البنية المعرفية للبرلمانيين المغاربة

بودريس درهمان
OURIBLI@HOTMAIL.COM

2010 / 1 / 16

اجتماعات البرلمانيين المغاربة مثلها مثل كل الاجتماعات في القطاعات الإنتاجية الأخرى، لا تختلف عنها في أي شيء، تمر عن طريق اللمز و الغمز و التراشق بالألفاظ الجارحة أو الكلام في الغيبة.
العجز التواصلي للمغاربة بداخل مقاولات الإنتاج أصبح ملحوظا لدى الجميع و يرجع سبب هذا العجز إلى انتشار البنية الاتكالية بداخل الذهنيات من جهة و إلى غياب كذلك شروط المنافسة النبيلة بين الموظفين، الأجراء و المستخدمين. المنافسة النبيلة المفتقدة هي المنافسة المستندة إلى مساطر إدارية دقيقة وواضحة و ليست المنافسة المستندة إلى حسن النوايا و إرضاء الخواطر. الغريب في الأمر هذا المعطى العيني و الواقعي بداخل المؤسسات الإنتاجية الوطنية ملحوظ لدى الجميع و يبدو و كأنه اختيار سياسي لأن حتى المساطر الإدارية المتوفرة يتم تغييبها عنوة و يتم الاكتفاء فقط بتقويم شمولي جماعي يتفادى التمييز بين كفاءة الأفراد و حسن سلوكهم. حتى الكفاءات ذات العزائم و الأعصاب الصلبة تنتهي هي الأخرى بالاستسلام و التخلي. كما يقول المثل المغربي المحمية تغلب الأسد. أسود كثيرة و كفاءات كثيرة تم تحويلها بداخل مقاولات الإنتاج إلى قطط أليفة تكتفي هي الأخرى بالانتظارية و الاتكالية...
خلال الموسم الدراسي لسنة 2008/2007 عدد المستفيدين من الترقية الداخلية لموظفي وزارة التربية الوطنية في احد السلالم بلغ حوالي 1300 موظف 900 منهم حاصلين على نقطة عشرون على عشرون. هل تعتقدون أن مثل هذا التقويم يساعد على الرفع من المنافسة و من الأداء الجيد. إن مثل هذا التقويم الشمولي لا يساعد إلا على الانتظارية و الاتكالية بالإضافة إلى الزبونية و الانصياع للأوامر.
البرلمان المغربي هو الآخر لا يشد عن هذه القاعدة، كل محتويات التدخلات و النقاشات تنطلق من مجال التمثلات الشخصية و من أعراف الخطابات الحزبية الضيقة التي تتحكم في البنية المعرفية لكل برلماني على حدة. من البرلمانيين المغاربة و ما أكثرهم من يستعصي عليه تحديد حتى مواقع تواجد الدول لان بنيته الذهنية فارغة من أي خريطة جغرافية و إذا كانت تستعصي عليه خريطة تحديد مواقع الدول فما بالك بالخرائط الجيوستراتيجية و الجيوسياسية و غيرها من الخرائط المعرفية التي بواسطتها تنتظم العلاقات الدولية. إن البنية المعرفية للبرلمانيين المغاربة جد مخيفة لأنها لو تركت حرة وطليقة ستصدر عنها لا محالة انزياحات غريبة ستثير تساؤلات و تدخلات الرأي العام الدولي. خرائط البنية المعرفية لأغلب البرلمانيين المغاربة هي بنية معرفية محلية مشكلة من بنية العلاقات الاجتماعية و الدولتية التي أودت بهم إلى منصب التمثيلية التشريعية. خيارات البرلمانيين المغاربة الحاليين كما يلاحظ ذلك الرأي العام المغربي و حتى الدولي، هي مقيدة لان بنيتهم المعرفية غير مؤهلة للتعاطي مع قضايا دولية معقدة و شائكة... لكن رغم ذلك فالبرلمانيين المغاربة المتنورين و ذووا الحنكة السياسية و المعرفية لا مبررات لديهم حينما يتركون هذا البرلمان بدون دينامية و حيوية تشريعية متواصلة و مسترسلة لأن القضية هي قضية مصير أمة و شعب و ليست قضية بنية معرفية لبرلمانيين مهترئين. على الأقل من واجب دينامية البرلمانيين المتنورين مواكبة الدينامية الملحوظة لصاحب الجلالة في اختيار التوقيت المواتي و اختيار الدول الإفريقية المستهدفة, لان هنالك سباق جهوي محموم من طرف دول المنطقة من اجل الاستحواذ على مناطق النفوذ للتأثير في الخيارات الجيوسياسية و الجيو استراتيجية.
البنية المعرفية المهترئة للبرلمانيين المغاربة لا تساعد على الرفع من مستوى الإنتاج التشريعي المدعم لسياسة الدولة، فالبرلمان الفرنسي مثلا لما قام الرئيس ساركوزي بجولة في بعض الدول الإفريقية مهدت له و تبعته مباشرة مواكبة تشريعية من طرف البرلمان الفرنسي لان فرنسا تسعى إلى الحفاظ على مناطق نفوذها و توسيعها كل ما سمح الأمر بذلك لان المكانة التي تتبوؤها بين الدول تتبوؤها عن جدارة و استحقاق. برلمان فرنسا خلال السنة التشريعية الأخيرة فقط، عالج 143 وثيقة تخص منطقة غرب افر يقيا. تتوزع هذه الوثائق على 27 ملف تشريعي، 17 تقرير إخباري، أربعة أسئلة برلمانية، 25 ملخص للنقاشات البرلمانية، وثيقتين للاشتغال و 16 نص تشريعي أوروبي يخص هذه المنطقة بالإضافة إلى كل هذا هنالك 52 وثيقة أخرى...
أمام هذا الانجاز للبرلمان الفرنسي في مواكبة رئيس دولته هل يمكننا حقا أن نتحدث عن شيء اسمه البرلمان المغربي؟
قوة فرنسا تتجلى في كونها ثالث دولة على مستوى المساعدات الدولية الموجهة لقضايا التنمية حيث تبلغ مساعداتها سنويا عشرة مليارات من الدولارات. المرتبة الأولى في هذا الإطار هي للولايات المتحدة الأمريكية التي هي ضعف المساعدات الدولية الفرنسية.
فليصحا البرلمان المغربي حتى يستطيع إضافة فائض قيمة مالي إلى الاقتصاد الوطني.





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن