باسم الله ... شرعنوا الحواسم

جمال المظفر

2010 / 1 / 27

رافقت عملية التغيير السياسي في العراق بفضل الاحتلال بروز ثقافة جديدة اطلق عليها ( الحواسم ) وهي مفردة تعني الاستيلاء على كل ماتطاله العين او اليد ، سواء اكانت ممتلكات الدولة ومدخرات البنوك والمشيدات أوالتجاوز على الاملاك العامة والخاصة ، بحيث لم يبق شئ الا ودخلت اليه هذه الثقافة وشرعنت بارادة حكومية وبتشجيع من بعض الجهات التي تجاوزت بدورها على الاملاك العامة ...
فبعد سقوط النظام الصدامي في التاسع من نيسان عام 2003 وبتشجيع امريكي هب اللصوص لسرقة دوائر ومؤسسات الدولة مستغلين الفراغ الامني الذي سببه الاحتلال الامريكاني للبلد ، بحيث لم تبق مؤسسة الاوطالتها يد اللصوص ، بل وصل الامر الى قلع ارضيات الدوائر بعد ان نفذ كل شئ ، وبادر عدد كبير من ( الحواسم ) الى التجاوز على الاراضي المملوكة للدولة والافراد وبنوا عليها مساكن او ورش ومعامل دون موافقة من الجهات المعنية وخارج ضوابط التخطيط العمراني ، وتوقع الناس ان الدولة ليست بغافلة عما يحدث وانها ستزيل كل التجاوزات على اعتبار انها ظاهرة غير حضارية ، ولكن للاسف الشديد فقد ساعدت الدولة الحواسميون وجعلتهم يتمادون في غيهم ويتجاوزون على اراضي الغير وعلى شبكات الماء والكهرباء بل توقفت مشاريع خدمية مهمة كمشاريع الماء والمجاري بسبب البناء العشوائي ...
ورغم مرور سبع سنوات على الاحتلال البربري للعراق الا ان التجاوزات مازالت قائمة ، وبتشجيع حكومي يقابله انتقاد حاد من قبل الجهات ذات العلاقة بالتطور العمراني ، ولاندري هل هي محاولة دعائية من الحكومة تسبق الانتخابات التشريعية المقبلة لكسب اصوات ( الحواسم ) والذين يعدون بعشرات الالاف وهذه الاصوات بالتاكيد ستكون ( محوسمة ) مع سبق الاصرار والترصد ...
لاندري باي منطق وباي عرف تشرع الحكومة التجاوزات ، هل اصبح المتجاوز محقا وله الاولوية في المطالبة بخدمات الماء والكهرباء والمجاري وتعبيد الطرق والتعويضات ..
ماذا نقول للناس الفقراء الشرفاء الذين مازالوا يسكنون في بيوت الصفيح اوالاكواخ المشيدة من الطين الممتده على مساحة الوطن الكبير ورفضوا ان يتجاوزوا على الاملاك العامة او يسرقوا ويحوسموا ، بانتظار ان تتكرم الحكومة التي تتباهى بان لديها مليون بئر نفطي واكبر احتياطي في العالم وسيتجاوز انتاجها اليومي الستة ملايين برميل من ( الغضب الاسود ) وتمنحهم قطع اراض ٍ او شقق سكنية بالتقسيط ومن مالهم الخاص ..!!
متى شرع الحرام ، ولماذا قبل الانتخابات بالضبط ، ولنسأل علماء الدين والمرجعيات هل يجوز شرعنة التجاوز على الاملاك العامة والخاصة ، وماهو حكم الدين فيمن يتجاوز ويشجع على التجاوز ، لماذا هذا السكوت على الحرام ....
لو امتدت عين الناظر الى المشاهد الغير حضارية للبناء العشوائي على مساحة العراق لعرف حجم الكارثة ، ولااعتقد ان هناك انسان متحضر ومتمدن يقبل بتلك الفوضى وهذه العشوائية ...
كيف يمكن اقامة مشاريع عملاقة ومهمة كشبكات المياه او المجاري والمساكن العشوائية تعترض طريق تلك المشاريع ، بل وصل الامر الى تقطيع مساحات واسعة وتسييجها على اعتبار انها ملك صرف ضمن مشروع الحوسمة الكبير ، والبعض الاخر بنى قصور وفلل دبل فاليوم في هذه الاراضي اي ان حال المحوسم عال العال و بامكانه شراء شقة سكنية او ايجار بيت الى ان تثبت الدولة على قدميها وتوزع الاراضي ، وهناك حواسميون يمتلكون سيارات حديثة تقدر بالدفاتر تقف امام بيوتهم ، والدفتر الذي اعنيه ليس دفترا مدرسيا وانما دفتر اخضر اي ( 10 ) الاف دولار ، فمن يملك سيارة ثمنها ثلاثة دفاتر اي مايعادل ( 36 ) مليون دينار عراقي بامكانه ان يؤجر شقة او بيت بدلا من التجاوز على الاملاك العامة ، ولكن سكوت الحكومة جعل الحواسم يتمادون في تجاوزاتهم وبات التجاوز يتوالد يوما بعد يوم لان الحكومة المؤطرة برعاية الله وحفظه تشجع على هذا الامر ...
كل شئ ممكن مع قرب الانتخابات ، التنازلات ، والميوعة والليونه والهبات والتوسل بالناخب والتراجع عن قرارات كانت بالامس مصيرية وحاسمة ، والتجاوزات اصبحت حقا مشروعا والسرقات مشرعنة و( اللفط ) غنائم حروب ، لاننا مازلنا في وضع حرب ، فالكل يشن حربا علينا ، الامريكان والشركات الامنية الخاصة ودول الجوار والارهابيين والقومجيين والافرنجيين وسكان ماوراء اقاصي البحار ، واصبحنا في العرف السياسي مشروع ابادة جماعية ...
الشرفاء فقط المظلومون في العراق العظيم ، من لاتمتد ايديهم الى المال الحرام ويفضلوا ان يناموا في اكواخ ولايتجاوزوا على اموال الغير لان نفسهم ابية وايديهم لاتمتد لطلب المساعدة من اي احد ينامون على صرير معدهم ، بينما ايدي المتخمون بالمال الحرام قادرة على حوسمة كل شئ دون مخافة من قانون او خشية من دين او خجلا من الاعراف والتقاليد ....



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن