أين فلسطين من المنازلة التركية – الاسرائيلية ؟

صلاح بدرالدين
kurdarab2004@yahoo.com

2010 / 6 / 3

اسرائيل ككيان غاصب معاد لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بات مكشوفا للعالم أجمع مستمر في ممارسة ارهاب الدولة منذ قيامه وآخره الهجوم العسكري على بواخر محملة بالمؤن في عرض البحر – بغض النظر عن ملابسات الجريمة - والذي أودى بحياةعدد من الأشخاص وجرح آخرين وقوبل بالادانة والاستنكار الدوليين بل حتى الاعلام الاسرائلي وأوساط حركات السلام والمجتمع المدني لم يستسيغوا عملية الجيش ولم تعد أعمال حكومات اسرائيل المعادية تجاه الفلسطينيين تفاجىء المجتمع الدولي الى درجة انعدام الاهتمام بتفاصيل الوقائع العسكرية التي تكون اسرائيل طرفا فيها وعدم انتظار نتائج التحقيقات المعروفة سلفا والتي لم تؤدي الى احقاق الحق ومعاقبة الجاني منذ قيام هذه الدولة وحتى الآن وسيلحق القرار الأخير لمجلس الأمن القاضي بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشأن عملية القرصنة الاسرائيلية في عرض المياه الدولية بتقرير – غولدستون – الذي لم يكن الا حبرا على ورق , هذا من حيث الاطلالة الأولى على الحدث وتأكيد الثوابت بشأن الصراع الاسرائلي – الفلسطيني وطبيعة نظام تل أبيب العسكرية – الأمنية ومشروعية النضال الفلسطيني في سبيل حقه المشروع .
أما من حيث أبعاد وخلفيات وأهداف الحكومة التركية الطرف الأساسي الفاعل في مشروع – اسطول الحرية – عبر هيئة الاغاثة القريبة من حزب العدالة والتنمية والتنظيم الدولي لحركات الاخوان المسلمين واقحام نفسها في أمور الغير الى حدود المزايدة فتعود كما نرى الى الوقائع التالية :
1 – منذ مدة والحزب الاسلامي الحاكم في أنقرة مستغلا موقع تركيا الجيوسياسي الفاصل بين الشرق والغرب وفي الوقت ذاته مصاعب ادارة الرئيس أوباما في كل من العراق وأفغانستان وبهدف التهرب من المشاكل الداخلية وفي المقدمة القضية الكردية والقفز نحو الأمام وبسبب الضعف العربي وأزمة العراق ومشاكل ايران يحاول التصدي لقضايا أكبر من حجمه بكثير الى درجة التمادي فقد صدق زعيم هذا الحزب ورئيس الحكومة في بلاده عضو حلف الناتو التي كانت أول بلد مسلم يعترف باسرائيل بأنه حلال المشاكل وقاهر العقد ووريث السلطنة العثمانية كفيل بانجاز على ما عجز عن تحقيقه هيئة الأمم المتحدة والقوى الكبرى والعظمى من قضايا قوميات الصين والنووي الايراني والصراع العربي الاسرائيلي والأزمة العراقية وصولا الى الصومال معتقدا أن كل حكام المنطقة والعالم سيهرولون اليه أذلاء ضعفاء خانعين كخاتم في يديه مثل الرئيس السوري .
2 – مايتعلق بالقضية الفلسطينية وعلى ضوء الانقسام الحاصل منذ انقلاب حركة حماس الدموي في غزة والتمرد على السلطة الوطنية الشرعية ورئيسها المنتخب دأبت جماعات الاسلام السياسي في المنطقة وخصوصا حركات الاخوان المسلمين ومن بينها الحزب التركي الحاكم تعمل بكل السبل من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني واعلان امارة اسلامية في غزة لتتكرس كأول منطقة في العالم تدار من جانب احدى جماعات الاخوان بصورة منفردة متجاهلة منظمة التحرير الفلسطينية التي نالت اعتراف العالم والممثلة الشرعية الوحيدة للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات كمظلة شرعية للسلطة ومحاور باسم الفلسطينيين مع اسرائيل والعرب والعالم وبالتالي اجراء تبديل جذري في الطبيعة الوطنية القومية التحررية للقضية الفلسطينية وتحويلها الى مسألة دينية اسلامية في مواجهة الديانة اليهودية .
3 – كما استمرت هذه الجماعات وبالتعاون مع نظامي سوريا وايران على عرقلة المصالحة الفلسطينية ووقف الحوار بين حركتي – حماس وفتح – ورفض التوقيع على الورقة المصرية بل عدم قبول وساطتها وهي معنية مباشرة بقطاع غزة واتفاقية المعابر والقضية الفلسطينية ومقبولة دوليا لممارسة الدور المطلوب لانجاح المفاوضات المباشرة وغيرها حول القضايا العالقة وصولا الى الحل السلمي للقضية الفلسطينية بمشاركة الامم المتحدة والرباعية الدولية وأكثر من ذلك حاول الأتراك مصادرة الدور العربي وقبل ذلك السلطة الشرعية الفلسطينية والحلول محل الدور المصري الذي هو جزء من الدور القومي العام لجامعة الدول العربية وذلك للحيلولة دون عودة الحوار والمفاوضات بين طرفي الخلاف الأصليين .
4 – لاشك أن الانفتاح التركي المستجد على الموضوع الفلسطيني لايتوقف على الموضوع الآيديولوجي فحسب بل يخضع لحسابات اقتصادية ولأرباح واستثمارات تروستات الصناعة والتجارة التي تديرها الطغمة العسكرية وكبار الضباط وقادة الحزب الحاكم في العالمين العربي والاسلامي كما له صلة بالتنافس مع اسرائيل على موقع الابن المدلل للغرب وفي جزء آخر منه لعبة تركية مكشوفة لخلط الأوراق في المنطقة والتخريب على مسارات الحوارات والاجماع الدولي ان كان بما يتعلق بالاتفاق الأخير لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل أو التشويش مع البرازيل على الاجماع الدولي وقرارات وكالة الطاقة الدولية بخصوص النووي الايراني .
5 – الحكومة اليمينية المتطرفة في اسرائيل ليست في وارد تحقيق السلام مع السلطة الفلسطينية أو الالتزام بالقرارات الدولية بمافيها برنامج الرباعية والمقترحات الأمريكية التي ينقلها – ميتشيل – وهي تبحث دوما عن ذرائع للتنصل من الوعود والعودة بين حين وآخر الى نقطة البداية وكما يبدو فانها التقطت فرصة ثمينة في الفعل التركي والباخرة السادسة لتجهز بهجوم جنودها العسكري على ما تحقق من خطوات باتجاه البدء بالمفاوضات غير المباشرة وتضع الفلسطينيين والعرب أمام خيارات قد تكون غالبيتها في غير صالح القضية الفلسطينية وعملية السلام .
6 – حركة – حماس – ليست بريئة من وضع وتنفيذ المخطط ومواقفها في الأيام الأخيرة تفضح تواطؤها مثل رفضها لاستقبال وفد من – فتح – والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية من أجل المصالحة في هذه الظروف الدقيقة والتوجه سوية نحو القاهرة للتوقيع على الورقة المصرية وكأنها تنتظر تطورا ما يراه بعض المحللين الفلسطينيين بأنه استكمال الخطوة التالية من المخطط القاضية بفك الحصار عن غزة والاعتراف بسلطة – حماس – وانقلابها وانفصالها عن الضفة الغربية ولايستبعد هؤلاء أن يتم ذلك بتمرير معين من جانب أوساط غربية واسرائيلية وعربية ممانعة حتى يتحول الكيان المشوه الوليد الى خاتمة للحلم الفلسطيني وبؤرة لاستخدام تركيا وايران ضد المصالح العربية كما لايستبعد بعض المراقبين من محاولة أطراف معينة في تخفيف الضغط الدولي على ايران عبر اثارة هذه القضية .
كنا نقول على الدوام أن مقياس الانفتاحات التركية ووساطاتها المعلنة بين أطراف النزاع وبحث السياسات التركية المزعوم عن السلام بالمنطقة يمر فقط عبر تحقيق السلم الأهلي داخل البلاد وحل القضية الكردية باسلوب الحوار الديموقراطي أولا وتعزيز العلاقات المتكافئة مع اقليم كردستان العراق الفدرالي والتعهد بعدم التدخل في شؤونه الداخلية خاصة عشية الزيارة الرسمية للسيد مسعود بارزاني رئيس الاقليم الى العاصمة التركية والاعتراف بجرائم ابادة الأرمن والكرد والأقوام الأخرى أما الحركات الاستعراضية وتوزيع عبارات التهديد والوعيد يمنة ويسرة من جانب السيد أردوغان وظهوره في عدة مناسبات بالآونة الأخيرة بمظهر المتطير المنفعل المهدد بعد اصطدامه بحقائق الحياة السياسية الصادمة وشعوره بالفشل في عدة جولات بينها وساطتاه الايرانية والسورية – الاسرائيلية وآخرها عودة وزير خارجيته من اجتماع مجلس الأمن حول الوضع المستجد بخفي حنين حيث كان الوزير الوحيد بين الممثلين الدائميين مزايدا في ذلك على أصحاب القضية المباشرين وهم العرب والفلسطينييون .
على أية حال من المأمول أن تساهم التطورات الأخيرة بالدفع باتجاه تحقيق العدالة وفك الحصار عن كل فلسطين واعادة الروح الى الوحدة الوطنية والمصالحة وتنشيط عملية السلام والحوار وصولا الى تمتع الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير .




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن