الناصرية من مدينة المليون عريف إلى مدينة المليون عاطل...

جواد كاظم إسماعيل
Jawad69m@yahoo.com

2009 / 11 / 22

الناصرية ُ هي أحدى مدن الله تقع ُ جنوب قلب العراق وقد حباها الله بالكثير ِ من الميزات مما جعلها متميزة ومتفردة على الكثير من مدن الدنيا, ففي هذه المدينة نشأت أولى الحضارات ومنها شع نور الحرف الأول وفي أرضها أستوطن نبي الله إبراهيم الخليل (ع), بالإضافة إلى هذا فقد شق أرضها نهرين خالدين هما دجلة والفرات وأن كانت الحقائق الجغرافية تشير إلى أن التقاء دجلة والفرات يلتقيان عند كرمة علي في مدينة البصرة لكن الواقع الملموس أن الألتقاء يحصل عند مدخل مدينة الفهود حتى هور الحمار, لذلك كانت ولاتزال هي عروسة الهور ومن هنا أنتجت كل صنوف الإبداع, فهي مدينة الشعر والشعراء ومدينة الفن الأصيل,كما أنها مدينة العلم والعلماء, وإذا أردنا إن نسهب بذلك فقد يطول بنا المقام ويأخذنا إلى مديات بعيدة جدا قد تقاس زمنيا ب6000 عام, إلا أننا نتوقف عند القدر الذي هو فيض من غيض من تاريخ زاخر بكل ماهو جميل وأصيل , هذه المدينة التي أعطت طوال تأريخها لكنها لم تأخذ نصيبها في الحياة مثل سائر المدن التي تماثلها بالعمق والعطاء,فقد أنقلبت الحضارة إلى لعنة عليها وعلى أبناءها ,فقد تعرضت هذه المدينة( سومر, اورنمو, البطائح , المنتفك, الناصرية , ذي قار) إلى شتى أنواع النكبات والحرمان والتهميش من قبل كل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق لاسيما الحقبة السوداء حقبة البعث الفاشستي ففي هذه المرحة تعرضت الناصرية إلى صنوف شتى من التعذيب والحرمان والتهميش والإقصاء والخراب وبسبب هذه السياسات التي حرمت أبناء الناصرية من فرص التعليم جعلت أغلبهم ينخرط إلى صفوف الجيش حتى كانت العائلة الذي يقبل منها أحد أبناءها في الجيش تحتفل وتنذر النذور لوجه الله لأن فرصة التعين لاتأتي لهم إلا من هذا الباب لذلك أطلق على الناصرية بمدينة( المليون عريف), وقد كان لهذا الواقع أثرا ً سلبيا فيما بعد على واقع المدينة حيث حصدت الحروب أرواح أبناءها كونها المدينة الأولى التي تغذي نار الحروب بحطب أبناءها ومن يريد التقصي عن ذلك عليه أن يقوم بجرد ودراسة للأحياء السكنية التي أنشأت بعد الحروب المهلكة والتي أشتقت لها مسميات عدة منها( حي الشهداء,الحي العسكري, حي الأسرى,حي التضحية),فهذه المدينة كريمة حتى بالموت ولم يقتصر الموت على ساحة الحروب بل كانت زنزانات السجون لها حصة هي الأخرى فقد أخذت القسط الكبير من خيرة أبناءها النجباء بالإضافة إلى المشردين والمهجرين منها ,ورغم ذلك بقت الناصرية عصية على الأنقراض كما العنقاء لكن الحلم لم يفتأ أن يفارقها بلحظة الخلاص من فراعنة العصر ومن شبح الموت حتى حانت اللحظة وجاءت ساعة الخلاص عند أعتاب عام 2003 حين عصف الحق بالبعثيين وانقلاب حكومة القرية على أعقابها, كانت الناصرية في هذه اللحظات تشرأب إلى الأمل الوضاء الذي أشرق لها من بعد سنوات عجاف, وهكذا مرت السنة الأولى وأنقضت سنوات ست وهي كما هي ( مكانك راوح) وقد عادت حليمة لعادتها القديمة حين فتحت الحكومة الجديدة باب التطوع للشباب في صنوف الجيش والشرطة بعد أن سرحت الآلاف من الجيش السابق دون أن تضمن لهم حقوقهم, فالناصرية لاتعرف غير الجيش والشرطة عنوانا للوظيفة .. لأننا لم نسمع هنا سفير من الناصرية ولم نسمع هناك ملحق في أحدى القنصليات آو السفارات من الناصرية , بل ولم نسمع هناك مسؤول كبيرة في الدولة الجديدة من الناصرية, بل بقت المدينة على حالها دون أن تمسحها عافية و خيرات العهد الجديد وتناسل لديها عدد كبير من الخريجين دون وجود فرصة عمل لهم رغم أن المدينة الآن تشكل منتج كبير للأكاديميين لأنتشار المدارس والكليات وإنشاء جامعة فيها. وهكذا يوما بعد أخر يزداد عدد الخريجين وتزداد معهم درجات عدد البطالة حتى بلغت نسبة البطالة في الناصرية إلى نسبة43 بالمائة وليس غريبا على مدينة الإبداع ومدينة العلماء والمجاهدين أن تتحول من صنف إلى أخر ومن لقب إلى أخر فبالأمس هي مدينة المليون عريف وهي اليوم مدينة المليون عاطل وربما ستكون غدا ً مدينة المليون متسول... والى الله المشتكى وصبرا ً يا أبناء جلدتي فأن َ موعدكم ليس الجنة أنما موعدكم الأنتخابات القادمة فهي فرصتكم الوحيدة...!!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن