احمد الكبنجي ..لحظة الفاعلية في سكون العقل العراقي

سجاد سالم حسين
sajadsalimh@yahoo.com

2010 / 11 / 14

اسم سوف يتذكره التاريخ وربماتبدو غرائبيته مصدر الهام لاجيال مقبلة وهي تتصفح باشمئزاز توظيف الفكر الديني في عراق ما بعد 2003 منعطف التغيير والتجربة المرة لاحزاب الاسلام السايسي في العراق . المثير في احمد الكبنجي ليس عمامته التي اصبحت مفارقة لعلمانيته وليبراليته ودعوته الدائبة للدولة المدنية التي يراها اصلا بذاتها ولذاتها فهو اسلامي لايزيح من الدين غبار القرون والتوظيف السياسي ولهو الطبقات الحاكمة فحسب بل يزيح سخامه وبحجج تصدم مؤيديه قبل خصومه المتناسلين بماكنات تفريخ الاحزاب الدينية لا يضع الدين في سرير بروكست او يضع العلمانية في ذات السرير ليمط احدهما او يجذ الاخر بعملية توفيقية فجة ..يرى في الاسلام خلقا وكفى توصيات ذات الزام اخلاقي فمن شاء ليؤمن ومن شاء ليكفر وكلاهما قد يكونا طريقا لاعمال العقل وبذلك نتجاوز بهيميتنا وتقليدنا الاعمى لانماط التدين الشعبوي والاسلام الزائف الخادع بنصوص دينية لا اخلاقية. يرى الله وجدان المؤمن وقلبه مرسخا بذلك نظريته دين العبيد ودين الاحرار يدعونا دعوة الصوفي بجلاءها وعمق تجربتها لمحبة الله فالله عند السيد الكبنجي ليس الله الاخرين الرب عنده رحيم اقرب الى الانسان من حبل وريده عطوف لم يخلق جنة ولا نار ليتمتع بساديته وهو يضحك على مخلوقاته التافهة عندما يوزن ما يسمى بحسناته او سيئاته كالبقال في يوم القيامة فيشوي الاجساد ويضع الاسياخ في ادبارها الله بكلمة واحدة هو الوجدان يحرر الانسان من خوفه ليهيم بعلاقة حب مع ربه فيدين له حرا لا عبدا يدين له عالما لا جاهلا طامعا بجنته او خائفا من ناره ..من يرفض هذا الرب يا ترى او يجافيه ومن ينبذه ؟ومن شاء فليتعلق بربه الاول بهيأة الجزار والغاضب السادي يخلق ثم يهلك ويعذب ارضاءا لكبرياءه وغروره وتعجرفه من اجل ان يقول انا موجود وانا قادر ؟ .. يطرح السيد احمد الكبنجي نظرية الشفاعة من منظور الفكر الديني وتاريخه من خلال دراسة صورة الاله وتمثله في اذهان عامة الناس ..فالاله الذي صوره الفقهاء بصورة الدموي كاشر الانياب متلقفا زلات عبده بجلادي ذات اليمين وذات اليسار لم يجتذب مخلوقاته لان علاقتهم به علاقة اذعان وذل متلازمة خنوع لا هوى كاداري متعجرف في طابو عثماني فيلجأ الناس لاكليروس ديني او وسيط يتشفعون له زلفى الى الله ولذلك نرى اكثر الشيعة لا يتورعون عن ذكر الله باقذع الالفاظ ولكنهم يتورعون عن ذكر العباس والحسين واهل البيت فقد صور هؤلاء رحمة وربهم جزار في تاريخانية الفكر الديني؟ وهو ما يعطي تفسيرا اكثر شمولا لنظرية الدكتورالوردي حول الشفاعة التي يفسرها نتيجة الانتقال المضطرب من البداوة الى الحضاره والتي اقتبسها الوردي من عالم الاجتماع الاسكتلندي روبرت ماكيفر حول صراع البداوة والحضارة فنظام البداوة بحريته يرفض الاكليروس ويخاطب الرب مباشرة كما تعلم البدوي ان يخاطب زعيمه بلا تكلف اما حياة المدينة فهي نظام مختلف كسلسلة المراجع او الحلقي فانتقل هذا الاضطراب القيمي نتيجة هذا الصراع الى السلوك والمعتقد فاثر فيها وظهرت الشفاعة.وأخطر اراءه ايضاعندما اعلنها صراحة بأن الفيلسووف العظيم ماركس اقرب في نيته الى الله من ابن سينا وبعض علماء الاسلام ..فاستنفر خصومه متهمين اياه بالشيوعية ؟ التغيير هذه المرة يأ تي من رحم المؤسسة الدينية ولرجل افنى عمره في هذا المضمار وهو ما يزيد اراءه قيمة ووجاهة فهو مترجم لدستغيب وسروش وملكيان ورواد التحديث الايراني وهو بفاعلية شريعتي ونشاطه المجتمعي في بسط تجاربه التنويرية عبر الملتقى الثقافي للفكر الاسلامي المعاصر ولكنه حذر فيما يخص نقاوة تجربته العراقية والوقوف بجراة لا تتوفر لاحد غيره في مجابهة خزعبلات احاديث الشيعة التي سطرها المجلسي كما في كتابه تهذيب احاديث الشيعة او مجابهته لمارد الاسلام السايسي الذي بدأ يلتفت اليه بعد ان لاقت افكاره رواجا ..سيسجل التاريخ عن رجل دين ومؤسس للحظة الحركية والفاعلية في وقت اصيب فيه العقل بالجنون الجماعي وهوس الفكر الديني الذي اقتلع منابت التنوير وسد نوافذها عن جيل عراقي جديد يحاول السيد احمد ان يعيدها بلأي بيد واحدة وهي كل ماتبقى له من زمن دكتاتورية البعث ولكن فكرا وهاجا ذلك الذي ينضح منه يتنامى يوما بعد اخر وهو مما لا يستطيع احد قبره وفي هذا اشكال لخصومه وبهجة لمتلقي افكاره..بقي الدكتور الوردي لحظة للعقلانية في زمن اضطرب فيه العقل العراقي حتى صرخ احدهم من قاع احدى الجامع بان سبب الفساد في العراق ثلاث الخمر والزنا والدكتور الوردي ويمثل الان السيد الكبنجي لحظة للفاعلية في زمن سكون هذا العقل وجنونه بكل ما يثار من لغط وسوء فهم حوله.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن