من أضراب كاورباغي ألى ضياع الهوية

فاروق سلوم
farouqsalloum1@yahoo.com

2004 / 5 / 1

يكاد يكون أضراب عمال النفط في كركوك عام 1946 علامة مبكرة للنضج السياسي وألطبقي للشغيلة العراقية بوجه شركة النفطIPC ..وظل ذلك الحادث علامة تعتز بها الحركات السياسية العراقية والمناضلون الوطنيّون منذ أكثرمن ستّة عقود. وقد سمّي أضراب كاورباغي
نسبة آلي بستان كاورباغي حيث مكان أجتماع الشغيلة وقادة حركتهم النقابية المبكرة التي شهدت ولادتها ألأولى منذ عام 1944 ، كما شكّل الهجوم الذي شنّته الفئات المسلحة التي تواطئت مع ادارة شركة النفط في كركوك يوم 12 تموز 1946 والذي سقط من جرائه 16 شهيدا من العمال وقيادييهم ..حدثا وطنيا يعبر بقوة عن الروح الوطنية ، والتضحية الريادية دفاعا عن الرمز الطبقي..و
المطالب المشروعة لقاعدة واسعة من الشغيلة العراقية يومذاك.
لقد أعلن العمال أضرابهم منذ اليوم ألأول من شهر تموز عام 1946 وأستمر ألأضراب رغم المباحثات والمداولات التي حاولت شركة النفط وألأدارة البريطانية أمتصاص ألأندفاع الكبير الذي أبداه قادة الحركة النقابية، وواصل العمال أضرابهم ولقاءاتهم وأجتماعاتهم حتى تفجرت ألأحداث الدامية والتي تمثل نموذجايمكن قراءته ألآن برؤية مختلفة لدور الطبقة العاملة العراقية فيما تواجه ألقاعدة العمالية مشاكل البطالة
وألألغاء والتهميش..وعدم وضوح موقف الأحزاب الساسية الحليفة للأحتلال من القاعدة الواسعة من عمال البلاد في ظل ألأحتلال.
ولابد هنا من ألأشارة الى ألأجراءات التي أتخذها ألدكتاتور في السبعينات لألغاء الهوية الطبقية والدور التنويري ..والفعل التنظيري في أطار الفكر الماركسي،
للطبقة العاملة يوم جعل ألعمال ملاكا وظيفيا ضمن هيكل الدولة مستفيدا من نجاح قرار التأميم
وألأجراءات التي أعادت ألحقوق الوطنية يومذاك ..بشكل جعل القاعدة المستفيدة منخرطة في
في بيئة غريبة من ألأنتماء وألهوية، وقد أفقد ذلك ألأجراء الطبقة العاملة مكانتها ومميزاتها تدريجيا حتى غدت مدغمة وسط تيار تلفيقي جارف لشؤون المجتمع يقوم على ألأكراه وألأجبار والتخويف والقتل . وقد كان قطاع العمل جراء تلك الإجراءات قد فقد الدور الريادي والتنويري داخل المجتمع كما مسخت الشخصية العمالية فغدت شخصية هامشية وطارئة ..وربما مخربة للبنى الاجتماعية جراء التجهيل وفقدان الهوية.. وألأقصاء،
وكان لإلغاء التنظيمات النقابية واحتكارها ومطاردة الحركات السياسية وألأنفراد بألسلطة..
وتكريس الهوية الفردية بالتسلط والقوة والقتل قد أخرج القاعدة العمالية من ساحة العمل النضالي الى ساحة الصراع من أجل العيش وذلك في ظني أقسى مايمكن أن يواجهه العمل الوطني والسياسي بشكل عام.
وقد كنا نقرأ في سلوك قطاعات العمل ضياعا ..وانعداما للفكر وتجهيلا وضعفا في الطاقة التأثيرية على جدلية الحياة والفكر حتى غدت القاعدة العمالية عبئا مضادا لكل تحول ممكن ..لذلك مطلوب أليوم التأكيد على أعادة تأهيل هذا القطاع المهم وأطلاق ثقافته وتوفير القاعدة النقابية ..وألأهم تبني الأحزاب والحركات السياسية اليوم منهجا واضحا في دعم قطاع العمال ومنحه الدور المؤثر في أعادة صياغة الحياة ..والهوية ..وشخصية النضال الوطني ألآن./بغداد 30/4/2004ــــ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن