سفاحون ومنافقون وسماسرة

رمضان متولي
ramadanaly@yahoo.com

2010 / 6 / 3

لماذا لا نكتب عن جريمة إسرائيل البشعة ضد قافلة "أسطول الحرية" لكسر الحصار على غزة؟ ليس فقط لأنها لم تكن أول ولن تكون آخر الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ولكن أيضا لأنها ليست ولن تكون أبشع جرائم هذا الكيان العنصري السرطاني الذي أقيم على الجريمة في منطقة الشرق الأوسط، ولأن الصحف إذا حاولت أن تلاحق جرائم الدولة الصهيونية لن تكفي لتغطيتها حتى وإن تخصصت فقط في الحديث عن تلك الجرائم.
إن الأخطر من ذلك هو المسكوت عنه في الحديث عن الجرائم التي ترتكب في حق أبطال يساندون قضية المحاصرين والمشردين الذين يتعرضون لجريمة إبادة جماعية أبشع وأكثر ضرواة تجري أحداثها الدامية كل يوم دون أن يلتفت إليهم من يزعمون أحقية الحديث عن ضمير البشرية وحقوق الإنسان.
أحداث الجريمة تجري يوميا منذ أن زرعت تلك العصابات من السفاحين الصهاينة على هذه الأرض لتحرس سيطرة ومصالح "العالم الحر" في هذه المنطقة الموبوءة بمشايخ النفط وعسكر المماليك. لا جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، وقتل المدنيين العزل، وتجويع وحصار وتشريد الأطفال، بل قتل الرضع واستهدافهم بدماء باردة، وجرائم التطهير العرقي وترويع المسالمين والجرائم ضد الإنسانية وغيرها وغيرها لم ترتكبها إسرائيل علنا أمام عالم يحكمه السفاحون واللصوص والمنافقون في أطراف الأرض الأربعة.
لم تكن الجريمة الأخيرة في مهاجمة أبطال "أسطول الحرية"، أو حتى الجرائم التي سبقتها عندما قتلت جرافات إسرائيلية عمدا عددا من الأجانب الذين تضامنوا مع أبناء الشعب الفلسطيني المذبوح ضد هدم منازلهم، أبشع من جرائم الحصار وصب الدمار والأسلحة الكيميائية الفتاكة والمحرمة دوليا على قطاع غزة الذي يسكنه حوالي مليونين من البشر لهم نفس ملامحنا، ويشعرون كما نشعر بالخوف والألم وحب الحرية والحياة الكريمة الآمنة. جريمتهم أنهم يقاومون طغيانا وظلما بلغ ذروته في عالم يحكمه طغاة ظالمون.
هذه الجريمة الأفظع، يشارك فيها حكام العالم بالصمت والتواطؤ والتبرير ويشارك حكامنا بإحكام الحصار والأسوار، والتعاون مع القتلة والسفاحين اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وتمييزهم على بني جلدتنا حتى في أرضنا ومواردنا. فهل نستطيع أن نصدق هؤلاء الحكام والكذب والنفاق يسيل من أفواههم وعيونهم مع نهر الدماء والدموع والآلام الذي يصبغ الحياة اليومية لسكان غزة؟
لا يعني ذلك تقليلا من المأساة ولا من شرف الأبطال من أحرار العالم الذين يشاركون بقلوبهم وعملهم في التضامن مع شعب معتقل يتعرض للإبادة سواء في غزة أو في القدس والضفة الغربية. إنما يعني فقط أن الجريمة الأساس أشد وطأة وخسة، وليس للمشاركين فيها من حكام العالم وأجهزة الإعلام الغربية أن يزايدوا بما يحدث على هامش الجريمة الأساسية من جرائم ليزعموا أنهم يحترمون شيئا يسير على قدمين، ويعمل ويفكر ويحلم إسمه الإنسان.
بهذه المذبحة الفظيعة أرادت إسرائيل أن تقضي على آخر ما تبقى من دعم لقضية عادلة هي قضية الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يواجه سفاحا مدججا بأشد أسلحة العالم فتكا. وقد تخلى عن هذا الشعب البطل وساهم في مأساته جميع الحكام والأنظمة، سواء في غرب يتشدق بالإنسانية وحقوق الإنسان، أو شرق يتشدق بالوطنية والحق الأصيل. ولم يبق لهذا الشعب المناضل إلا أنصار الحرية والإنسانية بين شعوب العالم لتدعمه وتساند قضيته وحقه في الحياة. أرادت إسرائيل أن ترهب تلك الشعوب، إرهابا منظما ومنهجيا لا تجرمه قوانين السفاحين ممن يحكمون العالم ويسيطرون عليه، حتى تعزل الشعب الفلسطيني نهائيا عن أي تضامن يدعمه في مواجهة القوة الغاشمة. فقد حاصره "الأشقاء" وولغ في دمه الأعداء وتآمر عليه أصحاب المصالح وسماسرة "السلام".



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن