الديكتاتور 22 ( مومس الوريث )

ثائر الناشف
thaaer-1@hotmail.com

2009 / 12 / 13

المشهد الثاني والعشرون
( مومس الوريث)
( يدخل كاسر إلى صالة الكازينو في أجواء صاخبة يصادف ثلاث فتيات تهم إحدهن بالوثوب إليه )
قمر (تنهض من مجلسها وتهرع نحو كاسر): كاسر .. (تضمه بسعادة ) ما أقسى غيابك !.
كاسر (باسماً) : توقعت أن أجدك في هذا المكان .
قمر (تمسك بكفه): وهل من مكان أخر اذهب إليه غير هذا المكان المحبب إلى قلبي
كاسر (مطرقاً ) : حقاً .. حقاً .
قمر : هل لي أن أعرف ما الذي أتى بك بعد طول غياب ؟.
كاسر (مرتبكاً ) : آه .. جئت باحثاً عنك .
قمر ( تمسك بيده) : لطالما وجدتني هنا ، أرجو أن تأتي معي.
(يجلسان في أقصى الزاوية اليسرى )
قمر : والأن أخبرني ما الذي أتى بك ، أحقاً جئت تبحث عني ؟.
كاسر (بنزق شديد) : أجل جئت أبحث عن راحة النفس التي ما وجدتها إلا معك .
قمر ( بخبث): ألم أخطر على بالك إلا الآن؟.
كاسر : كنتُ دائماً في حاجة لك في غربةٍ دامت خمسة أعوام .
قمر : هأنذا أمامك ، وهل يصعب على ابن الزعيم أن يجدني ؟.
كاسر (يمسك بيدها ): أبداً ، عندما أجلس معك أنسى أنني ابن الزعيم .
قمر : لكن غيابك الطويل أفقدني كل أمل في الدنيا.
كاسر : سامحيني يا قمر ، فلم يكن بمقدوري معارضة رغبة والدي في السفر ، لو كان الأمر بيدي لما سافرت أبداُ أو لكنت أخذتك معي .
قمر : يا إلهي ، إن ظلك الحاضر يدفعني للبحث عنك ولو بعد قرن من الزمن .
كاسر : وأنا لا أستطيع أن أنسى اللحظات الجميلة والذكريات العابقة بالحب التي جمعتنا في أيام الصبا (يتنهد) آه كم كانت جميلة تلك الأيام .
قمر: ولكنها ذهبت إلى غير رجعة .
كاسر( يرفع رأسه عالياً ): ستعود لأنني لازلت أحتاجها .
قمر (بخبث) : تحتاجها لوحدها دون سواها .
كاسر: بل واحتاجك معها فأنت الأساس الذي تبنى عليه تلك الذكريات .
قمر (بدهاء) : واضح أنك في ظرف صعب ولا أدري ما هو ؟.
كاسر (مضطرباً ) : لا شيء من هذا القبيل.
قمر (ترمقه بخبث) : لقد علمتك جيداً يا كاسر ، أنسيت أني البيت الذي كنت تبوح فيه أسرارك ؟.
كاسر: صحيح ولكن ..
قمر (تقاطعه) : لا تقول إن المسؤوليات الكبرى من بعد وفاة أخيك صقر بدأت تطوقك من كل حدب وصوب.
كاسر (عابساً ) : أبداً .. أبداً مادام الزعيم حياً يرزق فلن أحمل سوى مسؤولياتي ، ولكن ..
قمر: ولكن ماذا ؟..
كاسر (عابساً) : لا أدري من أي نقطة أبدأ ؟.
قمر (تربت على كتفه) : لقد غيرتك الغربة كثيراً ، أين كاسر الذي لا يترك صغيرة أو كبيرة دون أن يفضي بها لي ؟.
كاسر : لا يا قمر أنا لم أتغير لكن الظروف هي التي تدفعني دفعاً إلى التغير.
قمر (باستغراب) : أي ظروف ؟.
كاسر: الظروف التي يجد المرء فيها نفسه بين ليلة وضحها صاحب ملك عظيم
( عابساً ) الظروف التي لا زال يعامل فيها الرجل كالفتى الصغير وهو على أعتاب الزعامة .
قمر: وأين المشكلة في ذلك ؟ (تصمت برهة) أود أن أصارحك .
كاسر : تصارحيني .. وبماذا تصارحيني ؟.
قمر : أجل ، لم أكن أتوقع أن يتردد إلى سمعي أن تغدو زعيما .
كاسر : ولا أنا كنت أتوقع أن أصبح زعيماً بديلاً عن أخي صقر (محتداً) لكن هيهات إلى أن أصبح زعيماً .
قمر : ستصبح عاجلاً أم آجلاً
كاسر: ليس قبل أن يرحل والدي عن هذه الدنيا .
قمر (بخبث) : أنصحك بعدم استباق الأحداث قبل أوانها ، فمن يدري قد لا نحيا بعد قليل ، حينها لا ينفع ملك ولا زعامة.
كاسر (يهم بالخروج) : ترمقيني كالبوم وتنعقيني نعق الغراب كل شي فيك يدعوا إلى التشاؤم .
قمر (تمسك بيده) : سامحك الله ، قبل قليل قلت إنك جئت تبحث عني لتفض ما بداخلك والآن أصبحت نظير شؤم عليك .
كاسر( يجلس): أشهد أني في عجلة من أمري .
قمر ( تضع كفها على خده) : ولَِمَ العجلة ، ألا تريد أن ترجع أيام الصبا ؟.
كاسر : بلى ، لكن في القصر .
قمر : وما علاقة القصر بذلك ، أليس هذا المكان أفضل من صمت القصر وسكونه ؟.
كاسر : إذا لم أتحرك اليوم ، فقد أضيع وتضيع الزعامة ، كما ضاعت من
أخي صقر .
قمر : إلى أين ستتحرك ؟.
كاسر (بتحدٍ) : نحو الزعامة وبأسرع وقت .
قمر : ما دمت موعوداً بها من أبيك ، فلِمَ العجلة ، هل تخشى أن ينافسك عليها منافس؟.
كاسر : لا يقدر أحد في هذا البلد على منافستي ومنازعتي ، إلا غدر الزمان .
قمر (باستغراب) : وما علاقة الزمان ؟ (تحدق به) حتى الآن لم تفض ما بدخلك ؟.
كاسر: إنني أخشى أن يغدر بي الزمان كما غدر بأخي صقر ، من كان يتوقع أن ينقلب عمي على أبي .
قمر (بثقة ): الزمان لا يغدر يا صاحبي .
كاسر (محتداً) : إذن من الذي يغدر؟.
قمر : الناس الذين حولك هم منبع الشر وباطنه.
كاسر (ببرود) : أخشى أن تكوني أحدهم .
قمر (تستدير للخلف ) : إذا كنت أحدهم ، فلماذا جئت تطلب الشر لنفسك ؟.
كاسر(يمسك بخاصرتها ) : من هاتين العينين ( يحدق بها ) لا يتطاير سوى الحب والحياة.
قمر (بخبث) : قبل الزعامة أم بعدها .
كاسر( بشوق ) : قبلها .. (يصمت ) وبعدها.
قمر: ستحكم الأيام بيننا.
كاسر (يحدق في ساعته)
قمر : لقد تأخر الوقت كثيراً.
كاسر( يلتفت يمنة ويسرة) : ليس كثيراً ، لكنني لا أستطيع المداومة على هذا المكان ، مثلما كان عليه الحال قبل خمسة أعوام .
قمر : اعتبارا من اليوم ، أعدك أنني لن أتردد عليه ما دمت قريباً مني .
كاسر( يدس في جيبها رزمة من النقود) : أفضل أن أراك في شقتك ( يقف ) إلى اللقاء (يخرج) .
قمر ( مبتهجة ) : وأنا بانتظارك كل يوم ( مخاطبة نفسها ) أيعقل أن يصبح هذا المسكين زعيما ؟ (تخرج ) .
* * *



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن