مناقشة لرد مريم الناصري حول -الحجاب-

حميد الهاشمي الجزولي

2004 / 9 / 19

ليس الهدف من هذا الرد هو مناقشة "الحجاب" الذي أصبح قضية كبرى بعد أن استطاعت "خير أمة أخرجت للناس..." أن تحل جميع قضاياها "الصغيرة" من استبداد، وتسلط،وأمية تنخر كيان أكثر من 60 من الساكنة ، وتخلف اقتصادي يعادل عدم قدرة " خير أمة..." على إطعام نفسها وتقرير التنمية البشرية لهيئة الأمم غني عن التعبير لأولي الألباب.
وإنما الهدف هو وضع بعض النقط على الحروف عسى أن يعمل البعض عقله في شؤون " خير أمة أخرجت...." من التاريخ ، لتستطيع العودة إليه .
أولا : لكل مرحلة تاريخية صانعوها

تقول مريم الناصري:"....الحجاب على أنه من دواعي التخلف ولا يتناسب مع المسيرة الديمقراطية وهذه فكرة استهلكت وعفا عليها الزمن ولو أن قاسم أمين نفسه كان موجودا ربما تراجع عنها "
ما أثارني في هذا القول وهو علمها بالغيب حين تأكيدها على أن قاسم أمين نفسه( لو) كان موجودا ربما تراجع عنها" رغم استعمالها كلمة ربما، وهذا جزء من أزمة مثقفينا في إسقاطهم لتمنياتهم وأحلامهم على التاريخ وقراءتهم النكوصية للتاريخ باعتباره مجرد آراء لأشخاص مجردين عن الواقع والتاريخ .
فما على "الأخت" إلا الاستنجاد بالقرضاوي فله في هذا الشأن آراء تنسجم مع رأيها رغم "أختلاف" فهمهما للشريعة ما دامت هذه الأخيرة منتوجا بشريا.
وما عليها إلا ترك قاسم أمين يرتاح في قبره بعد أن أدى مهمته كما بدا له انسجاما مع المرحلة التاريخية التي عاصرها.

ثانيا: بئس المصير

وتقول في ردها : "أن مصير فرض ارتداء الحجاب في بلد لا تطبق فيه الشريعة الإسلامية كنظام سياسي واجتماعي وثقافي يبدو لي تماما كمصير تشكيل محاكم شرعية يحاكم فيها الناس من دون أن يعلم بهم أحد !"

وهي بذلك لا تعارض فرض" الحجاب" بل تربط نجاح فرضه بتطبيق "الشريعة الإسلامية كنظام سياسي واجتماعي وثقافي" ، بحيث أن "نظامها" تراه شموليا أو لا يكون وفي هذا اجتهاد "جعفري" النزعة لا يختلف في شيء عن النظام الطالباني إلا في الزعماء وانتمائهم لهذا المذهب أو ذاك من المذاهب الكثيرة والمتعددة بتعدد الطوائف والقبائل والملل والنحل من بشتون وشيعة وسنة، ومصالح شخصية من صدرية وجلبية وزرقاوية وبنلادنية وظواهرية.......
وهي تتناقض بالمؤكد حين تورد مثال أيران وتتأسف لفشل فرض الحجاب حين تقول : "...فرض الحجاب كان مردوده سلبيا جدا..." ، أو ليس نظام تجار البازارت" نظاما اسلاميا" ، نتمنى للأخت الشفاء العاجل من مرض قول الكلام وعكسه.


ثالثا : ليس الداء في العيون بل في العقول

وتعتبر مريم الناصري : " ..أما فرض الأسود على أنه اللون الذي تسمح به الشريعة فهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة..." ، وسيكون علينا أن نشكل مجالس للفقهاء والعلماء ليحددوا لنا الألوان التي ينبغي أن تكون عليها ألبستنا ، ففقيهتنا لا ترى أن اللون الأسود هو لون الشريعة وأحد الفقهاء الذي سقط سهوا بالمجلس سيرى أن اللون الكاكي هو لون الشريعة ،أما أحد الأفغان فسيرى أن اللون العسلي باعتباره أقرب إلى لون الأفيون هو لون الشريعة، إلى ما أراد الله من الألوان ، أليس هذا هو العبث بعينه ....




رابعا : عبر التاريخ

"(- نأمل من جميع المدرسات والطالبات والموظفات لبس الزي الموحد الذي تتمناه مديرية التربية وهو لبس الجبة السوداء وبالصفات المقررة في أدناه: أن تكون عريضة وطويلة لحد الكعبين وان لا تكون ضيقة الأكمام وخالية من الفتحات وكذا الحجاب الأسود لا غيره من الألوان علما أن هذا الزي يوافق الشريعة السمحاء)"

حين قراءتي للمقطع أعلاه المنشور في رد" مريم الناصري" ، وفي رأيي الشخصي أنه أحسن ما في الرد، تبادرت لذهني بعض كتابات أدولف هتلر حول كيفية تنظيم المدارس ولا تنقصه إلا الإشارة لتنظيم الذكور بعد تكفين الإناث بالسواد .

ونتمنى من الله أن لا يسود أيامنا أكثر مما هي مسودة :
- بالاستعمار الذي يخطو يوميا على سيادتنا المنقوصة أصلا.
- وبالاستبداد الذي يتخذ من الدين شرعيته .
- وبالفقر والأمية التي تنتج مما تنتج أشباه مثقفين لا زالوا يؤمنون ولا زلن يؤمنن بخرافة " ..خير أمة أخرجت..." .
- وبولاية الفقيه والذي في غالب الأحيان يكون بدويا بالمعنى الصحراوي للكلمة وليس الجغرافي.
- وبأرقام "الأمة..." التي نخجل من ذكرها.
- وبتجارب الطالبان والترابي والنميري والسعودية وإيران والمذابح الجزائرية التي سارت بها الركبان.
- وبتجارب الاغتيال من المحيط الى حدود روسيا ( للشهداء عمر بنجلون بالمغرب وفرج فودة بمصر ومهدي عامل وحسين مروة وسهيل طويلة بلبنان وطه بالسودان .......) .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن