شكرا لكم أيها الخضر

أحميدة عياشي

2010 / 1 / 26

شكرا لكم أيها الخضر
شكرا لك يا شاوشي
الفريق الذي بعث البهجة فينا ليلة أمس، كان فريقا مقاتلا، قويا، مصمما على الانتصار وذلك بالرغم من الارتباك الذي بدا به في العشرين دقيقة الأولى من المباراة ضد فريق كوت ديفوار••
كانت المقابلة التي جمعت بين الجزائريين والكوت ديفواريين، عرضا حقيقيا، تجلت فيه تلك اللغة المنسجمة للجسد، وللروح القتالية المتسامية•• فضّلت متابعة الماتش في البيت مع بناتي وأبنائي••• أخذت لي مكانا على الفراش، ووضعت بجنبي رواية لوليتا لنابوكوف، لأتسلى بها في لحظات القلق، لكن ظلت الرواية إلى جنبي ونسيت في تلك اللحظات المجنونة التي فرضها علينا إيقاع المقابلة القوي والسريع والقتالي أن التفت إليها، أو أتصفح فصولها••• كان المعلق على الماتش حفيظ دراجي متألقا لكن هذا التألق سرعان ما أفقده توازنه وقدرته على بث الطمأنينة في أنفسنا•• لست أدري إن كان يحضّرنا نفسيا لتقبل الهزيمة أم أنه هو نفسه برغم حماسته للفريق الوطني لم يكن متصورا أن الخضر قادرون على إلحاق الهزيمة بـ الفيلة •• لقد استسلم حفيظ دراجي نهائيا في الدقيقة 89 من المباراة عندما راح يتحدث عن الهزيمة المشرفة للخضر، وهو يقول أنه من المستحيل أن يسجل هدف التعادل ضد الفيلة••• وبالفعل لقد أزعجتني لفظة مستحيل التي راح يرددها حفيظ دراجي•• أزعجتني إلى درجة أنني فكرت بكتم الصوت•• وفي اللحظة المناسبة تحققت المعجزة، تمكّن الخضر من تعديل النتيجة، وحطموا أسطورة المستحيل•• كشفوا في تلك اللحظة عن قوة شخصيتهم وعن قوتهم الداخلية، وتصميمهم العنيد على تحقيق النصر التاريخي••• على تحقيق ما يبدو بعيدا ومستحيلا وصعب التحقيق•• لم أصدق عيني، لم أصدق ما حدث أمامي، إنها ليست مقابلة وحسب، بل ملحمة حقيقية شارك في صناعتها اللاعبون الجزائريون والكوت ديفواريون الذين فتحوا باب المجازفة على مصراعيه••• كان الهجوم هو سلاح الفريقين في تلك المعركة التي سيحتفظ بها تاريخ الكرة الإفريقية لفترة طويلة••• حاولت التحكم في أعصابي، وفي هدوئي وتوازني•• بينما كان ابني محمد قد تحول إلى مدرب•• يوجه انتقاداته للاعبين وكأنهم يسمعونه، وأيضا سارة كانت تعلق بحماسة•• في حين كانت ابنتي ابتهال تتفاعل مع الماتش وهي تضحك•• أما عمر فكان هادئا، ولم أسمع صوته إلا عند لحظات التسجيل في حين زوجتي زهرة ، لم تستطع متابعة الماتش، فاختلقت لنفسها أشغالا بيتية•• ولم تكن تدخل علينا الصالة إلا عندما ترتفع الأصوات••• انتهى الماتش ونحن لا نكاد نصدق أنفسنا حول ما جرى••• أيقظنا مؤنس من نومه، ووضعت الطورطة على الطاولة، وأحضرنا الليمونادا، وتركنا الموسيقى المحتفية بالفريق الوطني تملأ البيت فرحا وحماسا•• وغنينا لمؤنس عيد ميلاده الثاني•• ورقصنا•• محتفلين بشكل مزدوج، بعيد الفريق الوطني وعيد ميلاد مؤنس••• كان اللاعبون في يومهم•• منحونا أعمق ما عندهم•• منحونا تلك الوطنية الخلاقة•• وتلك الذكرى التي تزيدنا إلا تصميما على النهوض والذهاب بعيدا•• وكان اللاعب الذي أثار إعجابي هو حارس المرمى شاوشي الذي قاوم بشجاعة منقطعة النظير الألم•• كان أقوى من الإصابة وأقوى من المرض•• علمنا كيف تجعل من الرغبة في تحقيق النصر قادرين على إبداع الإرادة وإبداع المقاومة•• شاوشي لم يستسلم•• تحمّل الألم بصبر وشجاعة عالية•• لم يسقط ولم يستسلم•• أكمل المشوار الصعب والجهنمي والمجنون إلى آخر لحظة وأهدانا النصر الذي كنا في حاجة إليه بكرم كبير•• أحببت تفانيه وصراعه بشكل عميق، أحببت حبه لنا، حبه للحياة وحبه للانتصار•• هكذا هو الجزائري الذي يفضل في لحظة الخيار الصعب أن يموت ويحيا وهو واقف•• كم كان المصاغر رائعين••• فشكرا، شكرا لكم على الهدية التي يجب أن تكون مثالا يحتذى ومنارة للجميع على مواصلة الطريق المؤدي إلى المجد••
يكتبها: أحميدة عياشي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن