بعد مخالفته قانون الزراعة 5 سنوات متصلة : تراجع .. غير مستقيم .. لوزير الزراعة المصرى .. بشأن توزيع الأسمدة على الفلاحين أعضاء الجمعيات التعاونية الزراعية

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى - مصر
besha_mido@yahoo.com

2009 / 12 / 13

قراءة سريعة فى القرار الوزارى رقم 749 لسنة 2009
على ضوء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة

أصدر السيد وزير الزراعة فى أول يونيو 2009قرارا وزاريا برقم 749 يتضمن الآتى:
مادة 1 : توزيع الأسمدة لجميع الأراضى المستخدمة للزراعة سواء كانت محيزة أو غير محيزة داخل أو خارج الزمام ، وتصرف الأسمدة لمستخدم الأرض سواء كان مالكا لها أو مستأجرا.
مادة 2 : تخفيض سعر طن اليوريا 50 جنيها ليصير 1450 جنيها.
تخفيض سعر طن النترات 100 جنيه ليصير 1100 جنيه.
وفى الديباجه نص القرار المذكور على :
" بعد الاطلاع على : قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 .
وعلى القرارات الوزارة أرقام 404 / 1990 ،
2225 / 2004 ، 656 / 2009 "

وتعقيبا على القرار المذكورنقر: بأننا فى البداية لم نفهم لماذا صدر القرار فهو لا يتضمن سوى:
• ديباجة تضم أرقام بعض القرارات الوزارية والقوانين .
• سطر واحد عمن تصرف لهم الأسمدة.
• سطران عن تخفيض ثمن سمادى اليوريا والنترات.
وبإعادة قراءته زاد استغرابنا .. فأى قرار إدارى أو قانون يحمل فى مقدمته ديباجة بالقرارات والقوانين ذات الصلة، وفى نفس الوقت يصعب تصور أن يصدر الوزير قرارا بشأن تخفيض لا يذكر لثمن بيع طن السماد .. فالأمر لا يحتاج قرارا وزاريا .. إلا إذا كان يقصد – دون أن يصرح - إلغاء قرارات وزارية سابقة لا يرغب فى الحديث بشأنها.
إذن لا بد أن القرار يخص السطر المتبقى وهوتحديد من تُصرف لهم الأسمدة.
عدنا للديباجة لنجد قانون الزراعة 53 / 1966 مذكورا فى بدء الديناجة وتذكرنا أن المادة 90 منه تنص على ( يعتبر حائزا كل مالك أو مستأجر يزرع أرضا زراعية لحسابه........ ويعتبر أيضا فى حكم الحائز مربى الماشية. )
ومن غير الطبيعى أن يكون غرض السيد الوزير من الإشارة لقانون الزراعة فى قراره هو تذكيرنا به .. فنحن نحفظه ، كما أنه من غير المعقول أن تكون عبارة ( تصرف الأسمدة لمستخدم الأرض الزراعية... سواء كان مالكا لها أو مستأجرا ) قد جاءت فى القرار بالصدفة.. لأنها لا تضيف جديدا .. لا لنص المادة 90 ولا لقارئ القرار.
إذن فما هو السبب فى إصدار القرار المذكور؟
وسألنا أنفسنا:
• ألا تتكون الجمعيات التعاونية الزراعية من أعضاء يملكون أسهمها ويدفعون اشتراكات العضوية بانتظام شأنها شأن أى جمعية مماثلة فى العالم؟!
• وهل من الممكن للجمعية الزراعية أن تقبل فى عضويتها من ليست لهم حيازات زراعية أو لا يعملون فى تربية الماشية لحسابهم؟!
• ألا يحصل كل عضو بالجمعية على مستلزمات الإنتاج الزراعى كالأسمدة والتقاوى والمبيدات وعلف الحيوان والآلات.. طالما قبلت عضويته فيها ، ومن حقه الترشح وانتخاب مجلس إدارتها وحضور اجتماعات جمعيتها العمومية.؟ أم أن هناك خيار وفاقوس؟
• هل من يخالف شروط العضوية من أعضائها يعاقب أو يتم فصله منها ؟
• أليس الغرض الأساسى من إنشاء الجمعيات الزراعية هو دعم وتطوير الإنتاج الزراعى؟ وهل هذا الإنتاج يختلف فى حالة ما لو كان منتجه مالكا للأرض أو مستأجرا لها؟

لم تستمر حيرتنا واستغرابنا كثيرا وأدركنا أن عبارة السيد الوزير فى قراره المذكور ( سواء كان مالكا لها أو مستأجرا ) هى الجديدة على قرار الوزير.. ولذا حاولنا البحث عن الأسباب القهرية التى دعته لإصدار هذا القرار.. أو بمعنى أدق لكتابة هذه العبارة التى لم ترد على لسانه – ناهيك عن قراراته- منذ تولى كرسى الوزارة :
1-فالديباجة التى بدأ بها قراره تتضمن 3 قرارات وزارية سابقة فى سنوات 1990 ، 2004 ، 2009 وكلها تتعلق باعتماد مقررات التسميد العامة وبقواعد صرفها ، وحيث أن القرار 656 الصادر فى 2009 ينص على السماح بزيادة مقرارات الأسمدة بـ 25 % ، فإن القرارين الآخرين يتعلقان بقواعد صرفها .. وهذا هو مربط الفرس.
إن ما كان معتمدا قبل ذلك هو حرمان الفلاحين أعضاء الجمعية من الحصول على الأسمده إذا لم كونوا ملاكا للأرض أو إذا لم يسمح لهم المالك بصرفها إذا كانوا مستأجرين.
2- ولأن ما لا يقل عن نصف الفلاحين لا يملكون أرضا .. أو يملك بعضهم مسلحات تقل عن نصف فدان.. فقد كان نظام صرف الأسمدة قبل صدور القرار الأخير 749 /2009 يحرم هذا القطاع العريض منها وكانت حصتهم فيها تذهب للملاك الغائبين أو لتجار السوق السوداء ، مما أثُر على إنتاجية الفدان وعلى حجم اإنتاج وعلى عائد الفلاح منه.
3- ولكن كيف لا يصرف أعضاء الجمعية الزراعية من الفلاحين الأسمدة الكافية لزراعاتهم بينما قانون الزراعة رقم 53 الصادر فى 1966 يعتبرهم حائزين ؟
وينكسف السبب واضحا إذا ما عرفنا أن السيد وزير الزراعة – وعمره فى الوزارة سنوات قليلة- كان بقراراته السابقة فى صرف الأسمدة وبقية مستلزمات الإنتاج الزراعى يخالف القانو ن الذى صدر منذ 43 عاما وما زرال ساريا.
4- وتفسير ذلك هو أنه بعد تنفيذ قانون الإيجارات الزراعية الجديد ( 96 / 1992 ) فى نوفمبر 1997 أصدر وزير الزراعة فى ذلك الوقت قرارا وزاريا يحرم المستأجرين من تحييز الأرض التى يستأجرونها واقتصرت الحيازة على الملاك.
وهو نفس ما حدث أيضا بشان الأراضى التى كانت قد رفعت عنها الحراسة فى عهد السادات ، لقد كان هذا القرار الإدارى – المخالف للقانون- للسيد وزير الزراعة هو الذى يجرى تنفيذه فى كل الأراضى المصرية تحت إشراف مديريات الزراعة والتعاون الزراعى ونواسطة الجمعيات الزراعية بكل أنواعها.. رغم ما تمتلئ به معظم هذه المديريات وفروعها من قانونيين متأكدين من مخالفة قرار وزيرهم لقانون الزراعة.
5- ويمكن تفسير أسباب صدور القرارالمذكور بأن السياسة الزراعية فى السنوات العشر الأخيرة قد أثبتت للجميع- ليس فقط فشلها – وانعكاسها بالسلب على الإنتاج الزراعى ، بل وأشعلت عديدا من الاحتجاجات فى صفوف الفلاحين أعضاء الجمعيات الزراعية الذين لا يجدون مستلزمات الإنتاج الزراعى بالكمية وبالجودة اللازمة وفى التوقيت وبالثمن المناسب وعلى راسها الأسمدة.. فلم نسمع طوال ستين عاما عن مظاهرة فلاحية إلا مؤخرا، وتسبب اختفاء الأسمدة أو صعوبة الحصول عليها أو ارتفاع أسعارها فى جانب من هذه الاحتجاجات.
ومع كل هذا.. فنحن نرحب بأى تخفيض لأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى شرط ألا يكون مؤقتا أو لأسباب طارئة كالانتخابات أوغيرها كما هى العادة فى كردونات المبانى التى يتم فتحها قبيل كل انتخابات- كرشوة للجمهور- وإغلاقها فور انتهائها مباشرة.
6- لكننا فى نفس الوقت نقترح على السيد الوزير أن يقارن بين احتياجات الأغلبية الساحقة من الفلاحين من الأسمدة سنويا وبين ما يوفرونه من ثمنها إذا كانت أغلبيتهم لا تستخدم فى العام أكثر من نصف طن منها ، وأن يستمر فى مقارنة أسعار الأسمدة الآن وأسعارها – ليس من 50 سنة – بل من عشر سنوات قبل أن يكتمل بيع معظم شركات الأسمدة الوطنية للأجانب.
7- وياحبذا لو تعطّف أيضا على أسعار فائدة القروض الزراعية بنظرة قد تساعد الفلاحين على تجاوز ديونهم والاهتمام بزراعاتهم لأنه كما يعلم أعينهم بصيرة وأيديهم قصيرة وأخشى أن ينقلب الوضع فتعمى أبصارهم وتطول أيديهم وإلا فسيجد السيد الوزير معظم فلاحى مصر المقترضين من بنوك قريته .. نزلاء فى سجون قاهرته ذات الخمسة نجوم، وساعتها لن يجد زراعة ولا غيرها ويتحول سيادته إلى وزير بلا حقيبة أو بلا وزارة.. والسبب هو أن " فواعلية " الحقول يقضون عقوبة استدانتهم من أموالهم.. كما لو أنهم يقترضون من المرابين القدامى أيام جمهورية زفتى.
- ونشيرعلى السيد الوزير بأن يصحح قراره المذكور ويؤكد على أن قانون الزراعة يعرّف الحائز.. بأنه زارع الأرض وليس بالضرورة أن يكون مالكها، وأن يعترف بالحق ويقوم بإلغاء جملة القرارات التى أصدرها بالمخالفة لقانون الزراعة هو ومن سبقوه فى الوزارة ، تلك القرارات التى حرمت نصف الفلاحين من الحصول على مستلزمات الإنتاج الزراعى من الجمعيات الزراعية برغم كونهم أعضاء عاملين فيها قبل أن يجلس أى من هؤلاء الوزراء على كرسى الوزارة، أم ياترى أنه يتراجع مؤقتا- لتجنب العاصفة القادمة إبان الانتخابات البرلمانية والرئاسية - دون أن يسجل تراجعه بشكل قاطع؟
- كما نشير عليه – طالما خرج علينا بمبادرته الأخيرة رقم 947 / 2009 أن يعترف بأنه خالف القانون أيضا عندما أوصى مرءوسيه فى الإدارة المركزية للتعاون الزراعى باعتبار ملاك 3 لأفدنة فأقل ليسوا فلاحين .. وطالبهم بالتنبيه على موظفى الجمعيات الزراعية بوقف اعتماد استمارات استخراج بطاقة الهوية ( تحقيق الشخصية ) لهذه الفئة من الفلاحين... ويزيحوهم خارج الجمعيات الزراعية إلى نقابة عمال الزراعة (لاعتمادهم كعمال زراعيين ) تمهيدا لحرمانهم – فى السنوات القادمة- من عضوية الجمعيات الزراعية ليتمكن من حرمانهم من الحصول على مستلزمات الإنتاج الزراعى.
- وأخيرا نشيرعليه بأن يكون تراجعه عن الخطأ نابعا من قلبه ليقنعنا بأنه تراجع مستقيم بعيد عن أية أغراض يخفيها ، وأن يستخدم فى قراراته عبارات قانونية واضحة بدلا من العبارات المبهمة أو المشوشة مثل عبارة ( يتم صرف الأسمدة لمستخدم الأرض فى النشاط الزراعى.. سواء كان مالكا لها أو مستأجرا ) .. فالأفضل فى مثل هذه الحالة أن يقول ( يتم صرف الأسمدة لأعضاء الجمعيات الزراعية من الحائزين حسبما ينص قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 ) .

وإلى قرار وزارى قادم...

السبت 12 ديسمبر 2009 بشير صقر








https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن