المرأة في الجزائر-تحتاج الي سياسة أم السياسة في حاجة اليها-

عبد اللطيف بلقايم
mimiynou@yahoo.fr

2010 / 3 / 8


هل يكفي أن تكون امرأة برتبة جنرال وأخرى وزيرة وأخرى مرشحة للرئاسيات وأخريات لهن كوطة في الانتخابات، حتى يتم الاطمئنان على وضع المرأة في الجزائر؟•• الغالبية من النساء الجزائريات لسن كذلك ولهن مطالب غير سياسية، فهل تنجح السياسة ذاتها في توفير مطالبها؟
شكلت المرأة ووضعياتها على العديد من الأصعدة مادة دسمة في الخطاب السياسي، وإن كانت المعدودات على رؤوس الأصابع فلحن في الوصول إلى ما كن يصبون إليه، فإن ملايين من النساء الجزائريات اللواتي لا يتمتعن بالطموح السياسي، ورغم أن مطالبهن بسيطة، فهن يكافحن ولم يبلغن بعد مرادهن• لقد عرفت الحملات الانتخابية للمحليات والتشريعيات الأخيرة في ماي 2007 تطويقا لوضع المرأة الجزائرية وذهبت الخطابات السياسية إلى غاية تخصيص قلب وضع النساء الجزائريات رأسا على عقب، بينما أظهرت النتائج أن وضعها لا يتمثل في مجرد إدراج بنود ونقاط ضمن البرنامج السياسي كي تتفتق قدرة المرأة على المشاركة في تقرير مصيرها ومصير الرجال على حد سواء في الجزائر، ورغم أنه تم إدراج بعض الأسماء في القوائم الانتخابية إلا أن المحليات لم تخرج سوى رئيستين لمجلسين شعبيين بلديين، هما بوصفر بوهران والقبة بالعاصمة، في حين أفرزت التشريعيات عن بضع نساء فقط، والباقيات خصهن الرئيس بالتعيين ضمن نصيبه في الثلث الرئاسي، بالغرفة العليا لمجلس الأمة•
هذه الوضعية أدت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إحداث طفرة سياسية لم يسبقه إليها رئيس قبله، أثارت فيما بعد كثيرا من الجدل من حيث إقرارها وتجسيدها في الميدان، حيث خص المرأة وحريتها ووضعها السياسي، بفقرة في الدستور لدى تعديله، في نوفمبر ,2008 حيث أوصى بعد ذلك بتخصيص مكانة أعلى ومراتب أولى للنساء في قوائم الترشيحات الانتخابية• لكن تأتي أيضا وضعية الجمود التي عرفها الجهاز التنفيذي بعد الانتخابات الرئاسية، لتثير الجدل من جديد حول ما كان متداولا بخصوص أن الرئيس بوتفليقة سيخصص حقائب وزارية هامة يوكلها لعدد من النساء في الحكومة، لكن جاء الرأي السياسي الذي يقول بأنه يمكن أن تنعكس مثل هذه الإجراءات سلبا على أداء المرأة مقارنة بكفاءتها، كون التدرج في المناصب ضروري قبل الوصول إلى أخرى عليا•
ولم يخل البرنامج السياسي للتحالف الرئاسي من التعاطي مع ملف المرأة، حيث أقر قادته تعليمات وقرارات تفسح مجالا أوسع للنساء من خلال مضاعفة عددهن في تركيبات الهيئات الوطنية للأحزاب وكذا تخصيص كوطات لهن في المؤتمرات أيضا، وهو ما أقدم عليه الأمين العام للأفلان، عبد العزيز بلخادم، كرئيس للجنة تحضير مؤتمر الجبهة، حيث تم توسيع مشاركتها بينما أثار نظام الكوطة المزكى داخليا سخطا بسبب الرأي الذي يقول أن على القيادة أن تبرهن للمرأة بأنها على قدم المساواة مع الرجل حينما تفتح لها المجال للترشح والعبرة بالنتائج لمعرفة حقيقية مدى قدرتها على دخول المعترك السياسي، ومعرفة طبيعة الخطاب السياسي•
المرأة الماكثة في البيت•• معاناة الجدران ومعاناة الأمل المفقود
يبقى الرهان والتحدي الأكبر بالنسبة للسياسيين من الرجال والنساء هو أن تكون السلطة في مستوى طموح غالبية النساء اللواتي لم يضربن من الحظ سوى ما جعلهن يعتنين بالبيت• فرغم التغيرات الاجتماعية التي جعلت الرجل الجزائري بذهنيته الذكورية ينفتح قليلا بغضه الطرف عن تحركات شقيقته أو زوجته أو من يكفلهن داخل المحيط، و تساهله الظاهر في اندثار بعض العادات والتقاليد التي تدخل في دائرة الشرف والخلق الاجتماعي العتيق، فإنه من الجهة الأخرى لم يلب انفتاح الذكر الجزائري كل طموحات المرأة خاصة الماكثة في البيت التي يكون زوجها قد وفّر لها كل ما تحتاجه من ملبس ومأكل ومشرب، إلا أنها ترى في حريتها في التحرك خارج محيط البيت وعدم تحكمها في ميزانية العائلة سيما وإن كانت تتلقى معاملة قاسية، فإن مطلب الخروج والتحرر من القيود مع وجوب وضع الثقة التامة في تصرفها يبقى من أهم أمل المرأة المتعلمة الماكثة في البيت، بينما تأمل غير المتعلمة من هذا الصنف في التحرر على طريقة أكثر ثورية، حتى إذا كان قانون الأسرة قد ضمن لها ما يسترها في حالة تعرضها للطلاق من بيت ونفقة، ليبقى الحراك حول المرأة في الجزائر سياسيا أكثر من أي شيء آخر، بين فريقين••• فريق يرى بأن الجزائرية نالت الكثر من حقها وهو حامل عصى الدين والتقاليد، وبين فريق يرى بأن الجزائرية تحتاج إلى مزيد من الحرية، وهو حامل عصى التفتح والنموذج الغربي للمرأة في المدونات الدولية•
عبد اللطيف بلقايم
صحيفة الجزائر نيوز



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن