الهوية اليمنية...الماضي والحاضر والمستقبل

عبدالغني الحاجبي
abdulghani.alhajebi@yahoo.fr

2010 / 3 / 7

هل يدرك الذين يرفعون شعار "الجنوب العربي" من الذي أطلق هذه التسمية على المحافظات الجنوبية؟ ولماذا؟ سنحاول من خلال هذه الدراسة استعراض الهوية اليمنية والأسماء التي أطلقت على اليمن منذ العصور القديمة وحتى وقتنا الحاضر.

اليونان والرومان...والعربية السعيدة

كان العرب يقسمون شبه الجزيرة العربية حسب طبيعتها الجغرافية إلى ثلاثة أقاليم رئيسية ( اليمن، والحجاز، والبحرين)، وبعضهم يقسمها إلى خمسة أقاليم (اليمن، والحجاز، ونجد، وعمان، والبحرين،) وبعضهم يضم أيضاً إقليم اليمامة في شرق الجزيرة العربية. أما اليونان والرومان فكانوا يقسمون شبه الجزيرة العربية إلى ثلاثة أقاليم ولكن بمسميات مختلفة عن تلك التي كان يسميها العرب: العربية السعيدة، وعربية الصحراء، وعربية البتراء. وكانوا يطلقون اسم "العربية السعيدة" على النصف الجنوبي للجزيرة العربية وهو اليمن وعمان حتى حدود جدة ومكة، بل أن بعضهم ذهب إلى أن هاتين المدينتين تقعان في "العربية السعيدة". أما عربية الصحراء فهي تمتد من الحجاز ونجد حتى تخوم العراق، وعربية البتراء تمثل حالياً الأردن وأجزاء من سوريا وفلسطين حتى سيناء. ويعود سبب تسمية اليمن باسم "العربية السعيدة" عند الشعوب الأخرى لشهرتها الحضارية الرائجة في بقاع الأرض آنذاك وأرضها الزراعية الخصبة ووضعها الاقتصادي المزدهر وشهرتها التجارية، وجوها اللطيف مقارنة بالأرض القاحلة لعربية الصحراء وعربية البتراء في شمال الجزيرة العربية. كما أن الإغريق وصفوا العربية السعيدة بأنها بلد غنية وتمتلك كميات كبيرة من الذهب. توارث الغرب اسم "العربية السعيدة" مروراً بالعصور الوسطى ثم عصر الرحلات الاستكشافية وعصر النهضة الأوروبية حتى القرن التاسع عشر. إلا أنه منذ نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر نجد أن اسم "العربية السعيدة" في الكتابات الغربية يحل محله أحياناً اسم "اليمن". ونجد مثلاً كتاب الرحالة الفرنسي (بول أيميل بوتا) في الأربعينات من القرن التاسع عشر يحمل عنوان : "رحلة إلى اليمن". يصف بوتا في كتابه مناطق مختلفة من اليمن: الحديدة والمخاء وتعز وصبر وعدن وصنعاء بالرغم من أنه لم يزر آخر مدينتين. وفي منتصف القرن التاسع عشر نجد أن اسم اليمن بدأ يبرز جلياً في كتابات الرحالة الغربيين وأن استخدام اسم "العربية السعيدة" أصبح قليلاً جداً في نهاية القرن التاسع عشر، بل نادراً. وسبب استخدام الرحالة الغربيين لاسم "اليمن" في وقت متأخر يرجع إلى تزايد الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية ونمو معرفتهم لتلك المنطقة وتسميتها عند سكانها الأصليين وعند العرب منذ آلاف السنين باسم اليمن (أو اليمن السعيد). ومنذ الستينات من القرن العشرين حتى يومنا هذا فنجد أن المستشرقون الجدد الذين يقومون بأبحاث ودارسات حول اليمن، يستبدلون أحياناً تسمية "العربية السعيدة" باسم "عربية الجنوب" (Arabie du sud) مقارنة بعربية الشمال (النصف الشمالي من الجزيرة العربية).

الهوية اليمنية...وجذور تسميتها

سميت اليمن بهذا الاسم لأسباب عدة، فمنذ بناء الكعبة المشرفة على يد أبو الأنبياء إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام أخذ يطلق على يمين الكعبة (أي جنوبها) اليمن وعلى يسار الكعبة (أي شمالها) الشام، ولذلك سمي الركن الجنوبي للكعبة بالركن اليماني، وهذا شرف لليمن أن يرتبط اسمها ببيت الله الحرام. كما أن النقوش السبئية ذكرت اليمن بلفظ (يمنات)، وكلمة اليمن تعني عند العرب بلاد البركة، أي بلاد الخير الكثير الذي لا ينقطع، وهذا ينطبق على أرض اليمن التي اشتهرت بتجارة المواد التي تستخدم في الطقوس الدينية القديمة مثل البخور واللبان. كما أن الله سبحانه وتعالى كرمها في سورة سبأ بقوله: "بلدة طيبة ورب غفور". كما أن الهوية اليمنية ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع سنتناولها لاحقاً.
وتعتبر اليمن من أقدم الحضارات وأقدم بقاع الأرض التي عاش فيها الإنسان ونقطة التجمع والانطلاق الأولى للهجرات البشرية إلى بقاع مختلفة من الكرة الأرضية، آسيا وجزر المحيط الهندي وشمال الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.
كما أن المؤرخون العرب والغربيين يجمعون على أن اليمن أرض العرب الأولى، أي العرب البائدة (عاد وثمود) والعرب العاربة، وشعب اليمن من الشعوب السامية وهو أصل الجنس العربي، واليمنيون هم أول من تكلم باللسان العربي، والقبائل اليمنية من أشهر القبائل العربية. وورد في القرآن الكريم ذكر بعض المناطق اليمنية وشعوبها القديمة كإرم، وعاد، وثمود والأحقاف، وسبأ....كل هذه الحقائق الحضارية والتاريخية تكون الهوية اليمنية التي يعتز بها كل يمني من جنوب الوطن إلى شماله ومن شرقه إلى غربه.

من أين أتت تسمية "الجنوب العربي"؟

أما تسميت "الجنوب العربي" الذي يردده البعض فليس له وجود في التاريخ لا عند اليمنيين ولا العرب ولا عند الرحالة الغربيين الذين وصلوا إلى شواطئ "العربية السعيدة". عندما نقول التاريخ نعني بذلك التاريخ القديم والحديث، وليس المعاصر. فهذه التسمية جاءت من وحي الاستعمار البريطاني عندما أراد أن يوحد المشيخات والسلطانات اليمنية تدريجيا تحت اسم واحد وهو "اتحاد الجنوب العربي"، ولم تكن عملية توحيد هذه السلطنات والمشيخات حرصاً على وحدة الإقليم الجنوبي من اليمن آنذاك في كيان واحد بل يرجع ذلك لثلاثة أهداف رئيسية عملت سلطات الاحتلال على تحقيقها:

1. أراد الاحتلال البريطاني تحقيق الاستقرار في مستعمرة عدن ومحميتها وإيقاف النزعات الاستقلالية لدى بعض تلك السلطنات والمشيخات وضمان السيطرة على الوضع فيها، فجاءت فكرة إنشاء الإتحاد وتم التوقيع على معاهدة حماية بين الاتحاد والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى. وهذه المعاهدة لا تعطي للاتحاد أي صلاحيات تذكر سوى تطبيق ما يملي عليه الإنجليز. فعلى سبيل المثال، ليس للاتحاد الحق في اتخاذ أي قرار أو توقيع اتفاقية أو معاهدة مع دولة أخرى دون أخذ موافقة الإنجليز. كما أن المعاهدة تنص على " أن يسمح الاتحاد لقوات صاحبة الجلالة أن تتخذ قواعد لها في الاتحاد وأن تتحرك بحرية داخله ومنه وإليه مع معداتها ومخزوناتها وأن تحلق طائراتها في سماء الاتحاد وأن تقوم بأية عمليات أخرى كما تدعوا الضرورة وأن يمنح الاتحاد التسهيلات لأي قوات تكون في الاتحاد (طبقاً لهذه المادة) وأن يتخذ أي خطوات أخرى لمساعدتها كما تدعو الضرورة". وليس لهذا سوى معنى واحد وهو استمرار السيطرة على تلك السلطنات والتحكم بشؤونها الداخلية والخارجية باعتبارها مستعمرة انجليزية يستطيع من خلالها التحكم بالطرق التجارية في البحر العربي من مضيق باب المندب وحتى مدخل الخليج العربي.

2. هدف الاحتلال البريطاني إلى سلخ الهوية اليمنية عن المحافظات اليمنية الجنوبية لأنه كان يدرك تزايد الحركة الثورية اليمنية في الشمال والجنوب ورغبة الشعب اليمني في التحرر من الاستعمار ومخلفاته، وكان يخشى من أن تتلقى تلك السلطنات والمشيخات على الدعم المادي والمعنوي من تلك الحركات التحررية خصوصاً بعد محاولات الثوار قلب نظام الحكم في الشمال، ونزوح الكثير من القيادات التحررية الجنوبية إلى الشمال والتخطيط للثورة ضد الاستعمار.

3. بالرغم من المعارضة الشعبية لمشروع الاتحاد من قبل القوى السياسية في عدن وبعض الإمارات الجنوبية وحكومة الإمام يحي حميد الدين في صنعاء، إلا أن السلطات البريطانية سارعت في قيام هذا الاتحاد لإعاقة أي خطوات نحو تحقيق الهدف الرئيسي لكل اليمنيين في الشمال والجنوب وهو الوحدة اليمنية.

4. رغم خروج بريطانيا منتصرة في الحرب العالمية الثانية كقوة مهيمنة في المنطقة، إلا أن ذلك لم يدم طويلا، حيث فقدت الكثير من نفوذها بعد الحرب إثر استقلال الكثير من مستعمراتها خاصة الهند في عام 1947م وما تبع ذلك من استقلال الكثير من مستعمراتها في الشرقين الأقصى والأوسط، وظهر ضعف مركزها في المنطقة العربية بشكل عام. ودفع ذلك بريطانيا إلى السعي حثيثاً لإقامة إمبراطورية جديدة لها في أفريقيا مما يتطلب منها إنشاء أوسع شبكة ممكنة من القواعد الإستراتيجية وإنشاء الأحلاف العسكرية، وهنا تأتي أهمية توحيد السلطنات والمشيخات في جنوب اليمن المحتل في كيان واحد أطلق عليه "اتحاد الجنوب العربي". فالمحميات تشكل مع عدن جزءاً لا يتجزأ من الوجهة العسكرية للنفوذ البريطاني للدفاع عن الخليج العربي وأفريقيا والمحيط الهندي وبحر العرب حتى استراليا، إضافة إلى الأهمية الاقتصادية والتجارية لهذه المنطقة، فضلاً عن أن عدن تعد مركز رئيسي لتصفية النفط البريطاني. كما شكلت مستعمرة عدن أهمية تجارية وسوق مفتوحة لترويج السلع الانجليزية، ومحطة تموين وصيانة للسفن الحربية والملاحية على الطرق البحرية المهمة، وقاعدة عسكرية مهمة، وأحد مراكز السيطرة البريطانية على مياه المحيط الهندي والخليج العربي خصوصاً بعد ظهور الدور الأمريكي والشيوعي في المنطقة وقلقها من وقوع النفط في أيدي دول عربية في حالة تحقيق شكل من أشكال الوحدة السياسية بين الدول العربية، أو في يد الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة الأمريكية. وعليه سعت بريطانية إلى إيجاد نوع من النظم الإدارية الموحدة في المنطقة بما يتلاءم ومخططاتها. فذهبت إلى توحيد تلك السلطنات تحت مسمى "اتحاد الجنوب العربي" لتشكل الضغط السياسي المحافظ على مصالحها، وقد سار ذلك المشروع بخطي حثيثة حيث طرح لأول مرة بشكل رسمي في 7 يناير 1954م.

إذا فاسم "اتحاد إمارات الجنوب العربي" أو "الجنوب العربي" لم يكن له أي وجود قبل هذا التاريخ، ثم أعلنت السلطات البريطانية عن تأسيسه رسمياً في الـ 11 فبراير 1959م والذي بدأ بست إمارات ( إمارة بيحان، السلطنة العوذلية، السلطنة الفضلية، إمارة الضالع، مشيخة العوالق، سلطنة يافع بني قاصد)، ثم انضمت في نفس العام إلى هذا الإتحاد السلطنة العبدلية (لحج)، تلاها انضمام ثلاث إمارات بتاريخ 12 مارس 1960 (سلطنة العوالق السفلى، مشيخة العقارب، مشيخة دثينة).
وهكذا انضمت تباعاً بقية السلطنات والمشيخات إلى هذا الاتحاد الذي كانت السلطات البريطانية أن تتواجد في كل مفاصله، وكان لها الكلمة الأولى والأخيرة في قراراته. وبذلك استطاعت السلطات البريطانية احتواء السلطنات والمشيخات في قبضة واحدة مما سهل لها الكثير من مهامها.

ونستخلص من ذلك أن "اتحاد الجنوب العربي" هو صناعة استعمارية بامتياز لنفي الهوية اليمنية عن المناطق الجنوبية. إلا أن القوى التحررية اليمنية كالجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، والتنظيم الشعبي للقوى الثورية، وغيرها من الحركات التحررية في جنوب اليمن وشماله استطاعوا دفن هذا المسمى الاٍستعماري منذ أكثر من أربعين عاماً. وتم القضاء على مخلفات الاستعمار وأعوانه عند تحقيق الاستقلال في 30 من نوفمبر 1967م وقيام الدولة اليمنية في جنوب الوطن والتي كانت تسمى بـ "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية". وفي الـ 22 يونيو 1969 تم تغيير اسمها إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" من قِبل النظام اليساري "الشيوعي" آنذاك والذي بالرغم من أيدلوجيته الغريبة حينها على شعبنا اليمني العربي المسلم، إلا أنه لم يعمل على نفي الهوية اليمنية عن تلك المناطق كما فعل السلاطنة والمشائخ في عهد الانجليز بل أعاد للجنوب مسلوب الهوية هويته اليمنية الأصيلة. فهل نفهم ممن يرفعون شعار "الجنوب العربي" اليوم أنهم ينادون بعودة الانجليز والسلطنات والمشيخات؟؟
ندرك أن بعض المدن اليمنية تحتضن بعض الأقليات العرقية سواء كانت هندية أو تركية أو أفريقية أو أوروبية، والتي دخلت إلى اليمن لأسباب متعددو واستقرت في بعض مدنها وأصبحت جزء من هويتها اليمنية. ويكفينا شرفاً أن الهوية اليمنية قد ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع. فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا...."، ولم يقل عليه الصلاة والسلام "اللهم بارك لنا في جنوبنا العربي"، وقال عليه الصلاة والسلام " أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية »، ولم يقل "أتاكم أهل الجنوب العربي"، ولم يقل "الإيمان فضلي والحكمة فضلية"، أو "الإيمان بيضي والحكمة بيضاوية". كما قال صلى الله عليه وسلم «إن الله استقبل بي الشام، وولى ظهري اليمن، وقال لي: يا محمد، إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً وما خلف ظهرك مدداً»، ولم يقل "وولى ظهري الجنوب العربي". كما أن الركن اليماني في الكعبة المشرفة قبلة المسلمين لم يسمى الركن "القعيطي"، أو"العبدلي".

انقلاب الحراك على مناضلي وشهداء الثورة اليمنية

نسبة الجهل والوضع الاقتصادي الصعب في اليمن مكنا أصحاب المشاريع الخاصة في الحراك الجنوبي من دغدغة المشاعر والأحاسيس وتأليب الناس على النظام والبلد والهوية الوطنية. وتعددت المسميات التي تتسابق على قيادة هذا الحراك، وتعددت المجالس، والقيادات، وكل يخرج أولاده وإخوته وأولاد عمه فيشكل كياناً، ويصدر بياناً، ويقود مسيرة ويطلق على نفسه "مناضل"، وهو يدرك أو ربما لا يدرك بأنه بعمله هذا قد غدر بالمناضلين الحقيقيين وأنقلاب على ثورتهم التي ضحوا من أجلها بدمائهم. فبعضهم يطالب بعودة الحقوق وهؤلاء نحترمهم بل ونقف معهم إن كان لهم حقوق، والبعض يطالب بالانفصال، وآخرين يطالبون بفك الارتباط، وبعضهم يطالب بـ"دولته" (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، وبعضهم يتنكر للوطن اليمني ويطالب بعودة (اتحاد إمارات الجنوب العربي)، حتى أن بعض "الرفاق" غدر بأصحابه وأصبح ينعتهم بصفات مناطقية عنصرية "هذا شمالي"، أو هذا "جاسوس شمالي"، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل راح بعض "الرفاق" يتنكرون لنضال بعض قادة الحركات الثورية ضد الاستعمار البريطاني التي انطلقت من الجنوب والشمال وأخذت أشكالاً عدة (منشورات، صحف، مسيرات، تبرعات، مظاهرات، وإضرابات عمالية ونقابية، وثورة مسلحة). فهم بذلك يتنكرون لدماء الثوار والمناضلين مثل محمد محمود الزبيري، و محمد علي الحكيمي، ولبوزة، ومدرم، وسالم ربيع علي، وعباس، وباصهيب، وقحطان وفيصل الشعبي، وعبدالله الخامري، وأنور خالد، وسلطان أحمد عمر، وعبدالله الوصابي، وعبدالفتاح إسماعيل، وعبود، والعبس،ي وناشر، والحبيشي، وعبدالقوي يافعي، وحامد البز، وعبدالله مطلق، وحنش ثابت، والزومحي، وعنتر، ومصلح، وشائع، وعلي بن علي هادي، وعبدالرحمن المنصوب، وفضل الشاعري، والجحيم، وصالح حسين راشد، وغيرهم من قوافل وطوابير الشهداء والمناضلين الذين ناضلوا جنباً إلى جنب في إطار الحركات الثورية أو خارجها. فلماذا يحاك ضد هذه الصفحة المشرقة من تاريخنا اليمني كل هذه المؤامرات ؟ ومن هم هؤلاء الذين يحثون الخطى لمحو حروف النور؟ وما هو رصيدهم السياسي؟ ماذا قدموا لليمن ولليمنيين؟ ولماذا يحاول قادة الحراك الانقلاب على المناضلين في الحركات التحررية وعلى هويتهم اليمنية الضاربة في أعماق التاريخ؟ أترك الإجابة على هذه الأسئلة للقراء....
فـ"الجنوب العربي" ليس هوية بل هو اسم من صنع الاستعمار لتمزيق الشعب اليمني، والهوية اليمنية راسخة منذ فجر التاريخ صامدة في ضل التقلبات السياسية، كالشجرة الضاربة جذورها في أعماق الأرض...ولا يمكن للمرء عند العاصفة أن يترك جذع الشجرة ويتمسك بالفروع الواهية...فاليمن يمر بعاصفة وستنتهي بإذن الله. ويكفي أن ننظر من حولنا ونتأمل حال الأمة العربية والإسلامية كي نأخذ من وضعها الحالي درساً. فالأمة العربية الإسلامية ليست بحاجة لمزيد من الانقسامات، والحروب، والتدخلات الأجنبية، والمشاكل الاقتصادية، بل نحن بحاجة إلى السلام والوحدة ورص الصفوف لبناء الأوطان فكرياً، وعلمياً، واقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وعمرانيا، فالوطن اليمني قوي بأبنائه، وقادته، وثرواته، وأفكاره، وتاريخه، بعيداً عن التفرق، والانقسام والحروب. دعونا نختلف في الأفكار، والمبادئ، والسياسات، ولنتفق على هوية الوطن اليمني الكبير الذي نكبر معه وبه ونصغر ونتحجم كلما انزوينا في إحدى زواياه الضيقة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن