على هامش الخط الأحمر

أحمد الجنديل
aljndeel@yahoo.com

2010 / 5 / 4


وأنا أحاول الاقتراب من الخط الأحمر ، لابدّ من الإعلان بوضوح على تحملي مسؤولية ما أكتب ، وليس بالضرورة أن تشاطرني إدارة المجلة المسؤولية في ذلك ، ومن حقها حجب قلمي إذا ما رأت ضرورة تستدعي ذلك .
كما وأعلن عن يقيني بأنّ الكلمة الصادقة التي لا تنتمي إلى خندق الحاكم أو صومعة الكاهن تدخل في قائمة الممنوعات شأنها شأن المخدرات والزنا واللواط وتعاطي المحرمات ، ويمكن خنقها بيسر من خلال إشارة واحدة يطلقها حاكم أرعن أو فتوى يصدرها كاهن متخلف .
الكلمة في بلدي إن لم تكن رخيصة منافقة ، لا تستطيع العيش في حاضنات الأدمغة المنطفئة ، والقلم الذي لا ينزف سمّا زعافا ، ويؤدي دورا في تركيع الشعب وإذلاله وقهره لا يمكن له التنفس في أجواء الهيمنة العاتية التي يفرضها سلاطين الكذب والشعوذة والتزوير رغم تنوع مشاربهم واختلاف أساليبهم وتباين عناوينهم .
وما بين الكلمة الشامخة بصدقها والمتوجة بوعيها ، وبين إرادة المتربع على الكرسي حربا شرسة ، فعندما تمتلك الكلمة قدرة الوصول إلى كرسي الحاكم لتخدش عرشه ، أو الاقتراب من لحية الكاهن الذي يتلاعب بأحكام رب المشرق والمغرب على هواه ، يعلن النفير العام وتقرع أجراس الخطر وتبدأ المعركة التي تنتهي على الدوام بانتصار قوى الشر المتسلحة بكل مخيف ومنحرف على الكلمة التي لا تمتلك غير جناحيها .
وعندما يتمّ إجهاض القلم ، وينزع فتيل الخطر من فوهته ، بالإبعاد أو الترويض أو الشراء ، يعلن الجميع العفو عن صاحبه ، فالعفو من شيم الرجال المؤمنين ، وقد ترافق العفو قرارات تنذر بالويل والثبور على كل من يفكر بالإساءة إلى الكرسي المقدس أو تطلق فتاوى لا شأن لها بالدين تحرم المساس بلحية الكاهن حتى ولو كان لصا وسافلا وزنديقا .
عندما تباع الأوطان في سوق النخاسة السياسية وعلى الهواء مباشرة ، تختبئ الفئران في جحورها يلفـّها الخزي والعار ، وعندما تباد الشعوب لم تهتز خلية واحدة في رأس ( العالم ) المقدس أو ( الحاكم ) المطهر .
وعندما يذبح أطفال غزة ، ويتناثر دمهم على وجوه ( المؤمنين ) وعلى مرأى ومسمع الجميع ، لا أحد يفتح فمه ، فالسكوت هنا واجب شرعي ، وعندما يحتل بلد من بلدان المسلمين ، وتزهق أرواح أبنائه ، وتنتهك الأعراض ، وتسرق الثورات ، وتمزق المصاحف في المساجد ، وتسقط النساء في مستنقع الرذيلة ، يتحفز هؤلاء ( العلماء ) لأداء دورهم التاريخي في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ، وتنطلق من على منابرهم سيل الخطابات الإسمنتية الفارغة التي تحث الشعب على التريث والتعقل والتزام أقصى حالات الشفافية والموضوعية .
عندما تصادر حرية شعب بكامله ، وتغتال إرادة أمة ، ويهدد مستقبل وطن ، ولا يوجد في الحياة الفسيحة غير السجون والمعتقلات ، وغير الفقر والمرض والجهل والذل ، ولا أحد يتحرك ، فالحاكم مشغول بتلميع كرسيه ، والكاهن منهك في البحث عن ألقاب وعناوين تمنحه المزيد من القدسية ، والجميع يعلم أنّ القدسية لله وحده .
وأنا أقترب من حدود الخط الأحمر لابدّ من التحلي بأخلاق الإسلام ، والتزين بأدب القرآن ، والاقتراب أكثر من حدود الله ، لنقول كلمة حق قد آن الأوان لقولها :
ــ نحن من دين محمد ، فمن أي دين أنتم !!!؟
أفتونا يرحمكم الله ، يا أصحاب الفتاوى .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن