المتدين تحت المجهر (3).. دافع الانتماء

سامي ابراهيم
sami198420@hotmail.com

2010 / 11 / 23

هاجمني العديد من أبناء ديانتي المسيحية (بالأخص أبناء طائفتي المسيحية) ردا على سلسلة "أسئلة إلى الله" ومقالة "لماذا تسحق المرأة" التي اطرح فيها شكوك منطقية وتساؤلات مشروعة تدور في ذهن أي إنسان، وكانت اغلب الرسائل تأتيني من رجال دين من المفترض أن يكونوا قدوة لرعيتهم، كانت رسائلهم في أحيان كثيرة تحمل الشتائم والإهانات، كان هناك بعض الرسائل المهذبة والراقية والتي تنصحني للعودة لطريق الرب والطريق المؤدية إلى الخلاص الأبدي. بالتأكيد لم تخلق تلك الشتائم رد فعل تجاه ديانتي المسيحية، لكن ترسخت لدي مقولة فرويد في كتابه علم نفس الجماهير:"كل دين ينعت نفسه دين حب بالنسبة لمتبعيه وكل دين مستعد لأن يدلل على قسوته وعدم تسامحه إزاء أولئك الذين لا ينتمون إليه "، وعندما كنت أرد عليهم بأقوال وتعاليم يسوع الإنسانية "أحبوا أعدائكم، صلوا لمضطهديكم، من ضربك على خدك اليمن أدر له الأيسر، لم آت للأبرار بل للخاطئين" كانوا بكل بساطة ينسبون كتاباتي للشرير والشيطان وينهالون علي بوابل من أقوال يسوع ضد الشرير!!
لكن عندما نغوص قليلا في أعماق النفس الإنسانية لنرى كيف تسير وكيف تتحرك وما هي دوافع سلوكها عندها تصبح مقولة يسوع "أغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون" تصبح حقيقة مادية ويصبح لها مثال حقيقي على أرض الوقع.
...............................
تناولتُ في الجزء الأول من الدوافع التي تجعل المتدين متمسكا بإيمانه دافع الخوف ودافع الحماية وقمت بتصنيف أنواع الرُهاب الموجودة في الأفكار والنصوص الدينية مع أمثلة ونصوص من كتب الأديان السماوية، من ُرهاب الله (الأب) ورهاب الخطيئة ورهاب الموت ورهاب يوم القيامة ورهاب الشيطان والجن والأرواح الشريرة، ورهاب المجهول.
الدافع الثاني الذي يجعل المتدين متمسكا بعقيدته الدينية وتجعله مدافعا قويا لدينه هو دافع الانتماء أو الحاجة للانتماء وقد أشبعت هذا البحث في سيكولوجية المتدين بدراسات لأشهر علماء النفس وأرفقت معه بعض النصوص الدينية والظواهر الدينية كأمثلة تخدم الفكرة التي اطرحها.
• كيف يفكر الإنسان ضمن جماعته الدينية؟
• كيف تتم عملية الفورمات لدماغ الإنسان ضمن هذه الجماعة؟ وكيف تتم عملية إعادة تنصيب نظام تشغيل جديد لعقله ويجعله يفعل ما يفعله؟
• كيف تستطيع الجماعة الدينية أن تجعل إنساناً ينهي حياته بحزامٍ ناسف؟
• ما الذي تقدمه له الطائفة أو الجماعة الدينية حتى يتمسك بها الفرد بهذا الشكل؟
• لماذا ُيقتل المرتد؟ ولماذا تَقمع الطائفة أو الجماعة الدينية أي فرد من داخلها يعتريه الشك بصحة معتقداتها بكل هذا الكم الهائل من الوحشية والبدائية؟
أسئلة نحاول الإجابة عليها في هذا المقال:
في كتابه "علم نفس الجماهير" يقول فرويد:" الإنسان يفضل العيش ضمن كينونة معينة جماعية على العيش بمفرده حياة منعزلة لان حياة العزلة لا تؤمّن له الإشباع الذاتي من الناحية النفسية، بينما انتماء الفرد لمذهب ديني يجعل من هذا الفرد يتقمص حياة الأفراد الآخرين الموجودين في هذا المذهب وبذلك ينعم بأوجه متعددة مختلفة لحياته النفسية"
فالإنسان بطبيعته يشعر بحاجة لأن يكون له وجود وتقدير شخصي ومكانة اجتماعية في الوسط الذي يعيش فيه، ومن شأن الانتماء إلى مجموعة معينة أن تلبي له هذه الحاجات، وبانتمائه لمنظومة معينة (دينية، اجتماعية،..) سيكون فيها محبوباً ومقبولاً وينال التقدير والاعتبار واحترام الآخرين وستحقق له هذه المنظومة الحماية اللازمة من الأخطار الخارجية لأن أفراد الجماعة المنتمي لها سيدافعون عنه.
الانتماء الديني يشبع حاجة الإنسان في حب الذات والفخر والتيه والتميز عن بقية البشر والانتماء لمذهب ديني أو طائفة دينية يقضي على شعور الفرد بأنه وحيد أو منبوذ وهي حاجة ترضي شعور الإنسان ويشعر بقيمته الاجتماعية وأن وجوده مهم:
﴿(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) ( نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ( فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سورة يونس) (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) (تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) (وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ سورة النحل) (ِإنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ِ سورة الأحزاب) (أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) (فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ : آل عمران ﴾
(«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ متى:5:13) (أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ) (فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ)) (أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ) (لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ) (أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا) :عهد جديد﴾
• الانتماء لمذهب ديني يلبي طموحات الإنسان وغروره في تحقيق القوة الذاتية:
مثال: ظاهرة دينية معروفة: ترى إنساناً مسلماً أو مسيحياً يتباهى بأن أحد الأشخاص في الدين الآخر قد ترك دينه وأعتنق الدين المغاير، فيشعر هذا الإنسان بالانتصار ويتباهى بهذه الحادثة وكأنه مندوب أو وكيل قد نجحت وكالته. إن شهادة الإنسان بعملية تغيير الآخر لدينه هي تأكيد ودليل على قوة وصحة إيمانه وبأنه محظوظ لأنه في هذا الدين.
مثال آخر يتطابق مع حالتنا: الإنسان يشجع فريق كرة قدم معين، وعندما ينتصر فريقه يرقص فرحا ويهتاج ويهتف وينتشي وينال التهاني والمباركات من أصدقائه، إن فرحه هذا تعبير عن انتصاره، لقد ازداد الآن إيمانه بهذا الفريق (لاحظ: الفريق هو نفسه المعتقد أو الجماعة أو الطائفة)، إنه ينسب هذا الانتصار لنفسه وكأنه هو الذي حققه. أما عندما يخسر فريقه فإنه سيكتفي فقط بالتباهي بانجازات هذا الفريق عبر التاريخ وما قدمه هذا الفريق من لاعبين مبدعين أصبحوا أساطين في كرة القدم، ناهيك عن أنه سيعزو الخسارة وسيبررها بحجج معروفة نرددها دائما عند خسارة فريقنا المفضل(الحكم، ضربة جزاء ظالمة..).
• يعمل المذهب الديني على تكريس النصوص التي من شأنها أن توحد أتباعه ويعزز الترابط الاجتماعي حيث يتشارك فيه المؤمنون آلام بعضهم بعضا ويتقاسمون الأحزان فيزيحون عبئاً عن كاهل من يعتبرونه أخاً.
وفي هذا الاتجاه يطلعنا عالم النفس ماك دوغال في كتابه "العقل الجماعي" يقول: "الفرد الموجود في جماعة يخامره إحساس لذيذ لأنه يستسلم لهواه فينصهر في الجمهور ويفقد الإحساس بفرديته"
﴿(َأَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».) (اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ.) (إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي) (إذا انقسم المملكة على ذاتها فإنها لا تقدر أن تصمد :مرقس:3:23) (جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي.عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي.كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي.عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي.مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ) (وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ.) (ﭐِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ متى:7:7) :عهد جديد.﴾
﴿( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (َاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ) (إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ) (اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (} فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سورة يونس) : قرآن ﴾
يقول غوستاف لوبون في كتابه "علم النفس الجماهير": "أيا كان الأفراد الذين يتألف منهم جمهور معين، ومهما تكن أنماط حياتهم ومشاغلهم وطباعهم وذكاؤهم متباينة، فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من النفس الجماعية تجعلهم يحسون ويفكرون على نحو مغاير فيما لو كان كل فرد لوحده"
لأضرب مثال: ترى المهندس والطبيب والمحامي والبقال والدهان ينهجون نفس السلوك عندما يكونون بين حشود المصلين في دار العبادة، تزول الفوارق الطبقية والعلمية ضمن المجموعة الواحدة، تتحد عواطفهم، ويشكلون تكتلا واحداً...
• الانتماء لمذهب ديني يعزز الشعور بالأمن:
﴿ (أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ) (مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ متى:8:26) ﴾
﴿(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (َبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)﴾
.......................
الجماعة الدينية تنجح في إحكام قبضتها على المتدين، كيف؟
إنها تصطاد الإنسان في الماء العكر، فعندما يرى الإنسان نفسه مكتئبا، حزيناً، وحيداً، آثماً، ودوره هامشياً في المجتمع وقد هدته حياة الضياع واللاانتماء وأتعبته هموم الحياة ومشاكلها، ترى الطائفة الدينية تفتح ذراعيها لتمارس دور الحضن الدافئ والمستمع لشكوى وآلام هذا الإنسان، فتكفف دموعه وتعده بعشرات الوعود.
في كتابه ميادين علم النفس النظرية والتطبيقية يقول أستاذ علم النفس في جامعة شيكاغو "ج.ب.جيلفورد" وترجمة الدكتور "يوسف مراد": "ينجح علم نفس الجماهير في جعل الإنسان يتقبل فكرة أنه إنسان جيد حتى لو كان منطقيا خاطئ، فينجح البعث الديني في أن يستغل ذخيرة معينة من الاتجاهات الانفعالية القوية ويجد توجيها عاما لها، فيستغل الأفراد المتعبين واليائسين والفاشلين عن طريق قهر الذكاء البشري فالسكير والعربيد والخاطئ إذا قبل حياة الإيمان بالدين الذي هو موجود به فهو سينقذ" إليكم نصوص توضح هذه النقطة:
﴿( َالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ) (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا) (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ) (أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ): آل عمران) (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (َلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا) (اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) (وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ :سورة البقرة) (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ : آل عمران ) (اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ : سورة يوسف)﴾
﴿(تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ :متى 18:28) (أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ) (َﭐغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وخطايانا.) (كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ) (ﭐشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا) (قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيراً) (لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ): عهد جديد﴾
.................................
لماذا العنف والقمع من قبل رجال الدين؟! ما الذي يدفع إنساناً يتنسك ويتعبد ويتصوف ويعيش في كنف تعاليم سامية ويعتزل الحياة المادية ليلتزم الحياة الروحية ويعيش في مناجاة روحانية إلى حرق إنسان ورؤيته يتعذب موتاً مهما كانت جريمة ذلك الإنسان؟! ما الذي يدفع رجل دين يؤمن بقول: "أحبوا أعدائكم وصلوا لمضطهديكم فأي جائزة تنالون إذا أحببتم الذين يحبونكم" إلى كيل الشتائم والاعتداء على إنسان لم يخطئ في حق رجل الدين ذلك فحسب، بل لم يخطأ في حق أحد؟!
فرويد في كتابه "علم نفس الجماهير" يقول: إذا أردنا أن نكوّن فكرة صحيحة عن أخلاقية الفرد المنتمي لجماعة فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن جميع المكفوفات الفردية (الموانع أو اللاءات) تتلاشى وتضمحل لدى الأفراد حين يجمعهم جامع الجمهور فتستيقظ الغرائز الوحشية الهمجية المدمرة المتخلفة عن الأزمنة البدائية الراقدة في أعماق كل فرد وتصير تلووب عن تربية وإشباع. المستوى الفكري للجمهور هو على الدوام دون المستوى الفكري للفرد"
إذاً وجود رجل الدين أو المتدين ضمن طائفته وضمن جماعته يسمح له بإخراج المكبوتات اللاشعورية التي قمعها ودفنها في الأعماق ليخرجها في حالة هياج وحشي يقتل ويحرق ويعذب وينكل ويشتم ويقرّع ويهين إنسانا آخر.
وهنا يؤكد عالم الاجتماع مارتن لنا في كتاب ميادين علم النفس النظرية لمؤلفه (ج.ب.جيلفورد) على أن:" الطائفة او الجماعة هي موقف خاص لانطلاق الرغبات اللاشعورية تنطلق فيها مكبوتات مشتركة "
مثال: ظاهرة دينية: محاكمات وعمليات الحرق والإعدامات الوحشية التي يقوم بها رجال الدين لفلاسفة وعلماء اتهموا بالهرطقة والشعوذة والسحر ومخالفة العقيدة والكتب المقدسة.
.............................
لنرى كيف أن الانتماء لمذهب ديني أو طائفة دينية هو العامل الأهم لتناسخ عملية التفكير بين جماعة المؤمنين:
أولبرت يقول:"مقاييس تطابق السلوك في الجماعات الدينية تسفر عن درجة كبيرة من التشابه والتناسخ فحين تسأل أغلب أعضاء المذهب الديني عن ماهية الله أو الذات الإلهية فإنهم يجيبون إجابة واحدة وهي التي تمثل الرأي الرسمي للطائفة أو العقيدة التي ينتمون إليها"
لأضرب مثال: عندما تواجه أحد المتدينين بفكرة أو حادثة دينية وردت في أحد الكتب المقدسة وتنقدها أو تبين له هشاشة منطقها الإنساني وضعفها العقلي كفكرة الخلق وفكرة آدم وحواء فتراه يجيبك بالجملة الببغائية المبتذلة المكررة الشهيرة والتي يخدع بها نفسه ويهرب من سلطة المنطق والعقل فيقول لك: "القصة رمزية"! فتقول له إن كانت القصة رمزية فهذا معناه أنه لا وجود حقيقي لشخص آدم وحواء وبالتالي لا يوجد وجود حقيقي لشخص أبنائهم على الرغم من أن النص الديني فاضح في ماديته (وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ) (وَعَرَفَ آدَمُ امْرَأَتَهُ أَيْضاً فَوَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شِيثاً) (وَعَاشَ آدَمُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ وَلَداً..وَعَاشَ لاَمَكُ مِئَةً وَاثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَوَلَدَ ابْناً. وَدَعَا اسْمَهُ نُوحاً) (وَوَلَدَ نُوحٌ: سَاماً وَحَاماً وَيَافَثَ) أين الرمزية؟! هل هؤلاء وجميع من تعدهم أنبياء سام وموسى وداؤود وسليمان هم رموز؟! فإن كانوا رموزا هذا معناه أنه لا وجود لكل تلك القصص عن الخروج والطوفان والمعارك والتي لا مجال لأن تكون رمزية فلا يمكن إلا أن تكون مادية حرفية لأشخاص ولدوا بعملية التناسل التي نعرفها ونَسَبهم واضح في الكتب الدينية وضوح الشمس وأسمائهم هي أسماء حقيقية و.. القائمة تطول، فأين الرمزية في قصة "آدم وحواء"؟!
وهذا معناه أن المسيح أيضا كان وجوده رمزيا ولم يكن ماديا، أي أن عملية التجسد كانت عملية رمزية وهذا معناه أن المسيح لم يتعذب كإنسان عادي ولم يمت ميتة الإنسان الطبيعي لأن الصور كلها رمزية وهذا ينقض الدين المسيحي وينسفه. إذاً إما أن تؤمن بحرفية قصة الخلق و بوجود حقيقي لآدم وحواء وبوجود مادي فيزيائي لتلك الشجرة التي حذر الله منها آدم بحرفيتها أو أنك لا تستطيع تصديق هذه القصة الهشة الركيكة الطفولية وبالتالي فتخدع نفسك بنسب القصة لـ(الرمزية).
عندما تواجه أحد المتدينين بفكرة سحق واحتقار المرأة مثلا تراه يردد جملة مكررة ببغائية سمعتها آلاف المرات فيقول لك جملته الشهيرة :"مكانة المرأة في الإسلام"، نعم مكانة المرأة في الإسلام! وماذا بعد؟! لا حاجة له ليجيبك أبعد من عبارته "مكانة المرأة في الإسلام" فهذه العبارة التي تلقاها من مرجعياته كفيلة بإسكات أي صوت نقدي يناقش في "مكانة المرأة في الإسلام" إذاً المهم أن الله أخصّها بمكانة راقية ولكن كيف ومتى وأين فلا تهمنا كثيرا التفاصيل التي تشرح هذه المكانة أو ميكانيزم (التفضيل)، تستشهد له بآيات تبين مكانة المرأة: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ) (طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ) (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ) (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء.. ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (َانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) (لاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء) (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء) (جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء)
المتدين الآن سيدافع ذهنيا عن هذه الآيات بقوله لماذا لم أكمل الآيات ولماذا أجتزأ آيات من نصوصها الكاملة! لكنه لن يفكر ولو للحظة واحدة أن هذه الآيات حتى لو كانت مجتزأة فهي تدل على ذكورية سحقت المرأة وسلبتها كيانها.
مهما وضعت أمام المتدين شواهد وأمثلة تشرح له فكرتك عن سحق المرأة فإنه لن يستطيع أن يرى أن المرأة إلا بأفضل وأعز مكانة.
في هذا الصدد يقول فرويد: "الجماهير لا تعرف الظمأ إلى الحقيقة فهي تطلب أوهاما وهي تقدم اللاواقعي على الواقعي واللاواقعي يؤثر فيها بنفس قوة تأثير الواقعي"
................................
هناك مثل أعلى للمتدين وهو الله (الأب)، يرتبط بسائر عبيده برابطة يدعوها فرويد في كتابه "علم نفس الجماهير" برابطة التماهي (الذوبان والانحلال). لكن الطائفة الدينية تتطلب علاقة ليس فقط بين الله والأفراد، بل علاقة بين الأفراد بعضهم ببعض، فعلى الفرد كما يرى فرويد:"من جهة أن يتماهى مع الله ومن الجهة الثانية أن يحب سائر أفراد طائفته الدينية كما أحبهم الأب الله". وهنا التركيز على علاقة عاطفية يجب أن تنشأ بين أفراد المذهب الديني:
(أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً. بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ».) ( فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ. رسالة بطرس:)
في الحقيقة فإن فرويد يعتقد أن "أفراد الطائفة الدينية مرتبطين بالله من جهة وببقية الأفراد الموجودين في نفس المذهب الديني من جهة أخرى بروابط ليبيدوية " (الليبيدو: الطاقة الجنسية أو طاقة الغرائز)" والليبيدو يرتبط بإشباع الحاجات الحيوية الكبرى ويختار كمواضيع أولى له الأشخاص الذين يسهم تدخلهم في تحقيق هذا الإشباع. إذا تلبية رغبة الحب (طاقة الجنس) "الليبيدو" لاشعوريا بين أفراد الطائفة الدينية هو من أهم العوامل الذي يبقي على قوة التشكيل الجماعي للمذهب الديني:
أمثلة على الليبيدو من بعض النصوص الدينية :
(شَهْوَةُ الأَبْرَارِ خَيْرٌ فَقَطْ :مزامير ) (وَالشَّهْوَةُ الْمُتَمَّمَةُ شَجَرَةُ حَيَاةٍ :سفر الأمثال) (لأَنَّهُ أَحَبَّهُ مَحَبَّةَ نَفْسِهِ) (تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ: اللاَّوِيِّينَ 19) (فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ : سفر الملوك الثاني) (من يَسْتُرْ مَعْصِيَةً يَطْلُبُ الْمَحَبَّةَ وَمَنْ يُكَرِّرُ أَمْراً يُفَرِّقُ بَيْنَ الأَصْدِقَاءِ سفر الأمثال ) ﴿(ِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ) (بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ) (طَاقَةُ فَاغِيَةٍ حَبِيبِي لِي فِي كُرُومِ عَيْنِ جَدْيٍ) (وَسَرِيرُنَا أَخْضَرُ) (شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْداً) (أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ.) (أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ فَإِنِّي مَرِيضَةٌ حُبّاً) (شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي.) (صَوْتُ حَبِيبِي) (قُومِي يَا حَبِيبَتِي يَا جَمِيلَتِي وَتَعَالَي) (حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ) (فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ) نشيد الأناشيد﴾
﴿(كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ) (لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ) (أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضاً الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا) (الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا) افسس 5:25 (تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ) (اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ) : مرقس. ﴾
﴿ (وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ:(الأحزاب) ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِير سورة النملَ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ سورة النور) (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ سورة القصص) (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ سورة النساء) (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ آل عمران) (َانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاع) (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا...وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ سورة البقرة﴾
..........................
• لماذا يقتل المرتد؟ لماذا العقاب الشديد لكل من يغير دينه؟ (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ : البقرة) ﴿(من جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ :عهد قديم))
• لماذا النبذ لكل من يخالف تيار الجماعة او الطائف؟ (يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْماً :عهد قديم.))

كان لابد للمذهب الديني أن يعاقب كل من يخرج منه بأقسى أنواع العقاب، لكي يكون رادعا لكل من تسول نفسه العصيان أو تفكيك روابط المذهب، في هذا الصدد يقول فرويد:" إن ترابط أفراد المذهب الديني هو ترابط قائم على الإكراه الخارجي الذي من شأنه في الوقت نفسه أن يمنع تعديل بنيتهما. المتدين ليس حرا في الدخول أو الخروج من مذهبه الديني أو جماعته الدينية ومحاولات الفرار تعاقب بقسوة أو تربط بشروط غاية في الصرامة"
الطائفة الدينية تقدم الحب والتسامح لأفرادها إلى أن ترى بادرة تمرد عندها تكشر عن أنيابه الحقيقية وتبدأ بإنزال أشد أنواع العقاب لهذا الفرد، لذلك لا نستطيع أن نسمي أي دين "دين الحب" أو"دين السلام" هنا فرويد يقول: "كل دين مهما نعت نفسه دين حب لابد من أن يحمي نفسه من الاضمحلال وبالتالي هو ملزم لأن يكون صارما وبأن يعامل جميع من لا ينتمون إليه بقسوة وعدم تسامح، إن كل دين ينعت نفسه دين حب بالنسبة لمتبعيه وكل دين مستعد لأن يدلل على قسوته وعدم تسامحه إزاء أولئك الذين لا ينتمون إليه".
وما يحل محل الطائفة الدينية هو الحزب الديني والحزب الديني بكل الأحوال لا يمكن إلا أن يكون حزبا متطرفا يحمل مشاعر التعصب ضد من هم خارج التشكيل وهو نفس التعصب الذي يميز الصراعات الدينية:
﴿ ((مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ) (قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ):قرآن﴾
﴿ (وَجَدَّفُوا عَلَى اللهِ فِي قُلُوبِهِمْ)(لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي) (وَجَدَّفُوا عَلَى اللهِ فِي قُلُوبِهِمْ) (للهِ نَصْنَعُ بِبَأْسٍ وَهُوَ يَدُوسُ أَعْدَاءَنَا.) (فَضَرَبَ أَعْدَاءَهُ إِلَى الْوَرَاءِ.) (بِذِرَاعِ قُوَّتِكَ بَدَّدْتَ أَعْدَاءَكَ)(وَأَسْحَقُ أَعْدَاءَهُ أَمَامَ وَجْهِهِ وَأَضْرِبُ مُبْغِضِيهِ)عهد قديم ﴾

﴿ (وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ) (وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ) (يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ) (وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ) (يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ) عهد جديد﴾
.................................
يتناقل الأفراد المنتمون لجماعة معينة مشاعرهم بالعدوى، والعدوى هي أهم مميز تتميز به الجماعة، ولنركز على جماعة المتدينين، ترى المظاهرات والحوادث الدينية تكون أغلبها بعد خروج جموع المصلين وهم محقونون بعواطف ومشاعر من قبل (الخطيب) تعمل على تهييجهم وإثارتهم، لم يعد هنا تمييز فردي فكري ومحاكاة عقلية فردية سليمة للعقل، بل عدوى حماسية جماعية.
يسميها "ماك دوغال" في كتابه "العقل الجماعي" بـ"الاستجابة التعاطفية البدائية" ويطلق عليها "غوستاف لوبون" ظاهرة "الايحاء وعدوى التماثل"، بينما يسميها فرويد يسميها "العدوى الجماعية".
فرويد يقول:" ما يميز الفرد المنتمي لجمهور هو تماثل ردود الأفعال وانحطاط النشاط الفكري، درجة مشتطة من العاطفية، عجز عن الاعتدال وضبط النفس، ميل إلى تجاوز الحدود كافة في التظاهرات العاطفية. سرعة الانفعال سرعة التأثر سرعة التصديق، يعوذه الحس النقدي عواطف بسيطة وشديدة التأجج، لا يعرف الجمهور لا شكا ولا ترددا."
﴿( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (} لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ) (تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ) (فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ) (} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) :قرآن﴾
﴿( أُعَادِي أَعْدَاءَكَ وَأُضَايِقُ مُضَايِقِيكَ) (وَتَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَيَسْقُطُونَ أَمَامَكُمْ بِالسَّيْفِ) (الرَّبَّ إِلهَكُمْ سَائِرٌ مَعَكُمْ لِيُحَارِبَ عَنْكُمْ أَعْدَاءَكُمْ لِيُخَلِّصَكُمْ) (يَجْعَلُ الرَّبُّ أَعْدَاءَكَ القَائِمِينَ عَليْكَ مُنْهَزِمِينَ أَمَامَكَ) (حِينَ يَقْطَعُ الرَّبُّ أَعْدَاءَ دَاوُدَ جَمِيعاً عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ) (الرَّبَّ حَارَبَ أَعْدَاءَ إِسْرَائِيلَ) (تَشَجَّعَ بَنُو يَهُوذَا لأَنَّهُمُ اتَّكَلُوا عَلَى الرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ) :عهد قديم ﴾
في هذا الصدد يقول مارتن: "في الاحتفال الديني نجد أن الشخص العادي يتحول إلى شخص ممتاز مفتدى محبوب من قبل الله وهنا يصاب الفرد بجنون العظمة يتبعه جنون الاضطهاد ما يجعل من الجمهور مخلوقا مجبولا على البغضاء. فهو يمجد الظلم الذي عاناه أفراده، وكثيرا ما تتحول الجماعات التي بدأت بحشد هادئ إلى جماعات من الرعاع والسفاحين "
إذا الفرد لا يفكر ضمن الجماعة بل ما تسييره هي غرائزه البدائية ولاشعوره، وهذا ما يدفعه أكثر إلى التمسك بهذه الجماعة دون القدرة على رؤية الأخطاء، الفرد ضمن جماعته لا يكون فاعلاً بل منفعلاً وكلما حملت هذه الانفعالات همجية وعنف وبدائية كان احتمال عدواها وانتشارها بين الجماعة أكبر.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن