يا صانعو القرار .. قضية فلسطين هي الأسمى

زياد محمد
Sajadmohamed751@gmail.com

2009 / 12 / 28

تعتبر التربية المقارنة أحد الفروع الأساسية للتربية حيث تعني بدراسة نظم التعليم في الدول المختلفة من حيث جميع مدخلاتها ومخرجاتها ، فتلقي الضوء علي الأهداف والأولويات التربوية التي يتبناها نظام التعليم ، وتبين شكل السلم التعليمي الذي تتبعه تلك الدولة ومستويات ومراحل التعليم المختلفة بما تشتمل عليه من تعليم عام وتعليم مهني وفني وتعليم خاص ، كما توضح طريقة تمويل التعليم ومصادر هذا التمويل وأوجه الإنفاق ودلالاتها ، وتتعرض كذلك للمعلم من حيث طريقة إعداده وتدريبه وتأهيله ومكانته الاجتماعية والاقتصادية في هذا النظام .

وتسعي التربية المقارنة أيضا إلي التعرف علي تنظيم التعليم العالي وإدارته وما يتمتع به النظام التعليمي من مركزية آو لا مركزية كما تسعى إلى التعرف على العوامل والقوى الثقافية التي أسهمت فى تشكيل نظم التعليم التي هى نتاج للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية واللغوية والعنصرية والسياسية وهى التى تميز دولة عن أخرى ..

لذلك ينبغي عند تقليد التجارب الناجحة في الخارج دراسة العوامل والقوي الثقافية وتبني تجارب النظم التعليمية التي تتشابه بشكل أو آخر مع الأوضاع المحلية حيث تكون قد تعرضت لظروف تاريخية مشابهة أو تعاني من نفس المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ، أو تلك التي أفرزتها عوامل وقوي ثقافية مشتركة مع التجربة الوطنية .

ففي اليابان يربى الأطفال في المدارس على العمل بروح الجماعة ، بل ويشارك كل الطلاب في تنظيف المدرسة وبشكل يومي ، حيث لا يوجد في مدارسهم أذنة أو عمال ، إضافة إلى أن المعلم يحتل المرتبة الأولى بين موظفي الدولة من حيث المكانة الاجتماعية ومن حيث الحب والتقدير ، وعند ارتكاب التلميذ خطا ما مثل التقصير في أداء العمل المنوط به داخل المدرسة، فان ثمة جلسة اعتذار تعقد لهذا الغرض ، حيث يقوم التلميذ المخطئ بالتعبير عن أسفه وندمه ، وهذا الأمر يساعد على التغلب على ضعفه وجوانب النقص لديه .

أما في ماليزيا فان التعليم يهدف بشكل عام إلى إعداد المواطنين بصورة أكثر ديناميكية وإنتاجية وإنسانية لمواجهة تحديات العصر. كما يهدف إلى إعداد الأفراد عقلياً وروحياً وعاطفياً وجسمياً إعداداً قائماً على الإيمان بالله وطاعته، وتحرص مناهج التعليم على تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات ليتحملوا المسؤولية والقدرة على المساهمة في عملية التنمية الوطنية لتحقيق وضع صناعي جديد، ولتحقيق وحدة ورخاء الأسرة والمجتمع والوطن، وهو الأمر الذي استطاعت ماليزيا تحقيقه إلى حد بعيد وهى في طريقها لتحقيق حلمها في أن تكون ضمن الدول الصناعية الكبرى في العالم مع حلول عام 2020م .

ولعلى في هذا العرض البسيط لأوجه التربية في بعض الدول المتقدمة ، فإنما أهدف إلى إيضاح بعض الحقائق الهامة والتي تخص بالذكر المجتمع الفلسطيني الذي تدل كل الأرقام انه الشعب الأكثر تعليما بين شعوب الأرض ، وان هذا الشعب هو صاحب التاريخ الناصع المليء بالبطولات والأمجاد والقيم والثقافة .

فالأسرة الفلسطينية هي المنشأ الأول الذي يتربى فيها الطفل فيكتسب منها اللغة والعادات والقيم ثم المدرسة التي تقدم له التعليم المنظم والذي يهدف إلى إكسابه المعارف والقيم والاتجاهات ، ووفقا لوجهة نظري الشخصية ، فان أهداف التربية في فلسطين هي أهداف قاصرة ولا تؤدى إلى الأهداف المتوخاة ، وبمعنى آخر ، فان العلاقة بين مدخلان التربية ومخرجاتها هي علاقة عكسية وليست في اتجاه واحد ، فالأطفال يتعلمون سوية ويتخرجون رجالا من الجامعات لنرى في النهاية أن مخرجات التربية بعيدة عن الأهداف العامة المتوخاة ، ففي معظم الدول في العالم توضع أهداف عامة تهدف إلى قيام مجتمع قوى متماسك يقوم على المصلحة العامة وتأدية كل فرد رسالته وعلى كل أفراد المجتمع التمسك بها والعمل لأجلها وعدم الحياد عنها مهما كلف الأمر ، لكننا في المجتمع الفلسطيني ورغم تربيتنا لأبنائنا على أسس الدين والقيم والتعليم إلا أننا لازلنا نؤثر مصالحنا الذاتية على المصلحة العامة وقد تناسينا أن لنا قضية كبرى ووجب علينا أن نكون بقلب رجل واحد لمواجهة التحديات التى تكاد تعصف بنا وبقضيتنا .

فليس المشكل فى الاختلاف ، فالاختلاف هو من يقوم العمل ويصلحه ، ولكن المشكلة الكبرى تكمن فى أننا نختلف والى الأبد ودون أن نصل إلى خطوط مشتركة ، لنصل بها إلى أهدافنا الوطنية .

وما يحدث على الساحة الفلسطينية اليوم من انقسام مؤلم وبحق ويقر بهذا كل قادة الفصائل وكل أبناء الشعب الفلسطينى لما لحق بنا من مآس ونكبات ، فالوطن منقسم ، والقضية الكبرى فلسطين مهددة بالضياع ، والعالم أصبح ينظر إليها على إنها قضية لاجئين ويستحقون فقط النظر اليهم بعطف وشفقة ، وإمداد ببعض المساعدات ، وعدونا بجبروته لا يرحم شيخا او امرأة آو طفلا ، وجرائمه لازالت تسير بأعلى وتيرة ، فالقتل فى غزة كما هو القتل فى الضفة ، والحصار والفقر والموت لازال يمزق جسد غزة ويقتل أطفالها .

وبنظرة سريعة الى الكثير من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة والهند والصين ، نجد أن مكونات هذه الشعوب متنافرة من حيث اللغة والدين والعادات والتقاليد ، ولم نسمع يوما ان انقساما حدث فيها ، وإنما يرجع ذلك الى تمسك هذه الشعوب بأهدافها الوطنية الموحدة ، والى المواصفات التى يجب ان يتصف بها المواطن الصالح .

لذا فعلينا نحن الفلسطينيون أن نعيد ترتيب أوراقنا من جديد ، وعلينا ان نسمو بأهدافنا العليا دون النظر الى أهدافنا الحزبية الضيقة والتي استفاد منها العدو إلى حد بعيد فى المزيد من إلحاق الدمار والقتل بنا ، علينا ان نبنى أهدافا وطنية منبثقة من شريعتنا الإسلامية الغراء وتستمد من الوطن العربي والعالم الإسلامي عمقها ، وعلينا ان نربى أبناءنا عليها ، ويكون من خرج عنها هو من أراد بنا وبقضيتنا شراً ، علينا ان نتخذ من خلافاتنا جسرا نحو الوصول الى أهدافنا ، لا ان نتخذ منها ذرائع للفرقة والاقتتال ، كفانا انقساما وكفانا فرقة فقضيتنا مهددة وأمننا مستباح ، فأفيقوا يا صانعى القرار .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن