لماذا لا تشعر المرأة الفلسطينية بالأمن

ريما كتانة نزال
nazzalrima@gmail.com

2010 / 3 / 26

لماذا لا تشعر المرأة الفلسطينية بالأمن .. !!
بقلم: ريما كتانة نزال
تثير نتائج الدراسة المعنونة " المرأة الفلسطينية والأمن " والتي قام بإعدادها " مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة" العديد من الأسئلة. حيث ترى الدراسة أن المرأة الفلسطينية لا تشعر بالأمن لا في الحيَز العام ولا في الحيز الخاص. وتعيد الدراسة ذلك الى جملة من الأسباب يقف على رأسها الاحتلال. واعتبرت المجموعات النسائية اللواتي شملتهن الدراسة أن الخلاف والانقسام قد ساهما في الشعور بعدم الامان. ومن جانب آخر تعرضت المبحوثات الى الأسباب الأخرى لغياب شعورهن بالأمن، والعائدة حسب رأيهن الى العنف الممارس ضدهن في البيت والشارع والعمل بأشكال متعددة، كما ابرزت الفتيات والنساء تخوفاتهن من الأحوال الشخصية ذات الصلة بالزواج القسري والميراث والطلاق والتعدد وغيرها، إضافة الى التخوفات من المفاهيم السائدة وانتشار الاشاعات الاجتماعية "والقيل والقال". كما أفادت المبحوثات بعدم ارتياحهن لمراجعة الشرطة لدى الحاجة أو الذهاب الى المحاكم بسبب مفاهيم العيب والعار، وأفادت المستطلعات بعدم معرفتهن بوجود المؤسسات النسائية المختصة.
لم تكن النتائج التي توصلت إليها الدراسة مستهجنة، فقد أمسكت الدراسة بالحلقات الرئيسية لعدم شعور المرأة بالحماية والأمن، ووضعت المجموعات يدهن على جروحهن، والمتمثلة بثالوث الاحتلال والصراع الداخلي والعنف الاجتماعي.
ويتشكل اجماع لدى الرأي العام بأن الاحتلال هو السبب لعدم الشعور بالأمان. فعنف الاحتلال يقع عليها بشكل مباشر مهددا وجودها. لذلك من الطبيعي أن تعتبر المرأة الفلسطينية أن الاحتلال الاسرائيلي يمثل مصدر التهديد الأول لحياتها واستقرارها، ومع وجوده الطويل أصبح الاحتلال كواحد من العوامل المشكلة للوعي الفلسطيني، وكأحد الثوابت التي تدخل في خلفية حساب وتصرف الفلسطيني لدى اتخاذ قراراته المالية والاستثمارية، وكذلك لدى اختياره لمكان سكنه وفي حله وترحاله.
لم تكن النتائج الأخرى حول مصادر العنف الداخلي صادمة للمطلع والمتابع، سواء تلك التي نشأت على خلفية الخلاف والانقسام، أو التي تستند مبرراتها الى الثقافة الذكورية والنظرة الدونية والتمييزية ضد المرأة. ان الآثار التي تركتها حالة الانقسام الداخلي على المرأة وأسرتها، وتحديدا في قطاع غزة، سواء بممارسة القمع والاعتقال، أو في الوقوع تحت تهديدهما بسبب الرأي السياسي والانتماء الحزبي، او على صعيد سياسة الاستدعاء للتحقيق ومنع السفر على ذات الخلفية، أو ما رافق الانقسام والخلاف من مظاهر التخلخل والتفكك للنسيج الاجتماعي الذي أثر سلبا على العلاقات الاجتماعية والأسرية، بالتجاور مع مجمل التأثيرات الاقتصادية المرتبطة بارتفاع نسب البطالة والفقر. كما تضررت المرأة الى جانب باقي القطاعات الاخرى من سياسة خفض سقف الحريات العامة، وتضررت بشكل خاص جرَاء خفض الحريات الخاصة، وذلك بسبب التدخلات الفجة في المظهر واللباس والسلوك.
وقد كانت المبحوثات محقات في آرائهن حول الأسباب الداخلية لغياب الشعور بالأمان، حيث تفتقد المرأة للأمن الاجتماعي دون ضمان اجتماعي أو صحي لمواجهة الفقر والتقدم في السن. كما ان الأمن الاقتصادي غائب ومفقود، بغياب وافتقاد المورد الاقتصادي الحر الذي يؤمن مستقبل المرأة واستقلاليتها ويحميها من التبعية الاقتصادية ومن مفاجآت الزمن، كما ان الأمن السياسي مفقود وضبابي بسبب أزمة النظام السياسي، وكان أحد مظاهرها أزمة المجلس التشريعي وغيابه عن صلاحياته ومهامه التشريعية. ومع استمرار الأزمات الداخلية وتنوعها من الطبيعي أن يغيب الأمن النفسي عن حياة المرأة.
لقد ضغطت المجموعات على أسباب ومصادر العنف الداخلي، واحتل مساحة واسعة من شهاداتهن، على اعتبار أن جزءا من علاجه منوط ومرتبط بصلاحيات السلطة ومؤسساتها، مطالبات بوضع السياسات واتخاذ الاجراءات وسن القوانين التي تساهم في توفير الحماية للمرأة وفي ردع المعتدين. وفي ظل عدم القدرة على اصدار قانون متكامل بسبب شلل المجلس التشريعي، بات من اضروري التوجه الى التقدم بسلَة من التعديلات على بعض البنود القانونية في قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وهي البنود ذات الأهمية المفصلية لحماية المرأة وتوازنها.
لقد تقدم مجلس الوزراء مؤخرا الى اصدار قرار يقضي بوقف العمل بمادة "العذر المحل" في قانون العقوبات، حيث استغل وجود المادة القانونية بالتعويل على الاستفادة من العقوبة المخففة لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الفتيات والنساء. وعلى الحركة النسائية التقدم بتعديلات على بنود أخرى في قانون الأحوال الشخصية تعتبر مفصلية لاقرارها جميعا، بانتظار الوقت الذي يتمكن فيه الفلسطينيون من وضع توحيد انفسهم ووضع قوانينهم الكاملة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن