تسييس الدم

ئارام باله ته ي
aram_balatay@yahoo.com

2010 / 5 / 15

منذ اسدال الستار على الجريمة النكراء المرعبة بحق كل صاحب كلمة ، جريمة مقتل زميلنا الكاتب الصحفي (سردشت عثمان) في اربيل العاصمة على أيدي عصابة مجهولة . لايتوانا المصطادون في الماء العكر من كيل التهم ذات اليمين وصوب الشمال جزافا دون التأني ليأخذ التحقيق الذي دعا له رئيس الاقليم مجراه . هل هؤلاء يدافعون حقا عن دم المغدور به ؟ هل يدافعون عن حرية الكلمة ؟ أم لهم غايات أخرى ؟ مادام قد اعتبر الذي حدث خرقا أمنيا قبل كل شيء ، واتهمت الأجهزة الأمنية بالتقصير ، فلماذا لاندع لهم مهمة الكشف عن الجناة ثم نحكم على عملهم بالسلب أو الايجاب ؟ .
مع الأسف الشديد ، أن يقدم شاب في مقتبل العمر حياته من أجل كلمة أو رأي أو مقال ، ونحن نعيش في القرن 21 . ان الأمر يرجع بنا الذاكرة الى أيام محاكم التفتيش . وكذلك من العار أن يتبادر البعض الى استغلال هذا الدم لأغراض حزبية يروجون من خلاله بضاعة مكدسة . ان تصفية الحسابات والضغط والديماغوجية وكسب بعض النقاط بهذ الطريقة المبتذلة ، يضع هؤلاء المستغلين محل ريبة ، ويدعوا المرء الى الأستفسار عن الجهة المستفيدة ؟ .
أنا لست في السلطة ولست في موضع الدفاع عنها ومن المنتقدين لها في مواضع جمة ، ولكن طريقة الأختطاف والاغتيال كانت ساذجة الى درجة لايتصوره العقل ، في الوقت الذي تمتلك فيه أية سلطة في أي مكان وسائل أخرى أدهى ، اكثر نجاعة ومواربة عن الانظار واقل اثارة للضجة ، دون حاجة النزول الى مستوى المافيات والعصابات .
في الوقت الذي تنفس فيه الكوردستانيون الصعداء بعد المخاض الذي شهد ميلاد تحالف الكتل الكوردستانية ، لتمثيلهم على خير مايمكن في بغداد . وبعد أن كانت كوردستان الواحة الوحيدة المستضلة بنعمة الأمن في العراق ، صعقنا بهذا الحدث الذي يحمل جديدا في المشهد الكوردستاني وأيما جدة !! . الأمر الذي استدرج الشارع الكوردستاني الى التراشق والتجاذب الى الحد الذي يخشى فيه من احداث تصدع في البيت الكوردستاني يتم استغلاله من قبل بعض الأطراف العراقية وجل دوائر صنع القرار الأقليمية التي تغتاظ من استمرار ونمو تجربة الأقليم وتغار من وجود موقف كوردستاني موحد حيال القضايا الجوهرية . هل الجناة مندفعون من قوى فاعلة داخلية ؟ أم هناك مخابرات اقليمية تقف وراء الجريمة بصورة غير مباشرة ؟ السؤال الأكثر اثارة هل هناك من يمثل اجندة خارجية في كوردستان ؟ .
ان هذه الحادثة الأليمة وضعت القوى الأمنية ورئيس الأقليم امام اختبار جدي ينتظر الرأي العام نتائجه بشغف ، حيث أن الفاعل كائنا من كان لايريد الخير لكوردستان ، يجب ان ينال جزاءه العادل . في هذه الأثناء تستطيع الصحافة لعب دور ايجابي بعيدا عن التشويه واحداث الضجيج ، والتريث لحين ما سيترشح من التحقيقات الجارية وولوج الحقيقة قبل اتهام شخص حاز على ثقة 70% من مواطني الأقليم ، وهو الذي خدم الصحفيين أكثر من غيرهم عندما لم يصادق على قانون العمل الصحفي الا بعد خلوه حتى من عقوبة السجن . فهل من الأنصاف اتهامه في قضية تتعلق بحرية الصحافة ، ودون أي دليل ملموس أو معطيات منطقية أو سوابق مشابهة ؟ .
ان هذه الظاهرة خطيرة الى درجة لايتصورها الكثيرون ، اذ ان الصحفيون يصبحون ورقة بيد الفرقاء السياسيين ، والأنكى في كثير من الأحيان أن الجهة التي يحسب الصحفي عليها او يكون قريبا من ارائها ، هي نفسها من تقوم بتصفية هذا الصحفي جسديا لأغراض دعائية ، وتشويها لسمعة الخصوم وتلطيخها بدم هم بريئون منه ، بغية السيطرة على الساحة السياسة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن