هجمات 11 سبتمبر لا تزال تؤثر على صحة الأمريكيين، فكيف هي صحة ضحايا هجماتهم المستمرة على مدن العراق وافغانستان؟

محمد عبعوب
m_aboab@yahoo.com

2009 / 8 / 7

قالت دراسة نشرتها مجلة طبية أمريكية ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي تعرض لها مركز التجارة العالمي ومقر البنتاجون لا تزال تؤثر على صحة الأمريكيين. الدارسة -التي نشرت في مجلة جورنال اوف أميريكان ميديكال أسوسييشن والتي غطت 71 ألف و 437 شخصا- أوضحت أن الأشخاص الذين كانوا موجودين بالقرب من الأهداف التي طالتها الهجمات وقت وقوعها لا يزالون رغم مضي سنوات عديدة على هذه الهحمات يعانون عدة أمراض أبرزها الربو إلى جانب أعراض مرتبطة بصدمة ما بعد الإصابة.
للخبر وجهان، وجه يبين مدى اهتمام المؤسسات الامريكية بالصحة النفسية والعضوية لمواطنيها، ومدى خبرة وذكاء مؤسسات الدعاية والإعلام لديهم في استثمار اللحظة والحدث بالتضخيم وتتبع كل النقاط التي يمكن أن تفيد في حشد الرأي العام لخدمة سياسات معينة، وهنا التوجه مسخر للحشد ضد المسلمين وضد العرب..
الوجه الثاني للخبر هو مدى استهانة مؤسسات الدعاية والإعلام الأمريكية والغربية بالضحايا عندما يكونون من غير الأمريكيين والغربيين بصفة عامة، بمعنى أنه عندما يسقط أكثر من مليون عراقي ضحيا لكذبة مفبركة في دوائر الحرب الأمريكية ويتم الاعتراف بأنها كذبة لا أساس لها من الصحة، يصبح الأمر عاديا ولا يستحق المتابعة والاهتمام من تلك الآلة الإعلامية الجبارة التي تتناوله من باب الاهتمام بمقتل فيل او قرد في واحدة من حدائق الحيوانات لديهم لا أكثر ولا اقل ..
ثمان سنوات مرت على تلك الهجمات التي اختلطت المعلومات حول مدبريها ومموليها ومنفذيها وكثر اللغط حول من يقف وراءها، لكن إدانة الإسلام والمسلمين والعرب فيها لا زالت على رأس أجندات كل المجموعات الإعلامية الأمريكية والغربية الجبارة التي تهيمن على صناعة الخبر وتزوير الوقائع وفبركة الأكاذيب وتبرئة المذنب متى كان غربيا وإدانة البريء متى كان مسلما أو شرقيا..
أنا لا أتوقع أقل من هذا من تكتل أعلن منذ القرن الثامن عشر حربه علينا، ولا زال الشرق والإسلام عدو استراتيجي له، ولكن ما يؤسف له هو جهل العرب والمسلمين وأهل الشرق بصفة عامة بأساليب إدارة هذا الصراع إعلاميا ، وذلك لأسباب عدة أهمها غياب التنسيق وتكامل المواقف في مواجهة هذه الحرب الإعلامية ، وعجزهم عن بناء مؤسسات إعلامية حقيقية قادرة على كسب الرأي العام لديهم أولا ، ولما لا حتى جزء من الرأي العام الغربي..
إن جرائم أمريكا والتحالف الغربي في حق العرب والمسلمين منذ ثلاث قرون مضت أكثر وأخطر من يتم تجاهلها والتعامل معها كأخبار عابرة، فهاهي هجمات 11 سبتمبر قد مضى عليها سبع سنوات و لا زالت تتصدر عناوين الصحف والأخبار في وسائل الإعلام الغربية، لترسخ في وعي كل إنسان يبلغ سن الرشد أن الإسلام والمسلمين هم مصدر الخطر على الحضارة الغربية، وأن ما يقوم به جنود الغرب من قتل وجرائم في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان هي أعمال ضرورية لتفادي تكرار تلك الهجمات ولضمان سلامة ورفاهية وامن كل إنسان في أي قرية نائية في أوروبا و أمريكا..
إن المؤسسات الإعلامية العربية وفي العالم الإسلامي بالرغم من أنها مهلهلة وفارغة ومعظمها مسخر لخدمة الأصنام التي تحكم هذا العالم، إلا أنها لو تم تخصيص مساحة من صفحاتها ووقتها لإثارة تلك الجرائم التي ارتكبت والتي لا تزال ترتكب كل يوم في العراق وفلسطين وأفغانستان وتبصير الإنسان الغربي بحقيقتها ودوافعها ، فهي حتما ستجعل مؤسسة الحرب والسياسة الغربية تحسب ألف حساب قبل الإقدام على أي جريمة.
وبالنظر إلى الواقع الحالي، والى أن يعي العرب والمسلمين هذه الحقيقة، فإن الغرب سيكون قد رسخ في أذهان مواطنيه صورة نمطية للعربي والمسلم كإرهابي ومجرم وقاتل يجب التخلص منه بأي وسيلة، وعندها لن يكون في وسع أي مؤسسة إعلامية مهما أوتيت من قدرات على إصلاح تلك الصورة، ونصبح غجرا في أوطاننا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن