المواقف الدولية من حرب صعدة اليمنية

عارف علي العُمَري
aref78@hotmall.com

2009 / 10 / 17

إلى أين تتجه حربُ صَـعْـدَةَ السادسة؟، إلى الحسم العسكري الذي يُطهّرُ صَـعْـدَةَ من أوكار التمرد والإرهاب؟ -حسب المصطلح الرسمي- أم إلى الحل الدبلوماسي الذي يحقن الدماء ويخمد لهيب الحرب؟!، وهل فشل الحوثي في إقناع الدول الإقليمية والدولية بمصداقية رؤاه وتوجهاته؟، أم نجحت الحكومة في تبرير الحرب وجلب المساعدات؟!، وهل سيخسر القائد الميداني للحوثيين الرهان على مشروع الإمامة؟!، أم أن الشعب سيواجهه كما واجه من قبله »آل حميد الدين«؟!.

عاصفةٌ من الأسئلة الغامضة الملفوفة بالحيرة والدهشة مما يخبئه المستقبل لهذا البلد الطيب ولشعبه في آن واحد..



aref78@hotmall.com

الأخطاءُ القاتلةُ هل تعالـَـجُ بالدبلوماسية؟

> يبدو أن الدبلوماسية اليمنية إستطاعت أن تحقق الكثير من كسب وتأييد الرأي العام الدولي الذي أبدى تفهمه لموقف الحكومة من حربها مع الحوثيين، واستطاعت أن تحوز على الدعم شبه الكامل في حربها السادسة في صَـعْـدَةَ.

ففي أغسطس الماضي إلتقى وزير الدفاع اللواء الركن/ محمد ناصر أحمد نائب السفير الروسي بصنعاء أوليغ ليفين، وأكد نائب السفير الروسي موقف روسيا الإتحادية الداعم لوحدة واستقرار اليمن، وكذا دعمَها لجهود التنمية، ولتجاوز أية معوقات قد تواجه مسيرة البناء والتطوير في اليمن.

موقف روسيا يأتي في مسابقة قطبـَـي الحُكم العالمي -روسيا، وأمريكا- على استقطاب دول جديدة لزيادة التحالف العسكري وتوسيع القواعد الروسية والأمريكية في منطقة الشرق الأوسط عموماً، ومنطقة الخليج العربي خصوصاً، كما أن التحرك الإيجابي باتجاه روسيا وشراء صفقة سلاح منها مؤخراً بمليار دولار هي أولى بوادر التعاون الثنائي بين البلدين.

الدبلوماسية اليمنية وإن كانت في بعض الأحيان تنظر إلى السياسة في أفقها الأدنى والأقرب دون أن تحسب للمستقبل حسابه، إلاَّ أنها تحاول أن تتلافى كثيراً من المواقف التي رأت أن إتخاذها كان خطأً قاتلاً في يوم من الأيام، وهو ما قام به رئيس الجمهورية مؤخراً في زيارته إلى ليبيا في منتصف سبتمبر الماضي، حيث شارك الشعب الليبي إحتفالاته بالعيد الأربعين لثورة الفاتح من سبتمبر، وإن كان جوهر الزيارة يهدف إلى تحسين العلاقات بين اليمن وليبيا بعد أن واجهت ليبيا حملة إتهامات واسعة بدعم الحوثي في الحرب الرابعة، بالإضافة إلى إتهام الحكومة اليمنية لها بدعم مجلس التضامن الوطني الذي يتزعمه الشيخ/ حسين بن عبدالله حسين الأحمر نجل رئيس البرلمان الراحل الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر.

بالإضافة أيضاً إلى أن الرئيس لا يريد من العقيد/ معمر القذافي إعلان الدعم للحكومة اليمنية بقدر ما يريد أن يحيد موقف ليبيا من الصراع الدائر في شمال اليمن.

هل فشلت دبلوماسية الحوثي؟

> سؤال كهذا يحتاج إلى جدل طويل، فيحيى الحوثي الناطق الرسمي باسم الجماعة، والمقيم حالياً في ألمانيا لم يستطع إقناع ألمانيا الدولة المضيفة له بأنه يريد العدل والمساواة ورفع الظلم الواقع على أتباع أخيه عبدالملك في صَـعْـدَةَ.

الصدمة كانت كبيرة وكبيرة جداً ليحيى الحوثي حينما إلتقى وزير الخارجية الدكتور/ أبو بكر القربي سفير إيطاليا ماريو بوفو والقائم بأعمال المفوضية الأوروبية ميكلي بشيرفونه والقائم بأعمال السفارة الأسبانية بصنعاء فرانسيسكو خافير، وجرى في اللقاء التطرق إلى أوضاع النازحين، بالإضافة إلى استعراض الدمار الذي يتفاقم يوماً بعد آخر جراء الحرب، وفي اللقاء أكد ممثلا الإتحاد الأوروبي موقف الإتحاد الأوروبي الثابت والداعم لوَحدة اليمن واستقراره.

موقفُ أعداء الأمس أصدقاء اليوم

> عاد الموقفُ الخليجي من جديد، ولكن باتجاه يختلفُ عما كان عليه سابقاً، إتجاه يدعم وَحدة اليمن، ويحذر أحياناً من المساس بها.. فبينما كان موقف دول الخليج في 1990م ضد الوحدة وضد الشرعية باستثناء الموقف القطري الذي وقف إلى جوار الوحدة مسانداً وداعماً ومؤيداً، فإن الموقف الخليجي اليوم قد ربما تكون له حساباته الخاصة على المدى البعيد، فالسعودية تنظر إلى البُعد العقدي بين السنة والشيعة، والكويت ترى أن التقارب بين اليمن وكبرى دول المجلس يصب في مصلحتها.

البحرين هي الأخرى تريد أن تحتفظ برصيد ممتاز من العلاقة مع اليمن، وإن كانت البحرين تقترب من الوضع القائم في اليمن، وخاصة البُعد العقدي، حيث يوجد هناك تيارا السنة والشيعة في آن واحد.

وكان بعضُ النواب في مجلس النواب البحريني قد أدلوا بتصريحات تسيء إلى علاقة البلدين بخصوص الحوثيين، وهو ما دفع بوزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى بعث رسالة إلى رئيس مجلس النواب جاء فيها: »وفي هذا الصدد أود إفادة معاليكم بأنه قد قام عدد من أصحاب السعادة النواب في الآونة الأخيرة بالتصريح لوسائل الإعلام حول أمور تتعلق بدول شقيقة وصديقة مثل تلك التصريحات المتعلقة بالجمهورية اليمنية ومسألة الحوثيين، وهذه التصريحات لا تخدم العلاقات التي تربط المملكة بهذه الدول، كما أن مثل هذه التصريحات لا تتفق مع سياسة ومواقف مملكة البحرين تجاه تلك الدول الشقيقة والصديقة الداعية إلى التهدئة والمحافظة على الأمن والإستقرار...«.

وفي سياق التحركات التي يقوم بها رئيس الجمهورية والرامية إلى كسب مزيد من التأييد في مواجهة الحوثيين زار فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح في ٤٢ سبتمبر الماضي المملكة العربية السعودية والتقى فيها بعدد من المسؤولين في المملكة، كما التقى بعدد من الزعماء العرب، وكان من ضمن الزعماء الذين إلتقاهم صالح في »جدة« عمر حسن البشير -رئيس جمهورية السودان-، وأطلع البشير الرئيس/ صالح على تطورات الأوضاع في دارفور.

كما أطلع صالح الرئيس البشير على تطورات الأوضاع في صَـعْـدَةَ، مجدداً وقوف اليمن إلى جانب السودان لكل ما يصون أمنه واستقراره ووحدته.

والتقى الرئيس على هامش زيارته للمملكة السعودية بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والرئيس الجيبوتي عمر جيلة، والرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد، ورئيسة الفلبين غلوريا أوريو، والرئيس النيجري عمر موسى يارادوا.

لقاء الرئيس بزعماء القارة السمراء في جدة، بالإضافة إلى لقاء القذافي في طرابلس جعل من الإتحاد الأفريقي داعماً لوحدة اليمن، أو بالأصح مؤيداً له في القضاء على الحوثيين.

ومثلما إستطاع صالح أن يكسب ود الإتحاد الأوروبي والأفريقي ودول مجلس التعاون الخليجي، فإنه إستطاع أن يجعل من منظمة المؤتمر الإسلامي مديناً ومستنكراً لأعمال الحوثيين، وذلك ما أشارت إليه صحيفة »الثورة« في عددها (16.392) تحت عنوان: »منظمة المؤتمر الإسلامي: عناصر الفتنة الحوثية بعيدة كـُــلّ البُعد عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف«، حيث قالت: »أعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو عن إدانة واستنكار المنظمة لأعمال العنف والتخريب التي يقوم بها المتمردون في صَـعْـدَةَ«، جاء ذلك في اللقاء الذي جمع أوغلو بوزير الخارجية اليمني الدكتور/ أبو بكر القربي في نيويورك على هامش إجتماعات اللجنة العامة للأمم المتحدة.

وفي نيويورك أكد وزراءُ خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق في بيان مشترك دعم بلدانهم الكامل لحكومة الجمهورية اليمنية وجهود الرئيس/ علي عبدالله صالح للحفاظ على وحدة اليمن واستقراره.

وأبدى الوزراءُ في بيانهم المشترك بتأريخ ٧٢ ديسمبر الذي جاء على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة دعم بلدانهم للحكومة اليمنية ولمبادرات الإصلاح الإقتصادية والحكم، مؤكدين رغبة حكوماتهم في استمرار تقديم المساعدات لليمن التي من شأنها تحسين مستوى معيشة مواطنيها..

كما إلتقى وزيرُ الخارجية اليمني في نيويورك بوزير خارجية المملكة المتحدة ديفيد ميلياند الذي أكد وقوف المملكة المتحدة مع الحكومة اليمنية في التصدي لأي تمرد.

الموقف السوري هو الآخر جاء مسانداً لجهود الحكومة في إيجاد رأي مساند لها في حربها ضد عصابة التمرد والإرهاب -حسب المصطلح الرسمي-، فقد إلتقى سفيرُ اليمن في دمشق عبدالوهاب طواف د. محسن بلال -وزير الإعلام السوري-، وتم في اللقاء إستعراض جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وحسب صحيفة »الثورة« الرسمية العدد (16.396) فقد أشار الوزير بلال إلى أن سوريا هي الحصن الحصين للوحدة اليمنية، وأكد أن الوحدة اليمنية هي ملكٌ للشعوب العربية قاطبة وليست ملكاً للشعب اليمني وحده، وأن سوريا تقفُ مع الجمهورية اليمنية ضد من يحاولون المساس بوَحدتها واستقرارها.

وفي دمشق أيضاً أكد الأمين العام للإتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوح الموقفَ العربي الداعمَ والمؤيد لإجراءات الحكومة اليمنية في القضاء على فتنة التخريب والإرهاب الحاصلة في بعض مديريات محافظة صَـعْـدَةَ، ومديرية حرف سفيان، وحماية وحدة اليمن من دعاة الإنفصال في جنوب الوطن، حسب ما جاء في صحيفة »الثورة« العدد (16.396)، وقال في الرسالة التي وجهها لرئيس الجمهورية: »إنني أتابع الذين لا يرعون عهداً ولا ذمة...«، واختتم بوشكوح رسالته بالقول: »وأؤكد لسيادتكم أن شعبنا العربي يقف إلى جانبكم ويدعو لكم بالنصر الذي لا بد أنه آت بإذن الله«.

مصر هي الأخرى أرسلت وزير خارجيتها أحمد أبو الغيظ ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء/ عمر سليمان يحملان رسالة من رئيس جمهورية مصر محمد حسني مبارك تؤكد وقوف مصر الكامل إلى جانب اليمن وأمنه واستقراره، وأن مساندة اليمن والحفاظ على أمنه وسلامة أراضيه تمثلان أولوية خاصة من أولويات السياسة الخارجية المصرية، كما تؤكد الرسالة موقف مصر الرافض لأية تدخلات في الشأن اليمني واستعدادها لدعم اليمن بما يكفل التصدي لدعاوى الفرقة والإنقسام التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار اليمن.

رسالة مصر تشيرُ إلى أنها ضد التدخلات الإيرانية في اليمن، وإن كانت إيران قد قالت على لسان سفيرها في المنامة أنها تدعم وحدة واستقرار اليمن.

كـُــلُّ ما سبق يؤكد نجاح الدبلوماسية اليمنية في تحقيق ما تصبو إليه، كما أن هناك موقفاً للسفراء العرب بموسكو وموقفاً لجامعة الدول العربية التي زار أمينها العام صنعاء يوم الأربعاء، وكلها تؤكد دعمَها لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، إضافة إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي تجعل من قضية صَـعْـدَةَ شأناً داخلياً، والتي تحاول اليمن إقناعها بإدراج حركة الحوثي ضمن قائمة الإرهاب، ولكن دون جدوى.

تحركات الدبلوماسية اليمنية هل تعني أن الوحدة مهددة بالإنهيار؟!.

المؤشرات تقول لا.. فالوحدة هي أغلى ما يمتلكه اليمنيون ولن يفرطوا فيها مهما كان الثمن، فلا الحوثي يستطيع إعادة الإمامة، ولا الحراكيون يقدرون على إعادة التشطير وإرجاع زمن البراميل.







https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن