قصة قصيرة جدا ُ : حياة بين قوسين

بديع الآلوسي
b.tautil@free.fr

2010 / 2 / 18

قال الطبيب : احتكم الى قضاء الله .
حينها فقط عرف أن أيامه معدودات وبارقة الأمل في الشفاء قد انطفأت .
قال لزوجته : أني وصلت الهدف .
عرف جيدا ً ان الحياة هجرته ،وإن وطأت الزمن الجافي كانت قد أدخلته عنوة في بئر مهجورة
ـ عاهر هو الوقت لا أعرف كيف أسايره الآن .
الخوف جعله اكثر وداعة ً مع أطفاله ، وأكثر حنانا ً مع زوجته وأمه .
ـ يحكمنا الوقت ، الدقيقة الأخيرة في الحياة ذات قيمه .
واصل صراعه ،، تحفز وتغير كثيرا ً ، صار يئن تحت هواجس تهدده بوجل ،كتب أشياء غامضة ،محاولا ًان يوقظ هواجس الزمن المتربص به ،بغبطة راودته الحياة بحياديتها الحكيمه ، أنتعشت روحه ، ظن ان شهيته للأكل قد إنتظمت ، وخفت حرقة العطش ،و خرج مزاجه من عزلته الأنطواء ...
سقط في وعكة القلق المُقنع بعد ان تكرر حلم البيداء التي تحفها الغربان .
مر في خلده التساؤل المرير :هل بهذه السهولة حان الأجل ؟
حيز العالم الهلامي اطبق عليه من جديد لا جدوى من المقاومة ، احرق كل ما كتب ، أصيب بمرض الحنين الجارح المحكوم بالانفصال، قتلت احلامه المدبرة.
وضعت أفعى الألم عينيها في عينيه ، ندم على الوقت الذي صار معطوبا ً بالغش .
تعاطفه الأخير وتصالحه مع الموت لم يأت عن نصر وجودي ، أتته نوبات القيء الدورية وصعوبة التنفس، غدت عيناه الجاحظتان تتنفسان النار ،نظر بعجالة الى حياته .أدرك انها تافه .رأى الزمن النرجسي قد توقف ، أغمض عينيه ، وفتحهما ،، اغمضهما ولم يعد يرغب بفتحهما ، غرق في التفكير بأغنية المقبرة التي تنشد : أشتري لك كفنا ً يا ابن آدم إن كنت قد تيقنت من صداقتك للموت المقدس .
ايقظه من كابوس الفناء أطفاله ُ صارخين : صباح الخير يا بابا ... اليوم عيد .
حينها تنفس الصعداء بعد أن عاد سالما ًمن رحلة الموت المتخيل الذي أيقظ وعيه، صار ينظر الى الدنيا من زاوية مغايرة ،،، ذبح بطا ً بريا ً ، أحس إن فرحته الجديدة لا تسعها فضاءات الدنيا، خبأ في خلده صدى شهوة الرجوع المؤقت ، فكر إن الطريق طويل لفهم طعم الأمل والحياة ، رغم ذاك خرج من جرافات التناقض المدهش وقال: ما يزال ثمة وقت لنفعل ما نريد.





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن