عيد الأول من أيار تاريخياً : وفي أنظمة الإستبداد الشرقي - ؟

جريس الهامس

2010 / 5 / 1

الأول من أيارتاريخياً : و في أنظمة الإستبداد الشرقي وفي مصر وسورية بشكل خاص ..؟؟
--------------------------
العمال والعاملات بناة الحضارة الإنسانية وأوابدها ومنجزاتها العلمية لخدمة الإنسان وتحرره في خط موازٍ لنمو الطبقات المستغلة مالكة وسائل الإنتاج ورأس المال وعبر الصراع الطبقي منذ بروز الملكية الخاصة حتى اليوم .. بل منذ إكتشاف الزراعة في العصر الحجري الحديث قبل خمسة عشر ألف سنة التي يعود للمرأة الدور الأول لاكتشافها على ضفاف العاصي والكرمل في فلسطين والرافدين وبردى قبل النيل حسب تنقيبات العلماء السوفييت المنشورة في دراستهم الهامة الصادرة عن دار التقدم في موسكو عام 1988بعنوان  الجديد حول الشرق القديم ) التي توافقت مع إكتشاف العالم البريطاني ( غوردن تشايلد ) الذي أطلق على هذه الطفرة الإقتصادية والإجتماعية في حياة الإنسان إسم : ( ثورة العصر الحجري الحديث ) التي أنتجت المجتمع الزراعي الأول وبناء أولى القرى التي تجمعت في المدينة ( الدولة ) وهذا الإنتقال من التناقض الكمي الحاد في مجتمع الغابة الذي كان قائماً على الصيد وجمع الثمار من الطبيعة إلى كيف جديد في مجتمع بعد اكتشاف المرأة للزراعة , كان بداية التاريخ قبل إكتشاف الكتابة .وهذا ما أكدته جميع أبحاث ( علم الإنسان – الأنتربولوجيا ,, أو علم التنبؤ العلمي الإيكولوجيا ) الحديثة وهذا ليس شطحة عاطفية تخص المرأة الأم والأخت والإبنة والحبيبة .. لا إنه الإستنتاج العلمي للأبحاث .. فلولا هذه الثورة الزراعية التي اكتشفتها المرأة وهي تعيش جمع الحبوب وحفظها في أكواخ الغابة وكهوفها وتلاحظ نمو بذور القمح والشعير وغيرها بعد دفنها في التربة والعناية بها لتعطي محصولاً جيداً .. وما كان للرجل التائه في الغابة خلف الطرائد وجمع الثمار ملاحظة ذلك ... ولولا إكتشاف المرأة للزراعة لاصبح الجنس البشري مهدداً بالإنقراض .., حيث لم يعد جمع القوت والصيد من الطبيعة كافياً لإطعام المجموعات البشرية المتكاثرة في الغابة وكهوفها ..

.........
وبسواعد الطبقة العاملة وعقولها وعلمائها – شغيلة الفكر -- وإبداعاتها في الإنتاج تطورت البشرية إلى عصرنا ... وبقيت الطبقة العاملة هي المنتجة الإولى للحضارة والتقدم ولو لم تتحررمن عبودية الرأسمال نهائياً لتحرر البشرية معها إلى الأبد بقيادتها وتحت عدالة سلطتها الحقيقية ... وتبقى الأمور نسبية ومختلفة من بلد لاّخر في زمن القطب الأوحد السائر نحو الإنهيار رغم كل الترقيعات التشريعية والحقن المالية بالمليارات على حساب الشعوب الفقيرة ومستقبلها ,, من هنا وهناك مع الأسف ..؟
ويبقى الأول من أيار عيد العمال العالمي حافزاً لوحدة نضال الشغيلة في كل قطر وفي العالم أجمع ...ولم تعد النضالات المطلبية حول تخفيض ساعات العمل وزيادة الأجور والضمانات الإجتماعية التي انتزعتها الطبقة العاملة في أوربا وأمريكا وحدها على حساب شعوب العالم الثالث المنهوبة والمحرومة في رأيي ..بقادرة على حل الأزمة المستفحلة وتحقيق الإستقرار في البلدان الصناعية الكبرى ,, بعد صعود الطبقة الوسطى الطفيلية الغير منتجة للسلطة في البلدان الرئيسية الرأسمالية وخصوصاً في الولايات المتحدة التي تنهب العالم لابواسطة جيوش الإحتلال وحسب .. بل بواسطة الدولار الذي اتخذ مقياساً لعملات الدول الأخرى في إتفاقية ( رامبوية ) المشؤومة عام 1975 وهو عملياً لايعادل ثمن الحبر والورق الذي طبع عليه بعد إلغاء تغطيته الذهبية والتغطية بسندات الخزانة العامة والواردات الوطنية لكل دولة ...في تلك الإتفاقية ..
وسواء كان الأول من أيار عيد العمال العالمي ثمرة نضال عمال أوستراليا وقرارهم التوقف الكامل عن العمل تأييداً ليوم عمل ذي ثمان ساعات فقط عام 1856 كما ورد في مقال شهيدة الحزب الإشتراكي الألماني الشهيرة روزا لوكسمبورغ ثم حذا حذوهم العمال الأمريكان عام 1886 لنفس المطالب العمالية العادلة ....
جاء مؤتمر العمال العالمي المنعقد في باريس عام 1890 الذي حضره أكثر من أربعمئة مندوب مثلوا معظم عمال العالم الصناعي ونقاباته ,, وحققوا لأول مرة في تاريخ الطبقة العاملة .. عالمية الثمان ساعات عمل في اليوم مع العطلة الأسبوعية الإلزامية , واعتبار الأول من أيار عيداً عالميا ً في جميع البلدان ويوماً للإحتفال البروليتاري العالمي >وقد أيدت الأممية الثانية التي شكلها أنكلز بعد وفاة ماركس مقررات هذا المؤتمر ,...وتبنت الطبقة العاملة هذه الفكرة والمقررات بسرعة خاطفة وحولته إلى يوم نضال ضد البورجوازية والطبقات الحاكمة المستغلة وضد الإستبداد والديكتاتورية المتعددة الأشكال ...

جاء مؤتمر باريس بعد جريمة الشرطة الأمريكية ضد العمال المتظاهرين في مدينة شيكاغو في الأول من أيار عام 1886 وإطلاق النارعلى العمال وقتل أربعة منهم , وفي اليوم التالي بينما كان ألوف العمال يتظاهرون سلمياً في ساحة ( هاي ماركت ) ألقى أحد عمال الشرطة السرية قنبلة على الحشد قتلت عدداً كبيراً من العمال كما قتل سبعة من الشرطة ...أعتقلت الشرطة القادة النقابيين والعمال وحكمت على ثمانية منهم بالإعدام وحكمت على الاّخرين بالسجن لمدد مختلفة .. وشهداء الطبقة العاملة الثمانية الذين نفذ بهم الإعدام بتاريخ 11 تشرين الثاني 1887هم السادة :
ألبرت بارسون – أوغست سبايس – سيمول فيلدن – مايكل شواب –جورج اّنجل – أدولف فيشر – لويس اّنج – أوسكار نيب ..
و صرخ أوغست سبايس قبل إعدامه قائلاً : سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من أصواتكم ...
لقد أضحت أحداث الأول من أيار 1886 صرخة مدوية يلتف حولها عمال العالم كل عام تحت شعار – ياعمال العالم إتحدوا _ ثم طورماو تسي تونغ هذا الشعار بعد انتصار الثورة الصينية إلى : ياعمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة إتحدوا --

الأول من أيار في المشرق العربي ومصر :
======================
كان محظورا على الطبقة العاملة الأقدم في مصر أن تحتفل بهذا العيد العالمي , كما كان يوم عمل لايمنح العمال فيه عطلة, ولم يتحقق مطلب ثمان ساعات عمل إلا بعد نضال طويل وقد تعرض مناضلو الطبقة العاملة والحركة الشيوعية المصرية للإعتقال والقمع الوحشي مع بدء احتفالها في هذا العيد العالمي . وفي الأول من أيار 1924 فصّلنا في دراسة سابقة على هذا المنبرالحر مواقف ونضال قيادة الحزب الشيوعي المصري الوليد بقيادة فرح أنطون – فؤاد الشمالي ( مؤسس الحزب في سورية ولبنان بعد طرده من مصر) – وحسني عرابي وعمال مرفأ الإسكندرية الذين أعتقلوا في أول أيارهذا العام وإضراب المحامي المناضل فرح أنطون محامي الطبقة العاملة أكثر من أربعين يوماً استنكاراً لإعتقالهم ومنع الطبقة العاملة المصرية من الإحتفال في عيدها الأممي وتوفي في السجن ,, ونفي المناضل فؤاد الشمالي من مصر إلى بلده لبنان ... وهوالذي أسس مع رفاق لبنان وسورية الحزب الشيوعي في سورية ولبنان ...
وواصلت الطبقة العاملة المصرية نضالها بقيادة الشيوعيين حيناً والنقابات أحياناً أخرى ضد الإحتلال البريطاني والنظام الملكي , كما تابعت نضالها ضد الديكتاتورية العسكرية بعد 1952 التي افتتحت حكمها مع الأسف بنصب المشانق لمناضلي الطبقة العاملة على أبواب معاملهم في ( كفر الدوار ) بعد أسبوعين فقط من حكم العسكر بعد 23 يوليو 1952 وكان عبد الناصر وزير الداخلية الذي أعدم العمال على أبواب معاملهم .. واستمر منع العمال من الإحتفال في الأول من أيار واعتقالهم حتى بعد مؤتمر باندونغ و حرب 1956 ونصائح دالس مهندس السياسة الأمبريالية الحديثة للأنظمة العسكرية أن ترتدي قبعة الإشتراكية وتسرق شعارات الطبقة العاملة وتمارس عكسها ..وجاءت التحريفية الخروشوفية لتمنحها شهادة حسن سلوك بعد عام 1958 وطرح أكذوبة ( دولة كل الشعب وحزب كل الشعب )

... وفي سورية ولبنان تم الإحتفال بهذا العيد لأول مرة في بيروت بعد تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني عام 1924 بقيادة : فؤاد الشمالي – يوسف يزبك – أرتين ميخيان وأعضاء نادي السبارتاكوس , وأحتفل بالأول من أيار 1925 علناً في بيروت وكذلك في دمشق بقيادة : ناصر حدة – فوزي الزعيم – خريستو قسيس – أحمد الملا –وغيرهم .. ثم مر النضال ضد الإحتلال الفرنسي في خط متعرج بعد إغتصاب السيد بكداش وأنصاره القيادة عام 1932- 33 من العمال المؤسسين وتخوين بعضهم ظلماً وعدواناً ولامجال للتفصيل هنا ؟؟ و أذكر استمرار حظر الإحتفال العلني في عيد العمال بعد حظر نشاط الحزب بعد 29 ت1 1947 وكانت قبل هذا التاريخ الإحتفالات في الأول من أيار علنية كما كان الحزب علنياً ....و وأذكر المعارك التي خضناها بعد ذلك التاريخ لتوزيع بيان الأول من أيار أو الهتاف له في تظاهرة شعبية في أحد شوارع دمشق مع رفاقنا العمال .. وأذكر تظاهرة حي المناخلية بين ساحة المرجة وحي العمارة عام 1951 التي كان في مقدمتها : النقابيون إبراهيم بكري - جبران حلال - أبو رومية - معروف بطاط – يوسف منصور—عمر يونس – لطفي اّل رشي , والعشرات غيرهم في هذ العيد وأذكر اشترك معنا فيها من الطلاب المناضلين : أحمد مراد -- عبد الغني عرفات – أسعد الزهر – يوسف نحلاوي – حسين ميقري – ميلاد نجمة – عبد الكريم محلمي – يوسف نمر – إدوار عازر – عطالله قوبا – حنين أبو جمرة – وغيرهم
وبعد اعتداء الشرطة علينا لتفريقنا ومحاولة إعتقال عدد منا ونحن نهتف لأول أيار وللحرية والديمقراطية جرت المعركة معهم استعملوا العصي بضربنا لمنعنا من السير باتجاه المرجة وأطلقوا النار في الهواء لتفريقنا , لكننا رفضنا واستعملنا الحجارة وكل ماوقع تحت أيدينا يمكن قذفهم به جرح عدد منا ومنهم وأعتقال عدد منا وأذكر يومها أحد العمال تعرض للضرب فخطف العصا من يد الشرطي المهاجم وضربه بها فكسر يده وفر سالماً ...وتفرقنا في أحياء المنطقة هاتفين لأول أيار وضد الإستعمار والرجعية , ونحن نوزع مانحمله من بيانات كنا نخبئها تحت ملابسنا حتى وصلنا حي سوق ساروجة الشعبي ومنه إلى بوابة الصالحية وكانت الجماهير تلتف حولنا وتهتف معنا ...
واستمر الوضع هكذا كل عام حتى أن أسقطنا بنضالنا مع القوى الوطنية الأخرى في صفوف الشعب والجيش ديكتاتورية الشيشكلي في 25 شباط 1954 ... لنوطد النظام الجمهوري البرلماني عبر الإنتخابات الحرة ..
وكان أول أيار هذا العام عيداً رائعاً وفرحة كبرى , إشتركت فيه جميع نقابات العمال وفي مقدمتها المناضلون الشيوعيون خرجت يومها التظاهرة الكبرى من مقر إتحاد نقابات العمال من باب الجابية يتقدمها النقابيون صبحي الخطيب رئيس الإتحاد والهيأة الإدارية والنقابيون الشيخ إبراهيم النويدر – إبراهيم بكري – خليل حريري – يوسف الخوري -- أحمد كاخي -- يوسف منصور – خريستو قسيس -- جبران حلال – معروف بطاط - خالد الحكيم ..وغيرهم ... طافت التظاهرة شوارع المدينة هاتفة للحرية والديمقراطية وضد الأحلاف والإستعمار والصهيونية .. وصولاً إلى أمام البرلمان وألقيت الخطب الوطنية الحماسية ...
وتكرر المشهد كل عام دون قمع أوإعتداء من قوى الأمن .. حتى سمع الحكام الديكتاتوريون بعد عام 1958 نصيحة دالس كما مر سابقا الذي صرح علناً : ( إن قانون إصلاح زراعي واحد وتأميم بعض المصانع أفضل من كل أجهزة المخابرات في مكافحة الشيوعية ) وهذا مانفذ فعلاً على أيدي الأنظمة العسكرية التي إدعت الإشتراكية والتقدمية ...في مصر وسورية والعراق وليبيا والجزائر واليمن وغيرها ... حتى في الولايات المتحدة التي أعدمت رموز الأول من أيار كما ذكر سابقاً أصبح الأول من أيار يوم عطلة رسمي وعيداً معترفاً به تلقى به الخطب الرنانة تأييداً للطبقة العاملة .. وهكذا أضحى جلادو الشعوب في كل مكان أنصاراً للطبقة العاملة يلقون الخطب ويلوحون بأيديهم فوق المنصات لجماهير ها التي أضحت تتحرك بإيعاز وتتظاهر بإيعاز في معظم بلدان العالم الثالث بعد تحويل النقابات العمالية إلى مخافر للمخابرات والقمع خدمة لرأسمالية الدولة أو لأرباب العمل , ضد الحريات النقابية في المصانع وخارجها ... وغداً في الأول من أيار سيقف جلادو شعبنا العربي وسالبي حرياته وقوته على المنابر ليحتفلوا مع العمال في عيدهم العالمي ويملؤوا سلالهم بالوعود والأكاذيب والشعارات الإشتراكية وغيرها من بضاعة الديكتاتوريات العفنة المكدسة في أقبية القمع والإرهاب ,,
, تصورو ا الطغاة الكبار حافظ وعبد الناصر وبعده السادات ومبارك والقذافي والبكر وصدام وبومدين , والصالح من تجار الإشتراكية وخلفاؤهم وورثتهم كم خدعوا الطبقة العاملة في هذا العيد وهم يسلبون أبسط الحريات العامة وحقوق العمال والفلاحين الفقراء وسائر الشغيلة في الحياة الكريمة والنظام الديمقراطي وأبسط حقوق الإنسان , أمل جميع الناس في عصرنا الحالي ..
وفي سورية الحبيبة ماذاسيقول وريث العرش الأسدي للعمال في هذا العيد ..؟؟؟ بعد أن نهبت عصاباته الأخضر واليابس في سورية واغتصبت رغيف الخبز والحليب والدواء من فم الطفولة البريئة ...وأوصلت أكثر من نصف المجتمع إلى مادون خط الفقر .. بعد أربعين عاماً من الحكم النازي الطائفي القمعي الذي لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلاً له ... الذي باركته إسرائيل وأمريكا منذ يومه الأول ونفذ كل ماطلب منه في سورية ولبنان وفلسطين والمنطقة ....

وفي هذا العام الذي شهد نمواً مضطرداً لنضالات الطبقة العاملة وتظاهراتها وتمرداتها في العالم كمثال في ( اليونان , الفليبين , الولايات المتحدة الأميركية , المجموعة الأوربية , وفي مصر ولبنان وفلسطين والعراق .... وغيرها ) ضد الإستغلال والإحتلال وكارثة الرأسماية الجشعة التي وضعت العالم على حافة الإنهيار نتيجة جشع الطبقة الوسطى المسيطرة على الإقتصاد العالمي ,, نجد ارتفاع وتيرة القمع في بلادنا ضد الطبقة العاملة وتهميشها ,

ليبق الأول من أيار عيداً للعمال العالمي .. ورمزاً للوحدة النضالية الأممية .. و راية النضال الوطني والطبقي الديمقراطي لتحرير بلادنا من الطغيان والإستبدا د وإنقاذ معتقلات ومعتقلي الرأي والضمير في سورية من بين مخالب نظام الغابة والهمجية الأسدية – عاش الأول من أيار الخالد في ضمائر أحرار العالم ...
لاهاي – 30 / 4



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن