هل ستالين ام تروتسكي احد قائدي ثورة اكتوبر؟

حسقيل قوجمان
ykojaman@googlemail.com

2017 / 10 / 7

2010 / 1 / 22

كتب لي قارئ عزيز رسالة جاء فيها "ما رايك في السؤال الذي وجهه اليك يعقوب ابراهامي في مقاله المعنون ماركسيو الف ليلة وليلة حول من هما قائدي ثورة اكتوبر ومن اين استقيت انهما لينين وستالين؟"
لا ادري عزيزي القارئ ان كنت تعلم ام لا تعلم بانني لا اقرأ كتابات يعقوب ابراهامي لاني ارى في ذلك مضيعة للوقت. وقد بينت اسباب ذلك في ملاحظة واضحة صريحة وضعتها على راس اول مقال ناقشت فيه مقالات يعقوب ولا احب تكرارها واذا اردت معرفتها فبامكانك ان تراجعها في الاصل.
لكن السؤال الذي يتبادر الى ذهني هو هل يختلف الوضع بالنسبة لقراء يعقوب الاخرين اذ يجدون في قراءة كتاباته بعض الفائدة ولا يجدونها مضيعة للوقت كما يجدها "المفكر الماركسي" حسقيل قوجمان؟
لا شك ان الانسان، كل انسان، لا يقرأ من اجل القراءة بل يقرأ لكي يتعلم من القراءة شيئا لم يكن يعرفه. فاذا قرأ شيئا تعلم منه ما لم يكن يعرفه او يمتلكه كانت قراءته مفيدة اما اذا قرأ شيئا ولم يحصل منه على شيء جديد لم يكن يعرفه فان قراءته كانت مضيعة للوقت. ويبدو لي ان هذا يصح على قراء يعقوب كما يصح على قراء اي كاتب اخر.
دعنا نرى الان ما الفائدة التي اكتسبها قراء يعقوب من كتاباته عن "المفكر الماركسي" صاحب قانون فناء الضدين ولا اتطرق الى كتاباته الاخرى عن غير حسقيل قوجمان لان كل كاتب يستطيع هو ان يدافع عن ارائه. ان الاتهامات التي وجهها يعقوب ابراهامي الى حسقيل قوجمان بحجة الانتقاد كثيرة ومتعددة ابتداءا من اولها كون حسقيل يؤمن بماركسية بلا كارل ماركس ويؤمن بالماركسية كديانة الى ابتذال الماركسية واستباحة الديالكتيك لانه قرأ كراس ستالين وان ستالين بطح الديالكتيك على بطنه الخ الخ.
ولنفترض جدلا ان قراء يعقوب صدقوا واقتنعوا بكل ما وجهه يعقوب ابراهامي لحسقيل قوجمان من اتهامات او اوصاف او حقائق او انتقادات وبذلك حقق يعقوب الاهداف الثلاثة التي صمم على تحقيقها منذ مقاله الاول في هذا الصدد وهي عدم اعطاء حسقيل حق الكلمة العليا اي اعطاؤها ليعقوب واقناع الاصدقاء المشتركين بينه وبين حسقيل قوجمان بذلك والانتقام من حسقيل قوجمان لانه قال ان يعقوب لا يعرف ما هي المادة. والسؤال هو ما الذي تعلمه قراء يعقوب من تصديق كل هذه الاشياء؟
حين اعلن كارل ماركس ان ديالكتيك هيغل واقف على راسه وان ديالكتيكه اصبح واقفا على قدميه شرح الفرق بين ديالكتيك هيغل وديالكتيكه. وجاء يعقوب ليضيف صفة اخرى للديالكتيك، الديالكتيك الذي بطحه ستالين على بطنه. ولكن يعقوب لم يشرح لقرائه الفرق بين الديالكتيك الواقف على راسه، ديالكتيك هيغل، والديالكتيك القائم على قدميه، ديالكتيك ماركس، والديالكتيك المبطوح على بطنه، ديالكتيك ستالين. وترك يعقوب قراءه في حيرة من امرهم لا يعرفون ما هي صفات الديالكتيك المبطوح على بطنه. فهل كانت قراءة مثل هذا الهذر مفيدة للقراء ام زادت في حيرتهم وجهلهم؟ اترك للقراء اي يجيبوا على ذلك. واعتقد ان هذا يصح على كافة الامور الاخرى ولا اطيل عليك عزيزي القارئ في شرح الامور الاخرى واكتفي بشرح تاريخ مثل واحد فقط يكرره يعقوب في كل مناسبة هو "صاحب قانون فناء الضدين".
منذ اول مرة اعترض يعقوب ابراهامي على قانون فناء الضدين سألني من اية لغة ومن اي مصدر اقتبست هذا القانون. واجبته باني لم اترجم هذا القانون من اية لغة ولم اقتبسه من اي مصدر وانما حاولت ان اعبر به عما حدث في كل ازمات النظام الراسمالي وما يحدث اليوم في الازمة الحالية. وبينت في كل كتاباتي عن هذا الموضوع ان المهم هو ما يحدث في المجتمع اثناء الازمات وليس الاسم الذي يطلق عليه. وحتى كتبت في احدى مقالاتي "تعددت الاسماء والازمة واحدة". ولكن يعقوب ما زال حتى في مقالة "ماركسيو الف ليلة وليلة" وربما كان اصح ان يجعله "ماركسيو الف ليلة وليلتين" لانه اضاف ليلة الى ليالي شهرزاد يكرر عبارة صاحب قانون فناء الضدين. لا يزعجني ان يطلق علي يعقوب اسم صاحب قانون فناء الضدين لان هذا من دواعي فخري ان كنت فعلا قد نجحت في ايجاد تسمية صحيحة ودقيقة لما يحدث في المجتمع اثناء الازمات. وحتى اذا كان الاسم لا يعبر عما يحدث في المجتمع بدقة فعلى الاقل اني حاولت ان اعبر عنه واترك ليعقوب او لغيره ان يجد الاسم المناسب لما يحدث في جميع الازمات بدون استثناء. ويعقوب لم يلتفت ولم يفه بكلمة واحدة عما يحدث في الازمات وخصوصا في الانهيار المالي والازمة الاقتصادية الحالية ولم يكلف نفسه عناء ان يقترح اسما ادل على ما يحدث من قانون فناء الضدين. ان فناء الضدين واضح في الازمة الحالية. فهناك مؤتمرات قمة العشرين تبحث الازمة وتبحث عن ايجاد نظام جديد يقيها من الازمات وحتى رجع بعض منظريهم الى كتابات كارل ماركس لعلهم يجدون فيها ما يساعدهم على ايجاد مثل هذا النظام. وهناك قرار الولايات المتحدة باسعاف مصارفها وشركاتها الكبرى بعشرة تريليونات دولار لانقاذها من الافلاس على حساب الجيل الحالي والاجيال القادمة من الشعب الاميركي وشعوب العالم كله خلال سنتين عدا ما تخصصه الدول الامبريالية الاخرى لاسعاف مصارفها وشركاتها. وهناك الاحصاءات الدولية ابتداء من هيئة الامم المتحدة ونزولا الى ابسط المنظمات الانسانية تتحدث عن احصاءات تفاقم البطالة وتضاعف الفقر وزيادة الجوع والموت جوعا في ارجاء العالم. وحتى مؤتمر قمة العشرين اعترف بزيادة الفقر واتخذ قرارا بازالته في ٢٠٢٥ ولكن كل هذا لم يدفع يعقوب لان يقول كلمة او يقترح اسما لما يحدث لان ذلك يحرمه من لذة اجترار عبارة صاحب قانون فناء الضدين. فليهنأ باجتراره!
اعود الان الى سؤالك حول من هما قائدا ثورة اكتوبر. لكي اجيبك على السؤال اضطررت خلافا لقراري ان اراجع الف ليلة وليلة فقرأت الفقرة الخاصة بي اقتبس الجزء الرئيسي منها: "حسقيل قوجمان، صاحب قانون "فناء الضدين"، مثلاً، يعتقد جازماً إن " قائدي الثورة (هما) لينين وستالين" ("الحوار" 2.12.09).من أين استقى "مفكرنا الماركسي" هذه المعلومة ؟"
يبدو لي ان يعقوب ابراهامي مولع بالاختزال. فقد اختزل سابقا قانون الجاذبية الى سقوط التفاحة وفند القانون اي خطأه حين قطع الغصن ولم تسقط التفاحة. وبذلك اثبت ان قانون الجاذبية علم بموجب نظرية بوبر. ورغم اني ناقشت هذا الموضوع ببعض التفصيل في مقال الرد على ذلك فان يعقوب كالعادة لم يأخذ الرد بنظر الاعتبار لاثبات رايه وترك قراءه في حيرة من امرهم بهذا الخصوص.
واختزل يعقوب قانون تحول التغيرات الكمية الى كيفية وبالعكس الى ١+١=٢ وتوصل من ذلك الى حدوث تغير كمي بدون ان يحدث تغير نوعي. وكالعادة لم يأخذ يعقوب رد صاحب قانون فناء الضدين بنظر الاعتبار. فلم يكلف يعقوب نفسه عناء تنوير قرائه بما هي الكمية التي يمثلها الرقم واحد المجرد وما هي الكمية التي تغيرت في الرقم اثنين المجرد وما هي الخواص الكيفية الفيزيائية والكيمياوية في الرقم ١ المجرد التي لم تتغير عند زيادة الكمية الى اثنين فترك قراءه في حيرة من امرهم في هذا الخصوص. وقد فند يعقوب قانون تغير الكم الى الكيف اي خطاأه لا لكي يثبت انه علم بموجب نظرية بوبر وانما لانكار القانون ذاته حسب نظرية يعقوب بان القانون لا يقبل الشذوذ اي لا يقبل التفنيد. حقا انه امر يؤدي الى الحيرة! فقانون يفند ليصبح علما وقانون يفند ليصبح عدما!!!!
وهنا في الف ليلة وليلة ايضا اختزل يعقوب ثورة اكتوبر بايام جون ريد العشرة وراجع جون ريد واستقى منه ان قائدي الثورة هما لينين وتروتسكي. كان جون ريد صحفيا وشيوعيا وحاضرا في الايام العشرة الاولى من ثورة اكتوبر فكتب عما شاهده في الشارع الروسي من بطولات الثورة وكتب عنها بصورة رائعة صادقة وامينة ولذلك اصبح كتابه نفيسا ما زال مفيدا لقرائه حتى يومنا هذا. ولكن جون ريد كتب عما شاهده بعينيه في الايام العشرة. ولا ادري ان كان يعقوب يعرف ان القيادة ليست ما يجري في الساحة وانما هي القرارات والسياسات التكتيكية والاستراتيجية التي تتخذ في النقاشات خارج الشارع في اجتماعات الحكومة وقيادة الحزب البلشفي وان ما يحدث في الشارع هو بعض نتائج تلك القرارات. ولم يكن بمستطاع جون ريد الاطلاع على النقاشات والقرارات المتخذة في هذه الاجتماعات ومن هم القادة الحقيقيون في هذه الاجتماعات. فعلى سبيل المثال كانت اهم المشاكل التي جابهت قيادة الثورة في الايام الاولى كيفية الحصول على كميات من المواد الغذائية تكفي لكي تقي الشعب الثائر من الموت جوعا. وجون ريد لم يكن يعلم بذلك. وكان على قيادة الثورة ان تراقب حركات العدو المتربص بجيوشه وكليات ضباطه لتحطيم الثورة وان تدمر محاولاتهم قبل ان يستطيعوا تحقيق اهدافهم وجون ريد لم يعلم بذلك.
استقى يعقوب من جون ريد كذلك ان دور زينوفييف وكامينيف كان ابرز من دور ستالين رغم انه لم يستهن بدور ستالين. والحقيقة المعروفة تاريخيا ويعرفها حتى يعقوب ان زينوفييت وكامينيف عارضا قيام الثورة وحين اتخذ الحزب قرار القيام بها قاما بافشاء سر موعد الثورة مما عرض الثورة الى الخطر واضطر الحزب البلشفي الى تقديم موعد الثورة لتحاشي خطر تثبيطها. وما كان يجري خلال ايام جون ريد هو هل ينبغي معاقبة زينوفييف وكامينيف بالطرد من الحزب ام الاكتفاء بعقوبات اقل من الطرد.
ولكن الثورة كانت اطول قليلا من ايام جون ريد العشرة. فقد اتخذ الحزب البلشفي قرار الثورة المسلحة منذ انتخاب سوفييتات العمال والفلاحين او الجنود الحزب البلشفي قائدا لها. وكان الاعداد للثورة يجري على قدم وساق طيلة تلك الفترة. ترى من كان القائد الميداني لهذا الاعداد للثورة في عرف يعقوب؟ ولكن التاريخ يعرف ان القائد الميداني عند اختفاء لينين كان ستالين. ومن كان قائد موقع الثورة في سمولني قبل مجيء لينين اياما قبل الثورة؟ من المعروف ان ستالين وليس تروتسكي كان قائد موقع سمولني وحلقة الاتصال بين الحزب ولينين.
كما ان الثورة لم تنته بايام جون ريد العشرة. وليراجع يعقوب موقف تروتسكي المخالف لقرار الحزب ولينين حول بريست ليتوفسك، الموقف الذي كلف الثورة خسائر كبيرة. وهنا اود ان اذكر شيئا قد يثير عضب يعقوب علي. ففي المحاكمات التي جرت سنة ١٩٣٨ اعترف بخارين ان الكتل الثلاث العلنية التي كانت في الحزب، كتلة بخارين وكتلة تروتسكي وكتلة زينوفييف كامينيف بالاتفاق مع الاشتراكيين الثوريين الذين اشتركوا في حكومة الثورة لفترة قصيرة ان يقوموا بانقلاب يعتقلون فيه قادة الحزب البلشفي لينين وستالين وسفيردلوف ويعيدون الراسمالية الى روسيا. ورغم ان الشهود على بخارين اصروا على ان الانقلاب كان يتضمن قتل القادة الثلاثة والتخلص منهم فان بخارين اصر على ان الانقلابيين لم يفكروا في قتل هؤلاء القادة وانما الاكتفاء باعتقالهم. ولم تكن مؤامرة الانقلاب تنوي اعتقال قائد الثورة الثاني، تروتسكي، حسب راي يعقوب بل كان تروتسكي احد المتآميرين الراغبين بالقيام بالانقلاب.
وحين عجز لينين لمرضه عن اداء مهامه في قيادة الحزب لم يختر تروتسكي، قائد الثورة الثاني، بل اختار ستالين لقيادة الحزب في غيابه ولا اظن ان يعقوب لا يعرف ذلك. وبعد وفاة لينين لم ينتخب الحزب القائد الثاني، تروتسكي حسب راي يعقوب، بل انتخب ستالين بالاجماع لقيادة الحزب والدولة رغم رسالة لينين الشهيرة التي حذر فيها الحزب من نواقص ستالين. وحتى كروبسكايا زوجة لينين التي ربما كانت تكره ستالين اكثر من كره يعقوب ابراهامي وكانت عضوة في كتلة بخارين والسبب وراء تلك الرسالة اعترفت في مذكراتها ان ستالين هو الذي انقذ حياة لينين حين رفض بشدة قرار ان يسلم لينين نفسه الى السلطات ويستغل المحاكمة لصالح الثورة. وبقي هذا القائد في هذا المنصب حتى وفاته. فمن اين استقى يعقوب ان قياديي الثورة كانا لينين وتروتسكي وليس لينين وستالين عدا ايام جون ريد العشرة؟
ملاحظة هامة: وانا اكتب هذا المقال قرأت في الحوار المتمدن في مقال مترجم عن خبر نتيجة الاستفتاء الشعبي الذي جرى في روسيا في ٢٠٠٩حول من هم اعظم القادة في تاريخ روسيا. وكانت نتيجة الاستفتاء ان ستالين ولينين كانا القائدين العظيمين الثاني والثالث في تاريخ روسيا ويشير الكاتب الروسي صاحب المقال المترجم في الحوار المتمدن الى ان الحكومة قامت بكل الوسائل التي تستطيعها لصرف الشعب الروسي عن اختيار ستالين كاعظم قائد في تاريخ روسيا فاصبح القائد الثاني. وقد شاهدنا في يوتيوب التمدن فلما عن برنامج اذيع من قناة روسيا اليوم باللغة العربية مثالا على محاولات السلطات الروسية للتقليل من اهمية ستالين الى درجة زعمهم بان الجيل الروسي الحالي لا يعلم من هو لينين وستالين. انا اعتقد انه لو كان ستالين حيا لاغضبه تقديمه على لينين. فقد عبر ستالين عن ذلك في اخر جملة قالها في اجتماع حزبي قبل وفاته حين رد على مولوتوف الذي قال انه سيبقى تلميذا لستالين فقال له هذا هراء فليس لي تلاميذ اطلاقا وكلنا تلاميذ لينين العظيم.
ارجو ان اكون بهذا قد اجبتك على سؤالك عزيزي القارئ وتقبل عاطرتحيات
"المفكر الماركسي" صاحب قانون فناء الضدين



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن