اعدادية الموصل للبنين 1908-1954 :فصل من تاريخ التربية والتعليم في العراق المعاصر

ابراهيم خليل العلاف

2009 / 10 / 30

ملخص البحث:
عَرفت الموصل أول مدرسة إعدادية سنة 1895. ولم يكن عدد طلابها يتجاوز الـ (34) طالباً. وفي سنة 1907 أصبح عددهم (242) طالباً.. وعندما ضاقت البناية بطلابها قررت سلطة الدولة إنشاء بناية جديدة وتم اختيار الأرض التي تقوم عليها حالياً (الإعدادية الشرقية). وفي الخامس عشر من أيلول-سبتمبر 1908 افتتحت المدرسة. وبين سنتي 1908 و 1954 مرت إعدادية الموصل بأربعة مراحل وتولى إدارتها مدراء متميزون كانت لهم أدوارهم المشهود لها في ترقية المدرسة ورفع مستواها العلمي. أسهمت إعدادية الموصل في تطوير الصحافة المدرسية... كما اهتم أساتذتها بالمسرح المدرسي وعرفت إعدادية الموصل منذ تأسيسها بان لها نشاطاً وطنياً وقومياً متميزاً.. وهذا البحث يؤرخ لهذه الإعدادية قبل أن يصبح اسمها (الإعدادية المركزية) سنة 1954، وتاريخ المدرسة هو فصل مهم في تاريخ التربية والتعليم في العراق المعاصر.

Mosul Preparatory School For boys 1908-1954
Achapter in The History of Education and Learning in Contemporary Iraq

Prof. Dr. Ibrahim Khalil Al-Alaaff
Abstract:
The City of Mosul has Known the first preparatory school in 1895 and its pupils were no more than (34). In 1907، their number has become (242). When the building has been crowded، the authority in the city has decided to erect a new building and the land has been chosen (Now Al-Sharkyah preparatory school). In September، 15، 1958، the school has been opened and between 1908 and 1954، Mosul preparatory school has passed through four stages، and qualified managers have held its administration. They have their own role in promoting the school and its scientific level. The school has participated in developing school press. Its teachers have interested in school theatre and since its establishment، the school has a Significant national and Patriotic activity. This Paper writes down the history of this school before its name has become (Al-Markazyah School) in 1954. The history of the school is an important chapter within the history of education and learning in contemporary Iraq
أولاً: تمهيـد:
يُعد مدحت باشا 1869-1772، أول والٍ عثماني يعمل على تحديث بعض جوانب الحياة في العراق ومنها التعليم، إذ لم يكن في العراق من المدارس الحديثة قبل ولاية مدحت باشا، سوى بضعة مدارس ابتدائية تابعة للإرساليات التبشيرية أو مقتصرة على الطوائف المسيحية في الموصل وبغداد. كما وجدت مؤسسات تعليمية شعبية، ترجع بجذورها إلى العصور الوسطى الإسلامية ومنها الكتاتيب والمدارس الدينية. وقد قامت هذه المؤسسات بدور مهم في حياة المجتمع العراقي في العهد العثماني، وخاصةً قبل نشوء المدارس الحديثة(1).
ومما يلفت النظر، أن مدحت باشا اهتم بإنشاء المدارس الرشدية (المتوسطة) المُلكية (المدنية) والعسكرية. كما أظهر اهتماماً بالتعليم المهني، إذ فتح مدرسة للصنائع، وتكمن وراء ذلك عوامل عديدة منها: قلّة الإمكانات الفنية والمالية لنشر التعليم على نطاق واسع، لذلك اكتفى بالكتاتيب التي كانت تقوم بمهمة التعليم الابتدائي، كما أن نقص الكادر التعليمي كان سبباً آخر. يضاف إلى ذلك حاجة الدوائر الحكومية آنذاك إلى خريجي المدارس الرشدية للقيام بالأعمال الكتابية(2).
ومهما يكن من أمر، فإن خطوات مدحت باشا التعليمية، لم تكن سـوى البدايات الأولى لوضع أسس نظـام التعليم الرسمي الحديث في العراق. كما أن فتح (المدارس الإعدادية) في عهد خلفه الوالي رديف باشا 1872-1874 يعد البداية الحقيقية لبناء فئـة المثقفين في العراق والذيـن أسهموا في تلبية احتياجات المجتمع، وتركوا علامة واضحة تدل على الرغبة في الارتفاع بالمستوى العلمي والثقافي آنذاك(3).
تأسست أول مدرسة إعدادية (إعدادي ملكي مكتبي) في بغداد سنة 1872 وكانت المدارس الإعدادية العثمانية على نوعين: الأول كان يتكون من سبعة صفوف الثلاثة الأولى منها رشدية، والصفوف التالية إعدادية. وهذا النوع كان مقتصراً على العاصمة استانبول ومراكز بعض الولايات. أما النوع الثاني فكان ذا خمسة صفوف. الصفوف الثلاثـة الأولى منها رشدية وقد أقيـم هذا النوع من المدارس في الكثير من الولايات والألوية ومنها ولايتا بغداد والموصل. واشترطت التعليمات التي أصدرتها وزارة المعارف أن يكون الطالب الراغب في الدخول إلى الصف الأول من المدرسة الإعدادية حائزاً على الشهادة الابتدائية. أما الحاصلون على شهادة المدارس الرشدية أو القسم الرشدي من المدارس الإعدادية فيقبلون في الصف الرابع(4).
تأسست أول مدرسة إعدادية في الموصل سنـة 1895 باسم (موصل إعدادي مكتبي)، وقد شغلت في بداية الأمر بناية مستأجرة تقع في محلة باب لكش كانت تداوم فيها المدرسة الرشدية. وكان عدد طلاب الإعدادية سنة 1898 لا يتجاوز الـ (34) طالباً، وفي سنة 1907 أصبح عددهم (242). وثمة إحصائية ترجع إلى سنة 1912 تفيد بأن عدد طلاب إعدادية الموصل كان (163)(5). أما المواد الدراسية التي كانت تدرس في المدارس الإعدادية فهي نفس مواد المدارس الرشدية في الصفوف الثلاثة الأولى. أما في الصفين الرابع والخامس فكانت تدرس مواد القرآن الكريم والعلوم الدينية واللغتين العربية والتركية والأخلاق والحساب والهندسة والجغرافية والتاريخ وعلم الأشياء (العلـوم العامـة) والخط والرسم، وفي بعض المدارس اللغة الفرنسية، كما كانت تدرس مادة حفظ الصحة في الصف الرابع وأصول الدفاتر الحسابية والجبر والمثلثات في الصف الخامس فقط(6).
بقيت المدرسة الإعدادية في الموصل تضم صفوف المدرسة الرشدية.. ويروي علي جودت الأيوبي قصة إنشاء هذه المدرسة فيقول:أنها ارتبطت بقدوم موفد من وزارة المعارف العثمانية هو الأستاذ محمد توفيق والذي جاء الموصل مزوداً بتعليمات تقضي بتحويل المدرسة الرشدية إلى مدرسة إعدادية، ونظراً لقلّة المدرسين فقد تحمّل هذا مسؤولية إلقاء عدد كبير من المواد الدراسية منها الحساب والجبر والهندسة والتاريخ واللغة الفرنسية، كما قـام بتنظيم منهـج المدرسة واستعان ببعـض علماء الموصل المعروفين أمثال أحمد الجوادي وأحمد آل قاسم اغا ويحيى أفندي لتدريس مواد أخرى منها اللغة العربية والقرآن الكريم. واستعان محمد توفيق بحسن العمري رئيس البلدية، واتفق معه على شكل البزة الموحدة (الزى الموحد) لطلاب المدرسة الإعدادية. وقد ازداد الإقبال على المدرسة، فانتقل إليها عدد من الطلاب من مدرسة الآباء الدومنيكان أمثال: امجد العمري، وصديق الدملوجي، وفاروق الدملوجي، وداود سليم، ورؤوف العطار، وداود ألجلبي. وفي سنة1903تخرج من المدرسة عدد من الطلاب أبرزهم: أرشد ألعمري وسليم الجراح وأمين ألعمري، وكان زملاء أرشد ألعمري في المدرسة علي جودت الأيوبي، وأمجد ألعمري، أما أبرز المدرسين فكانوا: أحمد عزت آل قاسم، ومحمود الصوفي، وسليمان ألجليلي، وأحمد ألجوادي، وخير الدين ألعمري، ومحمد سعدي، وحسن خير الدين، وعبداه أفندي(7).
لقد صدرت إرادة سلطانية في 4 شباط 1882 تنص على تأليف مجالس للمعارف في ولايات الدولة العثمانية. ففي بغداد والموصل تأسس مجلس للمعارف سنة 1884. وكان مجلس المعارف في الموصل يضم سنة 1912جليل بك مدير المعارف (التربية) رئيساً وعضوية كل من موسى كاظم أفندي مدير المدرسة الإعدادية وعثمان أفندي مدير دار المعلمين، هذا فضلاً عن ثلاثة من وجهاء الموصل وأعيانها هم: محمد أفندي الشعار وصالح أفندي السعدي، ويوسف أفندي الرمضاني. وكان في كل ولاية مديرية للمعارف ترتبط بديوان وزارة المعارف في العاصمة. ولم تكن مديرية معارف الموصل سنة 1912 تضم سوى المدير وبضعة موظفين بينهم المحاسب والكاتب وأمين الصندوق. وأول مدير للمعارف في الموصل كان توفيق بك بن أحمد باشا، يساعده عدد من الموظفين هم: علي صائب، ومحمد أمين الشربتي، والسيد شاكر(8).
ورد في سالنامة المعارف لسنة 1316 هـ (1898-1899 م) أسماء أعضاء الهيئة التدريسية للمدرسة الإعدادية في الموصل على النحو الآتي:
-محمد توفيق أفندي، المدير ومدرس مواد عديدة منها: الحساب والتاريخ العام وأصول مسك الدفاتر والفرنسية والجبر والإنشاء.
-إبراهيم أفندي، ويدرس العلوم الدينية واللغة العربية والهندسة واللغة التركية واللغة الفارسية.
-حسن خير الدين، ويدرس الجغرافية والمعلومات النافعة (معلومات نافعة).
-أحمد عزت آل قاسم أغا، ويدرس اللغة التركية (تركجة).
-محمد سعدي أفندي، ويدرس أصول الخط (حسن الخط).
-عبداه أفندي، ويدرس الرسم.
-أحمد أفندي، (المرشد الأول) (سر مُبصّر).
-سيد عبد الرحمن، (المرشد الثاني)(9).
أما في سنة 1912 فكانت الهيئة التدريسية للمدرسة الإعدادية تضم:
-موسى كاظم أفندي، مدير المدرسة، ويدرس (معلومات نافعة)، اقتصاد، أخلاق.
-ناجي أحمد أفندي،ويدرس مواد: القرآن الكريم، العلوم الدينية (علوم دينية)، اللغة العربية (عربي).
-إبراهيم أفندي، ويدرس العلوم الطبيعية.
-أحمد عزت أفندي (آل قاسم اغا)، ويدرس اللغة التركية.
-محمد أنور أفندي، ويدرس العلوم الرياضية.
-أحمد رفيق أفندي، ويدرس التاريخ (تاريخ عمومي) والجغرافية.
-لازار أفندي، ويدرس اللغة الفرنسية.
-ملازم رفعت أفندي، ويدرس (الجمناستك).
-عبداه أفندي، ويدرس (الخط) فضلاً عن شغله وظيفة كاتب المدرسة.
-اليوزباشي رشيد أفندي، ويدرس (الرسم)(10).
ضاقت بناية المدرسة الإعدادية بطلابها.. ففكرت إدارة المدرسة بضرورة اختيار بناية جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب وتليق بمكانة ودور المدرسة الإعدادية الوحيدة في الولاية. وقد قررت سلطة الولاية إنشاء بناية على قطعة أرض قريبة من بناية القشلة الملكية (السراي المدني) والتي كانت تضم مديرية المعارف أيضاً،ولم تكن هذه الأرض سوى البناية التي تقوم عليها (الإعدادية الشرقية) الحالية، وقد جرى احتفال كبير عصر يوم الأحد 16 شعبان سنة 1323 هـ الموافق لليوم الخامس عشر من تشرين الأول سنة 1905م، وضع فيه الحجر الأساس من قبل والي الموصل نوري باشا 1321 هـ-1323 هـ (1903-1905 م). وقد ألقى الوالي كلمة أكد فيها أهمية العلوم وفوائدها وبيّن حاجة الموصل إلى بناية جديدة للمدرسة الإعدادية، واختتم الاحتفال بدعاء ردده الشيخ محمد أفندي الشعار، ونحرت الذبائح، وصدحت موسيقى الجيش بالألحان الحماسية. وصادف الإحتفال يوم ولادة السلطان عبد الحميد الثاني 1876-1909م، لذلك اكتسب أهميةً وبهاءً. وقد حضر الإحتفال أركان الولاية، وقادة الجيش والشرطة، وعلماء الدين ووجهاء المدينة وجمع كبير من الأهالي(11).
نقل الوالي نوري باشا وخلفه الوالي الجديد مصطفى يُمني بك العابد الدمشقي شقيق أحمد عزت العابد الدمشقي مستشار السلطان عبد الحميد الثاني، والذي وصل الموصل في9تشرين الثاني سنة 1905.وبعد وصوله اهتم بإكمال مشروع بناء المدرسة الإعدادية فوجد أن امكانات الولاية المالية لا تساعد على ذلك، فشكل لجنتين: الأولى للإشراف على البناء برئاسة عمر لطفي رئيس المحاكم، وعضوية كل من الحاج محمد باشا الصابونجي وإسماعيل ألجليلي وهما من وجهاء الموصل، وكان ذلك في شباط سنة 1907. أما اللجنة الثانية فشكلت للقيام بعملية جمع التبرعات من الأهالي لأجل البدء بالبناء.وقد ترأس اللجنة محمود بك آل شريف بك آل ياسين أفندي المفتي رئيس البلدية (1904-1908 م). أما عضواها فهما: نامق أفندي آل قاسم اغا مدير البنك الزراعي، واسماعيل الجليلي(12). ويشير المؤرخ الموصلي المرحوم الأستاذ أحمد الصوفي في كتابه " تاريخ بلدية مدينة الموصل " إلى محمود بك آل شريف آل ياسين أفندي المفتي رئيس البلدية، فيقـول: وفي عهد رئاسته للبلديـة تم تشييد البناية الفخمة للمدرسة الإعدادية الرسمية في الموصل، وبمعاونة البلدية والأهالي الذين تبرعوا بمبالغ من النقود والعينات لبناء هذه المؤسسة الثقافية والتربوية والتي لا تـزال إلى يومنا هذا معهداً علمياً ويطلق عليها الآن اسم الإعدادية الشرقية(13).
لقد بذلت اللجنة المشرفة على جمع التبرعات جهوداً كبيرة من أجل حـث الناس على التبرع بالأموال والمستلزمات الأخرى لبناء المدرسة التي أنجزت سنة 1908، وتم إشغالها من الطلبة في الخامس عشر من أيلول سنة 1908، ومما تجدر ملاحظته أن المدرسة بنيت على الطراز المعماري الإسلامي، حيث الأقواس والفضاءات، وقد استخدم في بناءها أسلوب حديث في البناء يسمى عند المعماريين بـ (الساندوج وول Sandwich Wallأي الجدار العازل،وهذا الأسلوب يقوم على أساس البناء من جدارين يفصل بينهما عازل يتألف من مادة مغايرة. وقد أعطى هذا الأسلوب في البنـاء ميزة الهدوء في داخل المدرسة بالرغم من وقوعها في منطقة مزدحمة بالحركة. ويتضح من البناء كذلك ان الأقواس والفناء الداخلي المحاط بالصفوف قد أعطت نوعاً من البساطة وعدم التعقيد الذي ينعكس ايجابياً على نفسية الطلاب فيدفعهم إلى الدراسة وتلقي العلم دون أية مشكلة(14).
ثانيا: مراحل تاريخ إعدادية الموصل:
ليس من السهولة وضع دراسة موثقة شاملة عن تاريخ إعدادية الموصل لأسباب كثيرة منها قلّة المصادر وتداخل تسميات المدرسة واختلافها،وتعرض المدرسة للإغلاق فترة من الزمن، ثم إعادة تأسيسها مرة أخرى بصيغة جديدة، لكن ذلك لايحول دون أن نَعْمل على إعادة تشكيل تاريخ هذه المدرسة كما كان خلال فترة يمكن تسميتها بالتأسيسية وتقع بين سنتي 1908 و1954وتنقسم هذه إلى مراحل أربعة وهي:
المرحلة الأولى 1908 ـ 1917.
المرحلة الثانية 1918 ـ 1919.
المرحلة الثالثة 1919 ـ 1922.
المرحلة الرابعة 1923 ـ 1954.
المرحلة الأولى 1908 ـ 1917:
كان أول مدير للمدرسة بعد انتقالها إلى بنايتها الجديدة موسى كاظم أفندي، ثم تولى ادارتها بعده شاكر احسان أفندي، وخلفه أحمد شكري أفندي(15)، وقد عيّن رشيد أفندي الخطيب (1886ـ 1979) في أواخر العهد العثماني مًدرساً لمادتي الدين واللغة العربية في المدرسة الإعدادية (إعدادي ملكي مكتبي)(16). ومن خريجي المدرسة الشيخ قاسم الشعار، وعلي جودت الأيوبي 1885-1969، وداود ألجلبي 1879-1960، ومحمد سعيد ألجليلي 1896-1963، وعبد المجيد شوقي البكري 1897 ـ 1968، وعبد الرحمن صالح 1895-1992(17)، وقد دوّن عبد الرحمن صالح في مذكراته بعض أخبار المدرسة والحوادث المهمة التي شهدتها، ومن ذلك أن الاتحاديين الذين تسلموا الحكم في الدولة العثمانية بعد الانقلاب الدستوري سنة 1908، وخلع السلطان عبد الحميـد الثاني سنة 1909 تشّددوا في أن يكون التدريس باللغة التركية، بما في ذلك تدريس قواعد اللغة العربية، وإذا اضطر بعض المدرسين أحيانا إلى الشذوذ عن هذه القاعدة والأوامر الصريحة، وحاولوا تفهيم الدروس لبعض الطلاب بلغتهم العربية فإنهم يمنعون من ذلك. وعلى كل حال لا يتمكنون من استعمال أي كتاب ما لم يكن باللغة التركية،وكثيراً ما كان يحدث أن مدرس القواعد العربية كان يجهلها، ومع هذا يلقي درسه باللغة التركية. ويضيف عبد الرحمن صالح إلى ذلك قوله: أن أحمد شكري أفندي مدير المدرسة عمد إلى تغريم كل طالب يتحدث باللغة العربية مبلغاً من النقود، وغالباً ما كان الطلاب يرددون الأناشيد التركية دون أن يفقهوا كثيراً من معانيها. وقد وصف عبد الرحمن صالح، أحمد شكري في مذكراته قائلاً: " كان في الأواخر من شبابه، مُغلق الفكر واللسان عن معرفة اللغة العربية، وعلى يـده جرى تطبيق النظام الجديد الذي حجب عنّا شهادة التخرج، وحكم علينا البقاء سنة إضافية أخرى يطلق عليها (قسم عمومي ايكنجي سنة). وقد افتتح الصف الجديد بمنهاج جديد حذفت منه دروس (الدين) واللغة العربية. والطالب المتخرج من الإعدادية بات يلتحق بالخدمة العسكرية (احتياط ضابط مكتبي) في استانبول(18).
المرحلة الثانية 1918 ـ 1919:
بعد دخول القوات البريطانية الموصل في 10 تشرين الثاني 1918، وتعيين الكولونيل جيرارد، أي، ليجمنG. E. Leachman حاكماً سياسياً وعسكرياً فيها، أرسل الميجر بومان Bowman (ناظر) المعارف في بغداد (عيّن في آب 1918) الكابتن بيس Base إلى الموصل في مطلع كانون الأول 1918 ليباشر عمله وكيلاً لناظر المعارف(19)، وكان أول عمل قام به هو إلغاء (المدرسة الإعدادية) بحجة أنها مدرسة حزبية أنشأها حزب الإتحاد والترقي (العثماني) لتكون وسيلة ترويج لإفكاره السياسية(20)، كما قرر الاستغناء عن عدد من المدرسين الذين رفضوا التعاون مع المحتلين الإنكليز(21)، وفتح الكابتن بيس في بناية المدرسة الإعدادية مدرسة ابتدائية باسم (المدرسة الخضرية) وقد سميت كذلك لقربها من جامع الخضرu والمعروف أيضاً بالجامع الأحمر أو الجامع المجاهدي(22). ويذكر المرحوم الأستاذ عبد الرحمن صالح أنه التحق بالخدمة التعليمية يوم 10 آب 1919 معلماً في المدرسة الخضرية وكانت آنذاك مدرسة ابتدائية ذات ستة صفوف(23)، أما المرحوم الأستاذ رشيد الخطيب (1886-1979) فيذكر انه التحق بالخدمة التعليمية سنة 1920 معلماً في المدرسة الخضرية وبقي بها بعد أن أصبحت إعدادية الموصل (الإعدادية المركزية)، حتى أحيل على التقاعد سنة 1945(24)، ومن معلمي المدرسة كذلك عبد العزيز يحيى الخياط، ومحمود عطية، وداود سليم، ومدرس انكليزي اسمه (مارتن)، ويحيى زهدي علي خان، ويحيى (ق) الشيخ عبد الواحد.
بعد ظهور نتائج الامتحانات العامة (الوزارية) للصفوف الرابعة الابتدائية بين 26 و 29 أيار1910 وجدت (نظارة المعارف العمومية) أي مديرية المعارف العامة أن الوقت قـد حان لفتح صف ثانوي في الموصل كخطوة أولى في مجال التعليم الثانوي(25). كان مدير المدرسة أحمد عزت آل قاسم أغا تربوياً وخطاطاً معروفاً، وقد أظهر اهتماماً بالمسرح وشجّع الطلبة والأساتذة على تمثيل الروايات التاريخية، ومن ذلك رواية صلاح الدين الأيوبي التي مثلت في 10 آب 1921.
المرحلة الثالثة 1919 ـ 1922:
فتح الصف الثانوي في الخامس عشر من أيلول-سبتمبر سنة 1919 بـ (27) طالباً، (18) طالباً منهم من المسيحيين والبقية من المسلمين(26). وقد عيّن لإدارة صف الموصل الثانوي الأستاذ محمد رزق الله اوغسطين(27)، وقد داوم هذا الصف في بناية المدرسة الخضرية. وقد تعرضت نسبة الطلبة المسلمين الضئيلة في المدرسة الجديدة التي باتت تعرف بـ (المدرسة الثانوية) أو (ثانوية الموصل) إلى نقد شديد من الأوسـاط الوطنية والقومية في الموصـل، إذ أشار أحد هؤلاء وكان مدرساً وهو عبد المجيد ألعمري إلى ذلك قائلاً: " ومما زاد في الطين بلة، مسـألة المدرسة الثانوية فإنها بينما وضعت لتكون عامة جامعة للمدارس الابتدائية الرسمية، فـإذا هي شبه خاصة، وذلك لما كان متخرجو المدارس المسيحية...أكثر عـدداً من متخرجي المدرسة الخضرية (الإسلامية الوحيدة)، أصبحت بطبع الحال مدرسة مسيحية، وهكذا اعتبرتها دائرة المعارف فأخذت تعطلها أيام الآحاد وتفتحها أيام الجمع والأعياد الإسلامية على الرغم من احتجاج الطلاب "(28).
وطبيعي أن المحتلين الإنكليز عمدوا إلى إتباع سياسة تستهدف زرع الفرقة والإنقسام بين أبناء الشعب الواحد، فعمدوا إلى التظاهر بالتعاطف مع بعض الطوائف، وأهملوا الأكثرية من الأهالي، وفي سنة 1920 أعاد الميجر بومان تنظيم المناطق التعليمية في العراق وأصبحت الموصل ضمن المنطقة التعليمية الشمالية، وقد حل محل الكابتن بيس، الكابتن جيرول فارل Farll. وفي 10 أيلول1921 أصبحت وزارة المعارف وزارة منفصلة عن وزارة المعارف والصحة العمومية، وعيّن هبة الدين الشهرستاني في 27 أيلول1921 وزيراً للمعارف، و كان على وزارة المعارف أن تتولى مسؤولية النهوض بالتعليم في العراق وفق أسس وطنية وقومية خاصة بعد أن صحب قيام الحكم الوطني وتتويج فيصل ملكاً على العراق اهتماماً رسمياً وشعبياً بشؤون التعليم باعتباره الدعامة التي يستند إليها الإستقلال الحقيقي للبلاد، وأنه من الوسائل الفعالة للنهوض بمستوى الفكـر والثقافة، لذلك تضمن منهاج الحكومة النقيبية الثانية التي شكلها السيد عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد في12 أيلول 1921، ما يشير إلى سعيها لإعداد العراقيين لكي يتسلموا قيادة البلاد. لكن سلطات الانتداب البريطاني (أعلن في نيسان 1920) جعلت إلى جانب كل وزير عراقي مستشار بريطاني، ومع هذا حاول وزير المعارف توجيه التعليم وجهة وطنية(29).
أصدرت وزارة المعارف أول تقرير عن أعمالها في 17 آب سنة 1921 أشارت في مقدمته إلى " أن المدرسة الثانوية في الموصل قد أحرزت تقدماً كبيراً على الرغم من أن مدرسيها لم يكونوا في مستوى كفاءة مدرسي المدرسة الثانوية في بغداد "(30)، لذلك استقدمت نظارة المعارف في السنة التالية لإفتتاح الصف الثانوي بعض الأساتذة من مصر وسوريا ولبنان وفلسطين للتدريس في ثانوية الموصل نذكر منهم على سبيل المثال توفيق قشوع، وسامي سليم، وعبد الله الحاج، ورياض رأفت(31).
أصبحت المدرسة تدريجياً تضم ثلاث صفوف، وفي سنة 1922 أضيف صف رابع ممتاز، وكان المتخرج من هذا الصف يعد أهلاً للتوظيف وللدراسة العليا (أي يعادل المتخرج من الصف السادس الإعدادي في يومنا هذا). ولم يخضع طلاب هذا الصف إلى الامتحان العام (الوزاري) واستمر الحال حتى العام الدراسي 1926 ـ 1927 حين طبّق الامتحان الوزاري وتخرجت أول دورة في (ثانوية الموصل للبنين) سنة 1927(32)، ويشير أحد مؤرخي المدرسة وهو الأستاذ محمد صديق ألياس إلى أن من يلاحظ جداول خريجي المدرسة منذ سنة 1922 وحتى 1931 يجد أن الخريجين هم أقل بكثير من الطلبة الذين كانوا يداومون في المدرسة، ويعلل ذلك بقوله: " ربما يعود ذلك إلى صعوبة المناهج آنذاك "(33). ويمكن أن نضيف عاملاً آخر يتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة وعدم قدرة الكثير من الآباء وأولياء الأمور على تغطية نفقات دراسة أبنائهم فيضطرون إلى سحب أولادهم من المدرسة وإلحاقهم بالمهن والحرف والأعمال التي يمارسونها.
عيّن عاصم ألجلبي مديراً لمعارف منطقة الموصل التعليمية بدلاً عن سليم حسون، الذي نقل إلى البصرة، ليعمل مفتشاً للمعارف هناك، وكان ذلك في كانون الثاني 1922. وقد ظهرت خلال هذه المرحلة مواجهة حادة بين سلطات الإنتداب والوطنيين الموصليين، وكانت المدرسة الثانوية، واحدة من ميادين هذه المواجهة. وملخص الموضوع: أن الملك فيصل الأول (1921 ـ 1933) استجاب للبرقيات والمضابط التي أرسلها الوطنيون إليه حول الحالة التي كانت عليها هذه المدرسة، حيث يعطل طلبتها يوم الأحد. وكان الكابتن فارل يحاول التفرقة بين الطلاب حسب دينهم، ويحتج بأن أكثرية طلال المدرسة هم من المسيحيين، فأصدر الملك أمره بأن تعطل المدرسة يومي الأحد والجمعة(34). ومن مظاهر هذه المرحلة كذلك ترشيح أحد طلاب المدرسة الثانوية في كانون الثاني 1922 ليكون في أول بعثـة علمية ترسلها حكومة العراق إلى الخارج للدراسة وكـان الطالب هو محيي الديـن يوسف الـذي تخصص بموضوع الرياضيات(35).
المرحلة الرابعة 1923-1954:
بعد تسنم ساطع ألحصري، المربي والمفكر العربي مسؤولية المديرية العامة للمعارف في العراق في كانون الثاني 1922، شرعت وزارة المعارف برفع مستوى التعليم الثانوي تمهيداً لتطويره ووضع الخطط لإصلاحه، إذ لم تتقدم الدراسة في العراق إلاّ بخطى بطيئة، وكان أول ما نشأ فيها من المدارس الثانوية في بغداد والموصـل والبصرة سنة 1919، ثـم اكتملت صفوف هـذه المدارس ومنها مدرسة الموصل،وتخرجت أول دورة تتألف من (7) طلاب من أصل (12) طالب اشتركوا في الامتحان الوزاري سنة 1927 وبذلك خطت المدرسة خطوة جيدة جعلتها تتمتع بسمعة جيدة في الداخل والخارج، وفي سنة 1932 أصبحت الدراسة في المدرسة الثانوية (5) سنوات، ووضع أول منهج للدراسة الثانوية، وقد كان الاختصاص في الصفين الرابع والخامس مقتصراً على فرعين الأول علمي والثاني أدبي. وفي السنة الدراسية 1934-1935زاد الإختصاص في فروع الصفوف الرابعة والخامسة الثانوية حيث ظهرت ثلاثة فروع هي: الآداب، والرياضيات، الطبيعيات. وفي السنة الدراسية 1936-1937، تغير الحال وأصبح الإختصاص في الصفين الرابع والخامس قسمين فقط هما: القسم العلمي والقسم الأدبي(36).
لقد واجهت المدرسة مشاكل عديدة، شأنها في ذلك شأن المدارس الثانوية في العراق كله، كانت في مقدمتها مشكلة قلّة المدرسين المختصين الكفوئين، لذلك استقدمت وزارة المعارف مدرسين عرب من مصر وسوريا وفلسطين ولبنان. وكان من أبرز المدرسين العرب الذين عملوا في المدرسة الأعدادية: أنيس زكريا النصولي (لبنان)، ودرويش المقدادي (فلسطين)، وأمين طليع (لبنان)، وصالح عقيل (سوريا)، ووصفي البني (سوريا)، محمد شبقلو (لبنان)، توفيق قشوع (لبنان)، سليم عرنوق (لبنان، أمين خليفة (لبنان)، ومن حسن الحظ أن معظم المدرسين العرب كانوا من ذوي الأفكار القومية،لذلك تركوا تأثيراً فاعلاً ليس في تاريخ أعدادية الموصل وحسب، بل في حياة الموصل الثقافية وذاك من خلال انشطتهم المتعددة في قاعات الدرس أو المجالس الأدبية والنشرات المدرسية التي كانوا يشرفون على اصدارها(37).
كما واجهت المدرسة مشكلة تسرب الطلاب لأسباب عديدة منها التوظف في دوائر الحكومة، والإشتغال لتدبير أمور المعيشة، أو السفر إلى خارج العراق للدراسة، كما أن قلّة الطلبة في المدارس الثانوية حال دون تأليف وطبع الكتب المدرسية اللازمة(38).
لقد تولى إدارة مدرسة (ثانوية الموصل) أو إعدادية الموصل كما كانت تسمى كذلك خلال هذه المرحلة مدراء متميزون كانت لهم أدوارهم المشهود لها في ترقية المدرسة، ورفع مستواها العلمي، وتأكيد دورها الثقافي والإجتماعي ومن هؤلاء الأساتذة:
1. صادق الخوجة 1922-1923
2. رؤوف العطار 1923- 1924
3. هاشم السعدي 1924-1925
4. داؤد سليم 1925-1930
5. محيي الدين يوسف 1930-1932
6. درويش المقدادي 1932-1933
7. إبراهيم إسماعيل 1933-1934
8. بهجت النقيب 1934-1939
9. نجم الدين جليميران 3 أيار 1939-15 أيلول 1939
10. كمال صدقي عبد الغني 1939-1941
11. عبد الله محيي الدين 1941-1942
12. عاصم عبد الحافظ 1943-1945
13. طه مكي 1945-1946
14. عبد العزيز جاسم 1946-1952
15. عبد المحسن توحلة 1952-1956(39)
وثمة صورة فوتوغرافية لملاك إعدادية الموصل أخذت في العام الدراسي 1927 ـ 1928وفيها نجد أن ملاك المدرسة كان يضم عدداً من التدريسيين منهم مدير المدرسة (داود سليم)، رشيد الخطيب، درويش المقدادي، محيي الدين يوسف، توفيق الدباغ، توفيق قشوع، توربيان، سعيد الصفار، عبد الأحد سرسم، رشيد سليمان، رياض رأفت(40).
ومن مظاهر هذه المرحلة كذلك الاهتمام بالمسرح المدرسي وذلك من خلال لجنة أطلق عليها (لجنة إحياء الفـن) والتي قدمت مسرحيات عديدة لعل من أهمها مسرحية " المروءة المقنعة " التي مثّلت مرتين، الأولى سنة 1945، والثانية سنة 1950. وقد أسهم في تمثيل هذه المسرحية في المرة الثانية عدد من الطلبة والمدرسين الذين أصبح لهم فيما بعد دور مهم في حياة العراق السياسية والتعليمية والثقافية، نذكر منهم على سبيل المثال: أحمد سامي الجلبي، وسعد علي الجميل، وجودت العمري، وعبد الستار حسين، وعلي الطائي، ويوسف الصائغ، وغازي الجميل، وسعيد سليمان، ونوح سليم، وخليل إبراهيم، وأكرم اسماعيل، وفايز حليم، وهاشم سليم، وحازم داود، وعبد القادر زينل، وذو النون شهاب، وحمزة بدر(41).
ازداد عدد الطلاب في المدرسة، وأصبـح كبيراً بحيث لم تعد البناية قادرة على استيعابه، فتقرر نقل المدرسة إلى بناية جديدة مستقلة في باب سنجار قرب البارود خانة (مخزن البارود العثماني) وكان ذلك سنة 1954.أما بناية المدرسة فقد بقيت شاغرة، لذلك صدر قرار في مديرية المعارف يقضي بانتقال (الثانوية الشرقية) التي كانت تداوم في بناية تقع قبالة جامع النبي شيت إلى البناية الحالية (بناية الإعدادية الشرقية) وقد باشر الأستاذ المرحوم محمود الجومرد في 4 تشرين الثاني 1954 كأول مدير للثانوية الشرقية(42)، ويذكر المرحوم الأستاذ جاسـم محمد طه الصوفي (مدير الإعدادية الشرقية للفترة 1982 ت 1992) " أن جميع الأشياء القديمة في المدرسة قد انتقلت مع (إعدادية الموصل) باستثناء شيء واحد هو البناية والتاريخ(43). أما الأستاذ مؤيد يحيى الفارس أمين مكتبة الإعدادية المركزية فيعلق على هذا الحدث بقوله: ان انتقال (إعدادية الموصل) من بنايتها القديمة (الإعدادية الشرقية) إلى بنايتها الجديدة في باب سنجار وترك البناية فارغة لتشغلها (الثانوية الشرقية).. كان أكبر غلطة، عندها وجدت (الثانوية الشرقية) نفسها أمام الهدف فسجلته، وفازت بأقدم وأهم وأجمل بناية مدرسية في الموصل، وكان ذلك سنة 1954، وأصبحت المدرسة تعرف منذ (1959-1960) الإعدادية الشرقية(44).
ثالثاً: صحافة إعدادية الموصل:
أسهمت إعدادية الموصل في تطوير الصحافة المدرسية ليس في الموصل وحسب، بل في العراق كله. ويتضح هذا من كثرة النشرات والمجلات التي أصدرتها المدرسة طيلة مراحـل تاريخها الحافل. وتعـد مجلة (النهضة) التي أصدرتها لجنة الخطابة العربية في الأعدادية سنة 1926 باكورة إنتاجها الصحفي(45)، وفي كانون الثاني 1928 أصدرت لجنة الخطابة والتمثيل في (المدرسة الثانوية) مجلة (اللجنة). وقد جاء في ترويستها أنها " مجلة مدرسية تصدرها لجنة الخطابة والتمثيل في المدرسة الثانوية … عدة مرات في السنة ". ووردت أسماء محرري المجلة في العدد الأول الذي صدر في كانون الثاني 1928 م (رجب 1346 هـ) كما يلي: محمد يونـس السبعاوي، رشيـد آل الخطيب، عبد الجبار شيـت الجومرد، رياض روفائيل، محيي الدين يوسف، مجيد خدوري، درويش المقدادي، شيت فتوحي، مجيد عبد الله، جميل خياط، وجاء في صدر المجلة التي طبعت على ورق الرونيو وبحجم (فولسكاب)عبارة تقول: " يقوم بشؤون المجلة كل من محمد يونس السبعاوي، وجميل بكر، ومجيد خدوري، فمن له شأن في خصوص المجلة، فليراجع أحدهم ". وحمل العدد اعتذاراً لمن أرسل مقالاته ولم تنشر في هذا العدد لضيق صفحاته(46).
تصدرت العدد الأول من مجلة (اللجنة) كلمة افتتاحية بقلم محمد يونس السبعاوي بعنوان: " أيها الأخ " جاء فيها أن " هذه المجلة هي صلة ثانية فيما بيننا " مكملة للصلة الأولى وهي اللجنة [يقصد لجنة الخطابة والتمثيل] ففيها نستطيع أن نعبر عما يجول في أفكارنا، فنحن نقبل منك كلما نجده نافعاً، وأنت ان وجدت فيها من الأخطاء وعدم الترتيب ما يمكن أن يوجد في أي عمل جديد، فما لنا إلاّ أن نطلب منك العذر، لأننا مبتدؤون"(47).
تنوعت أبواب المجلة، فإلى جانب (افتتاحية العدد)، كان هناك (باب الشعر) و (أخبار مدرسية وملاحظات) و (فكاهات مسروقة). ومما يلحظ أن السبعاوي حرر معظم مقالات العدد، ولعل من أبرز هذه المقالات مقالة بعنوان: " استقلالنا الذاتي " ومقالة بعنوان: " كيف يخدمون بلادهم ؟ "، ويتضح من المقالتين توجه السبعاوي الوطني والقومي في تلك الفترة المبكرة من حياته. كما أن أبيات الشعر التي اختيرت ضمن باب الشعر جاءت لتذكي نار الحماسة لدى الطلاب وتثير فيهم كما جاء في المجلة "روح السعي لإدراك منزلة الأجـداد " وقد ذُيلت القصائد المنشورة بتوقيع السبعاوي، كذلك ولا نعلم أن كانت من نظمه أم لا، ومن هذه الأبيات " الأبناء يتكلمون عن الآثار " جاء فيها(48):
هـذي الآثـار منـا صوراً قـد أظهرتها
تخبـر الأجيـال منا مرحى أيـد أبدعتها
إننا في الناس سدنا قد سمـت إذ نقشتها
إننا شعـب عظيـم رفعة فـوق النجوم
ننهض اليوم نهوضاً إنا للعـرب نـدوم
نطلب الجاه العريضا إننا لسنا بعوضـا
وإلى جانب مجلة (النهضة) التي استمر صدورها حتى سنة 1929، أصدرت المدرسة نشرة مدرسية بعنوان (الصراحة) في سنة 1929 ذاتها، وضمت (الصراحة) العديد من كتابات الطلاب الفتية، ومما يلاحظ أن العدد الثالث من السنة الأولى قد زين بصور عديدة(49).
وخلال الثلاثينات، أصدرت لجنة الخطابة العربية في إعدادية الموصل نشرتين هما (الثمرات الأولى) وصدر عددها الأول في 3 حزيران سنة 1938 قد تولى محمد عزة العبيدي سكرتارية تحريرها. أما (الشباب) فصدرت سنة 1939(50).
ثم صدرت نشرة (الإلهام) لتؤشر تطوراً مهماً في مجال النشرات المدرسية التي شهدتها مدارس الموصل خلال الأربعينات، ذلك أن (الإلهام) تعد من " أرقى النشرات المدرسية " شكلاً ومضموناً. صدر العدد الأول في كانون الأول سنة 1945 وجاء في ترويستها: " الإلهام نشرة إعدادية الموصل للبنين " " الإلهام أدب، علم، فن " يشرف على تحريرها الأستاذ ذو النون الشهاب، سكرتير التحرير عبد القادر الدبوني.. أما لجنة التحرير في سنتها الأولى فكانت تتكون من: أديب أمين، عدنان الدباغ، وغانم العقيلي، وقد صدرت الإلهام بمقياس (20×14 سم) وعدد صفحاتها (24) صفحة. الاشتراك لمدة سنة واحدة (ريال واحد) سعر النسخة (35) فلساً. وقد رسمت الإلهام خطتها في مقال بعنوان: " وجهتنا في سبيل عمل مثمر " كتبه ذو النون الشهاب جاء فيه: " تصدر الإلهام لتكون لسان حال الملهمين من أبنائنا الأماثل...وستعنى عناية فائقة بما ينتجونه ضمن دائرة البحث العلمي..."(51).
اهتمت الإلهام بالمواضيع الأدبية والعلمية والتربوية، وضمت أبواباً عديدة ومقالات رصينة ولعلها النشـرة الأولى من بين نشرات المـدارس الثانوية آنذاك التي كانت ترتـب بحروف الطباعة، كأي صحيفة اعتيادية، فقد كانت تطبع بالموصل في مطبعة النصر، وبرزت على صفحات المجلة " مواهب بعض الطلاب بشكل لفت اليهم رجـال الصحافة فاحتضنوهم، فكان لهم مكانتهم المرموقة بعدئذٍ، في دنيا الأدب والشعر"(52).
صدر من نشرة (الإلهام) (15) خمسة عشر عدداً وذلك بأوقات متباعدة استغرقتا الفترة من كانون الأول 1945 حتى كانون الثاني 1953 وخلال الخمسينات أسهم مرشد لجنة الخطابة العربية في إعدادية الموصل الشاعر المرحوم شاذل طاقة (1929-1974) في الإشراف على نشرة الإلهام، وقد احتوت عندئذٍ على مقالات شتى كتبها الطلاب فضلاً عن أبواب للطرائف والأخبار ومختارات من كتابات عدد من الأدباء. ومما يلحظ ان الإلهام اهتمت بالمواضيع الأدبية والتربوية والعلمية التي أسهم في كتابتها طلاب ومدرسون ليسوا من منتسبي إعدادية الموصل، وإنما من مدارس ومعاهد أخرى، منها طلاب ومدرسون في المدرسة الفيصلية ومتوسطة البنات الأولى والمتوسطة الشرقية وثانوية البنات. وكانت الإلهام بحق، ناطقة " بما في الشباب من فتـوة واتجاهات قويمة، وما في النفـوس من مواهب وملكـات، فهي منبهةً ومحفزةً للطموح"(53).
رابعاً: النشاط الوطني والقومي في إعدادية الموصل:
عُرفت إعدادية الموصل منذ تأسيسها بأن لها نشاطاً وطنياً وقومياً متميزاً، وقد جعل هذا النشاط للمدرسة تاريخاً زاهياً يعتز به أبناء الموصل كافة، وهم لايتركون مناسبةً أو ظرفاً إلاّ وتحدثوا عن خريجيها ودروهم الفاعل في تقدم المجتمع وتنمية الحس الوطني وتقوية الشعور القومي. فكانت بحق مؤسسة تربوية ووطنية قائمة بذاتها ولـم يقتصر دورها على إعـداد المتخرجين في الفروع العلمية والأدبية وحسب، بل أسهمت في توسيع دائرة المثقفين وشاركت في تنبيه الأذهان وتيقظ الأفكار.
حين تأسست المدرسة الإعدادية في الموصل سنة 1895 فضّل الكثيـر من أبناء الموصل الإنتقال إليها وترك المدارس التبشيرية التي كانوا يدرسون فيها مضطرين لعدم وجود مدرسة ثانوية رسمية. وقد حرص معظم الموصليين على إحراز تعليم حديث في هذه المدرسة، لذلك اتسعت خلال فترة قصيرة من تأسيسها أتساعا كبيراً. ففي سنة 1900 مثلاً لم يكن هناك في العراق كلّه سـوى مدرستين إعداديتين الأولـى في بغداد والثانية في الموصل،وفي حين كان عدد طلاب المدرسة الأولى سنة 1898-1899 (107) طلاب كان عدد طلاب الثانية (341) طالباً(54).
وبعد وقوع الانقلاب العثماني الـذي تمَّ في 23 تموز-اغسطس 1908 أدرك الموصليون حاجة مدينتهم إلى تشييد بناية لائقة للمدرسة الإعدادية.. خاصةً بعد أن خلق الإنقلاب وعودة الحياة الدستورية المعطلة منذ سنة 1877 ظروفاً جديدة ملائمة ومشجعة للنشاط التعليمي والثقافي وللتوسع في الخدمات التعليمية، وفي أيلول 1908 شغل الطلاب بناية تبـرع بإنشائها أهالي المدينـة، وكان ذلك ضمـن حركة جديدة شهدها العراق على الصعيدين الرسمي والشعبي لإنشاء المدارس الحديثة خاصةً بعد أن أظهر الأتحاديون بعد تسلمهم السلطة اهتماماً بشؤون التعليم ونشره بين السكان. ومما يلحظ أن حركة الدعوة الى نشر التعليم ارتبطت في العراق كله، بحركة اثارة الوعي القومي العربي، ذلك أن هذه الحركة كانت تهدف إلى تحقيق أمرين اولهما إحياء تراث العرب الثقافي وخاصة اللغة العربية، وثانيهما بعث كيانهم السياسي(55).
لقد اتسعت حركة المطالبة الشعبية بتأسيس المدارس وجعل لغة التدريس فيها العربية واتخذت من الصحافة والمجالس العمومية للولايات ومجلس المبعوثان ميادين مهمة لإثارة هذه المطالب الحيوية، ومع أن السلطات التعليمية اتخذت بعض الخطوات لرفع مستوى كفاءة الجهاز التعليمي في العراق من قبيل الإهتمام مثلاً بالتفتيش(الإشراف التربوي) وتحديث المناهج وإصدار القوانين التي تنظم التعليم. إلاّ ان الاتحاديين أظهروا حماسة لقوميتهم ولغتهم التركية، وكانت دروس المدرسين الأتراك لا تخلو من دعوة عنصرية إلى درجة استفزت الطلاب ونفرتهم من هذه الدعاية المقصودة، وقد وصل الأمر بأحمد شكري مدير المدرسة الأعدادية، كما سبق أن قدّمنا، تغريم كل طالب يتحدث باللغة العربية مبلغاً من النقود، وقد ترك هذا الموقف وغيره آثاراً سلبية على الطلاب الموصليين الذين تمسكوا بلغتهم وطالبوا بجعل التعليم باللغة العربية لأنها لغة البلاد(56).
لقد استجاب الأتحاديون لبعض مطالب المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس بين 18-23 حزيران 1913، قراراً بأن يكون التدريس في المدارس الأعدادية ودور المعلمين ومدرسة (كلية) الحقوق باللغة العربية، لكن دروس التاريخ والجغرافية تدرّس باللغة التركية، ولم تكن السلطات الاتحادية جادة في تطبيق القرار، وتعللت بقلة المدرسين الكفوئين الذين يستطيعون التدريـس باللغة العربيـة وبقلة الكتـب المدرسية المؤلفة بالعربية(57).
ومهما يكن من أمر، فإن سياسة الاتحاديين التعليمية وتركيزهم على اللغة التركية، وبث فكرة العنصرية الطورانية في مدارس الولايات العربية ومنها ولاية الموصل، أدت إلى تنبه الطلاب وأساتذتهم إلى كيانهم الثقافي، وقد ذكر المرحوم الأستاذ عبد الرحمن صالح وكان من تلاميذ مولود مخلص أحد المدرسين المتحمسين للقومية العربية في المدرسة الإعدادية بالموصل للعام الدراسي 1910-1911: "أن مولود مخلص كان جريئاً إلى حد بعيد، فقد اشبع رؤوف ابن أخت الوالي طاهر باشا (1912) ضرباً لأنه لم يستطع أن يردد جملة قالها المدرس المذكور باللغة العربية، ويعلق عبد الرحمن صالح على ذلك قائلاً: " إن الثورة على الأتراك بدأت في ذلك الدرس"(58).
كانت المدرسة الإعدادية واحدة من الأماكن التي تردد عليها رواد العمل القومي العربي قبيل الحرب العالمية الأولى لنشر أفكارهم بين الطلبة،ويذكر عبد الرحمن صالح أن ثابت عبد النور الذي كان يدرّس القانون في استانبول ومن رواد العمل القومي العربي آنذاك عاد إلى مدينته الموصل في أواخر سنة 1913موفداً من (المنتدى الأدبي) ليستطلع آراء ومطامح الشباب العربي المثقف في الموصل، وليتعرف على ما يحتاجونه من عون وخدمات إذا ما ذهبوا للدراسة الجامعية في استانبول، وقد تمكن هذا الشاب المتحمس أن يلتقي بعدد من طلاب المدرسة الإعدادية ويتحدث معهم عن التراث العربي وأهمية إحياء السيادة العربية، ووقف يشيد بالعرب وحضارتهم ومكانتها في الأوساط العالمية وكيف اغتصب الأتراك من بني عثمان الخلافة العربية، ولقد تركت تلك الكلمات أثراً عظيماً في نفوس الطلاب وأحدثت ضجة كبيرة بين القوميين، فتوافد عدد كبير منهم للإلتقاء بثابت عبد النور، فكان يلقي على مسامعهم شيئاً كثيراً من مآثر العرب ويثير فيهم الشعور القومي ويدعوهم إلى تأسيس الجمعيات والنوادي(59)، وقد نجم عن ذلك كله قيـام الشباب الموصلي بتأسيس جمعية سرية باسم (جمعية العلم) غايتها: " السعي وراء التحرير من النير التركي " وذلك في سنة 1914 وقد ضمت الجمعية عدداً مـن القوميين والشباب المتحمسين من الموصليين،كان بعضهم مدرسين وطلاب في المدرسة الأعـدادية ولعبت هـذه الجمعية دوراً مهمـاً في حياة الموصل السياسية خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها(60).
وخـلال الاحتلال البريطاني للموصل في تشريـن الثاني، قامت المدارس بدور مهم في الحركة الوطنية، وكانت جمعية العهد العراقي ـ فرع الموصل ـ (تأسست سنة 1919)، وراء الكثير من النشاطات المعادية للمحتلين،حيث أصدرت منشوراً ينص على ضرورة رفع علم الثورة العربية الكبرى لسنة1916على صدور الطلاب إظهاراً للشعور الوطني في طلب الإستقلال. وقد ذكر وكيل ناظر المعارف في الموصل الكابتن بيس Base مذكراته المؤرخة في10 آيار1910 " بأن طلاب المدرسة الخضرية قد وقعوا تحت تأثير وسيطرة أعضاء جمعية العهد العراقي-فرع الموصل-، فوضعوا الشارات القومية على صدورهم(61). وفي تقريره المؤرخ في 25 آيار 1910 أشار بأسف شديد إلى اتساع النشاطات السياسية بين طلاب المدرسة الخضرية وذكر بأنهم اعلنوا التمرد على أوامر مدير المدرسة،لذلك قصد الكابتن بيس المدرسة،وأمر الطلاب بأن ينزعوا الشارة من فوق اكتافهم وصدورهم ولما هددهم بالطرد اختار معظمهم ترك المدرسة على نزع الشارة، وأصر البعض على الدخول إلى المدرسة بهذه الشارات فما كان من الحاكم السياسي للموصل ل.ف. نولدر Nolder إلاّ أن أمر بطرد (20) طالباً من طلاب السنة الرابعة، وكان معظم الذين طردوا من طلاب (المدرسة الإعدادية) العثمانية الملغاة(62).
لقد ظهر تأثير التربية الوطنية التي رافقت تأسيس الدولة العراقية الحديثة سنة 1921، على مدارس الموصل، فقاموا في 29 كانون الثاني 1925 بمظاهرات في مختلف أحياء المدينة، وذلك للإعراب عن شعورهم الوطني تجاه قضية الموصل في مقدمة الطلاب الذيـن استنكروا المطامع التركيـة في ولايـة الموصل ومحاولاتهم المستمرة لإجتياز الحدود الشمالية،وعلى الرغم من محاولة وزير الداخلية وبعد استشارة المندوب السامي البريطاني،إيقاف النشاط السياسي لطلبة المدرسة إلاّ أن متصرف لواء الموصل أعرب عن فشله في منع لطلاب عن التظاهر، إذ أن تدخل الشرطة لتفريقهم قد يضاعف من شعورهم الوطني، لذلك أمرت وزارة الداخلية المتصرف باستدعاء وجهاء المدينة وأية أشخاص يشتبه بأن لهم دوراً في تنظيـم المظاهرات وإقناعهم بان عملهم هذا يضر بقضية العراق ومن الأرفق لهم إرسال ممثلين عنهم لمقابلة لجنة التحقيق الدولية التي أرسلتها الأمم إلى الموصل لمعرفة وجهة نظرهم في هذه المشكلة، بكل نظام ومسؤولية(63).ومما يذكر في هذا الصدد ان محمد يونس السبعاوي، المناضل الوطني العراقي والذي برز إبان ثورة مايس -مايو1941 كان من أبرز قادة الطلبة في المدرسة الثانوية، حيث شارك زملائه في الإعداد للتظاهرات الطلابية وتنظيمها، وقد رفع الطلاب آنذاك شعارات تنادي بعروبة الموصل وتندد بالإدعاءات التركية والمؤيدين لهـا(64).
وفي سنة 1925 أسس عدد من طلاب المدرسة الثانوية،وهم:علي حيدر سليمان، وذو النـون أيوب، وعبد العزيـز القصاب، ونخبـة من زملائهم (جمعية النهضة المدرسية) بإشراف ودعم استاذهم أنيس زكريا النصولي وهو أستاذ عربي من لبنان كان له دور في إذكاء الشعور القومي بين طلبة المدرسة. وكان لهذه الجمعية نشاطات ثقافية ورياضية وفنية، كما كان لها نشاط سياسي بارز ابان ظهور مشكلة الموصل وقد نظمت الجمعية مباريات رياضية وعرضت مسرحيات عالمية منها مسرحية يوليوس قيصر. وقد زارها الشاعر معروف الرصافي وكان يعمل مفتشاً للمعارف سنة1925، وأطلع على نشاطات هذه الجمعية وخصها بأبيات اتخذتها نشيداً يتلوه اعضاؤها اثناء كل اجتماع، ومما جاء فيه(65):
للنهضة شعـراً ننشـده ومـدى الأيـام نـردده
هيـا للسعي بني وطني إكليل النهضـة نعقـده
نحيي الآداب ونرفعهـا وظـلام الجهـل نبـدده
بجيوش العلم نبني وطنا وظـلام الجهـل نبـدده
عندما زار الموصل وفد المجاهدين السوريين بزعامة عبد الرحمن الشهبندر سنة 1927 بهدف جمع التبرعات للثوار السوريين، أقامت لهم المدرسة الثانوية حفلاً خطابياً ترحيبياً ألقى فيه محمد يونس السبعاوي، وكان يترأس الجمعية بعد تخرج علي حيدر سليمان كلمة أثارت حماسة شديـدة بين الطلاب، كمـا ألقى زميله عبد الجبار الجومرد قصيدة، وقد تحول الحفل إلى مهرجان قومي حافل.وكان من أساتذة المدرسة سنة 1925 كل من: عبد الله الحـاج، أحمد الجوادي، عوني بكر صدقي، داود القيسي، محيي الدين يوسف، ومن المدرسين العرب: رياض روفائيل وأنيس زكريا النصولي، ودرويش المقدادي، وقد عرف هؤلاء بتوجيهاتهم القومية العربية(66).
أسهم طلبة المدرسة خاصة بعد صدور قانون الفتوة وتدريب الشباب سنة 1934-1935 بالتدريب العسكري.. وقد تلقى طلبة اعدادية الموصل هذا القانون بكل فرح وحماس فالتحقوا بكتائب التدريب وبدأوا يعبرون عن شعورهم المعادي للإنكليز. ولم تقتصر هذه الحركة على التدريب العسكري فحسـب، بل شملـت كذلك إلقاء الخطب والقصائد ونشر المقالات في الصحف والمجلات وإقامة الحفلات والمهرجانات، فعلى سبيل المثال ألقى عبد الوهاب حديد أحد طلبة اعدادية الموصل خطاباً في حفلة تحية العلم وفصائل الفتوة نشرته جريدة البلاغ بعددها الصادر في 15 شباط 1936. وقد خاطب الطالب زملاءه قائلاً: " الجندية بكل ما فيها من المعتني هي سياج البلاد وحراب الوطن، وعماد الدولة وركنها فيها يصان الحمى وتوطد الممالك ويعز القوي ويذل الضعيف...ان هذا اليوم الذي يجمعنا وعلينا ثياب الموت هذه..علينا أن نتحد...فندخل ساحات الوغى في قلوب وثابة ونفوس ملئها الشجاعة..." وكان أهالي الموصل يحرصون على حضور الإستعراضات العسكرية السنوية التي يسهم فيها الطلبة، ومن ذلك مثلاً الإستعراض الذي اشرفت عليه لجنة تشكلت في نيسان 1941 برئاسة كمال صدقي عبد الغني مدير أعدادية الموصل وعضوية كل من: عبد العزيز جاسم مدير المتوسطة الشرقية، وعبد القادر جميل مدير المتوسطة الغربية، وتوفيق الدباغ مدير متوسطة المثنى. وكان من بين اعضائها بعض المدرسين وهم: محمد سعيد عبد الوهاب، ومحمد محمود السراج، وعبد الرحمن صالح، وقد جرى الإستعراض على ساحة الغزلاني وحضره جمع كبير من أبناء الموصل(67).
لقد كان الطلاب في اعدادية الموصل على صلة بالفكرة القومية التي تنامت في العراق آنذاك بفضل سياسة الملك غازي (1933-1939) القومية ووجود وزارة ياسين الهاشمي التي شجّعت انتشارها، وحين تأسس نادي الجزيرة في الأول من كانون الأول 1935 بجهود عدد من المثقفين ومنهم مدير المدرسة نجم الدين جلميران (1939) وعبد الجبار الجومرد اتخذ النادي المدرسة مقراً مؤقتاً له قبل أن تصبح له بناية مستقلة قريبة من المحاكم،ويذكر خير الدين العمري " أن طلاب الثانوية، وبإيعاز من المدرسين العرب الذين كان لهم دور مهم في نشر هذه الفكرة.. خرجوا في مظاهرة عارمة يوم 2 نيسان 1939 احتجاجاً على السياسة الفرنسية في سورية، وقد هتفوا بحياة الملك غازي ودعوا إلى وحدة العراق مع سوريا، ولما أذيع خبر مقتل الملك غازي صبـاح يوم 4 نيسان 1939 في حـادث سيارة، توجه عـدد من طلبة المدارس إلى القنصلية البريطانية، وظهـر نتيجة التحقيق أن معظـم المحرضين على الذهاب إلى القنصلية والدخول إليها وقتل القنصل مونك ميسن Monk Misson كانوا من طلاب الثانوية ومن الطلبة الذين اعتقلوا ووجهت إليهم تهمة مقتل القنصل، أمين عبد الله سليم اغا، وهشام عبد الله الدباغ، الذي دعا الطلبة في ساحة المدرسة إلى التوجه نحو القنصلية. ويعزو الدباغ تطور دور الموصـل القومي في الثلاثينات إلى نشاط طلاب اعدادية الموصل الذين أسسوا في سنة 1937 لجنة سميت بلجنة الخطابة ضمت خمسين عضواً كان منهم إبراهيم عمر كشمولة، ومحمود الجليلي، وهشام عبد الله الدباغ، وناثر أكرم العمري، وحسن سعيد زكريا(68).
وإبان ثورة مايـس شارك الطلبة بحمل السلاح وواجب الحراسات الليلية للمنشآت الحساسة داخل المدينة وظهر اهتمام كبير بتنظيمات الفتوة وكتائب الشباب تنفيذاً لتوجيهات الحكومة التي شكلها رشيد عالي الكيلاني في 24 نيسان 1941(69). وبعد فشل ثورة 1941 وعودة القوات البريطانية ثانية لإحتلال العراق، تكونت حلقة حزبية من طلاب (ثانوية الموصل) انتمت إلى الحزب العربي القومي السوري، وكان لهذا الحزب فرع في الموصل وتولى مسؤولية الخلية الطلابية عبد الرحمن محمود الأرحيم، وضمت الخلية عدداً من الطلاب منهم: فخر الدين اسماعيل محضر باشي، وحسام بشير الحاتم، وفخر الدين طاهر السردار، ومحمد سعيد يحيى الفخري، وصلاح محمد الغلامي. وقد عمل الحزب على إلصـاق المنشورات المناوئة للإنكليز وللسلطة الحاكمة(70).
لقد كان لطلاب المدرسة نشاط قومي تمثل في الإسهام في المظاهرات التي تؤكد عروبة فلسطين وخاصة أثر تفاقم العدوان الإسرائيلي على الأمة العربية خلال الأربعينات، فحال صدور قرار هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني 1947 انطلقت المظاهرات في الموصل تهتف بسقوط الإستعمار والصهيونية، وكان طلبة إعدادية الموصل في الطليعة، وقد تقدم المظاهرات مدير معارف الموصل آنذاك فخر الدين العبيدي ومدير الإعدادية كمال صدقي عبد الغني والمدرسون كافة، وقد رفع الطلبة شعارات وأبيات شعرية خطّت على اللافتات منها:
حتى بنو صهيون قد طمعت بكم يا ذل من طمعت به الجبناء(71)
ومنها:
السيـف يعلم أننا قـوم إذا سرنا لحرب فالجماجم تحصد
وقد شارك العديد من الطلبة في إلقاء الكلمات الحماسية التي تدعو إلى الجهاد من بينها كلمة فخري شنشل وكلمة عبد الباسط يونس وكلمة أحمد سامي الجلبي وكلمة عدنان النقيب وكلمة حازم شيت. كما القيت قصائد شعرية من قبل عدد من المدرسين امثال ذو النون الشهاب وكانت بعنوان (فلسطين لن تستشهد) وأحمد الفخري (ان قبر الشهيد ركن البقاء) وكانت آخر كلمة لمصطفى عبيد في نقطة نهاية المظاهرة عند شارع غازي (الثورة) والتي خاطب فيها الطلاب والجماهير بحماس شديد داعياً اياهم للتطوع وتحمل مسؤولية الجهاد في سبيل تحرير فلسطين. وخلال انتفاضة بورتسموث سنة 1948 كان لطلبة إعدادية الموصل دور فاعل في تحريك الجماهير والتأثير عليهم وقيادة المظاهرات. وقد برز من بين الطلبة يونس احمد الخياط وعبد الباسط يونس وعبد الآله سعيد وعبد الرحمن عزيز الصائغ وصديق اسماعيل الكتبي وعبد الوهاب محمود(72). وفي 5 آذار-مارس 1948 نظّم الطلاب مسيرة صامتة لمناسبة ذكرى اربعينية شهداء وثبة كانون بدأت من إعدادية الموصل واستمرت من خلال شارع فيصل وشارع غازي ثم شارع نينوى وشارع الفاروق، وحمل المتظاهرون شعارات تطالب بدم الشهداء وتهتف عاشت فلسطين عربية. وأقام الطلاب في اعدادية الموصل حفلاً لآخر القيت فيه كلمات وقصائد حماسية، ومن المدرسين الذين أسهموا في هذا الحفل صلاح الدين النوري وذو النون الشهاب، ومن الطلاب يونس احمد محمد صالح وعبد الآله سعيد وغانم حمودات ومحمود علي النحاس وعبد الباسط يونس وبشير حسن وابراهيم القطان وسالم الصائغ وسالم محمد طاهر وعبد الكريم حسن ومحمود المحروق ومظفر بشير وحازم محمد علي ومحمد صالح داود القزاز وذو النون الشهاب(73).
وفي يوم 13 نيسان-ابريل 1948 تظاهر الطلبة في شوارع الموصل داعين إلى انقاذ فلسطين وقرر طلاب المدرسة الأعدادية الإعتصام في المدرسة والإضراب عن الطعام حتى الموت او تستجاب مطالبهم كانت التي تتلخص بضرورة توجه الجيش العراقي نحو فلسطين لتحريرها من الصهاينة الغاصبين، وقد استمر الإعتصام والإضراب لمدة أربعة أيام، وكان يتزعم الطلبة المضربين عبد الباسط يونس، وحازم محمد علي السلمان، وصديق اسماعيل الكتبي،وعبد الرحيم عزيز الصائغ، وعلي متعب العبيدي، وقد شكّل الطلبة المضربين لجاناً للمراقبة والمحافظة على روعة الإضراب وأخذت هذه اللجان تصدر بيانات ومنشورات تكتب باليد وتوزع على الطلبة وتسرب إلى خارج المدرسة لتدعو الشعب إلى الاستمرار في النضال وحمل السلاح والتبرع بالأموال دعماً لفلسطين،وقد قرر الطلبة في30نيسان إنهاء الاعتصام بعد أن أصدروا بياناً أثر سماعهم بنبأ تحرك الجيوش العربية نحو فلسطين وقد رافقت يوم إنهاء الإعتصام مظاهرة سلمية خرجت من بناية الإعدادية وتفرقت عند رأس الجادة وكان يقودها الطالب عبد الباسط يونس(74).
اجتمع مجلس المدرسين في اعدادية الموصل يوم 20 آذار-مارس 1948 وقرر معاقبة الطلاب الذين قادوا عمليـة الإضراب والإعتصام، متهماً إياهم بالتدخل في الأمور الإدارية "تدخلاً مشيناً تجاوز السلوك المدرسي"، وقد تراوحت العقوبة بين الطرد المؤقت ما بين أسبوع وعشرة أيام أو التوبيخ مع خصم درجات من السلوك. وقد شملت العقوبة كل من: عبد الباسط يونس، وعبد الآله سعيد، وعبد الرحيم عزيز الصائغ، وصديق إسماعيل الكتبي، وعبد الوهاب محمود، وبسبب تكرار الحالة في الإضراب الطلابي المشار إليه قرر مجلس المدرسين في 51 آيار 1948 طرد الطالب عبد الباسط يونس لما تبقى من السنة الدراسية(75).
وحين ظهرت الدعوة إلى تأميم النفط سنة 1952 نظّم شباب حزب الاستقلال- فرع الموصل(76) من طلبة المتوسطة الشرقية مظاهرة اتجهت نحو إعدادية الموصل، وأخذ المتظاهرون يهتفون بسقوط نوري السعيد والحذو حذو إيران في تأميم النفط، وحاول المتظاهرون اقتحام بناية الإعدادية، لإشراك طلبتها في المظاهرة، لكن إدارة المدرسة، مع قوة من الشرطة حالت دون ذلك وأعيد المتظاهرون إلى مدرستهم بقوة السلاح. وقد شكلت إدارة المدرسة مجلس انضباط عاقبت أربعة من المحرضين وهم: عبد الغفار الصائغ، ويوسف عبد الله شهاب، ومظفر يونس، وأديب الدباغ، بطردهم من المدرسة لمدة أسبوعين مما أثار غضب زملائهم، وقد اتخذت مديرية المعارف إجراءات شديدة وأوعزت إلى المدارس بعد أن وجدت اتساع الدعوة إلى تأميم النفط، بالتصدي لهذا التيار ومنع الطلبة من تأييد هذه الدعوة وأخذ تواقيعهم، وحذّر مدراء المدارس الطلبة الذين لديهم نشاط في هذا المضمار(77).
الخاتمـة:
كان لإعدادية الموصل خلال الفترة موضوعة البحث، دور متميز في رفد مؤسسات الدولة والمجتمع العراقي بآلاف من المتخرجين الذين تسلم كثير منهم بعد اكمالهم الدراسة العالية مهام ومسؤوليات جسيمة، فكان من بين المتخرجين رؤساء وزارات ووزراء وأطباء ومهندسين وصيادلة وشعراء وكتّاب ومؤرخون وتربيون وعسكريون وفلاسفـة وصحفيون وغيـر ذلك.. ويتباهى كـل خريج من اعدادية الموصل اليوم بمدرسته ويذكر أساتذته بفخر، وجدير منّا اليوم ان نحيي ذكرى تأسيس الخامسة والتسعون لتأسيس هذا الصرح العلمي ليظل شامخاً أما أعين أبناءنا وأحفادنا وكل الأجيال القادمة.
الهوامـش:
1. للتفاصيل أنظر: ابراهيم خليل أحمد، تطور التعليم الوطني في العراق 1869-1932، (البصرة،1982).
2. أنظر: عباس العزاوي، تاريخ العراق بين احتلالين، ج 7، (بغداد، 1955)؛ جاسم محمد حسن، العراق في العهد الحميدي 1876-1909، رسالة ماجستير غير منشورة قدمت إلى كلية الآداب-جامعة بغداد، 1975، ص 46 ؛ أحمد، تطور التعليم الوطني، ص 6.
3. حول أول مدرسة اعدادية في العراق، أنظر: جريدة الزوراء، بغداد، 14 ربيع الآخر، 1390 (1873م) وحول دور المدارس الأعدادية في بناء طبقة متعلمة، أنظر: نمير طه ياسين، بدايات التحديث في العراق 1869-1914، رسالة ماجستير غير منشورة قدمت إلى معهد الدراسات السياسية بالجامعة المستنصرية، بغداد، ص 171.
4. فاضل مهدي بيات، "التعليم في العراق في العهد العثماني: دراسة تاريخية في ضوء السالنامات العثمانية"، مجلة المورد، بغداد، المجلد (22)، العدد(2)،1994،ص ص 11-12.
5. أنظر: سالنامه رسميه، موصل ولايتي 1325 هـ/1907 م، ص 116، وكذلك: عبد الرزاق الهلالي، تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني 1638-1917، (بغداد، 1959)، ص 181، ويقول ياسين على الصفحة (171) من رسالته المشار إليها أن المدرسة الرشدية نفسها تحولت إلى مدرسة إعدادية.
6. بيات، المصدر السابق، ص 12.
7. للتفاصيل، أنظر: علي جودت الأيوبي، ذكريات 1900-1958، (بيروت، 1967)، ص 14-15، وكذلك منهل اسماعيل العلي بك، ارشد العمري 1888-1978: دراسة تاريخية في نشاطه الإداري والسياسي، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية التربية، جامعة الموصل، 1997، ص 5.
8. أنظر: سليمان فيضي، في غمرة النضال، (بغداد، 1952)، ص 12، عباس العزاوي، تاريخ العراق بين احتلالين، ج 8، (بغداد، 1956)، ص 45 ؛ إبراهيم خليل أحمد، أول مجلس للمعارف في الموصل، جريدة الحدباء 13 كانون الثاني 1984 ؛ شذى فيصل رشو العبيدي، الإدارة العثمانية في الموصل في عهد الإتحاديين 1908-1918، رسالة ماجستير غير منشورة قدمت إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل 1997، ص 114.
9. سالنامه المعارف لسنة 1316 هـ (1898-1889 م).
10. سالنامه ولاية الموصل لسنة 1330 هـ (1912 م)، ص ص 116-117.
11. أنظر: طلال صفاوي، "بناية المدرسة الأعدادية"، جريدة الحدباء (الموصل)، 12 كانون الأول 1995.
12. كلّف الحاج سري ضابط تجنيد الموصل، وهو والد الشهيد رفعت الحاج سري أحد أبطال ثورة 14 تموز 1958، بالإشراف على بناء المدرسة أما العمال فقد كان معظمهم من الجنود، أنظر: صفاوي، المصدر السابق.
13. أحمد علي الصوفي، تاريخ بلدية الموصل، (الموصل، 1970)، ص 32.
14. أنظر: حميدي خضير جمعة، تاريخ الأعدادية الشرقية في الموصل، بحث قدّم إلى قسم التاريخ/ كلية التربية سنة 1992 بإشراف: الدكتور ابراهيم خليل أحمد العلاف، وهو أحد متطلبات التخرج.
15. صفاوي، المصدر السابق.
16.أنظر: زهير جلميران، " مقابلة مع رشيد الخطيب، مدرس متقاعد "، مجلة النبراس، الموصل، السنة (2 9)، العدد (4)، 1973، ص 44.
17. اشيخ قاسم الشعار الموصلي، شاعر وأديب وتربوي، عمل مدرساً في دار المعلمين بالموصل في العهد العثماني، ومن رجالات الحركة القومية العربية في الموصل، ومن الرعيل الأول الذين زرعوا في نفوس طلابهم حب الوطن والأمة. أما علي جودت الأيوبي، فقد وصل إلى منصب رئيس وزراء، خريج الكلية العسكرية العثمانية سنة 1906. وداود الجلبي طبيب ولد في الموصل وتوفي فيها سنة 1960، عمل في الحركة العربية القومية،وله مؤلفات عديدة منها (مخطوطات الموصل).
ومحمد سعيد الجليلي ولد في الموصل، وهو من العاملين في الحركة العربية القومية في الموصل قبيل الحرب العالمية الأولى، له مؤلفات عديدة منها كيف يرقى العراق. وعبد المجيد شوقي البكري، تربوي ومؤرخ ومن رجالات الحركة العربية القومية في الموصل. وعبد الرحمن صالح، تربوي، كان ضابطاً في الجيش العثماني ثم توجه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى نحو سلك التعليم، له مؤلفات غير مطبوعة منها، إضافة إلى مذكراته (كتاب العمر) مخطوط عن مدحت باشا، والصابئة واليزيدية، كما أن له مقالات عديدة في الصحف والمجلات الموصلية.
18. أنظر: إبراهيم خليل أحمد، " عبد الرحمن صالح وكتاب العمر "، جريدة الحدباء، 20 نيسان 1993، والمعروف عن عبد الرحمن صالح الذي عمل ضابطاً في الجيش العثماني، ثم التحق بسلك التعليم ترك مذكرات مخطوطة بعنوان: " كتاب العمر "، وتقع في عدة أجزاء، وقد اطلعت عليها عندما زرته في داره، رحمه الله، يوم 26 أيلول 1973.
19. كان الكابتن بيس (بيز) يعمل في وزارة المعارف المصرية قبل الحرب العالمية الأولى، وقد وصفه الميجر همفري بومان " بأنه متخصص بالرياضيات، وله ولع شديد بالأدب ". أنظر:
H. E. Bowman، Middle East Window، (London 1942)، p، 191.
20. مقابلة شخصية مع عبد الرحمن صالح، أحد معلمي المدرسة الخضرية اجريتها معه في 26 أيلول 1973، وكذلك زهير جلميران، مقابلة مع عبد الرحمن صالح، مدرس متقاعد، مجلة النبراس، الموصل، السنة (12)، العدد (14)، 1973، ص 44.
21. ومن المدرسين الذين استغني عن خدماتهم عدد من رواد الحركة العربية القومية في الموصل،أمثال: ياسين العريبي،مصطفى العمري، محمد رؤوف ألغلامي، محمد سعيد ألجليلي، عبد المجيد شوقي البكري، للتفاصيل، أنظر: جريدة صدى الأحرار، 7 كانون الأول 1950.
22. أحمد، تطور التعليم الوطني.
23. جلميران، مقابلة مع عبد الرحمن صالح، المصدر السابق. وقد بقي في الخضرية حتى 13 كانون الثاني 1920 حين نقل إلى المدرسة القحطانية.
24. جلميران، مقابلة مع رشيد الخطيب، المصدر السابق.
25. Education Department، Monthly Report، dated the 30 th Nay، 1919 by V. A. S. Stow for Director of Education، I O R. L / Ps / 10 / 752.
26. Department of Education. Administrative Report 1919. By E. H.
Base، Co 69612.
27. رزق الله أوغسطين، من مواليد الموصل 1889 مسيحي، اعتنق الدين الإسلامي، وأضاف إلى اسمه اسم (محمد) وهو مدرس رياضيات بارع درّس في المدارس الثانوية لفترة طويلة من الزمن، نشر مقالات عديدة، له كتاب منشور بعنوان (العرب في 50 سنة) نشره ببغداد سنة 1958،أنظر: وائل علي أحمد النحاس، تاريخ الصحافة الموصلية 1926 ـ 1958، رسالة ماجستير قدمت إلى مجلس كلية الآداب ـ جامعة الموصل 1988، وهي غير منشورة، 214.
28. جريدة الرافدين، بغداد، 20 ربيع الأول 1340 هـ (1922 م).
29. أحمد، تطور التعليم الوطني في العراق.
30. Work and Progress of Education Department in the School year 1920-192 High commissioner، Baghdad to s/ s colonies، 7 August، 1921. Go 7301/ 5 / 48574.
31. الهلالي، تاريخ التعليم في العراق في عهد الإحتلال البريطاني 1914-1921، (بغداد،1975)، ص 176.
32. محمد صديق ألياس "سجل تاريخ المدرسة والحوادث التي مرت بها" مخطوط كتب سنة 1960.
33. المصدر نفسه.
34. أنظر: ساطع الحصري، مذكراتي في العراق، ج 1، 1921-1927، (بيروت، 1967)، ص 78.
35. ملاحظات الكابتن فارل ضمن كتاب وزير المعارف إلى سكرتير مجلس الوزراء في11 شباط 1922، دار الكتب والوثائق، ملفات البلاط الملكي، ملفة ر/1، ومما ورد في الملاحظات أن الإختيار وقع على هذا الطالب: لكونه أفضل المتقدمين من منطقة الموصل التعليمية.
36. محمد صديق ألياس، سجل تاريخ المدرسة والحوادث التي مرّت بها، وكذلك: جمعة، المصدر السابق، ص 22.
37. للتفاصيل أنظر: غانم وحيد خالد الجبوري، أثر المثقفين العرب في تطور العراق المعاصر(1921-1941) رسالة دكتوراه غير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل،1995، ص ص 126-127.
38. التقرير السنوي عن سير المعارف 1926-1927، ص ص 34-35.
39. ملاحظات الأستاذ نزار محمد المختار وهو أحد رجالات التربية والتعليم في الموصل حول (إعدادية الموصل) مقدمة إلى الباحث بتاريخ 10 / تشرين أول / 1998.
40. أنظر الملحق رقم (3)
41. أنظر الملحق رقم (4) وقد زودنا بالملاحظات على الصورة الأستاذ يوسف ذنون.
42. مقابلة شخصية أجراها الطالب حميدي خضير جمعة يوم 7 تشرين الأول 1991 مع المرحوم الأستاذ جاسم محمد الصوفي مدير الأعدادية الشرقية للسنوات الواقعة بين (1982-1992). وقد نقل الجومرد مديراً للمجموعة الثقافية مع بدء السنة الدراسية 1957-1958.
43. المصدر نفسه.
44. مقابلة شخصية اجراها الطالب حميدي خضير جمعة يوم 4 كانون الأول 1991 مع الأستاذ مؤيد يحيى الفارس أمين مكتبة الأعدادية المركزية، وكذلك مقابلة شخصية للباحث مع الأستاذ نزار محمد المختار يوم 3 مايس 1999.
45. للتفاصيل، أنظر: النحاس، المصدر السابق، ص 138.
46. نحتفظ بنسخة من العدد الأول من مجلة (اللجنة) الصادر في يناير (كانون الثاني) 1928 وهذا العدد مؤلف من (6) أوراق فولسكاب مطبوعة على الآلة الكاتبة.
47. المصدر نفسه.
48. المصدر نفسه.
49. يذكر الأستاذ سعد علي الجميل في مقالته الموسومة " نبذة عن التعليم والمدرسة الإعدادية بالموصل من سنة 1861-1950"، المنشورة في جريدة الحدباء، 7 تشرين الثاني 1989 أنه أطلع على العدد الثالث من السنة الأولى لنشرة (الصراحة) فوجده يقع في ثمان وستين صفحة من القطع المتوسط والعدد هذا بهيئة مخطوط.
50. جمعة، المصدر السابق، نقلاً عن الأستاذ مؤيد يحيى الفارس.
51. للتفاصيل، أنظر: النحاس، المصدر السابق، ص 139. ومن الطلبة الذين نشروا مقالاتهم في (الإلهام) محمد صالح داود القزاز (حصل على الدكتوراه في التاريخ الإسلامي وتوفي في حادث سيارة قبل بضعة سنوات)، وكذلك يحيى الزرري وعبد الله سعيد محضر باشي. أنظر: نشرة الإلهام، العدد (9)، كالنون الثاني 1948، ص 10-15.
52. النحاس، المصدر السابق، ص 140.
53. أنظر: عبد الخالق ناصح الغضنفري، " نشاط المدرسة الثقافي " نشرة الإلهام، العدد (8)، مايس 1947، ص ص 32-34، وكذلك: النحاس، المصدر السابق، ص 138.
54. للتفاصيل أنظر: أحمد، تطور التعليم في العراق.
55. المصدر نفسه.
56. أنظر: إبراهيم خليل أحمد، ولاية الموصل: دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية الآداب ـ جامعة بغداد، 1975، ص84.
57. أنظر: مجلة لغة العرب، ج 5، السنة (3)، تشرين الثاني، 1913، ص 276، جريدة صدى بابل، بغداد، 7 أيلول 1913، جريدة الزوراء 7 شعبان 1331 هـ (1913 م).
58. مقابلة شخصية مع عبد الرحمن صالح، أجريت معه في 26 أيلول1973.وكذلك عبد الرحمن صالح، كتاب العمر، الورقة 118.
59. عبد الرحمن صالح، كتاب العمر، الورقة 118.
60. احمد، ولاية الموصل، ص ص 160-163.
61. Memorandum No. 243/17، duted May 10 1919 from Deputy Director of Education، Mosul، queted in Ghassan R. Atiyyeh، Iraq، 1918-1921،(Beirut، 1973)، p. 281.
62. Report on Education، Mosul Wilayat، dated 25 th March 1919 from E، H، Base، Mosul to the Director of Education، Baghdad. IOR: L/ps/10752.
63. Intelligence Report، Report No. 3، dated the 15 th، february، 1925، fo 371/10833.
64. للتفاصيل، أنظر: ذاكر محيي الدين عبد الله، محمد يونس السبعاوي، ودوره في الحياة السياسية في العراق، رسالة ماجستير غير منشورة، مقدمة إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل،1992،ص 7.
65. المصدر نفسه، ص ص 8-9، وكذلك إبراهيم خليل أحمد، " معروف الرصافي وجمعية النهضة الموصلية " جريدة الحدباء، 24 تشرين الثاني 1922.
66. أنظر: نذير، المصدر السابق، ص 13.
67. أنظر: مذكراته المطبوعة على الآلة الكاتبة والموسومة: العراق: مقدمات ونتائج، ويقع في أربعة أجزاء وهي الآن بحوزة حفيده خير الدين حسن العمري، ج 2، ص ص 280-282.
68. أنظر: نوري أحمد عبد القادر، الموصل والحركة القومية العربية 1920-1941، رسالة ماجستير غير منشورة، قدمت إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل، 1988، ص ص 216-217.
69. أنظر: خير الدين العمري، العراق: مقدمات ونتائج، مذكرات مطبوعة على الآلة الكاتبة بأربع أجزاء محفوظة لدى حفيده خير الدين حسن العمري، ج 2، ص ص 280-282، وكذلك أنظر:عبد القادر، الموصل والحركة القومية، 217.
70. أنظر عبد الفتاح علي يحيى، الحياة الحزبية في الموصل 1926-1958، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل 1990، ص 128.
71. نوري أحمد عبد القادر، تطور الحركة القومية العربية في الموصل 1941-1958، رسالة دكتوراه غير منشورة، مقدمة إلى مجلس كلية الآداب-جامعة الموصل 1996، ص 276.
72. جريدة فتى العراق،الموصل، 9 كانون الأول 1947، وكذلك: عبد القادر، تطور الحركة القومية، ص ص 276-277.
73. أنظر: منهاج الحفل ألتأبيني لشهداء العراق الأبرار الذي أقامه طلاب مدارس الموصل يوم 8 آذار 1948 كان محفوظاً لدى الأستاذ عبد الباسط يونس (ولد عام 1928) الصحفي المعروف، وكذلك: مجلة الالهام، العدد (10)، نيسان 1948، ص 10 وما بعدها، ومن القصائد التي ألقيت، قصيدة لمحمود فتحي المحروق، وقصيدة لبشير حسن القطان، وقصيدة لمحمود النحاس، وأخرى لمظفر بشير. أنظر: عبد القادر، تطور الحركة القومية، ص 187.
74. عبد القادر، تطور الحركة القومية، ص 282.
75. يحتفظ الأستاذ عبد الباسط يونس بأوراق شخصية مهمة حول هذه النشاطات منها على سبيل المثال النداءات الخمس التي أصدرها طلاب اعدادية الموصل بين 27-30 نيسان 1948، وقد خسر الأستاذ عبد الباسط دراسته نتيجة فصله بسبب نشاطه الوطني، لكن الصحافة سرعان ما كسبته صحفياً بارزاً أصدر العديد من الصحف. أنظر: إبراهيم خليل أحمد، "صحافة الموصل منذ الاحتلال البريطاني حتى أوائل الخمسينات" في: جامعة الموصل، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد (5)، الموصل 1992، ص ص 326-330.
76. تأسس فرع لحزب الاستقلال في الموصل، وهو حزب ذو اتجاه قومي عربي في 3 نيسان 1946، وانتمى إليه في بداية افتتاحه غربي الحاج احمد، وسامي باشعالم، وسالم العريبي، وخليل أحمد الحامد العلاف (والد كاتب هذه السطور)، وبشير حسن، ورمزي العمري، وبلغ عدد أعضاءه بحدود (1500) عضواً مسجلاً عدا الطلاب والموظفين. أنظر: يحيى، المصدر السابق، ص ص 151-163.
77. أنظر: يحيى، المصدر السابق، ص340، عبد القادر، تطور الحركة القومية، ص ص197-198.
ملحق رقم (1)
مدراء اعدادية الموصل 1919 ـ 1959

الأســـــــــــم الســـــــنة
محمد رزق الله أوغسطين1919 ـ 1921
صادق الخوجة 1922 ـ 1923
رؤوف العطار 1923 ـ 1924
هشام السعدي 1924 ـ 1925
داود سليم 1925 ـ 1930
محيي الدين يوسف 1930 ـ 1932
درويش المقدادي 1932 ـ 1933
إبراهيم إسماعيل 1933 ـ 1934
بهجت النقيب 1934 ـ 1939
نجم الدين جليميران 1939 ـ 1939
كمال صدقي عبد الغني1939 ـ 1941
عبد الله محيي الدين 1941 ـ 1942
عاصم عبد الحافظ 1943 ـ 1945
طه مكي 1945 ـ 1946
عبد العزيز جاسم 1946 ـ 1952
عبد المحسن توحلة 1952 ـ 1956
صلاح الدين ألنوري 1956 ـ 1959
ملحق رقم (2)
مدراء الإعدادية المركزية 1959 ـ 1998

الأســــــــم الســــنة
ياسين قطان 1959 ـ 1960
حميد الجراح 1959 ـ 1960
نجيب الخفاف 1960 ـ 1964
نزار محمد المختار 1964 ـ 1978
أحمد جاسم الجبوري 1978 ـ 1981
عبد النافع محمود حسين 1981 ـ 1983
نعمت فتحي جرجيس 1983 ـ 1984
مصطفى محيي الدين 1984 ـ 1986
أحمد سعدون شلاش 1986 ـ 1988
1989 ـ 1992
عبد الجبار عبو الحبيب 1988 ـ 1989
ابراهيم محل حمادي البدراني 1993 ـ 1998
محمود صالح محمود 1998









https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن