لمناسبة اليوم العالمي لغسل اليدين!

حسن الشرع
hasan.alsharaa@gmail.com

2009 / 10 / 16

من يقرا التراث العربي والاسلامي يدرك مقدار الجهد الكبير الذي صرفه المفكرون والفقهاء في امور كثيرة من قبيل الحيض والنفاس ووطأ البهيمة والتذكية وغيرها الكثير مما عدوه الابتلاءات الشرعية ولكنهم افاضوا و استفاضوا ايما افاضة بموضوع الغسل والوضوء مع التركيز على المسائل الخلافية كغسل الوجه واليدين والرجلين وحدود الغسل وكيفياته واحتمالية المسح وحيثياته ،لقد الف الفخر الرازي رسالة كبيرة في موضوع غسل الرجلين او مسحهما مستندا الى الكتاب والسنة واللغة وغيرها من مصادر التشريع ،ثم ان المعاصرين منهم ابدعوا كثيرا في الفلسفات التي تبتني عليها بعض المباني الفقهية فقد قرأت رأيا يقول بغسل اليد اليمنى غسلتين واليسرى واحدة .وتعد الغسلة الاولى واجبة والثانية مستحبة وليست تكميلية او احتياطية بحيث ان الثانية لا يعتد بها اذا ما فشلت الاولى نقصانا او اهمالا او بهتانا...
اما القائلون بغسل الرجلين فقد خاضوا جولات وجولات في شرح هذا الغسل المبارك الذي ينكره عليهم اخرون ويصيرونه مسحا على انهم أي اصحاب الغسل يذهبون الى المسح على الخف وقد رايت الكثير من الجنود يصلون في المساجد ببساطيلهم التي لا تصلح للمسح عليها ،والواقع ان الناس ليسوا مهتمين كثيرا بصنعة هؤلاء القوم على الرغم من ان الكثير منهم موضع ومثار احترام العامة ما داموا ينشدون الصلاح والنظافة، والوضوء بحد ذاته ليس واجبا لكن الصلاة لاتصح بدونه وعلى هذا الاساس اصبحت مقدمة الواجب واجبة.
لقد خطر ببالي كل هذا الكلام وانا اتطلع الى شاشة التلفاز الصغيرة التي اقرا عليها بصعوبة عنوانا تحتيا (سبتايتل)يقول ان يوم غد الخميس الذي يصادف منتصف تشرين الاول هو اليوم العالمي (لغسل اليدين)! لا اخفي عليكم استغرابي ودهشتي لهذا الموضوع ،فقد صادف ان المذيع كان يقرأ مزيدا من أخبار البرلمان العراقي والحكومة العراقية والقضاء والرئاسة وهي جهات يتهم الكثير من افرادها بعدم نظافة ايديهم بما لا ينفع معا الغسل بكل انواع المنظفات والمطهرات الاسلامية الصنع.
لا اعتقد ان هؤلاء سيهتمون لهذا الاعلان رغم خوفهم الشديد على حياتهم وزهدهم الكبير بحياة مواطنيهم من عامة الناس ،كما لا اعتقد ان اغلب هؤلاء ان لم اقل كلهم مهتما برسالة الفخر الرازي قدر اهتمامه بغسل الجنابة.او احكام السباحة على الريفيرا او السياحة الخارجية وعلاقتها برواج المسافر لمن يعتقد به وزواج المتعة لمن يقر بصحته ،لكنهم جميعا يقرون بان الشهيد لا يغسل ،على الرغم من ان من الشهداء من كان ضحية لشراهتم للاستزادة من فقه غسيل الاموال ومعاهده في موناكو وجنبف والبندقية .
توشك ولاية ممثلي الشعب العراقي وحكومته على بلوغ نهايتها المفترضة في بداية العام القادم دون قيامهم بغسل ايديهم بمنظفات القاصر او الزاهي خوفا من ان تكشفها اجهزة السونار الحديثة المستوردة خصيصا لهذا الغرض فضلا عن امكانية الكشف عن بلاتين الاسنان وحبات ارتفاع الضغط والكولسترول والباراسيتامول وربما الفياكرا الصينية الصنع والتي ربما تنوي وزارة التجارة توزيعها على المواطنين الشرفاء ضمن البطاقة التموينية بديلا مناسبا للدبس والتمر بعد ان تم غسل اشجار نخيل الفاو والبصرة بماء الخليج المالح ،لكنهم ربما عادوا الكرة لولاية اخرى ما دام ذلك ممكنا والقضية سهلة جدا ...ان يغسل المواطن المسكين يديه مرة ومرتين الى المرافق وربما اكثر ويواضب على الوضوء فهو يهدأ النفوس المتشنجة ثم يلتفت الى قدميه ويتفقه بل ويتغزل بغسلها او مسحها فبهما يدخل الجنة مقدما اليمين على الشمال اما المسؤول فواجباته اكثر تعقيدا فمازال الكثير من راس المال بحاجة الى الغسيل فقد تم ترحيله من جولة الخرابيط الاولى وهو مقدم على الوضوء ومقدمة الواجب واجبة...ولا بد للمسؤول ان يضمن ان المواطن الشريف لا بد ان يغسل يديه جيدا استعدادا للموت واستقبالا للشهادة التي يتشرف بها المسؤول ،فلا بد ان الجنة ستسع الضحية والجلاد والطاهر والمتسخ كيفما كان الغسل او المسح ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن