وأنقلب السحر على الساحر.. !!

ياسمين يحيى
yasmeen_sh90@yahoo.com

2010 / 5 / 12

الرجال سعيدين جدا بموضوع تعدد الزوجات ، فهم يؤيدونه ويدافعون عنه بكل قوة ويعتقدون أنه حق من حقوقهم الطبيعية التي لا جدال عليها .
لو أن هولاء الرجال فكروا قليلا بمنطق وعقلانية بعيدا عن الرغبة الجنسية لوجدوا أنهم يظلمون أنفسهم قبل المرأة بهذا الفعل ، فتفكيرهم بجانب واحد من هذا التعدد وهو الجنس منعهم من التفكير بجوانب التعدد الأخرى التي من المؤكد لن تكون بصالح الرجل بتاتا .

أن عدم أستخدام عقولهم وأنشغالهم بغريزتهم الحيوانية فقط أعمتهم عن أمور في غاية الأهمية رغم وضوحها وضوح الشمس أمام أعينهم .
فتعدد الزوجات هو أنتصار للمرأة ( الشريرة ) على الرجل وظلم للرجل والمرأة معا من قبل امرأة أخرى . وغالبا ما تكون الزوجة الثانية شريرة أو أنها تجبر على أن تصبح شريرة لأنها ستكون في مواجهة مع خصم دائم ، ولكي تحافظ على مركزها وأستمرارها فيجب عليها أن تكون شريرة وحتى لو لم تكن سيئة فلن تعتبرها الزوجة الأولى وأبنائها بأنها امرأة طيبة بل دخلية وشريرة وهادمة لبيتهم وسعادتهم وأستقرارهم . لذالك فهي مجبرة على أن تكون شريرة معهم والا فأنها لن تستطيع الأستمرار .
وهنا لن تكون الزوجة الأولى فقط هي الضحية والمتضررة الوحيدة بل سيشاركها بهذا الضرر والظلم أبنائها الذكور والأناث معا . وسأوضح لكم أكثر من خلال رحلتي الفكرية هذه بهذا الموضوع .
لذالك أنا أدعوا جميع الرجال المؤيدين لموضوع تعدد الزوجات أن يرافقوني في هذه الرحلة الفكرية في جميع جوانب هذا الموضوع ، وسأبدأ رحلتي بهم بأخذهم الى مرحلة الطفولة .
تخيل ياعزيزي الرجل وأنت في عمر العشر سنوات وقام والدك بالزواج على والدتك وأصبحت لا تراه يوميا لأنه سيكون يوما معكم ويوما مع زوجته الأخرى وأولاده الآخرين ، فكيف سيكون أحساسك حينها ؟ خاصة وأنت في عمر يرغب برؤية أبيه كل يوم معه وفي منزله وأيضا الاطفال غيورين جدا على أبيهم فما هو شعورك وأنت تعرف بأن أباك مع أبنه الآخر في نزهه أو في السيارة مع زوجته الأخرى وأبنائه منها ؟ فأنت حتى وأن أعترفت بأن هذا الأبن أخاك فلن تعتبره أخ فعلا لأنه أمه ليست أمك ولأنه لا يعيش معك . وسيكون هذا أقل سوءا أذا كان أباك لا يفرق بين والدتك والأخرى ولكن في الواقع لا يتزوج رجل بأخرى ويستمر معها الا أذا كان يحبها أكثر من زوجته الأولى وهكذا فهو لن يحبك أكثر من أبنائه الذين أنجبهم من زوجته المفضلة ولن يمنحك ما يمنحهم مهما حاول . هذا من جانب الحب والعطاء والأستقرار العائلي .

وأما من جانب الأستقرار النفسي الذي يتوجب على الأم منحك أياه فلا يمكن أن تحصل عليه من امرأة مقهورة ومظلومة ومحطمة نفسيا وعاطفيا بل على العكس تماما فهي ستفرغ كل شحنات القهر والظلم والألم بك لأنها تعرف جيدا لولا أبنائها لما صبرت ورضيت على هذا الحال فهي سترى بك وبأخوتك نقطة ضعفها التي أرغمتها على قبول هذا الأذى . وهكذا ستكون ياعزيزي الرجل متضرر ومظلوم بسبب المرأة التي ظلمتها ودافعت عن ظلمك لها ، فأنقلب عليك الظلم وأصبحت أنت المظلوم أيضا ، وأعطيت فرصة لأمرأة شريرة أن تمارس شرها عليك بكل قوة وبمساعدتك وتأيدك . فذالك الطفل هو رجل المستقبل والطفولة أساس مهم لتكوينه وبناء شخصيته فهل تعتقد بأن طفل ينشأ في ظل أسرة الأب بها متنقل بين عائلتين وأم مدمرة عاطفيا ونفسيا هذا غير المشاكل التي يراها ويسمعها بين أمه وأبوه بسبب الغيرة ، ويكون رجل واثق النفس وقوي الشخصية ومعافى نفسيا ؟ مستحيل طبعا .

من جهة أخرى .. فلنفترض بأن والدك لم يتزوج الا وأنت شاب في العشرين او الثلاثين وقد تخطيت مرحلة الطفولة والمراهقة ولا خوف على مشاعرك وبناء شخصيتك فهل تتصور بأنك سلمت من أذى وضرر تعدد الزوجات عليك يا أيها الرجل الذكي ؟ طبعا لأ . وسأشرح لك كيف .
أولا : قد يكون والدك رجل ثري جدا والزوجة الثانية شابة صغيرة ومن المؤكد أنها ستكون فقيرة والا لما قبلت بالزواج من رجل بعمر والدها ، فهي لم تتزوجه من أجل سواد عينيه وأنما من أجل وفرة ماله لذالك لا تتصور بأنها ستضيع شبابها مع والدك بدون ثمن والثمن هو حقك في ثروة والدك التي ستعمل هي ليل نهار وبكل ما أوتيت من ذكاء ودلال بالأستيلاء على تلك الثروة كاملة أو على الأقل شبه كاملة وبالتأكيد ستحصل على مبتغاها لأن زعلها على والدك سيجلب له المتاعب والحرمان معها أما أنت فلا خسارة من ورائك خاصة وأنه ليس بحاجة لك . والذي يظلم زوجته لا يمنعه شيء من ظلم أبنائه خصوصا أذا كانوا رجال .

وهكذا أنتصرت المرأة (الشريرة) على الرجل بفضل تعدد الزوجات .

أما أذا كان والدك رجلا فقيرا وتزوج من أخرى وهي بالتأكيد أيضا ستكون فقيرة وقروية لأنه لا تتزوج امرأة رجلا بعمر والدها وفقير مثلها الا أذا كانت من سكان القرى . وهنا سيكون الضرر أخف عليك ولكنه ضررا كبيرا على والدك نفسه فهذه الفتاة القروية لن تكون مرتاحة مع والدك لأنها بعد فترة ليست بطويلة ستشعر بعدم الأنسجام والانجذاب لرجل بعمر والدها وقد تعجب بك أنت وتوقعك بحبالها ولاتستطيع الأفلات منها وبهذا تكون قد ساعدتها على خيانة وظلم والدك مثلما فعل هو بوالدتك . وهنا أيضا أنتقمت المرأة للمرأة من غير تخطيط لهذا الأنتقام .


وهناك جوانب سيئة كثيرة لموضوع تعدد الزوجات على الرجل نفسه لا تكفي مقالة واحدة لذكرها لذا سأكتفي بهذه الجوانب فقط ولكني سأروي لكم حالات مأساوية حقيقية حدثت للأبناء بسبب زواج أبائهم بأمرأة أخرى .

الحالة الأولى : مراهق عمره سبعة عشر عاما تزوج والده بزوجة ثانية وأنشغل عنه وعن أخوته وتركهم وهم في أمس الحاجة اليه وكانت والدته من شدة غيظها وحقدها على الزوجة الجديدة تعبأ هذا الأبن المراهق عليها وتقول له بأنها السبب وبأنها سرقت والدهم منهم فما كان من هذا المراهق السريع الأنفعال والمندفع الا الذهاب الى منزل زوجة أبيه الجديدة والتشاجر معها والذي أدى به الى ضربها بآله حادة أدت الى وفاتها على الفور وأصبح هو مجرم ينتظر مصيره السوداوي في السجن .
وهذا من نتائج تعدد الزوجات . ( حدثت هذه الحادثة في السعودية وقد نشرت في الصحف ) .

تعليق .. المرأة المسلمة عندما يتزوج عليها زوجها تصب جام غضبها على المرأة التي تزوجها عليها بدلا من الزوج الذي هو من أتى بها وهو الفاعل والمتسبب الحقيقي والمعتدي الرئيسي عليها ، وهو الذي يستحق العقاب وليست هي فهي لا تعرفها ولا تربطها بها أية صله، لذا هي لم تخنها مثله ولكن لأنها ضعيفة فهي لا تقدر الا على الضعيف مثلها ولو فكرت منطقيا لعرفت أنها لو تخلصت منها فلن تستطيع التخلص من كل النساء لأنه سيبحث عن أخرى .


الحالة الثانية : أب ملتزم دينيا جدا الى درجة التزمت فحتى الرسوم المتحركة ممنوعة على أبنائه، تزوج هذا الرجل بأخرى وكان أكبر ابنائه لا يتعدى السادسة عشر وفتح بيت آخر وأصبح يوما معهم ويوم مع الأخرى فكان اليوم الذي يكون فيه والدهم في بيته الثاني بمثابة متنفس لهم خاصة وأنه خفف من مراقبته عليهم بعد أنشغاله بالزوجة الثانية ، فأصبحوا يفعلون كل ما كان محرما عليهم مثل مشاهدة القنوات الفضائية والأنترنت والملابس الجريئة بالنسبة لأبنته ذات الرابعة عشر وغيرها من الأشياء الطبيعية التي كانوا ممنوعين منها وشيئا فشيئا أصبحوا يبحثون عن أشياء أخرى لم يجربوها وتصوروا أنها طبيعية كغيرها من الأشياء التي كانت محرمة عليهم فبدأ الأولاد بتجربة السجاير ثم الحشيش الى أن وصل بهم الأمر الى المخدرات، وأنجرفت الفتاة في أفعال غير أخلاقية لا تتناسب مع عمرها وأهمل الجميع دراستهم فهم أصبحوا يشعرون بالتحرر من كل شيء حتى الدراسة ، فبعد أن كان الأب صباحا مساءا فوق رؤوسهم كالشرطي أصبح قليل الأهتمام بهم لا يراهم الا كل يومين أو ثلاثه وأصبح لديه أطفال صغار من زوجته الثانية أخذوا كل وقته وأهتمامه أما ابنائه المراهقين فتركهم للضياع . . وهذه الحالة موجودة بكثرة في مجتمعنا .


سألت ذات مرة طفل في الحادية عشرة من عمره والده متزوج من زوجة ثانية فقلت له : عندما تكبر ستتزوج امرأة واحدة أو امرأتين ؟ فأجابني بلا تردد : واحدة فقط .
فقلت : لماذا واحدة والله أباح لك بأكثر من واحدة فقط ووالدك متزوج أثنتين ألا تريد أن تصبح مثله ؟ فتضايق الطفل وأحتار بماذا يجيبني فسكت لأنه لم يجد أجابة على سؤالي فهو فعلا سؤال محير لطفل بعمره فكيف يفسر أن يبيح الله أمرا أثر به نفسيا ومعنويا وعائليا وسبب له جرحا كبيرا ، ثم قلت له مواسيه : لا ياحبيبي أن الله لا يبيح شيئا يضايقك ويؤلمك . فبدى عليه الأرتياح ونظر لي نظرة رضى وأعجاب بما قلته له .

وأذكر أيضا أن قناة المجد الدينية أستضافت رجل معدد بأكثر من أربعة زوجات ، يتزوج ويطلق وهو محافظ على العدد المسموح به له وهو أربعة نساء وكانت القناة مستضيفة معه في الأستوديو جميع أبنائه الذكور الذين يفوق عددهم الثلاثين رجلا أو اكثر لا أذكر عددهم بالضبط ولكنهم كانوا يملئون جانبي الأستوديو ، فسأل مقدم البرنامج الأبناء من فيكم سيتزوج بأكثر من زوجة فليرفع يده ؟

فكانت المفاجأة بأن الجميع لم يرفعوا أيديهم الا واحد فقط وكان هذا الأبن ( مطوع ) ملتزم دينيا . فعلق المقدم قائلا : هذا لأنه مطوع .

الا يدل ذالك على أن جميع هولاء الأبناء الذكور متضررين من تعدد والدهم وأبسط تلك الأضرار هي أنهم لم يعيشوا حياة عائلية مستقرة بين أب وأم مستقرين ومتحابين !.
فالأب المتنقل من بيت الى آخر ومن عائلة الى أخرى لا يمكن أن يقوم بأداء واجبه تجاه أبنائه مهما فعل .

أبشع ما في الأسلام هو جعل الظالم لا يشعر بأنه ظالم ويعطيه أحساس وقناعة بأنه على حق وهو على باطل لذالك لا يوجد أمل من صحوة ضميره لأنه مرتاح على الآخر فألله معه ، فيكفي أن يقول لنفسه : لو كان هذا ظلما لما أباحه الله له .

أما الظالم الذي يعرف أنه ظالم فهذا يمكن أن يصحى ضميره في أي لحظة ويتراجع عن ظلمه .

وهكذا يا أيها الرجل أرتد ظلمك على نفسك وأنقلب السحر على الساحر



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن