المثقف والانتخابات

شمخي جبر
shamki61@yahoo.com

2010 / 4 / 21


بعد اعلان نتائج الانتخابات،طرحت الكثير من الاراء بشأن عدم فوز بعض الاسماء المعروفة من المثقفين العراقيين، اساتذة الجامعات من هم بدرجة( بروفيسور) او ممن يعدون مفكرين وخبراء في مجال اختصاصهم، بل هناك اسماء معروفة على مستوى عالمي بوصفها كفاءات راقية وذات سمعة طيبة. لماذا لم يفز هؤلاء؟
وفاز رجل الدين وشيخ العشيرة، اين يكمن الخلل؟ على من يقع اللوم ؟ على المجتمع ام على المثقف؟
المجتمع لايعرف المثقف، بل يعرف الشيخ سواء كان رجل دين او شيخ عشيرة. لان الاثنين قريبان منه.الاثنان في الميدان، رجل الدين عرف كيف يصل الى الجمهور، فوصل عن طريق المسجد او الجامع، وشيخ العشيرة، اتصل بجمهوره من خلال (المضيف) و(الديوان) والمثقف ليس له مضيف او ديوان.
بقى المثقف محدودا في علاقاته بالنخبة من زملائه او تلاميذه ومريديه.فبقى بعيدا عن الوسط المجتمعي.
ويرى البعض ان اسباب عزلة المثقف عن مجتمعه تعود الى عدة اسباب من اهمها، ان المثقف كان وطيد العلاقة بالسلطة مع قطيعة مع المجتمع ،فهو ابن مؤسساتها(السلطة) التي لارابط لها بالمجتمع، بل كان مساهما فعالا في خلق رأي عام مهادن للسلطة، فعمل وبكل ما اوتي من قوة في تدجين المشهد الاجتماعي وتوطينه على الاستبداد والاستسلام، وكان الفاعل المؤثر في عملية منح الشرعية للسلطة، فلم يكن حصة للمجتمع بل حصة للسلطة التي ابتلعت كل شيء.
فحدثت قطيعة تامة لعملية التماهي بين المثقف والجمهور، ففي الوقت الذي كان فيه الجمهور يعاني الامرين، كان الشاعر يتباهى بانه شاعر القادسية او شاعر ام المعارك. حالتان تتسع فيهما الهوة بين المثقف والمجتمع، أولهما: حين يكون المثقف جزءا من السلطة وأداة بيدها، فيتحول الى كرباج تجلد به السلطة ظهر الرعية، وثانيهما: حين يترفع فيها المثقف على المجتمع او يتعالى عليه ليس من باب الرفض او اتخاذ موقف نقدي مما يعانيه المجتمع ويعيشه ويتبناه من قيم وعادات وتقاليد بل من باب الترفع المتنكب للغرور.
بقى المثقف بعيدا عن الوسط المجتمعي، اذ كان بين موقفين، اما موقف الاستعلاء على المجتمع وثقافته بحجة مواكبة التطور تارة أوبحجة الانقلابية و الثورية، او رفع شعار الحداثة والتحديث تارة اخرى، ويعد الاستعلاء احد اهم اسباب الهوة التي تتسع يوما بعد اخر بين المثقف والمجتمع،فضلاعن ان موقف المجتمع منه لايقل خطورة عن هذا، اذ كان مشوبا بالريبة والشك ،بأعتباره أبن السلطة المدلل وآلتها وعصاها التي تجلد بها المجتمع. وأمتد الموقف المجتمعي حتى شمل المؤسسة الثقافية ومخرجاتها، اذ مازال المجتمع يرى ان كل مايصدر منها هو ثقافة تعبوية وتمجيد للسلطة التي ظل ينظر اليها بعين الريبة والشك.ولكن هل يمكن ان يلقى اللوم كله على المثقف؟ وهل يمكن تجاهل الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية التي مر بها المجتمع، وماعاناه المثقف، فضلا عن حالة التخلف والامية التي يعيشها المجتمع والتي تحرمه من نخبه وكفاءاته فلايستطيع ان يعطيها قيمتها الحقيقية، وبالتالي يحرم المجتمع من كل ماتحمله هذه النخب من طاقات.. اسئلة عديدة تحتاج الى اكثر من وقفة وتأمل.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن