الباراسايكولوجي بين نظريتي الكم و النسبية

وليد مهدي
waleedmahdi2002@yahoo.com

2010 / 4 / 8

النظرية النسبية العامة ، تمثيل رياضي يجسد علاقة الكتلة لأي جسم بالطاقة الكلية المتحررة عنه في حالة فناءه :
فالطاقة الكلية تساوي كتلته مضروبة في مربع سرعة الضوء ..
أما النظرية النسبية الخاصة فهي عدة معادلات تبين تضاؤل الطول والزمن بالنسبة لجسم تقترب سرعة حركته من سرعة الضوء على نقيض كتلته التي تزيد ..!
طرح هذه النظرية بشقيها العام والخاص ألبرت أينشتاين مطلع القرن الماضي ، أما شروحها وتطبيقاتها فقد عمل بها مجموعة كبيرة من العلماء انتهت إلى تفسير الكون وما فيه من حوادث بتفسيرات ثورية لا يزال الحس البديهي البشري لا يتقبلها ، ولعل أهم محاورها هـــي :

• الزمن متغير نسبي وليس ثابتاً كما كان يعتقد ، فسرعة المنظومة التي يتواجد بها عداد الزمن هي التي تحدد قيمته ، كلما تباطأت تزايد الزمن ، وكلما أسرعت تباطأ الزمن .

• الزمن كإحداثي أو بعد يتصل مع إحداثيات المكان ( أبعاد المكان ) ، فيطلق على هيكل الكون الجديد : متصل " الزمكان " أو " الفضاء – زمنspace-time ".

• الجاذبية تصبح وفق هذه النظريــة مساراً هندسياً وليست قوة بالمعنى الفيزيائي المتعارف ، فالجسم بانجذابه يتخذ مساراً في حركته نحو الجسم الأكبر لا بسبب قوة سحب وإنما بسبب " انحناء " في الهيكل الفضاء زمني يؤدي إلى اتخاذ الجسم لمسار ٍ منحني حول الجسم الأكبر قبل أن يحدث الاتصال بينهما .. ، كمثال عليها حركة الأرض الدائرية حول الشمس ، حركة الأقمار الصناعية حول الأرض بمدارات تتخذ شكلاً حلزونياً ( الشكل التالي ) قبل أن تدخل مجال الجذب الشديد للأرض الذي يؤدي إلى سقوطها بهيئة شاقولية ..



الشكل أعلاه يوضح حقيقة التفسير الهندسي الجديد للجاذبية الذي جاءت به النظرية النسبية ، فنلاحظ المسارات الحلزونية إنما سببها " انطواء " ثنيات الهيكل الفضاء – زمني ، التي تظهر بوضوح في الكتل الكبيرة والتي تفصل بينها مسافات كبيرة نسبيا ً مثل الأجرام السماوية ، فيما هذا الانثناء في الفضاء زمن لا يبدو واضحاً مع المسارات القريبة التي تسقط بها الأجسام بصورة شاقولية من منطقة قريبة في الغلاف الجوي الأرضي أو الغلاف الجوي الشمسي ، كما يحدث مع القمر الصناعي في المخطط أعلاه مثلاً ..

علاقــــة الفضاء – زمن بالباراسايكولوجي

درسنا في الفصل الأول علاقة عالم الكم بهذه الظواهر ، و أتضح لنا أن أهم السمات التي تميز العالم الكمي هي جوهر المظهر العام للباراسايكولوجي مثل ظاهرة التأثير النفقي و الاستثارة الفراغية التي افترضنا بأنها عديمة الطاقة ، والتي تبينها نظرية الأوتار الفائقة بأنها تذبذبات لأوتار كمية رباعية الأبعاد بالغة في الصغر ..

القاسم المشترك الذي يجمع كلا من الكم والنسبية هي نظرية الأوتار ، التي تفترض بان الفضاء زمن حول الوتر يتشوه ، كذلك فإن القاسم المشترك بين النسبية وظواهر الباراسايكولوجي هو " المستقبل " ، فحسب النسبية " مسارات " المستقبل موجودة ، وغالباً ما يحدث التكهن و الاستبصار بحوادث مستقبلية ، كيف تمكن الوعي من اختراق بنية الهيكل الفضاء-زمني رباعية الأبعاد ، كما تصفها النسبية ، ليدرك حوادث المستقبل . .؟

هنا نصبح قريبين من " فلسفة " العلم التي ينهجها العديد من علماء الأعصاب والوعي الذين يرون أن معرفتنا عن العالم الكمي مالم تكتمل بصورة اكبر فلن نكون قادرين على تفسير الوعي ..

فالوعي برأيهم حوادث كمية ، ربما ينطلقون من غموض الوعي وموضع تخزين الذاكرة في الدماغ إضافة ً إلى خصائص الكم الاحتمالية القابلة للتناقض التي تشبه إلى حدٍ ما عشوائية التفكير و تناقضات العمليات العقلية ، ولكن ، ماذا عن ظواهر الباراسايكولوجي و التنبؤ بالمستقبل تحديداً .. هل يخضع لمتغيرات العالم الكمي أم هو تناغم مع العالم الكلي رباعي الأبعاد (*) ..؟؟


الأبراج الفلكية والإسقاط النجمي ، هل تؤثر على المستقبل ؟

في الحقيقة ، وبعد إعادة تمثيل بنية الوجود الكوني الكبير ، عالم الكواكب والمجرات ، بهيئة فضاء زمن مليء بالمطبات التي تسببها الجاذبية للأجسام ، وهي صورة ما تعرف في الفيزياء المعاصرة اليوم بهندسة ريمان ( مصدر) تصبح لدينا خريطة " فضا زمنية " من مسارات " حتمية " على أي جسم في الكون سلوكها .. ( الصورة التالية ) ..

فهذه المسارات لا يفلت من قبضتها جسم إلا بقوة مضادة ، مثل مركبات الفضاء التي تتخلص من الجاذبية ( مسارات الفضاء زمن ) بقوة دفع الحركات النفاثة والصاروخية ...
إذ لا يمكن للأجسام الحركة ، أي حركة في الكون ، دون أن تسير على هذه الخطوط من السكك الزمنية المكانية .



والآن ، لو تأملنا الشكل السابق ، مسارات الأجسام في خريطة الفضاء زمن رباعية الأبعاد ، لماذا تشبه هيكلاً " وتريا ً " للكون بالنسبة لنظرية الأوتار ..؟

هل هذا التشابه محض مصادفة ، أم أن للأوتار الكمية نفس هيكل الأوتار " الفضاء-زمنية " الكونية ؟... (*)

هل هناك " طاقة استثارة " بين المسارات في الفضاء زمن كتلك التي تنقل في تذبذبات العالم الكوانتي تحت الذري ، المسببة لانبعاث الليزر أو توارد الخواطر Telepathy..؟

فمقولة غاليلو الشهيرة حول " التنبؤ " بمستقبل أي جسم في الكون بمعرفة كتلته وإحداثيات تواجده تشير بأن فكرة مسارات الزمن رباعية الأبعاد ليست حديثة ، فهل إن المستقبل مرسوم في مسارات الأجرام السماوية اعتماداً على خريطة الفضاء زمن تلك ؟

هل لهذا علاقة بالأبراج الفلكية التي توضح في الحقيقة " تغيرات " الفضاء زمن الناتج من تغير مواقع المجاميع النجمية ذات الكتل الهائلة ، أي ذات الالتواءات الفضا زمنية الكبيرة ؟

فالأبراج الفلكية تتخذ طابعين مختلفين حسب نظريتي الكم والنسبية :

• فنظرية الكم تخبرنا ، واعتماداً على تذبذب الأوتار الاحتمالية ، بأن التنبؤ بالمستقبل لا يكون حتمياً ، ليس هناك شيء مؤكد وإنما هناك آلاف الاحتمالات للحوادث وتنفي بذلك فكرة تاثير الأبراج الفلكية على العقل البشري ، خصوصاً وإن توجهات علماء الأعصاب والوعي تؤكد بأن العمليات العقلية تحدث في مستويات العالم دون الكمي .. ويكون هذا الاحتمال أكثر ترجيحاً إذن اعتماداً لفهمنا لخصائص العلمليات العقلية " متعددة الخيارات " ..
• أما النسبية ، ولكونها " حتمية " المسارات على الأقل بالنسبة للأجرام السماوية الكبيرة فإن نظرتها للمستقبل تؤكد بأن العقل البشري لو اتبع المسارات الحتمية الهورمونية في السلوك .. يصبح مستقبل البشرية محتوماً و بالإمكان رصد مسارات كل فرد وحياته ومن ثم " المسار المنظومي الكلي " للمجتمع البشري اعتماداً على الخريطة الفضاء – زمنية للكون .. وبالتالي فإن الكتل الكونية الكبيرة من المجاميع النجمية ( الأبراج ) سيكون لها تأثير حتمي على المستقبل لأن الفضاء زمن الملتوي حولها سيكون قابلاً لبعث الإستثارة الفراغية التي تؤثر في " ميولات " البشر العقلية البشر .. !


ومن هذا نستنتج بأن " الإسقاط النجمي " ممكن ، إذ أن الشرقيين القدامى ربما يكونوا قد اهتدوا إلى طريقة مــا لاستشعار " موجات الجاذبية " عبر نافذة الوعي الفردي ، و التي عجز علماء القرن العشرين من تحسسها بالأجهزة ، فموجات الجاذبية هذه مصدرها النجوم وتلاقي تشوهات الفضاء زمن بين الأجرام الكبرى كما اشرنا إليها بما يعرف بالأوتار الفلكية والجاذبية الفائقة في الفصل السابق ، فالوعي البشري ، وكما سندرسه ، هو هيكل رباعي الأبعاد ، يتأثر كثيراً بالنجوم و الأجرام إذا ما سلكت النفس سلوكاً غرائزياً صرفاً ، و يتأثر كثيراً بالحوادث الكمية إذا ما سلكت سلوكاً عقلانياً مبنياً على القواعد والتربية الاجتماعية ..!

و لذلك ، و بصورة عامة ، إنسان حضارتنا العصرية ، يتأثر بعالم الكم والنجوم معاً

كيف يحصل هذا ؟

الفضاء – زمن وتفسير " الوعـــــي "


من هذا التناقض ، بين الحتمية determinism والاحتمالية probability يولد وعينا وفكرنا في إطاره الجامع الذي نسميه العقل ..!

نعترف بأن المشهد الجديد الذي بدأنا بالتوصل إليه حول بنية الكون ليس باليسير كفاية على الفهم ، خصوصاً فيما يتعلق بنظرية الأوتار والخيارات الكمية اللانهائية لعدة أشكال من الأكوان الموازية الخفية ...

لكننا على الأقل بدأنا نفهم ما هو " الوعي " ، فالوعي هو " خيار Choice " بين الحتمية والاحتمالية .. ، فالانسياق وراء الغريزة الحيوانية ، كما في الطفولة مثلاً ، يجعلنا بمسارات حتمية قابلة للتنبؤ مثل قوانين الجذب الكونية في خريطة الفضاء زمن ، سيكون تاثير الكم محدوداً على الدماغ ، وكلما اعتمل الفكر فينا وبدأنا الانسياق وراء أفكارنا متجاوزين الغريزة بعد النضج أصبح مستقبلنا أكثر تشوشاً بتزايد الاحتماليات في سلوكنا التي لا تعتمد على الغريزة فقط وإنما يدخل عامل التربية ضمن محددات هذا السلوك..

مع ذلك ، فتربية سلوكية في مجتمع ما ، كأن تكون ممارسات دينية ، قيم حضارية اجتماعية ، محرمات أو مستحبات قانونية أو دينية في مجتمع ما ، ستجعل من الإحتمالية قابلة للتحديد مثل نظرية الكم وتحديدها لاحتمالات معينة لتواجد الإلكترون في موضع ما ، وبالتالي فالمستقبل سيكون واضحاً نوعاً ما بأن سلوك مجاميع بشرية سيكون محدوداً ضمن احتمالات قابلة للحصر وليست نهائية ، حسب نمط التربية الاجتماعية ..

لو افترضنا ، كمثال ، وجود أفراد يتصرفون بسلوك مبني على " قيم " مثالية و أخلاقية بعيدة عن الغريزة والتربية المجتمعية ؟

هؤلاء في الحقيقة ، ستتحطم " مسارات " المستقبل أمامهم ، لماذا ؟

لأنهم يسيرون مثل مركبات الفضاء المنطلقة عكس الجاذبية ، أو كمثال أقرب ، طيران الطيور في الجو يجري بعكس الجاذبية ، وبالتالي فحركة جسم بمسارات مضادة أو قابلة على تخطي مسارات الحركة المستقبلية في الخريطة الفضاء زمنية يجعل من الصعوبة التنبؤ بمساره ومستقبله ، سيشوش على فكرة " غاليلو " كثيراً ..

وهذا ، إنما يعني بأن العقل البشري وجد في الطبيعة لأجل التغيير بإنتاج السلوك المضاد للمسار الطبيعي قدر ما يستطيع ..!

وهنا نفهم ، أن العقل لديه امتدادين :
• الأول في العالم الكوانتي الكمي الاحتمالي ، وحسب فلسفة العقل المعاصرة فإن الوعي والذاكرة تجري عملياتها في هذا المستوى من العالم ، ومن أنصار هذا الرأي العالم روجر بنروز ..
• الثاني في العالم المادي الكلاسيكي الحتمي وتجري به العمليات الحسية والغريزية ويتمثل بالإشارات العصبية ( ذرات متأينة ) و النواقل العصبية الكيمياوية و الهرمونات .. ومن أنصار هذا الرأي الكثير من علماء الأعصاب الذين يرون في السلوك والذاكرة هرمونات و جزيئآت بروتينية لم تحل ألغازها الأساسية بعد .
وهكذا فإن القيم و الأخلاق والتربية تشكل " برمجة " العقل في الامتداد الكمي ، فيما الغرائز العليا والدنيا التي تجعل من السلوك حتمياً مبرمجة في المنظومة العصبية – الكيميائية والتي مصدرها الكيان المادي الموروث في الـــDNA ..
و السؤآل هــو :
ما هو " الميل " السلوكي لدى اغلب البشر في كوكب الأرض ؟

الفضاء – زمن والسلوك البشـــري

من خلال مقارنة " التشابه " بين مسارات الفضاء – زمن العملاقة في الكون و " الأوتار " بالغة الصغر في المستوى دون الكمي ، فإن " طاقة الاستثارة الفراغية " التي عرفناها في الفصل الأول بأنها طاقة إشارة قيمتها صفر ، ومن الضرورة تواجدها لتفسير ظواهر الباراسايكولوجي و " الليزر " ، هذه الطاقة الخفية ( طاقة الاستثارة ) التي أثبتت تجربة برنستون في غرفة بخار السيزيوم بأنها أسرع من الضوء (*) هي الأساس في حصول تأثيرات كونية على السلوك البشري ، لو وجدت هذه الطاقة التي افترضنا وجودها في هذا الكتاب بالفعل ، فإن المجاميع النجمية العملاقة في الفضاء بالإضافة إلى الشمس والقمر والكواكب القريبة تمارس " تأثيراً " حتمياً على الفكر والسلوك البشري ، وبالتالي ، فإن الأبراج الفلكية التي ظهرت خرائطها الكونية منذ عهد السومريين القدماء لم تبنى من لاهوت أسطوري وإنما من منطلق معرفي ذو منهج تجريبي قديم يعتمد ربما على ربط بعض المظاهر السلوكية للناس مع التغييرات الفلكية ، وبالفعل ، و كما درسنا في الفصل الأول ، فقد توصل السوفييت إلى ربط العديد من الثورات الشعبية في العالم بالنشاط الشمسي ومنها " الثورة البلشفية " ..

واعتماداً على النظرة النفسية – الاجتماعية لعصر الحضارة العصرية الراهن ، الذي يتميز بالمادية وطغيان " الميول " الحسية لدى اغلب سكان الكوكب الأرضي ، فإن تأثيرات الكم الاحتمالية أقل بكثير من تأثيرات " الفلك " الحتميـــة ...!
أما كيفية حصول هذا التأثير على وجه الدقة وما هي أنواع " الإشارات الفراغية " وكيف يمكن لكل مجموعة نجمية أن تحدث تأثيراً خاصاً بالسلوك فهذا ما يحتاج إلى دراسة تطبيقية مخبرية تعتمد أساساً على البحث عن " طاقة الاستثارة الفراغية " ووضع اليد عليها ومن ثم يمكن عندئذ ٍ اختبار أي أنواع من الاستثارة القادمة من أعماق الكون ..!

فيما يتعلق بموضوع هذا الكتاب فإن سلوكنا يكاد أن يكون مسيراً على مسارات المستقبل
الحتمية لولا وجود " قواعد " حضارية في السلوك والتربية ، هذه القواعد الحضارية أكانت دينية كما في الشرق أو قانونية مدنية كما في الغرب تجعل من حتمية السلوك " محدودة " ضمن إطار معين ، ما يجعل العقل البشري على احتكاك دائم ٍ " بالتنبؤ " بالمسارات والحوادث رباعية الأبعاد ، ولهذا السبب تصيب هذه التنبؤآت أحيانا و أحياناً أخرى تخطئ حسب طبيعة " الإشارة " المتلقاة عبر " تذبذب " مسارات الزمن ..!!

الطاقة الفراغية ، هل تنتشر عبر الزمـــن ؟

أما في موضوعنا في هذا الفصل ، فسنركز على طاقة الفراغ هذه ، هل هناك من وجود مظهر طبيعي لهــا ؟

في الحقيقة ، درسنا في الفصل الأول ذلك ، و أكثر مظاهرها المحتملة هو الانبعاث المحفز لفوتونات الليزر وكذلك " توارد الخواطر " بين أدمغة البشر ، لكنها " تذبذبات " ماذا ..؟؟

بينا بأنها ليست بموجات كهرومغناطيسية ، ولكنها ذبذبة " مسارات " الزمن الكونية ، طاقة تنتقل عبر الفضاء زمن وليس عبر " الفضاء " مثل الموجات الضوئية التي تنجذب بفعل التواء الفضاء زمن .. !

فهي نفسها قد تكون " المتسببة " بذبذبات الأوتار الفائقة ، التي تصنع بتوافقياتها المتذبذبة ما ندعوه بالمادة ، و ما يعرف في الفيزياء " موجات الجاذبية " التي تناولناها في الفصل الأول والتي فشل العلماء لحد الآن من صنع أجهزة قادرة على تحسس تموجاتها الكونية ذات الطبيعة الكوانتية ( الكمية ) قد تكون ذات علاقة بهذه " الإشارات " الجوهرية في هيكل الطبيعة ، هل يا ترى لمجرد كونها " تسافر عبر الأزمنة " لا تزال خفية..!؟


نظريات حديثة حول انتشار الطاقة عبر الزمن
أو عبر بعد إضافــي ...


هل هذا مجرد خيال علمي ، أم أن هناك وقائع علمية تثبت ذلك ؟

في الحقيقة ، وعندما افترضت شخصياً أول الأمر أن هذه الطاقة الفراغية إنما تنتقل عبر أوتار الزمن المدمجة مع الفضاء ، وإن التنبؤ بحوادث المستقبل ، والتي ستحدث فعلاً ما هي إلا إشارات قادمة من نفس " الحدث " أثناء وقوعه في المستقبل ، انتابني نوع ٌ من الإحباط ، فلا يكفي للفكرة أن تكون جميلة وموضوعية حتى نعتقد بقوة بأنها صحيحة ، لابد من وجود " وقائع " تجريبية تثبت ذلك ..
وكم كانت الفرحة كبيرة بمعرفتي أن العالم ياكير اهارنوف كان قد طرح مثل الفكرة فيما يتعلق بسلوك إلكترون يتأثر " بمجال كهربائي " قادم من " زمن آخر " وذلك في العام 1984 بعد سلاسل من الأبحاث مع العالم المعروف ديفيد بوم ..

فهذا يعني أن " الطاقة العابرة للزمن " موجودة بالفعل ، بل إنها تفسر سبب غموض العالم الكمي كثير الاحتمالات وتأثر الإلكترون باستثارة مجال كهربائي من زمن آخر لها أكثر من مدلول في بحثنا وتحليلنا حول هذه الطاقة الخفية ..
ومن النظريات الأكثر حداثة في الموضوع ما طرحه كل من حامد أركاني و ديموبولوس و ديفالي في العام 1998 تساؤلا عن إمكانية أن تكون قوى الثقالة وحدها تشعر بوجود الأبعاد الإضافية، بينما جميعُ القوى الأخرى بالإضافة إلى الجسيمات المادية محتجزٌة ضمن "غشائية" بثلاثة أبعاد مكانية. يبدو الكون عندها كما في الشكل التالي حيث تنتشر قوى الثقالة وحدها ضمن البعد الإضافي.

• أول هذه الإشارات الدالة التي يمكنها أن تقودنا نحو الاسترسال في بناء صورة وهيكل العالم رباعي الأبعاد هي أن " المجال " الكهربائي هو المفتاح والباب الذي سيدلنا على الطاقة الفراغية ..
• ثاني هذه المدلولات هو أن الدماغ البشري هو مفتاح الكشف العملي لهذا المجال و كذلك وظيفته في نقل الإشارة الفراغية ( إن وجدت ) ، كون الدماغ أصلاً منظومة مجالات كهربائية بامتياز في نفس الوقت تعمل منظومة المجالات الكهربائية هذه على إرسال و استقبال الإشارات التخاطرية كما درسناها في الفصل الأول اعتماداً على التجارب السوفييتية وعلاقتها بمخطط الدماغ الكهربائي مع الزمن والمعروف باسم الــ EEG (*)..
• التخاطر والتحريض بالحركة عن بعد إنما يجري وفق استثارة الفراغ الكوانتي إما بطاقة قليلة جداً يمكن اعتبارها صفراً كما في حالة التخاطر ، أو تتضخم بفعل ما أسميناه بالنسقية ( التشاكهية Coherency ) في حالة التأثير عن بعد أو تضخيم طاقة الفراغ الكمي كما درسناها في الفصل الأول بنفس الطريقة ، النسقية ، التي قام بها ياكير اهارنوف حول تضخيم " لفوف " الإلكترونات باتجاه واحد و تواقت واحد ..
• هذه الإستثارات جميعاً ، وهو أهم وأخطر ما في الموضوع : تسافر عبر الزمن !

هذا يبين لنا على الأقل عدم قدرة العلماء حتى الآن من تسجيل موجات الجاذبية الكمية ، والتي هي في حقيقة الأمر تموجات في الفضاء زمن كما تشير إلى ذلك التقديرات الرياضية في ما بات يعرف بفيزياء الجاذبية الفائقة التي تحاول الكشف عن الأوتار الفلكية Cosmic- strings التي تمتلك مثل هذه الجاذبية بقياسات صغيرة جداً من الفضاء - زمن
، فهذه الموجات لا يمكن للحواس وأجهزة القياس التقليدية الشعور بها (**)، ما نحتاجه بالفعل من ناحية تجريبية هو منظومة قادرة على تحسس انتشار الموجات عبر الزمان وليس المكان فقط .. بدليل أنها تحدث حسب التقديرات الرياضية بحدود قياسات صغيرة جداً من الزمان والمكان (***) ..

كيف بالإمكان أن نتخيل موجة بدلاً من انتشارها على طول محور مكاني مثل المحور السيني X ... نراها تنشر على محور الزمن t كما وصفته لنا النسبية ..؟؟
هل يمكننا أن نلمس في الطبيعة وجود تموجات مسافرة عبر الزمن ؟؟
هل يمكننا التحري عن منظومة طبيعية تنتج موجات عابرة للزمان وفي نفس الوقت لها القدرة على تحسس الإشارات القادمة من أزمنة أخرى ؟؟
إنها منظومة الوعــي في الدماغ البشري ..

الطاقة الفراغية والخيار العصبي

و ضحنا في هذا الفصل قبل قليل في موضوع " الفضاء – زمن وتفسير الوعي " بأن احتمال أن يكون عالم النسبية الرباعي " خياراً " من بحر الخيارات الكمية يقوم الوعي البشري ذو الأساس العصبي المشترك باختياره شكل وجودنا المادي الحالي ..!

وبينا بان العالم الكمي هو الأساس في مظهر عالمنا المادي الظاهري وليس الحسي فقط ، لكن ، عتمة ً ما تلف معظم وجود " الطاقة " في الكون ..

فالحديث عن الطاقة و المادة يكون متكافئاً بمقياس النظرية النسبية العامة ، فالكتلة تساوي الطاقة مقسومة على ثابت كوني وهو مربع سرعة الضوء ، لكن ، بمقياس كلاسيكي حسي فإن الحديث عن المادة يعني ما يمكننا لمسه والإحساس بوجوده ..

وطاقة الكم " المعتمة " أو المخفية في الفراغ لا تكون مادية ً بالمقاييس الكلاسيكية ، و حتى بالنسبة للنسبية ، فالفترة الزمنية التي تسمح بظهورها و اختفائها هي مقاييس بالغة في الضآلة ضمن حيز المكان والزمان على حدٍ سواء ..

فعلى سبيل المثال ، فإن القسيمات الدقيقة مثل البروتون يمكنها أن تخلق من الفراغ في حدود طول بالغ الضآلة متر وما يعرف بطول موجة كومبتون ، وبمدة زمنية بحدود اقل من ثانية قبل أن تعود للتلاشي في العدم وكأنها لم تكن ! ص 38 باول ديفز ، عالم الصدفة ، وهي مقاييس صغيرة جداً من هيكل " الفضاء – زمن " تجعل من المستحيل على أي جهاز مادي نمتلكه أن يسجل تواجدها ، ما يعني أن " خيار " وجودنا الذي نقصده لا يتعلق فقط بما تراه العين وإنما ما يمكن له أن يؤثر فينا حقاً ..

فما لا يؤثر فينا لا يكون موجوداً البتة .. !

لكن ، ماذا لو كان الدماغ البشري له القدرة على تحسس هذه المقاييس الصغيرة من الهيكل الفضاء – زمني الكمي بنطاق خارج حواسنا المادية ، أي خارج نطاق الأدوات التي اختارت لنا هذا العالم ..؟؟


الطريق إلى تقانة قياس التأثيرات الكمية

ماذا لو كانت للدماغ " أدوات ٌ " أخرى غير الحسية ، لم نكتشفها بعـد ؟
ماذا لو تكون لها القدرة على التقاط متغيرات في حدود مقاييس الهيكل الفضاء زمني الصغيرة لعوالم موازية أخرى ؟

علماً أن اصغر مقاييس لهيكل الفضاء زمن التي تكشفها لنا المعادلات الرياضية في الفيزياء هي بحدود من الثانية وما يعرف بزمن بلانك و متر ما يعرف أيضا ً بطول بلانك ، ص 72 – 73 نفس المصدر ، هل يمكننا " صناعة " أجهزة ذات تقنيات قادرة على تسجيل الأحداث في مثل هذه المقاييس الصغيرة من الهيكل الكوانتي ..؟؟

في الحقيقة ، التقنيات في تطور وقد بلغت بالفعل مقياساً صغيراً جداً في هياكل المكان والزمن ، إذ حصل " احمد زويل " على جائزة نوبل لجهوده في تصوير تفاعل كيميائي يقع بحدود من الثانية وهو ما عــّد إنجازاً كبيراً ، ولكنه تــّم بواسطة كاميرات أشعة الليزر ..!

وتحدثنا عن الليزر في الفصل الأول وناقشنا مفهوم " النسقية " أو " التشاكهية Coherency " بأنها ناتج من تحفيز " خفي " يقوم ببناء الكيان الكلي لوحدة كبيرة من أشعة متناسقة الذبذبات التكوينية البنيوية ، وبالتالي ، فصناعة تقنية قادرة على بلوغ مستويات اصغر فاصغر من الهيكل إنما يعتمد على تطوير تقنيات الليزر هذه التي قادت احمد زويل مؤخراً إلى دمج تقنيات الكم هذه مع " النسبية " في هيكلها الكبير بمفهوم البيولوجيا رباعية الأبعاد Four Dimension Biology الذي يحاول زويل وضع أولى ملامحه في مركز البيولوجيا الفيزيائية للعلوم والتقنيات فائقة السرعة في أميركا ..

إذ أدى وبصورة ربما لا يدركها الكثير استخدام الاستثارة الفراغية بين مويجات الليزر التكوينية المعتمدة على نوع من الرنين تحت الكمي الخفي إلى رسم هيكل فضاء – زمني حتمي ، أو على الأقل واطئ الاحتمالات بالنسبة لمستقبل الجزيئآت والتفاعلات الكيميائية ..

وهكذا ، فإن فلسفة علم جديدة ثورية بدأت في الظهور على يد زويل مطلع القرن الحادي والعشرين ، وهي فلسفة " المسار " الذي تسلكه الجزيئآت والخطوات المتوقعة من خلال مراقبة مساراتها رباعية الأبعاد الحاصلة في مقاييس صغيرة من هيكل الفضاء – زمن ..

وبالتالي ، فإن التقانة في طريقها لثورة حقيقية ، ومنها تقنيات دراسة التأثيرات الفراغية للطاقة التي تخرج عن إطار " الخيار العصبي للكون الحالي " ، ولكي نضخم إشارة فراغية مشوشة بإشارات مادية حسية متنوعة وجب علينا انتقائها من الفراغ ومن ثم تضخيمها كما يحصل في حالة توارد الخواطر Telepathy.. أو تضخيم مويجات الليزر ..

لكن ما سيحصل هو إننا سنحمـّـل الفوتونات " معلومات " ولن نحمــّـل الإلكترونات فوتونات كمعلومات !
أو قد نتمكن من تحميـــل " خطوط المجال الكهربائي " ، والتي هي في الواقع أوتار ، معلومات إذا ثبت لدينا بأن خطوط المجال تتذبذب بذبذبات واطئة جداً خارج إطار خيارنا العصبي ، سنناقش هذا بالتفصيل بعد أن ندرس الهياكل الإدراكية التي تقفز بنا فوق حواجز الخيار العصبي للكون ..

ففي أجهزة قياسنا العادية نقوم بتضخيم المعلومات المحملــة في إلكترون كي نتمكن من قراءتها ، إذ تتضخم أعداد الإلكترونات بنسقية تشبه الإلكترون الحامل للمعلومة بهيئة طاقة كم ( فوتون ) .. هذا التضخم الإلكتروني نقرأه في الأجهزة بشكل صوت أو صورة على شاشة

في طريقنا إلى تقنيات تضخيم المعلومات المحملة من الفراغ فإننا نحتاج إلى تضخيم الفوتونات بتحويلها إلى ... ليــــزر Laser ..
وتضخيم الذبذبات العابرة للزمن والمثيرة لخطوط المجال بتحويل المجال ، كما يفعل الدماغ ، إلى أعداد كبيرة من الايونات المشحونة بخطوط المجال .. !
ففي الدماغ نتوقع تضخيم إشارة فراغية بواسطة مستقبلات لتغير شدة المجال الكهربائي تؤدي إلى إثارة عدد كافي من الخلايا في الدماغ بما يشبه نسقية شعاع الليزر المحفزة ..

وكما سندرس لاحقاً الهياكل الإدراكية للوعي فإن " المجال الكهربائي " هو المفتاح في تضخيم الأفكار وكذلك الليزر سيلعب الدور الأبرز في أجهزة المستقبل الكوانتية ..

استنتاج : الفرز بين نوعين من الإشارات الفراغيــة
الحتميــة الصادقة و الاحتمالية غير الدقيقة

العرض السابق يقودنا إلى استنتاج ٍ بالغ الأهمية ، وهو أن طاقة الفراغ الكمي وما تحمله من إشارات صغيرة عابرة للزمن ناتجة من تذبذب " المسارات " الجسيمية كبعد رابع لأي جسم في الكون صغيراً كان أو كبيراً ، واقع ضمن فضائنا الذي اخترناه أم تابع للفضاءات الكمية لأكوان ٍ موازية ٍ أخرى ..

وهنا نصل إلى الحد الفاصل بين " الوهــم " و " الحقيقة " ، فالإشارات الفراغية بنوعين :

الأول : فضاء زمني كوانتي كمي ناتج من تذبذبات احتمالية لمدى واسع من القسيمات تفوق الموجودة في عالمنا ، وهي لذلك ، وحينما يلتقطها الدماغ و يقوم بتضخيمها تؤدي إلى أفكار احتمالية و تنبؤآت غير حقيقية كما يحدث في اغلب الأحلام ..!
فهي تنبئ بمسارات القسيمات و الأجسام على محور الزمن في كون ٍ احتمالي آخر ، فلا تقع الأحداث المتوقعة في عالمنا الحسي وزماننا ..!!

الثاني : فضاء زمني كوني ناتج من ذبذبات مسافرة عبر زمننا الحقيقي الفعلي ، وهي قادمة من المستقبل أو الماضي الخاص بمسارات الحتمية الكونية التي ذكرناها مطلع هذا الفصل والتي تتأثر كثيراً بإشارات المجاميع النجمية بدرجة ٍ عاليــة .. !

لذلك ، فإن التنبؤات الصادقة كظاهرة باراسايكولوجية تأتي من تذبذبات أوتار أو مسارات زمنية خاصة بالكون الذي اختارته منظومتنا العصبية الحسية وليست مسارات الزمن التي تستشعرها منظومتنا العصبية الكمية .
كيف نميز بين الإشارة الحقيقية الحتمية والإشارة الإحتمالية التي قد لا تحدث ؟
الجواب بالنسبة للذين جربوا التنبؤآت بنوعيها الصادقة المحتومة و المحتملة أو غير الدقيقة ( ولا نقول الكاذبة لأنها تحدث فعلاً في فضاء آخر ولو أن لم تحدث لما وصلت الدماغ أصلاً ) هو أن النبؤآت الصادقة المحتومة يصاحبها شعور ٌ قوي بأنها ستحدث ..!

الإشارة الحقيقية تكون قوية ً وواضحة إلى درجة إنها قد تحدث في حالة اليقظة كصورة بالألوان أو أصوات كأنها مسموعة أو مشاعر بحدوث خطر ما لشخص مقرب ..

هل يمكن أن تتطور تقانة في المستقبل لها القدرة على تضخيم الإشارة الحتمية ؟
لا نشك في ذلك ما دامت البشرية تفتتح القرن الحادي والعشرين بتقنيات التصوير رباعي الأبعاد و نعتبرها " فاتحة " خير أن عربياً مثل احمد زويل يبادر بالخطوة الأولى في ذلك ، لا نستبعد أن يكون للأمة الإسلامية دور ٌ مستقبلي في تقنيات " فيزياء الوعـــي " التي تأذن بدخول البشرية في عهد جديد من عهود العلوم والمعرفــة ، سنشرح المزيد من التفاصيل عن فيزياء الوعي في الفصول اللاحقة .

أما الآن فنسأل :

هل حقاً أن الأحداث المستقبلية " تحدث " الآن في المستقبل فنلتقط إشارات حدوثها القادمة بتراجع ٍ عبر الزمن ..؟
الجواب سيكون بسيطاً بمعرفة " فكرة غاليلو " عن مستقبل الأجرام الكونية بأنها حتمية لا محال ، فالمستقبل موجود بكيانه المساري وكذلك الماضي ، أما الحاضر ، وكما سندرسه بعد استيضاح هياكل الإدراك إنما تصنعه المنظومة العصبية ذات الأساس المشترك لعموم الكائنات الحية على سطح الأرض ، الموضوع سيكون معقداً بعض الشيء مالم ندخل في شرح هذه الهياكل الخفية كبديهيات بسيطة في معالجات الوعي التي تجري في الدماغ ..

وللتمهيد في دراستها نبدأ بتوضيح أساس المعالجات الفكرية الواعية وغير الواعية في العقل اعتماداً على كل ما درسناه سابقاً ..
الوعـــي .. بين النظريـــة النسبيـــة و نظرية الكم

المنظومة التي سندرسها هي " الوعي " ، وهي منظومة بيّـنا ملامحها من خلال ما سبق بأنها قادرة على العمل ضمن عالمين إثنين :

• عالم الكم الاحتمالي الغريب
• عالم النسبية الحدي رباعي الأبعاد

فالوعي ، و على الرغم من كونه لا يزال غامضاً في ميدان العلوم ، لكن عندما نستعين بأدوات ٍ جديدة لتفسيره في الفصل القادم ( هياكل الإدراك ) ، فإنه لن يعود غامضاً ، وستصبح لدينا نظرية وافية لإثبات أن الوعي منظومة " رباعية الأبعاد " تتذبذب بين نوعين من أنواع الهياكل الإدراكية في إدراكها للزمان والمكان :

النوع الأول :

هيكل الإدراك منفصل الزمان والمكان ، وهو الهيكل الحسي التقليدي الذي نشعر بواسطته بالعالم المحيط حولنا ، شعورٌ غالباً ما نسميه الوعي الظاهر ، إذ نشعر من خلاله بحركة الأشياء ضمن " المكان " ، وتكون لهذه الحركة " سرعة " ، والشعور بالزمان والمكان شعور ٌ منفصل :
زمان على حده .. ومكان ٌ على حده ..

وعلى أساس هذا الهيكل قامت اغلب رؤانا في الفيزياء الكلاسيكية ، فنحن نحدد للأشياء حجما ضمن المكان ، وسرعة ضمن مسار الزمن الخفي ..
فنحن نرى المكان بواسطة العين ثلاثي الأبعاد ، لكن الزمن " نشعر " به في داخلنا ، فنعطي لكل شيء في الكون " حجمه " و حالته الحركية ..
فتكون الأشياء على هذا الأساس صغيرة وكبيرة ، سريعة وبطيئة ... قصيرة وطويلة ..إلخ .

النوع الثانــي :

هيكل الإدراك رباعي الأبعاد ، وهو الهيكل " المعرفي " رباعي الأبعاد ( فضاء زمني ) إذ يكون الشعور بالزمان والمكان متصلاً ، لا ينفصل الزمان عن المكان كما في الهيكل الأول.

هذا الهيكل " باطني " في العقل البشري ، فهو غير ظاهري الشعور مثل هيكل الإدراك الحسي ..
و الأدلة على وجوده هي التنبؤ بحوادث المستقبل على هيئة رؤى يقظة أو أحلام ، أو تخمين حدوث أشياء بشكل فكرة طارئة ، كذلك العلميات اللاشعورية التي تتطلب مهاراتٍ إدراكية رباعية الأبعاد مثل قيادة السيارة ، الطائرة .. الدراجة الهوائية ..
فهذه المهارات تتطلب إدراكاً للمسافة والزمن معاً في دائرة وعي " موحدة " كلية ..
ومن خلال ما سنتابعه في دراسة تفاصيل هذه الهياكل الإدراكية فإن هذا النوع من الإدراك رباعي الأبعاد لم يكتمل نموه بعد في الدماغ البشري ...!

فالمسار الزمني لتطور الدماغ بعد ملايين السنين يرينا بأن الوعي البشري سيتحول إلى الإدراك رباعي الأبعاد الظاهري في يوم ٍ من الأيام في المستقبل البعيد ..!!

فاستناداً إلى " فلسفة " المسارات المحتملة أو الحتمية لحوادث تطور الدماغ كما سنتابعها في الفصل القادم ، فإن الدماغ بمستوى تكوينه الحالي مر بمراحل تطور في البنية العصبية والنشاط المصاحب لتطورات هذه البنية ( الوعي ) ، وباستكمال المسار سيتضح أمامنا أن الدماغ البشري بعد مليون سنة مثلا ً سيصبح مقتدراً على الإنتقال بالوعي من العالم الكمي الاحتمالي وأكوانه المتعددة إلى العالم الحسي الحقيقي والتنبؤ بمستقبل المسارات على نحو دقيق ..!!
لذا وقبل أن نختم هذا الفصل ، وقبل أن نغوص في أعماق " فيزياء الوعــي " بمختلف مستوياتها المكانية و الزمانية و الزمكانية ( فضا-زمنية) ، نسأل السؤآل الأخير في هذا الفصل :
هل يمكن تغيير المستقبل المحتوم ؟؟
نعم ، يمكن ذلك عبر تركيز " الفكرة " حول هذا التغيير ، و التي تؤدي إلى تغيير محتوى عقول البشر الذين يصنعون المستقبل ، فالعقل الجماعي لا الفردي هو الذي يغير المستقبل ، بل إن البشرية على الأرض في تغيير ٍ دائم للمستقبل الذي يجري عليها بحتمية صلبة صعبة الزحزحة لكن يمكن أن تحدث فيها تقطعات وتغيير في المسارات بين الحين والحين اعتماداً على إرادة التغيير " الكلية " الشعبية وعلاقتها بنسقية شعاع الليزر التي ندرسها في الفصول الأخيرة ، ولكم كان أبي القاسم الشابي " ملهماً " حينما قال :

" إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن