات ازدادت بعد اعتقال مؤسس الموقع "جوليان أسانج" الأسترالي الجنسية في بريطانية، وما رشح من أخبار بأنه قد يسلم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعرضت دبلوماسيتها إلى صدمة قاسية، وانتشر غسيلها على كل الحبال، ومازال المخفي أعظم، ومازالت التبريرات التي تتسرب غير مقنعة لتبرير ما يجري مثل القول أنه أحد الجنود الأمريكيين الذين خدموا في العراق واسمه "برادلي" صدمته الجرائم التي ارتكبتها القوات الأمريكية في العراق ضد المدنيين الآمنيين، فقرر أن ينتقم، هل هذا معقول، وهل كل هذه الوثائق التي زلزلت الأرض تحت أقدام الكثيرين أفراداً وجماعات وأجهزة ومؤسسات وحكومات، بفعل رجل واحد مصدوم؟ ومن أين جاءته كل هذه الوثائق؟ وكيف استطاع الوصول إليها بهذه السهولة؟ وكيف سيعيش العالم إذا كانت لقاءات القادة، وقراراتهم، وترتيباتهم، وأحاديثهم المغلقة في الغرف السرية ليس لها أدنى حصانة؟

الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كان لها تحفظات معروفة ضد كل دولة يمكن أن تمتلك سلاحاً سواء السلاح النووي او أسلحة الدمار الشامل الأخرى، بأن مثل هذه الأسلحة قد تنتقل إلى أيدي، جماعات تخريبية؟ وقد تم تدمير بلدان مثل ما حصل مع العراق على خلفيات من هذا النوع، فماذا ستفعل الإدارة الأمريكية الآن، عندما يتضح أنه ليس عند دبلوماسيتها أي سر، كله أصبح مفضوحاً، كله أصبح على صفحات موقع "wikileaks"، وكيف سيتعامل القادة في العالم مع نظرائهم الأمريكيين، مادامت كل كلمة تقال تصبح تحت تهديد التسريب؟

هل انتقلنا من زمن دكتاتورية الأيديولوجيا إلى دكتاتورية التكنولوجيا، وخاصة تكنولوجيا المعلومات؟ وهل الأجهزة الأمريكية الCIA والFBI، وغيرها، عاجزة فعلاً عن منع هذا التسرب، أم أن الأمر كله واقع تحت يافطة الفوضى البناءة التي دعت إلى تنفيذها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها؟
زمن "WIKILEAKS" زمن خطير جداً يحتاج في مواجهته إلى نمط جديد في العلاقات الدولية، كل شيء مكشوفاً، ومباحاً، وإذا كانت تقارير الدبلوماسيين الأمريكيين مكشوفة على الملأ هكذا، فما الذي يمنع أن تكون برقيات البنتاجون مكشوفة أيضاً، ومعاملات البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وخطط الشركات الكبرى العابرة للقارات مكشوفة ايضا؟


زمن "WIKILEAKS" زمن مختلف تماما، زمن الحروب التي لا يعود فيها شيء محظور أو محرم او محصن، وقد يؤدي ما يكشف إلى طلب توضيحات جدية، مثلما يطالب وزير الخارجية الروسي بتوضيحات حول ما تسرب عن خطط بخصوص دول البلطيق، والدولاب مازال يدور، ولا يعرف أحد متى يتوقف، وخاصة أن "الهاكرز" من مؤيدي "WIKILEAKS"، دخلوا على الخط قبل أيام قليلة، بعد اعتقال " جوليان أسانج" وراحوا يهاجمون العديد من المواقع المهمة، فماذا بعد؟

حتى هذه اللحظة، لا احد يعرف كيف سينتهي الأمر، ولكن الشيء المؤكد أن اللوم لا يقع على موقع "WIKILEAKS" بل اللوم يقع على الأقوياء في هذا العالم، الذين لم يراعوا أية حصانة للدول الصغيرة والضعيفة، وتعاملوا معها بقدر كبير من الاستخفاف، وها هو الدور قد جاء على الأقوياء لكي تكشف أوراقهم، ويتضح أيضاً أنهم عندما هدموا النظام الأخلاقي والقانوني والإنساني، فإنهم هم أنفسهم أصبحوا في وضع مكشوف.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن