عودة الأشباح إلى سكان الكوكب الأرضي

بودريس درهمان
OURIBLI@HOTMAIL.COM

2010 / 4 / 7


لقد أصبح سكان الكوكب الأرضي، الواعون منهم لما يجري فوق هذا الكوكب، أكثر خوفا وأكثر فقدانا للطمأنينة، وما دام هؤلاء السكان لم يجدوا تفسيرا لما يحدث من هدم للطبيعة والدول فإنهم سوف يتمادون إلى ما لا نهاية في خوفهم ولا طمأنينتهم. لقد انهارت أمام أعينهم كل الأوهام الكونية التي اعتقدوا فيها. انهارت الشيوعية وانهارت الأيديولوجيات الإسلامية، بل حتى الديموقراطيات الغربية هي الآن قاب قوسين وأفول نجم هذه الديموقراطيات قد يدخل البشرية الى مناطق عالية من الخطورة...
بعض الديموقراطيون الغربيون يصرحون علانية بأنه ليس هنالك مشروع مجتمعي يتقابل نديا مع المشروع المجتمعي اللبرالي، بل حتى المشروع المجتمعي اللبرالي بداخل الدول الغربية أصبح بدون أساس فكري وبدون مناصرين. لم تعد هنالك أي رقابة من أي كان بداخل هاته الدول المتقدمة، و أصبحت معه الحياة السياسية والحياة الفكرية في درجة من الميوعة تثير الغثيان. بداخل وسائل الأعلام الجماهيرية التي نلتقطها عبر الأقمار الاصطناعية، التلفزة بالخصوص، أصبح يسود فيها منطق الفكر الواحد والرأي الواحد، وأصبح المثقفون ينهلون من نفس المراجع وينتجون خطابات لا يمكن التمييز فيها لا بين اليمين ولا بين الوسط. هذا الوضع أصبح يتحسسه الجميع، والجميع لازال لم يجد له تفسيرا. الأقلام الجدية بدأت تتساءل: ماذا حدث بالضبط حتى أصبح العالم يرزح تحت إيديولوجية المحافظين في كل مكان، المحافظون في الغرب و السلفيون في الشرق؟ ماذا حدث بالضبط لهذا العالم حتى أصبح زعيم الروس أول السعداء لتواجد المحافظين الجدد في السلطة، بل ماذا حدث بالضبط حتى يصبح المحافظون الجدد هم الحاملون لمشروع تحرري كوني. هل انتهى زمن صراع الأضداد وزمن نفي النفي، أين انزوت فجأة كل الأيديولوجيات التحررية والسياسات التقدمية المناهضة للإمبريالية، هل انتهت الإمبريالية وأصبحنا قاب قوسين من الشيوعية كما تنبأ لها أنجلس في تقطيعا ته التاريخية.
المقاومون الذين ذاقوا الحروب الكونية وحروب التحرير من أجل استقلالا ت بلدانهم أصبحوا يحسون وكأنهم ضحايا التاريخ، لأنه إذا كانت الحروب التي خاضوها هي من أجل حماية أوطانهم فلماذا يتم حاليا فتح هذه الأوطان للأجانب أليس من أجلها خاضوا الحروب ومن أجلها مات رفاقهم؟؟
المواطنون الأوروبيون، أصبح الاتحاد الأوروبي بالنسبة لهم وكأنه نظام فدرالي للكانتونات أي عبارة على سويسرا شاسعة وهنالك من يطالب حاليا برئيس واحد لهذه الكانتونات الأوروبية.

بين الشرق و الغرب حاليا قواسم إيديولوجية مشتركة، تتجلى في إلغاء التاريخ وإعادة بنائه وفق أدوات العقل المجرد. لم يعد هنالك مجال لوصف التاريخ بالطرق المعهودة كتفسير هذا التاريخ بتحديد القوى الاجتماعية المتصارعة أو تحديد الأنظمة الفكرية المتباينة. لقد أصبح العالم يرزح تحت قبضة أنظمة ذكية، و هذه الحالة تشبه إلى حد كبير الحالة التي كانت عليها الإنسانية في إحدى مراحلها التاريخية لما كانت ترزح تحت سلطة الأشباح و الرموز المخيفة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن