رسالة الى منظمة العمل الدولية

حمدى حسين
www.hamdy@gmail.com

2009 / 6 / 4

لسيد / مدير عام منظمة العمل الدولية
تحية طيبة وبعد
نبعث اليكم بالتهنئة بمناسبة انعقاد مؤتمركم ( مؤتمر منظمة العمل الدولية ) السنوى فى جنيف فى الفترة من 3 الى 19 يونيو 2009 ، وبهذه المناسبة نود ان نوضح لسيادتكم بعض الحقائق حول الوضع النقابى والعمالى فى مصر حتى لا تنخدعوا بالاكاذيب التى تعلنها الحكومة المصرية حول  الحياة العمالية التى شهدت ما يقرب من 1000 احتجاج عمالى منذ منتصف 2008 وحتى الان . والصورة التى نرغب فى اظهارها لمنظمتكم الدولية المنحازة لحقوق العمال الهدف من ورائها الضغط على حكومة مصر لتنفيذ الاتفاقيات والمعايير الدولية التى وقعت عليها الحكومة المصرية ووافق عليها مجلس الشعب المصري ولا تنفذها . .. فالحرية النقابية هي حق اساسى من حقوق الإنسان،وقبل أن يعترف المجتمع الدولي بهذاالحق ،انتزعته الطبقة العاملة العالمية بنضالاتها وتضحياتها،وفرضت هذا الحق كأمر واقع قبل أن يتم تكريسه في الاتفاقيات والمعايير الدولية،وأيضاً قبل أن يقنن في التشريعات الوطنية ، ففرضوا تأسيس أول نقابة عمالية عام 1898، و الطبقة العاملة المصرية وهى جزء من الطبقة العاملة العالمية ، والتي ناضلت نضالا جماعيا لأكثر من 40 عاماً تمكنت خلالها من تحقيق وجودها مستفيدة من خبرات النضال للعمال الأجانب الذين قادوا العديد من الاضرابات في فترة مبكرة من تاريخ الحركة العمالية المصرية وقد اتسم كفاح العمال المصريين بالطابع الاقتصادي لتحسين ظروف وشروط العمل وزيادة الأجور ثم تطور الكفاح العمالي بعد التحامه بالحركة الوطنية ليتخذ الشكل الاجتماعي ذات المضمون السياسي واستطاع العمال أن يؤسسوا نقاباتهم المصرية الخالصة ، بعد أن انتزعوا في فترة مبكرة من نضالهم كما ذكرنا.. تأسيس أول نقابة عمالية عام 1898، عادوا وانتزعوا أول اعتراف بقانون ( تشريع )القانون 85 لسنة 1942 بحق العمال المصريين في تكوين النقابات العمالية الحرة المستقلة ... ويذكر أنه في نهاية عام 1944 أنشأ العمال المصريين " مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية " كأحد أشكال العمل الجماعي للنقابات ( المتعددة ) وضم في حينها 25 نقابة تضم 15 ألف عامل من القاهرة وحدها وأيدها من الأقاليم 70 نقابة عمالية ، شارك هذا المؤتمر في سبتمبر من عام 1945 بثلاث مندوبين في المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي الذي انعقد في باريس ... وبذلك أيضاً اكتسبت النقابات العمالية المصرية الشرعية الدولية دون تدخلات أو وساطات حكومية ، ومثل ما توحد العمال لانجاح هذا المؤتمر ، تجمع العمال ونقاباتهم المتعددة لتشكيل اللجنة الوطنية للعمال والطلبة ، ومن بعدها توحد العمال ايضا بشكل طوعى ( أكثر من مائة نقابة ) ليؤسسوا اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لعمال مصر عام 1951.وبالفعل تحدد تاريخ 27/1/52 لانعقاد المؤتمر العمالى لولا مؤامرة حريق القاهرة..ولكن القوة التي كانت ظاهرة على النقابات وتأثيرها على الحركات العمالية وتحملها للضربات المختلفة من قبل الحكومات المتعاقبة ومن الاستعمار وعملائه أدت إلى أن توجه الأحزاب السياسية النظر إليها وبدأت تلك الأحزاب تتصارع من اجل أن تفوز بالسيطرة على هذه النقابات واتحاداتها التي تشكلت من تحت عباءة هذه الأحزاب وساعد على ذلك تدنى الوعي النقابي عند القواعد العمالية ولجوء العديد من رؤساء الاتحادات والنقابات للبرجزة والوجاهة الحزبية وذاد ذلك فى فترة الخمسينات والستينات حيث ارتمت النقابات العمالية فى حضن السلطة وقبلت الكثير من القيادات العمالية الوظائف الرسمية في وزارة العمل والاتحاد الأوحد للعمال تحت حجة " أن السلطة تلبى احتياجات العمال دون مطالبة"...وبدأت النقابات فى ارتياد الثوب البيروقراطى ووقوفها بجانب السلطة التى كانت تقمع التحركات العمالية ، وفى عهد السادات ( عهد كامب ديفيد وانفتاح الاقتصادى ) ومن بعده عهد رجال الاعمال بقيادة مبارك ساد مناخ سياسي واقتصادى معادي للطبقة العاملة المصرية وتدهور حاد فى الاحوال المعيشية وارتفاع الاسعار فاق تحمل الاغلبية من السكان وفى القلب منهم العمال وتخلى الحكومة عن التزاماتها بتقديم الخدمات فى العلاج والاسكان والدعم ، فى نفس الوقت سقطت الحماية التشريعية التى كانت قائمة بشأن حقوق العمال فى الاجور وعلاقات العمل وشرعت الحكومة فى تنفيذ اقانون العمل 12لسنة 2003 فأخلت بذلك الساحة لرجال الاعمال وملكتهم كل الصلاحيات وسلطات اتخاذ القرار ليمارسوا هوايتهم فى مص دم العمال بعد ان تم تجريد العمال من أسلحة التفاوض وأهمها حق الاضراب ومن ثم تفريغ التنظيم النقابى من أى قدرة نقابية ، أدى ذلك وغيره الى تطور الوعى العمالى وبدأت القيادات العمالية الواعية تشكل اللجان العمالية على المستوى القومى للدفاع عن العمال والمطالبة بالحريات النقابية مثال: ( اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية ، وكذا لجنة التضامن العمالى " نحو مؤتمر عمال مصر " ... ثم قررت مجموعة من النشطاء الديمقراطيين المدافعين عن الحقوق والحريات النقابية للطبقة العاملة المصرية وسائر الكادحين تكوين " المرصد العمالى " من أجل الرصد والتصدى للانتهاكات التى تتعرض لها الطبقة العاملة المصرية وحركتها العمالية والحريات النقابية مستلهمين فى ذلك التراث النضالى للطبقة العاملة المصرية والاتفاقيات الدولية للحريات النقابية التى وقعت عليها مصر وكذا معايير العمل الدولية ، ،،
هذه الاتفاقيات والمعايير الدولية التى أكدت على :
*حق العمال فى الانتماء الى الجمعيات والنقابات ، وأنه لا يجوز إخضاع حق تكوين النقابات والانضمام اليها لاية قيود .
*عدم التدخل فى شئون النقابات ، وأن تكون مسألة تكوين الاتحادات والانضمام اليها ، وتنظيمها شأناً داخلياً لمنظمات العمال وأعضائها .
لمنظمات العمال الحق في وضع دساتيرها ولوائحها الادارية ، وفي انتخاب ممثليها بحرية كاملة ، وفي تنظيم ادارتها ، ونشاطها ، وفي إعداد برامج عملها .
لايخضع اكتساب منظمات العمال واتحاداتهم واتحاداتهم العامة الشخصية الاعتبارية لشروط من شأنها أن تقيد تطبيق هذه الأحكام …. الخ .. من الاحكام التى تضمنتها المعايير والمواثيق والقوانين الدولية التى وقعت عليها مصر وترفض تنفيذها وتصر على تنفيذ نصوصا في قانون النقابات العمالية الحالى تتعارض مع هذه المعايير حيث تخضع النقابات العمالية في مصر لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته بالقانون رقم 1 لسنة 1981 ، والقانون رقم 12 لسنة 1995 . وهناك العديد من الأحكام التي تتضمنها هذه القوانين الثلاثة تتعارض مع المعايير الدولية لقيام نقابات حرة ومستقلة ، ،، وقد سبق ان رفضتموها وطالبتم الحكومة واتحاد العمال المصريين بالعدول عنها … هذا وقد رفضها عمال مصر بمجرد صدورها ويناضلون من أجل الغائها واستبدالها بنصوص وأحكام تتمشي مع المعايير الدولية لقيام نقابات حرة ومستقلة .
وأيضاً الحكم التاريخى للمحكمة الدستورية العليا فى 15/4/1994 والذى جاء فى حيثياته “ ضرورة أن تستقل الحركة النقابية بذاتها ومناحي نشاطها وحرية العمال فى تكوين تنظيمهم النقابي وحرية النقابة فى ادارة شئونها ، واقرار القواعد التى تنظم من خلالها اجتماعاتهم،ولا يكون تأسيس نقابة رهن بإذن من الجهة الادارية،ولا تتدخل فيه السلطة العامة بل يستقل بعيداً عن سيطرتها ". ورفع العمال فى اضراباتهم وتظاهراتهم شعار " عايزين نقابة حرة العيشة بقت مرة " وشرع عمال المحلة فى تجميع ما يقرب من 11 الف توقيع لسحب عضويتهم من نقابة غزل المحلة وسعوا لتشكيل رابطة للعمال ثم طوروا ذلك نحو السعى لتشكيل نقابة حرة ومستقلة .. وفى الوقت نفسه اعلن العاملين بالضرائب العقارية فى مؤتمر ضم الآلاف منهم عن تكوين نقابة حرة ومستقلة بعيدا عن عبائة اتحاد النقابات الموالى للحكومة ... وكانت باقورة الوعى بضرورة انتزاع حق العمال فى الحرية النقابية أن بادر مركز هشام مبارك للقانون بدعوة عدد من القيادات العمالية والنقابية الشريفة و9 من الاحزاب المصرية و23 من المراكز والجمعيات ( المجتمع المدنى ) ليشكلوا حملة " معاً من اجل اطلاق الحريات النقابية وديمقراطيتها " ليشرعوا جميعا لعمل مشروع لقانون النقابات العمالية الحرة والمستقلة بعيدا عن قانون النقابات الحالى الذى عابت عليه منظمة العمل الدولية كما عابت على قيادات اتحاد النقابات والحكومة اضطهادهم للعمال وتقيدهم حرية تشكيل النقابات ... وبالفعل انتهت العديد من القيادات العمالية والاحزاب والقوى السياسية ومراكز وجمعيات المجتمع المدنى من الانتهاء من عمل مشروع قانون للنقابات العمالية ( 25 مادة ) وبدأت اجراءات عرضه على عدد من أعضاء مجلس الشعب والاعلامين والقواعد العمالية فى أهم المناطق العمالية للتعرف على وجهات نظرهم تمهيدا لعرضه على مجلس الشعب .
كما أنتهز هذه الفرصة لأعلق على التنظيم النقابي الرافض للمعايير الدولية … محاولته المكشوفة لنيل رضا منظمة العمل الدولية قبل مؤتمرها القادم … فبالامس القريب وقبل سفر رئيس اتحاد العمال المصري وهو من رجال الاعمال المصريين لحضور احد المؤتمرات الدولية قامت النقابة العامة بتأييد اضراب عمال غزل شبين ضمن بهرجة اعلانية مكشوفة توحى ان النقابة تؤيد مطالب العمال وتؤيد الحق فى الاضراب !!!!!
واليوم قامت نفس النقابة وقبل سفر الوفد المصري لحضور المؤتمر الدولي فى جنيف بعمل بهرجة دعائية لتأييد اضراب عمال شركة طنطا للكتان صاحبها فى ذلك كل من نقابة الدلتا للغزل ،، وغزل المحلة !!!!
وتعليقنا على النقطتين السابقتين هو : اين كانت النقابة العامة للغزل منذ امتناع الشركة عن صرف الارباح من عام 2005 … واين كانوا عندما قرر أصحاب العمل عام 2007 فصل 9 من العمال بينهم 2 من النقابين … ولماذا تتحرك نقابة غزل المحلة الان قبل المؤتمر الدولى لمناصرة كتان طنطا فى الوقت الذى وقفت ضد عمال غزل المحلة اثناء كل اضراباتهم الاخيرة ورفضت الانصياع للعزل بعد أن سحب عمال غزل المحلة الثقة منها بل وقفت الى جانب الادارة والامن ضد العمال ولعبت النقابة العامة والاتحاد دور لمحاولة تفتيت وحدة القيادات العمالية بشراء البعض واغرائهم بالمناصب …. اما نقابة الدلتا فاسألوا عن تاريخها الاسود مع عمال غزل طنطا ونسيج زفتى …
كما نرجوا من سيادتكم مساءلة السيدة / وزيرة القوى العاملة … لماذا ترفض اجراء انتخابات لاختيار مجلس نقابة لشركة غزل ميت غمر حتى الآن رغم مرور ثلاث سنوات على بداية الدورة الحالية ???? ولماذا ترفض مع رئيس الاتحاد والنقابة العامة للنقل البرى تشكيل نقابة عمالية للعاملين فى المواقف بمحافظة الغربية ???? ولماذا يصر رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج على اعادة تعيين رئيس نقابة غزل الفيوم واستمراره كرئيس للنقابة رغم خروجه على المعاش ورغم رفض العمال له ولاعضاء النقابة الحالية وقام العمال بتجميع توقيعات لأكثر من ثلثى عمال الشركة لسحب الثقة منهم وتقدموا بها حسب القانون لسحب الثقة من النقابة ، الا ان مسئولى النقابة العامة رفضوا تنفيذ القانون ولم يرضخوا للمعايير الدولية فى ذلك الشأن ..
لكل ما سبق وغيره كثير ناضل عمال مصر وما زالوا يناضلون من أجل إصدار قانون جديد للنقابات العمالية يستندون في ذلك إلي المعايير الدولية لقيام نقابات حرة ومستقلة والتي أصبحت ملزمة للحكومة المصرية ويتعين على الحكومة المصرية الانصياع لمطالب العمال فى حقهم فى الحرية النقابية والديمقراطية و عدم إصدار قوانين تتعارض معها … وعلى منظمة العمل الدولية أن تؤكد دعمها لعمال مصر وترفض تدخل الدولة ضد ارادة العمال فى تشكيل نقاباتهم المستقلة وخاصة فى المدن الصناعية التى يسيطر عليها رجال الاعمال والمستثمرين الاجانب وكلهم يضربوا عرض الحائط بالمعايير والمواثيق الدولية الخاصة بالعمل وحرية تشكيل المنظمات النقابية .
وأخيراً ارجوا لمؤتمركم الموقر كل التوفيق والنجاح فى تفعيل المعايير والمواثيق الدولية لما هو في صالح الطبقة العاملة فى العالم ،،،،
مقدمه لسيادتكم نقابى / حمدى حسين
عضو لجنة تفعيل حملة معاً من أجل اطلاق الحريات النقابية والعمالية / مصر
ومدير مركز آفاق اشتراكية بالمحلة الكبرى
المحلة الكبرى / مصر … فى 2/6/2009
www.hamdy@gmail.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن