الإسهال في العمل السياسي المعارض ..؟ ما حكاية الحركة الوطنية العراقية الجديدة ؟

داود البصري

2002 / 7 / 26

 

إذا كانت مفاجآت شهر تموز تظل متهاطلة على رؤوس العراقيين بدءا من الإنقلابات الدموية وليس إنتهاءا بتحركات القطارات الأميركية والبريطانية التي أنجبت لنا البعث الفاشي المشبوه وزمرته البائسة التي أدخلت العراق والأمة العربية في أنفاق الموت والتدمير والخراب المقيم ، فإن هذه المفاجآت لم تنقطع مع التبلور الأخير في الرأي العام الوطني العراقي المعارض ونجاح مجموعة من المخلصين من عسكريي وضباط العراق بالخروج بصورة ميدانية للنشاط المعارض عبر نجاحها في عقد المؤتمر العسكري العراقي الأخير في العاصمة البريطانية والذي يمكن تجييره كنصر واضح للمعارضة العراقية المخلصة عبر إسماع العالم الحر للصوت العراقي الوطني المعارض المستقل والرافض للتبعية وسياسة المحاور والمنطلق من المصلحة الوطنية العليا ، الأمر الذي أثار وبشكل ملفت للنظر ثعابين النظام العراقي في أكثر من عاصمة وموقع ومكان وخصوصا مع البعد العربي الذي وفره للمؤتمر حضور الأمير الحسن بن طلال الذي يمثل أحد الدعامات البارزة للمشروع الفكري والسياسي العربي الذي ظل النظام العراقي طويلا يعزف على أنغامه وهو إختراق كبير تحققه المعارضة العراقية عبر جهود مخلصيها من ضباط الجيش العراقي الأحرار ، ورغم أن المهاجمين لذلك المؤتمر الناجح وفقا لجميع المقاييس تختلف دوافعهم وأهدافهم إلا أن مايوحدهم هو لغة الحقد والتشفي وإبراز الأكاذيب وإختلاق الأباطيل بدءا من المجرم الفاشي والعنصر الإستخباري وفيق السامرائي وليس إنتهاءا بالذليل والمجرم والإمعة نزار الخزرجي الذي يبرز اليوم بطولات وعنتريات من خلال مقابلاته الصحفية بينما هو عاجز عجز الأرملة عن الإتيان بأي فعل وطني حقيقي سوى توزيع الإتهامات لهذا الطرف أو ذاك رغم أن تهمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي تتلبسه وتطبق على خوانيقه! ، وبعد أن حقق المؤتمر العسكري العراقي من وهج إعلامي فاعل تسبب في خلخلة كيان حتى قناة الجزيرة وإثارة أعصاب المقاتل اللندني عبد الباري عطوان وأثار ثعابين وحواة المخابرات المصرية والسورية والسعودية ، وأثبت للعالم عمق الإرادة العراقية الحرة ، بعد ذلك كله إنشقت الإرض فجأة ليظهر من بين تجاويفها تنظيم كارتوني جديد قادم من العالم الجديد هذه المرة يدعى ( الحركة الوطنية العراقية )!! وهي تسمية فضفاضة وهلامية تهدف لخلط الأوراق وركوب الموجة ومحاولة إستثمار المستجدات الناشئة في الساحة العراقية في ظل إقتراب الإستحقاق الشعبي العراقي لتصفية الحساب مع النظام الصدامي الفاشل المهزوم وهي القضية المركزية التي تشغل بال أحرار العراق من العسكريين والمدنيين على حد سواء فجميع الروافد الوطنية العراقية متحدة على هدفها المقدس والذي لامحيص عنه قيد أنملة طالما ظل في الأحرار عرق ينبض بالرفض للنظام العدواني المشبوه ؟ فما حكاية الحركة الوطنية العراقية هذه القادمة عبر البحار ؟ وهل الأحزاب والحركات السياسية العراقية الأخرى ليست وطنية لتنفرد هذه الحركة بهذه التسمية ؟ ولماذا سكتت هذه الحركة كل هذه العقود لتظهر اليوم كنبتة شيطانية لاقيمة لها أمام الحقائق الميدانية ، وهي حقائق تؤشر على الغموض المحيط بماضي هذه المجموعة والتي لم يعرف عن منسقها جهاد ولاقتال ولاماضي كفاحي معروف سوى ذلك الإسم الذي يحمل دلالات عثمانية قميئة وكفيلة بإستحضار كل صفحات التاريخ السوداء ؟ فهل أن الإنتقال المفاجيء من أميركا لبريطانيا حيث مضارب المعارضة العراقية يعطي لهذه المجموعة الحق في مصادرة أدوار الإخرين ولو من خلال التسميات الكبيرة والخالية من أية مضامين حقيقية ؟ أم أن ركوب الموجة الإعلامية عبر تغطيات صحيفة الوطن السعودية الصادرة من إقليم عسير من شأنه أن يعطي للحركة الجديدة دورا لاتستحقه ولاتستطيع القيام به ؟ وهل من الضروري في هذه المرحلة تفريخ حركات وأحزاب وتجمعات جديدة تساهم في إضعاف وتشتيت ساحة العمل الوطني بدلا من تعزيزها ؟

لاشك أن أحلام الباحثين عن أدوار على هامش القضية العراقية ستتحول لكوابيس فيما لو قارن القادمون الجدد حالهم بحال الصامدين والعاملين في ساحة العمل الوطني العراقي طيلة عقود طويلة قدموا خلالها الكثير لقضية وطنهم ، فالمعارضة ليست مجرد بيانات حماسية ولا هي إعلان عن تنظيمات كارتونية وهمية يحاولون إلباسها لباسا مبهرجا مشتقا من نظرية الإبهار الإعلامي الأميركية ! .. إنها شيء آخر تماما لايعرفه أولئك السادة الجدد الذين أفرزتهم حالة السيولة والإسهال القائمة في الساحة حاليا ؟ وعلى هؤلاء أن يعرفوا حجمهم الحقيقي ، قبل أن يتكفل العراقيون بتعليمهم أصول اللياقة والمنطق ، فليس كل مايلمع ذهبا ؟

ولاعزاء لتنظيم الحركة الوطنية المزعوم الذي دخل التاريخ من الباب المخصص للنفايات !.

 



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن