بناء الفكر الاجتماعي

ايمان محسن جاسم
aman.aman32@yahoo.com

2009 / 8 / 31


إن طبيعة الإنسان البشرية تعتمد في مضمونها على ثلاثة محاور مهمة، وهي التي تملي على الفرد كل ما يصدر منه، وهذه المحاور تتألف من الركيزة العقلية ثم الجانب النفسي والجانب السلوكي ومهما اختلفت ردود الأفعال لدى الإنسان إلا أنها لا تخرج عن كونها تنطلق من أحدى هذه القنوات أو كلها متفاعلة مع بعضها بعضا، ويعدّ شعور الإنسان بالمسؤولية هو إحدى أهم العمليات التي يحكمها الجانب الذهني، ولكن المشكلة الكبرى هو أن يكون للفرد دور يرتبط بالمجتمع بصورة مباشرة مثل الكتاب والأدباء والصحافيين والمنتجين للبرامج و الأفلام والمسلسلات.. فالمساحة الإعلامية هي من أهم النقاط المؤثرة في الشعوب على اختلاف ثقافاتها. حشد كبير من المسلسلات الدرامية المنتجة عربيا أو المدبلجة تعرض على شاشات المحطات التلفزيونية خلال شهر رمضان. وهذه مسألة تعكس الكثير من الجوانب الإيجابية في مجال الإنتاج الدرامي التلفزيوني، ومن ذلك تبادل الأعمال والتعرف، في أقل تقدير، على اللهجات العربية المختلفة والتعود عليها. غير أن مضامين تلك المسلسلات يستحق إعطاءها الكثير من الاهتمام والتحليل، وذلك حتى لا نقع دوما في سلبيات ينتقدها الباحثون والمهتمون بمجال الإنتاج. إذ هناك – في هذه الأعمال- تركيز كبير على الكثير من المشكلات العائلية والشخصية، وتضخيمها بشكل كبير أحيانا. وندرك أنّ الأعمال الدرامية حين تركز بشدة، على المشكلات الموجودة في المجتمع، فإنها تعمل- ليس على التقليل منها، أو معالجتها- ، وإنما على العكس من ذلك، انتشارها وحتى استفحالها. النقطة الثانية، هي أن معظم تلك المسلسلات، لا تخلو من مشاهد عنف ضد المرأة. وهذه نقطة خطيرة يجب التنبه لها والعمل على إزالتها ونقدها بشدة. إن الكثير من الناشئة في مجتمعنا اليوم قد لا يجدون في الحياة مناخا يدحض لهم السلوكيات المرتبطة بالعنف أو الإساءة للآخرين على أنها مشينة وسيئة، لأن الكثير منهم يعيش في أسر تواجه الكثير من المشكلات والضغوط، وربما يشكل العنف في حياتها إحدى وسائل التنفيس التي لا تستطيع تفاديها. النقطة الثالثة التي أتمنى أن يوجد لها اهتمام عند إنتاج هذه المسلسلات، هي الحذر من التركيز على تصوير نمط واحد من أنماط الحياة على أنه هو النمط الأوحد الذي يعيشه الإنسان، وخلق صورة له تجعل منه وكأنه النموذج الأوحد الذي نعيشه وهذا النمط متمثل في الثراء والاهتمام بالمظاهر والدوران حول الذات والمشكلات الشخصية. إنّ غالبية المسلسلات العربية أو المدبلجة تصوّر البشر من خلال تصوير نمط حياة متمثل في العيش في البيوت الفخمة والكبيرة واستعمال السيارات الفارهة، وكل المظاهر الأخرى المرتبطة بالثراء.. تصورهم على أنهم جميعا أثرياء وليست لديهم اهتمامات في حياتهم، ومعنيون فقط بأمور الطلاق والحب والزواج والميراث، وأحيانا تعاطي المخدرات أو ممارسة العنف والغريب في الأمر إن هذه العدوى انتقلت الى المسلسلات العراقية التي تنتجها بعض القنوات الفضائية العراقية وتعرضها. ويبقى السؤال المهم، هل ستجد هذه الملاحظات، من يأخذها بعين الاعتبار، أم أننا سنبقى نعاني من الفجوة الكبيرة القائمة بين من يعملون في مجال الإعلام ومن يدرسون تأثيراته؟.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن