متى ترفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سورية

بدر الدين شنن
abohamid@hetnet.nl

2004 / 8 / 16

من الأنشطة الهامة التي قام بها نشطاء حقوق الإنسان، كانت الدعوة من قبل لجان الدفاع عن حقوق الإنسان للمواطنين السوريين ، للإعتصام في آذار الماضي أمام مجلس الشعب ، في الذكرى الأربعين لإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سورية ، التي شارك فيها عدد لابأس به من المناضلين من مختلف ألوان الطيف السياسي والحقوقي ، للتعبير عن رفضهم لاستمرار إخضاع الشعب السوري لهذه الحالة الشاذة المهينة للكرامة الإنسانية ، والمطالبة بانتهاء العمل بموجبها في الشأن الداخلي . تمهيداً لنقل البلاد إلى حالة ديمقراطية صحية ، يحصل فيها الإنسان السوري على حقوقه الإنسانية المشروعة في التعبير عن الرأي والتنظيم والتظاهر .. وفي صنع القرار الوطني على الصعد كافة .. السياسية والإقتصادية والإجتماعية
وقد كان القمع الذي قامت به السلطة تجاه المعتصمين ، باعتقال العشرات منهم ، ثم الإفراج عنهم بعد ساعات تحت ضغط المسؤولية أمام ا لرأي العام العالمي ، ومن ثم اعتقال رئيس اللجان الداعية لهذا الإعتصام بعد عدة أسابيع ، وإحالته إلى القضاء الإستثنائي ، وتعرضه لاحتمال السجن سنوات عدة ، يدل بوضوح على أن مسألة حالة الطوارئ المعمول بها دون مسوغ قانوني أو موضوعي داخلي أوخارجي ، حسب حيثياتها ، هي في الظروف الراهنة .. في المراحل الأولى في معركة التحرر من الإستبداد .. الحلقة المركزية التي ينبغي التركيز عليها، لأنها الدعامة الأساسية لسلطة الإستبداد . فوفقاً للصلاحيات التي يمنحها قانون الطوارئ والأحكام العرفية المرتبطة به ، جرى ما جرى في سورية من ظلم وقهر .. ونهب للمال العام وتهريب للثروة الوطنية .. ومن تمايز طبقي شاذ شرس ألغى الطبقة الوسطى واقتصر على فقراء تحت خط الفقر وأغنياء فوق خط الكفر

من هنا ، فإن التمركز في فعل المعارضة على هذه المسألة يلعب دوراً هاماًفي حلحلة المسائل الهامة الأخرى في عملية التغيير الديمقراطي ، لأنها فضلاً عن دورها المفتاحي في الصراع لإسقاط الإستبداد ، تكتسب مشروعية فائقة الأهمية إن بالنسبة للداخل أو للخارج ، لأنها تتيح المجال لقلب المعادلة الشاذة التي يقوم عليها الوضع السوري ، ويعيد الأمور إلى نواميسها الطبيعية النابعة من الحقوق التي أبدعها الإنسان عبر صراعه الطويل من أجل الأرقى والأسمى . بمعنى آخر .. أنها تلغي معادلة " قانون طوارئ = ا ستبداد .. قمع قهر فساد ضعف هزائم .. إحباطات " لتحل محلها معادلة " حقوق إنسان .. ديمقراطية .. حرية .. نهوض .. أخوة .. عدالة.. قوة في الإقتصاد ..في بنية المجتمع .. في القدرة الوطنية على الإختيار وتقرير المصير

والسؤال ، هل تستطيع قوى التغيير الديمقراطي أن تواصل نضالها الصعب وتحقق مثل هذا الهدف الكبير ، بعد أن أوصل أهل الحكم الأمور إلى طريق مسدود ، سيما بعد تعاطي النظام مع أحداث القامشلي بالقوة .. والقوة المفرطة ، والتنكيل بالأشقاء الأكراد ، وا ستمرار اعتقال الدكتور عارف دليلة وزملائه الناشطين في مجال حقوق الإنسان ، وإعادة إعتقال محمد جمعة قوبان وأكثم نعيسة ، وعودة حملات الإعتقالات والمداهمات والإستدعاءات السيئة الذكر لمئات المواطنين بذرائع مختلفة ، لعل أكثرها مهزلة ذريعة اعتقال عبد الرحمن شاغوري الذي اعتقل لتوزيعه نشرة موقع أخبار الشرق الإكتروني الذي يصل إلى القارات الخمس ؟
الجواب .. إن ذلك ممكن لأسباب عديدة أهمها
إن الأزمة التي يعاني منها النظام هي أزمة بنيوية شاملة ، والنظام غير قادر على مواجهتها أو تجاوزها ، وهو غير قادر على فتح مواجهة قمعية شاملة مع الشعب مرة أخرى بالوسائل السابقة . . لم يعد هناك جدران ا ستناد خارجية ، أو توازنات دولية يوظفها كما في الماضي لحل أزماته . الثابت الراهن أن السوق السوداء الدولية قد انتهت . ولم يعد هناك مجال لجوكر في لعبة الشرق الأوسط .. الوضع السوري العام لم يعد يحتمل ا ستمرار القمع وتداعياته الاقتصادية ةالإجتماعية ، لم يبق لدى الشعب ما يخسره وهو مرشح رغم الضغوط الأمنية الأخيرة لأن يتحرك ويقول كلمته . وأخشى ما يخشاه النظام هو تفجر احتقانات شعبية وقومية وطائفية تسببت سياساته السابقة ولاتزال في وجودها وسوف تتسبب في تفجرها في أي لحظة

إلاّ أن هذا الممكن مشروط بتوحيد صفوف المعارضة ، وعدم إقصاء هذا الفريق أوذاك مهما كانت الإعتبارات .. إن مصلة الوطن فوق كل اعتبار . وهناك مثال لهذا الممكن ، يعرفه السياسيون القدامى . إنهم ولاشك يتذكرون معركة الحركة النقابية ضد الدكتاتور الشيشكلي من أجل إسقاط المرسم 50 الذي حرمهم من حرياتهم النقابية، التي كانت بحق معركة الحريات العامة ، والتي أدت إلى إ سقاط المرسوم 50 والديكتاتور الذي أصدره



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن