المشروع الثقافي العراقي في مرحلة مابعد التغيير وجدلية الانتماء...!

ناصرعمران الموسوي
naser68march@yahoo.com

2009 / 4 / 19

بالمنظور الراهن ،لتداعيات الحدث السياسي بكل أبعاده الإستراتيجية المضمخة بحناء التغيير النيساني الذي تصفح نوافذنا ذات صباح، فطرز ابتسامته على سواد الغائم من مستقبلنا المرهون بأمزجة قواد الضرورة ،الذي لم يخلق الربْ غيرهم في البلاد وفوضهم يتلاعبون بأعمار العباد من أول صرخة الولادة حتى أنة النهاية ، الحدث السياسي ألتغييري لم يكن وليد البيضة المخصبة على أرائك التجاذب القدري لرسم الخصوبة البشرية إنما كان ولادة خارج رحم التداعيات ،علق عليه عقم مراحلنا الكثير من الألم المفقود ،فتداعى على أساسه ضوءاً في نهاية نفق دهليز مرحلة ترنحت بكلكلها إلى هاوية سحيقة في مجاهل التاريخ ، الحدث التاريخي لم يصنع الرؤية السياسية الجديدة فقط بل صنع المسلمات الضرورية لبناء دولة .
وإذا كانت بنيوية المفهوم الذي ارتكزت عليه أسس الدولة غادرها بمجرد أن تهاوى صنم بغداد ،ليترك البلاد بين فوضى الفهم الأمريكي الخلاقة وفوضى العبث العراقي الذي أعتلى ناصيته حادث النهب والسلب وهو أمر طبيعي بحسب ردت الفعل الناجمة عن منظومة فهم آثر النظام السابق على نضجها مبتعدا عن التثقيف المجتمعي الذي يؤسس لفهم متمدن للدولة .
إن المشروع الثقافي لمرحلة ما بعد التغيير توارى خلف عدة مجاهيل أهمها
الأجندة السياسية أي ما يعرف بثقافة التسييس للبرنامج السياسي وإذا علمنا أن التغيير كان خارجيا ً عرفنا إلى أي مدى انحسر مشروع الثقافة الخاضع لأجندة الحزب ،ثم الحاضن العادي للمشروع الثقافي المتمخض عن تجربة الدكتاتورية القاسية والانفتاح على المنهج الديمقراطي وهذا أيضا مجهول يؤكد لنا ذلك المتداعي لمرحلة ما بعد التغيير التي استنزفت المدور ألزماني للتجذر التاريخي بدون أدنى توافق مكاني يؤطر تجديد المرحلة بل أن الحضور المتجذر تاريخيا فتح شآ بيب تمشكل إنحازت الى التحارب والانقسام ولولا التعكز على صيرورة الحياة كمشترك للجميع لراح البلد في دوامات الطوائف والملل والقوميات ،ورغم قوافل الأضاحي التي وسمت جغرافية العراق وأعطته فهما مشتركا بلون قاني احمر ألا إن المشروع الثقافي ظل بعيداً عن حضوره ،وإذا كانت الحواضن المتعددة أفرغت تعاملها الثقافي وقاسته بمنهجيتها وربطته بتداعي مصالحها ،فان الطبقة الأكثر تحفيزاً لصياغة المشروع الثقافي كانت هي ذاتها تعاني عللها فانشطرت بشكلها المنطقي بين مناصر للتغيير وبمفهوم التحرر وهذا تمادى في تحرره ورؤاه الديمقراطية للدرجة التي أخذته باتجاه أجندات السلطة التي تردد في كثير من مواقفها ذات المفاهيم المشتركة مما سهل عليها احتضان تلك الفئة ضمن أجنداتها بل إنها وبدافع اللا شعور صارت تفعل مثل ما كانوا معارضيهم يفعلون وكأنما تتلون الصور بذات ألاطار حتى كأن عرف (مثقف السلطة ) يأبى أن يغادر الحياة الثقافية العراقية،
ومثل ما اتفق سلوك هؤلاء اختلف أُلئك فراحو يعتبرون التغيير احتلالاً ومن يدخل ضمن المشروع السياسي هو عميل وبذات الجرس الذي يحاولون الخروج به كوطنيون وغيرهم عملاء ،وساقهم حقدهم الى تبني أجندات المعارض لا اقتناعا ً وإنما فرضيات مرحلة .
وللحقيقة إن المثقف العراقي وطوال مراحل التشكل الحديث للدولة لم يتبنى مشروعا ثقافيا بعنيه هو خارج ربقة معارضة السلطة او مؤيدها ،بل ان المرحلة التغييرية بعد نيسان ومحاولة بناء إعلام مستقل كفله الدستور بحرية التعبير ووسائل الإعلام ورغم ان المناخات التشريعية لحرية الراي والاعلام، الا ان العاملون ضمن سقفه لم يبلورو إعلام ينتمي إلى مشروع ثقافي جديد يتلائم مع مرحلة الصورة الجديدة للمثقف باعتباره باني ومهندس لخطى الجديد من بناء البلد التغييري واذا كان صوت الشارع واحساسه الذي يتجسد بالمثقف وهو الفكرة العامة والمهمه في المشروع الثقافي لم ينتم ِ الى المواطن والشارع مثلما كان مؤمل منه ،وإن شهدت مرحلة التغيير بعض المحاولات الا انها اصطدمت بعقبة التمويل للمثقف كانسان بحاجة إلى مستوى معيشي بعد أن تجاذب الكثير منهم روح الصعلكة وماتو على شوارع بلد كان من الممكن لو كان لهم مشروع ثقافي مستقل منتمي الى الوطن لكانت تماثيلهم هم التي تبقى بدل تماثيل الساسة والرؤساء المحكومة أبدا بالسقوط ،وإذا كانت الحكومة ومن باب الترويج لنفسها ثقافيا قد تبنت الكثير من المثقفين الذين تأجندوا لاجنداتها على حساب الرؤية الثقافية المفترض وجودها كمشروع ،ومن با ب القيام بنشاطات تعزز رؤى السلطة فتشوا في جيوبهم الخاوية ولم يجدُ غير كرنفالات ثقافية ميته قبل ولاداتها واحتفالات ثقافية مؤجندة على مقاسا ت من تسنموا مسؤلية الثقافة ،أن المشروع الثقافي مابعد مرحلة التغيير كان مهملاً جدا وهذا خطأ فضيع يتحمله المثقف قبل غيره لأنه مبدأ ومسؤلية فقد حسب المشروع الثقافي على مفهوم ومكانة وزارة الثقافة فصار المشروع الثقافي مشروع غير سيادي مكمل لكليشيهات بناء الحكومة ،ان المشروع الثقافي والثقافة عموما في العراق هي ثقافة فرد ومجموعه وجماعه وليست ثقافة مؤسسه وسلطة وعلى المثقف ان يكون بمستوى تاثيره وثقافته وليدع السياسي ورجل السلطة يكبر بتقربه منه وليس العكس فدور المثقف الداعية انتهى إلى الأبد وعلى مثقفينا أن يكونوا بمستوى مسؤولية التغيير العراقي الذي نسعى لان يكون جديدا ومشرقا ً على البلد والمحيط الإقليمي الذي ينتمي إليه.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن