داوستاشي.. بدون تعليق

سعد هجرس

2010 / 4 / 21

لقد أصبح الواقع الثقافي في مصر مؤسفا ومحبطا »للغاية«.. بهذه الكلمات الموجعة يمكن تلخيص »نصف« رد فعل الفنان الكبير عصمت داوستاشي علي ما كتبناه في هذا المكان عن معرضه العبقري الأخير الذي أقيم بدار الأوبرا بالقاهرة في ظل »تعتيم« غريب من وسائل الإعلام المصرية علي اختلاف أنواعها وبالتالي في ظل غياب غير مبرر لجمهور المعارض.
أما النصف الآخر، الذي لا يقل أهمية فهو إصراره علي الاستمرار وعدم رفع راية الاستسلام واليأس رغم هذا الواقع المؤسف و»المحبط«.
وإذا كان المسئول الكبير الذي كان من المفترض أن يقص الشريط ويفتتح المعرض قد تخلف عن الحضور ـ علي الأرجح لسبب بيروقراطي تافه ـ فإن الطفل الصغير آدم عبدالله حفيد عصمت داوستاشي كان أفضل من أي مسئول في القيام بهذه المهمة التي تعتبر تشريفا لمن يفتتح المعرض، قبل أن تكون تكريما لعصمت داوستاشي.. الذي هو أكبر من كل هذه الشكليات فضلا عن أن إبداعه هو الذي سيكتب له الخلود وليست تلك المناصب البيروقراطية الزائلة.
وعلي أمل أن يشعر الجالسون علي كراسي »السلطة الثقافية والإعلامية« بما يعتمل داخل نفس الفنانين، الذين يبدعون في ظل ظروف معادية للخلق والإبداع وطاردة للتجديد والابتكار ننشر في السطور التالية تعليق عصمت داوستاشي.. بدون تعليق:
الكاتب الكبير سعد هجرس كان علي حق حين كتب في جريدة »نهضة مصر« الصادرة في 25 مارس 2010 والذي حضر افتتاح معرضي بأوبرا القاهرة مساء 22 مارس 2010 كتب: »توقعت أن أري مظاهرة من المثقفين والمبدعين المصريين والمتذوقين للفن الجميل للاحتفال والاحتفاء بهذا الفنان النادر.. إن »إقامة المستنير دادا« معرضا جديدا فهو في حد ذاته حدث ثقافي كبير يجب أن تتصدر أنباؤه نشرات الأخبار في جميع التليفزيونات الأرضية والفضائية الحكومية والخاصة والصحف والمجلات، وأن يحظي ليس فقط بتسليط الأضواء، وإنما أيضا بالمتابعة النقدية والتحليلية.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث ولهذا نطالب صباحا ومساء بالإصلاح وفي المقدمة منه الإصلاح الثقافي، وأرجو أن تقبل اعتذارنا .. أيها الفنان الجميل«.
أشكر الكاتب الكبير سعد هجرس علي كلمته وعلي حضور افتتاح معرضي.. وكنت متوقعا هذا التجاهل الإعلامي والشخصي والسبب هو أن »الأنصاص قامت والقوالب نامت«، والأنصاص لا تحضر معارض فنية إنها مهتمة فقط بمصالحها الخاصة في الزمن الرديء الذي نحيا فيه الآن.
لقد حضر افتتاح المعرض عدد كبير من الجمهور والحمد لله من أصدقائي ومحبي فني.. ولم يحضر عدد أكبر من أصدقائي الفنانين ونقاد الفن والكتاب المبدعين والإعلاميين الذين كنت أتمني أن يشاهدوا »آخر لوحات حامل الرسم« وهي الأعمال الجديدة التي بدأتها منذ عام 2008 وحتي الآن.. وهو جهد يرغب الفنان أن يشاهده أكبر عدد من الجمهور.. ولكن الجميل والجديد أن بين الحاضرين لحفل الافتتاح جمهورا من الفيس بوك ذلك الموقع الإلكتروني الساحر حيث يتصادق ويتعارف عدد كبير من الناس ربما لا يعرف أحدهم الآخر من قبل.. وكنت قد تعلمت أو مازلت أتعلم أسرار هذا الكمبيوتر ودخلت علي الفيس بوك ووضعت لوحاتي وكتاباتي وأصبح لي أصدقاء كثيرون بعضهم لدهشتي حضروا المعرض وتعرفنا وكان هذا شيئا مدهشا وجديدا بالنسبة لي.
وقد لا يعرف الناس أن المعارض تشكل عبئا نفسيا كبيرا علي الفنان الذي قد يجهز كل شيء لمعرضه من رسمها إلي نقلها لمكان العرض إلي مطبوعاتها إلي الدعاية لها في الصحف والمجلات لو تكرمت ونشرت خبرا عنه.. إلي دعوة الناس إلي حفل الافتتاح وما بعده حيث ينتظر الفنان من يتفضل باقتناء عمل ليغطي به مصاريفه.. ثم ينقل اللوحات بعد انتهاء المعرض ليضعها في المخزن بجوار لوحات المعرض السابق، ويقول لنفسه لن أقيم معرضا آخر لأعمالي.. ولكن الفنان يجد نفسه بعد عام أو أكثر قد أنتج أعمالا جديدة شغوفا بأن يعرضها لجمهور فنه، وهكذا تتكرر تجربته المريرة.. غياب جمهور المعارض.
الان علي النت في الكمبيوتر يمكن لكثير من الفنانين تجنب معاناة ذلك العرض الحي لأعماله بعرضها في معرض افتراضي سيراه جمهور أكبر من الناس، وحتي بيع الأعمال الفنية يتم أيضا في النت.. وأصبحت شبكة المعلومات الدولية متاحة علي المستوي العالمي، وليس المحلي فقط.. ولعلي مستقبلا أكتفي بها في عرض أعمالي الجديدة.. وكما فعلت حين أصدرت »معرض * كتاب« عام 2005 وأواصل إصداره كل عام في عمل مشترك بيني وبين الجمهور، فقد أنشئ موقعا لي كما يفعل كثير من الفنانين لعرض أعمالي الفنية.
فشكرا لكل من حضر معرضي من الأصدقاء والمعارف ومحبي أعمالي وأصدقائي في الفيس بوك وكل من حضر من الإسكندرية لمعرضي الذي افتتحه حفيدي الصغير آدم عبدالله، وإلي لقاء مستقبلا داخل عالم الكمبيوتر وليس داخل قاعات العرض.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن