وحدةالله ورسله وقياماتهم ودينوناتهم للعالم

راندا شوقى الحمامصى
randa9992001@gmail.com

2009 / 12 / 6

جميع الرسل والمظاهر الالهية ظهروا من نفس المصدر، كلٌ منهم جاء لمهمة معيّنة في وقت معيّن من تاريخ تطوّر الجنس البشري. وبظهورهم تنعكس الارادة والمشيئة الالهية على البشر حسب متطلبات الزمن. وكما يتفضل القرآن الكريم: "لكلّ أجلٍ كتابٌ يمحوا الله ما يشاءُ ويثبتٌ وعنده أمّ الكتاب" [صورة الرعد 13: 38-39].

جميع الرسل والمظاهر الالهية مجّدوا بعضهم البعض، وتنبّأوا عن بعضهم البعض، واشاروا الى ان حقيقتهم واحدة، كما قال السيد المسيح: "لو كنتم تصدّقون موسى لكنتم تصدّقونني لأنه هو كتب عنّي" [إنجيل يوحنّا 5: 46]. وكذلك تفضل فى القرآن الكريم: "لا نفرّق بين أحدٍ من رسله" [سورة البقرة 2: 285]. وقال حضرة بهاءالله: "ايّاکم يا ملأ التوحيد لا تفرّقوا فی مظاهر امر اللّه ولا فيما نزل عليهم من الآيات". [بهاءالله، منتخباتي از آثار حضرت بهاءالله، ص 46]. وأكّد حضرة بهاءالله حقيقة وحدة المظاهر الالهية بقوله: "هذا دين الله من قبل ومن بعد". [بهاءالله، الكتاب الأقدس، ص 108].

أن اطاعة المظاهر الإلهية هو اطاعة الله، والاعراض عنهم هو الاعراض عن الله.

جميع الديانات السماوية تنبّأت عن يوم القيامة والدينونة. ولو أن آيات الكتب السماوية كثيرة في هذا الموضوع لكن ما زال مفهوم يوم القيامة والدينونة من أكثر المواضيع غموضًا. مثال ذلك، قال السيد المسيح: " أنا هو القيامةُ والحياةُ" [انجيل يوحنا 11: 25]. فمن معاني هذه الفقرة هو أن من آمن بأن يسوع المسيح هو ابن الله والمظهر الإلهي لذلك اليوم واتّبع تعاليم رسالتة قد انتقل من الموت إلى الحياة، بمعنى انه أصبح حيًا ’روحيًا‘، والدليل على ذلك فلماذا قال السيد المسيح: "دع الموتى يدفنون موتاهم" [انجيل لوقا 9: 60]، أي دع الذين لم يؤمنوا برسالته يدفنون موتاهم. اعتبر السيد المسيح أولائك الذين لم يؤمنوا به وبرسالته كأموات، لأنهم لم يستيقظوا من غفلتهم أو موتهم الروحانى عند ظهوره.

وقال السيد المسيح شرحًا لمعنى الدينونة: "وهذه هي الدَّينونة إنّ النور قد جاء إلى العالم وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة". [انجيل يوحنّا 3: 19]. يصف السيد المسيح مجيئه الى هذا العالم بـ ’النور‘ والذي رأى وآمن بظهور النور نجى، والذي أحب الظلمة أكثر من النور لأنّ أعماله كانت شريرة أدان نفسه.

كذلك قال سيدنا محمد في الحديث الشريف:– "إذا قام القائم قامت القيامة" [حديث شريف]. ان التعاليم الجديدة المنزلة للعهد الجديد هي التي تحي الانسان وتنجّيه من امتحانات الساعة. فيوم القيامة ليس بظاهرة من مظاهر الطبيعة أو حدث مادي بل هو حدث روحاني، ولم يحدث آنذاك أي تغييرات في عالم الطبيعة. ويصف حضرة الباب يوم القيامة بأنه يوم كأي يوم، تشرق الشمس فيه وتغرب، كما قال أيضًا أن يوم القيامة هو من أعظم الأيّام ولكنه يوم كأي يوم من الأيّام. [Selections from the Writings of the Bab, pp. 78-79]. ويقول القرآن الكريم: "فهذا يوم البعثِ ولَكنَّكم كنتم لا تعلمون" [سورة الروم 30: 56]. ويصف يوم القيامة بمجئ الربيع ويقول: "والله الذى أرسل الرياح فتثيرُ سحابًا فَسُقْنَاهُ إلى بلدٍ ميِّتٍ فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النُّشُورُ". [سورة فاطر 35: 9].

رغم كل هذه الآيات، فكثير من المسيحيين والمسلمين يظنّون أن يوم القيامة والدينونة هو آخر أيّام العالم بدلا من ربيع جديد أو دورة حياة جديدة. فيتصوّرون مناظر رُوْبَوية مروّعة وفيها تصعد أجساد البشر من القبور ليوم الدينونة، وتطير الملائكة في السماء ويأخذون البشر أما للجنة أو النار.

يؤمن البهائيون أنه بظهور كل مظهر إلهي برسالة جديدة منزلة من عند الله هو يوم ’قيامة‘ وبها يدان البشر. فالذين لا يؤمنون بالمظهر الالهي وبرسالته لليوم الجديد أدانوا أنفسهم وحرموا من الحياة الأبدية، والذين آمنوا بالمظهر الالهي الجديد وعملوا بتعاليمة المنزلة للعصر الجديد قد نالوا حياة جديدة أي بعثوا من الموت الى الحياة.

أن الإعتراض على المظاهر الإلهية والإعراض عنهم كان في تاريخ جميع الأديان. فلم يؤمن الجنس البشري في أي وقت من الأوقات بالمظهر الإلهي الجديد ورحّب به أو برسالته. فجميع المظاهر الإلهية، دون استثناء، عانوا الكثير بسبب الجهل والعجرفة وفساد معظم البشر ومعارضتهم للمظاهر الإلهية. يتفضل الانجيل المقدّس: "ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماءَ وكتبة فمنهم تقتلونَ وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينةٍ إلى مدينةٍ". [انجيل متّى 23: 34]. ويقول القرآن الكريم أيضًا: "يا حسرةً على العباد ما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزءُون". [سورة يس 36: 30].

لم يختلف الإعتراض على المظاهر الإلهية في أي عصر من العصور،وقد أعطى للبشر فى كل عصر حرّيّة الاختيار إمّا في القبول أو الاعراض عن الرسالة الجديدة المنزلة من عند الله. ويشهد التاريخ انه دون استثناء، كانوا رجال الدين هم أوّل من أعرضوا ثم يحذو حذوهم الحكّام ذوي النفوذ والأغنياء وبعض رجال الفكر. وصف السيد المسيح رجال الدين آنذاك بـ ’الحيَّات‘ ’أولادُ الأفاعي‘ و ’المراؤون‘! وكانت بعض الأسباب للإعتراض على السيد المسيح والإعراض عنه هي أن النبوآت بخصوص مجيئه كانت مرموزة ولم يكن المقصود منها المفهوم الظاهري، مثلا، كان من المنتظر أن يأتي السيد المسيح من مكان مجهول ويأتي إيليّا قبله؛ كان من المنتظر أن يأتي السيد المسيح ويجلس على عرش داوود ويحكم العالم بعصا من حديد؛ كان من المنتظر أن ينشر تعاليم سيدنا موسى ويقيم العدالة والانصاف الى درجة أنها تمتد الى عالم الحيوان ويأكل الذئب مع الحمل، الخ. وإذا أخذنا هذه النبوءات على معناها الظاهري فلم تتحقق أي منها ولم تتحقق أيضًا أيّ من النبوأت الخاصة بالأبراج السماوية بخصوص الشمس والقمر والنجوم. عجز الفرّيسيون وأتباعهم عن فهم معنى هذه الرموز وجوهرها وأخذوا مفهومها الظاهري ولذلك أعرضوا عنه. كان من نتيجة اعتراض الفريسيين وإعراضهم عن السيد المسيح نزول غضب الله ليس عليهم فقط بل على نسلهم لمدة ألفين سنة.

وكذلك عانى سيدنا محمد عليه السلام الكثير على يد معارضيه حتى اضطر للهجرة إلى المدينة حفظًا على سلامته. كان يرى الأعداء فى سيدنا محمد انه بشرًا مثلهم وعجزوا عن رؤية الحقيقة المقدسة في هيكله وما اتّبعه إلا "بادىّ الرّأى". فانزلت آية في القرآن الكريم قائلة: "فقال الملأُ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرًا مثلنا وما نراك أتَّبَعَكَ إلا الذين هم أراذلنا بادىَ الرَّأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنُّكم كاذبين". [سورة هُود 11: 27]. وكان أعدائه واثقين من أنفسهم حتى قالوا: "اللهمَّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماءِ أو ائتِنَا بعذابٍ أليم". [سورة الأنفال 8: 32].

وكما كان الإعتراض على المظاهر الإلهية في الماضي، كذلك كانت الاضطهادات والمعارضة في تاريخنا الحديث ضد حضرة الباب وحضرة بهاءالله. فكما كان في السابق،فلقد قاد رجال الدين الإعتراض والإعراض في عصرنا هذا وحذا حذوهم بعض الحكّام. فلقد كان رجال الدين سببًا في اعدام حضرة الباب وسجن حضرة بهاءالله لمدة أربعين عامًا وفي حالة يرثى لها، فسجن حضرة بهاءالله في السياه جال يعطينا لمحة من المأساة التي وقعت علي حضرته: "كان سجن سياه جال اصلاً عبارة عن خزان مياه لاحدى الحمّامات العمومية في طهران وهو عبارة عن سرداب تحت الأرض يحبس فيه أسوء انواع المجرمين وكانت قذارته وظلمته وطبيعة المسجونين فيه قد جعلت المكان أوبأ مكان يمكن أن يحكم على انسان بالسجن فيه فكانت قدماه موضوعتان في المقطرة وعنقه في سلسلة قرا كهر وهي مشهورة في عموم بلاد ايران بأنها اثقل انواع الاغلال وزنًا وعقرًا. ولم يقدّم لحضرة بهاء الله أي طعام أو شراب لمدة ثلاث أيام وثلاث ليالى." [مطالع الأنوار، ملخّص، ص 204].

معظم الدول الاسلامية وحتى اليوم، مستمرّة في اضطهاد المواطنين البهائيتن. سوف يكون مصير العالم الاسلامي في هذه الدورة ، ان لم يكن أكثر، مثل مصير اليهود بعد صلبهم السيد المسيح. يوجّه حضرة بهاءالله نداء الى العالم الاسلامي بقوله:

Bahá’u’lláh, addressing the people of the Qur’án affirms: “O people of the Qur’án, Verily, the Prophet of God, Muhammad, sheddeth tears at the sight of your cruelty. Ye have assuredly followed your evil and corrupt desires, and turned away your face from the light of guidance. Erelong will ye witness the result of your deeds; for the Lord, My God, lieth in wait and is watchful of your behavior.... O concourse of Muslim divines! By your deeds the exalted station of the people hath been abased, the standard of Islam hath been reversed, and its mighty throne hath fallen.” (Shoghi Effendi, The World Order of Bahá’u’lláh, p. 179).

تنبأ كل من القرآن الكريم والحديث الشريف بمعارضة العالم الاسلامي عامة للرسالة الالهية التي جاءت بعد الاسلام ونتيجة اعتراض الامّة الاسلامية لهذه الرسالة. قال القرآن الكريم: ’وما كُنَّا معذِّبين حتى نبعث رسولا‘. [سورة الاسراء 17: 15]. ويصف حديث شريف العالم الاسلامي اليوم بقول:
An Islamic Hadíth describes the Muslim world and what will happen to it by saying: “A day shall be witnessed by My people, whereon there will have remained of Islam naught but a name, and of the Qur’án naught but a mere appearance. The doctors [fuqaha’] of that age shall be the most evil the world hath ever seen. Mischief hath proceeded from them, and on them it will recoil.” And again: “At that hour His malediction shall descend upon you, and your curse shall afflict you, and your religion shall remain an empty word on your tongues. And when these signs appear amongst you, anticipate the day when the red-hot wind will have swept over you, or the day when ye will have been disfigured, or when stones will have rained upon you.” (Shoghi Effendi, The World Order of Bahá’u’lláh, p. 179).

حديث الرسول: "سيأتي زمان على أمتي لا يبقى فيه من القرآن إلا اسمه ولا من الإسلام إلا رسمه. فقهاء ذلك الزمان أشر الفقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود." وقال أيضاً: "... فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم ويبقى الدين لفظاً بألسنتكم فإذا أوتيم هذه الخصال، توقعوا الريح الحمراء أو مسخاً أو قذفاً بالحجارة."




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن