ماهو المقدس في القرآن؟

طريف سردست
lawabak@yahoo.com

2010 / 1 / 16

نسمع على الدوام صرخات وتحريض على الانتقام تحت حجة ان القرآن جرى تدنيسه. وعادة لايزيد عن ان يكون الامر تمزيق لصفحات القرآن او حرقه او رميه في المزبلة. بعض المرات يكون بحسن نية كما حدث مع احدى المعلمات الانكليزيات في مدرسة في الامارات انتهت بفصلها من وظيفتها وبعض المرات يكون تعبيرا عن الغيظ من افعال بعض المسلمين التي تزيد عن مجرد تمزيق الكتب المقدسة للاخرين.

والسؤال: هل "القرآن المقدس" هو الوريقات الفانية التي جرى كتابة الوحي الالهي عليها؟

منذ اعلان نزول الوحي وحتى اليوم جرى كتابة البلايين من نسخ القرآن التي لو لم يجري رميها بقيت محفوظة حتى اليوم وملئت مدن بكاملها، ولكن لانرى لها اليوم اثرا، مما يدل على ان هذه الوريقات التي رسمنا عليها كلمات الوحي كنا على الدوام نمزقها او نحرقها او نرميها او نفقدها لتتعفن او تهترئ وتتفسخ وتنتهي بدون ان نقول اننا ندس القرآن. وفي الحقيقة فإن الفقهاء انفسهم يوصون بحرق القرآن الذي يتمزق او يهترئ ويصبح غير قابل للاستعمال. فهل اوصى الفقهاء بإهانة القرآن الذي مزقناه؟

القرآن ليس هو الكتاب المكتوب عليه الوحي وانما المعاني ذاتها التي قالها الوحي. ان يجري كتابة هذه المعاني على ورق رخيص وبإستخدام حبر رخيص فاني هو محاولة لحفظ المعاني من التحريف والاندثار ولكن الورق والحبر والاشكال التي رسمناها بيدينا ليست هي القرآن ولاتمثله. القول انها اصبحت " صورة القرآن" يعادل قول المشركين الذين كانوا يصورون الالهة بتماثيل ويعبدونها. صحيح اننا لانعبد صورة القرآن الذي صنعناها بأيدينا ولكننا صنعنا مقدس، بالضبط على شاكلة المقدسات الوصنية واصبحنا نطالب بإحترامه والانتقام له، لتصبح الحياة الببشرية ارخص من بضعة وريقات لمجرد عليها "صورة" معاني، تماما مثل الاصنام الوثنية.

الايعني ذلك ان تقديس اوراق القرآن هو شكل من اشكال الوثنية القديمة؟

افهم ان نقدس المعاني السامية التي اوصى الله بها، ولكن ان نقدس الاوراق التي صنعناها بإيدينا ووضعنا رموزها لتذكرنا بالمعاني الالهية يعني اننا صنعنا اصناما جديدة، بديلة واكثر مكرا، إذ لم نتمكن من فهم المغزى ووقعت الغالبية في فخها. على الاغلب لانها لاتحتوي مبدأ الشرك بالله، ولكن ذلك لاينفي انها على ذات مبدأ الاصنام، بإعتباره تصوير لشئ اخر ليصبح مواز له في القداسة ايضا، وهذا هو الجنون.

كيف اصبحت " صورة القرآن" مساوية للوحي المعنوي والفكري في وعي الانسان المسلم اليوم ليعيد خلق وثنيته القديمة بطريقة جديدة بدون ان يلاحظ ذلك وبتشجيع من المؤسسة الكهنوتية الاسلامية على العموم، ولينتهي الامر بأن تصبح اوراق القرآن الفانية تستحق الموت او القتل او التنكيل من اجلها، معرضين بذلك المبادئ السامية نفسها الى التلوث بالوحل!!

كيف حصل اننا اصبحنا ضحايا مهزلة اخترعناها بأيدينا!






https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن