لم ننتخبكم لتكرسوا مصالحكم وتنسوا مصالح الشعب

هادي صالح
hady.saleeh@yahoo.com

2009 / 3 / 4

في الفقه الدستوري
بين الانحراف والتعسف في استعمال الحق
لم ننتخبكم لتكرسوا مصالحكم وتنسوا مصالح الشعب
هادي صالح
انقل لكم المقال الاتي لكاتبه السيد :- لبيان تشريع رواتب الخاصة

النائب مفروض عليه ان يقدم حسابا الى ناخبيه ليثبت لهم وفاءه بالعهود التي قطعها على نفسه عند انتخابه لكن الحق بجانبكم فأين سترون الناخب وانتم بسياراتكم المصفحة.

المحامي هاتف الاعرجي
ذهب غالبية فقهاء القانون العام الذين تعرضوا لدراسة موضوع "رقابة دستورية القوانين" الى ان مثل هذه الدراسة اجراء ضروري يضمن احترام السلطات في الدولة للحدود التي اوردها الدستور لاختصاصاتها.
ويورد البروفسور الفرنسي "لافرير" عرضاً منطقيا لذلك اذ يقول "يوجد في الدولة دستور ويمنح هذا الدستور اختصاصات للعضو التشريعي ولكي لا يخرج هذا العضو التشريعي -السلطة التشريعية- عن حدود الاختصاص الذي منحه اياه الدستور تظهر بوضوح ضرورة وجود رقابة دستورية".
وبهذا المعنى يقول البرفسور الفرنسي "بيردو" ان مبدأ انشاء رقابة على دستورية القوانين يستند الى منطقية ثابتة لا تتزعزع".
الدكتور اسماعيل مرزه- رأي في رقابة دستورية القوانين ص60. الطبعة الثالثة- دار الملاك للفنون والاداب والنشر.
والى جانب هذا القول يمكن تصور فكرة منطقية تذهب الى عكس ما أثبته الرأي السابق فتنفي ضرورة وجود الرقابة الدستورية او على الاقل- تثبت نسبيتها...
ولبيان ذلك يمكن القول بأن الحكومات اما ان تكون ذات اتجاه مطلق استبدادي او انها تكون عكس ذلك ذات ميول حرة.. فاذا كان نظام الحكم من النوع الاول "الاتجاه المطلق" فأن تشريع القانون ينفرد به عادة شخص طاغ او باغ او دكتاتور او حكومة مستبدة.
وفي هذه الحالة يكون من الواضح والجلي ان هيئة الرقابة الدستورية ان وجدت سياسية كانت ام قضائية- فأنها تحمل السلطات على تطبيق قراراتها ولا رأي لها حتى في اسماع صوتها الى تلك الجهات.
اما اذا كان نظام الحكم ذا ميول حرة كما في النظام البرلماني مثلا فأن العضو التشريعي لا يتعدى الحدود التي رسمها له الدستور كقاعدة.
وفي هذه الفرضية يمكن تصور فائدة وجود "هيئة لرقابة دستورية القوانين" للحالات التي تتعدى فيها السلطة التشريعية الحدود المرسومة في الدستور عن غير قصد او عمد.
ولقد أثبت الواقع حتى في هذا الاحتمال ان هيئة الرقابة اما ان تفقد في العمل كثيرا من أهميتها ويتضاءل دورها الى مجرد (ناصح) لا تسمع له نصيحة في كثير من الاحيان فيكون مصيرها حتما الى الزوال او انها على العكس فعن طريق كثرة تدخلها او استبدادها بالرأي تحدد العضو التشريعي ثم تسيطر عليه فتستبد في التشريع وتصير النظام شبيها بالاول فمن ذا الذي يراقب مثل هذه الهيئة؟.
والملاحظ انه وفي نظام الحكم الدكتاتوري المطلق والذي فيه تتركز جميع السلطات في يد واحدة حيث تحتكر السلطة الحكومية السلطة التأسيسية والتشريعية والتنفيذية وفي هذه الصورة من الحكم يكون وجود هيئة تراقب دستورية القوانين عبارة عن تعقيد لاطائل تحته.. بل قد تكون الاضرار الناجمة عن وجودها كبيرة جدا.. وذلك لأن وجود تلك الهيئة يسبغ على هذا النظام صفة الحكم المقيد الخاضع للقانون من حيث الشكل في حين انه بعيد في جوهرة عن ذلك كل البعد.
فهيئة الرقابة هنا تصبح آلة في خدمة الحاكم لتضليل المواطنين وخداعهم.
اما في النظام الديمقراطي التام وهذا ما تروم النظم الديمقراطية في اتجاهها وتكنيكها الحديث ان تصل اليه.. فقد عهدت للبرلمان ممارسة السيادة في ميدان التشريع اذ هو الذي يمثل الشعب ولا وجود لسلطة عليا بجانب البرلمان او تسمو عليه وتراقب نشاطه.
ثم انه لا يوجد اي فرق في حالة الديمقراطية التامة بين القانون وبين الارادة العامة للشعب والتي هي وحدها تعبر عن الفكرة القانونية السائدة.
وهنا تنتفي ضرورة وجود هذه الهيئة للرقابة ولا يمكن تصورها حيث ان الارادة العامة التي تتجسد فيها السلطة الاصلية هي القاعدة دستورية كانت ام قانونية على ان ما يمكن ان يقال ان الكمال والتمام ليسا من عالم اليوم، فكل شيء نسبي وان ذلك هو حال نظام الحكم ايضا.
فعند ذاك لا يمكن ان نعترف بخضوع القانون للدستور فقط دون ان نعترف ايضا بخضوع الدستور للفكرة القانونية السائدة في المجتمع السياسي والتي هي اساس وجوده.
ولتوضيح ذلك يمكن القول ان فكرة القاعدة القانونية هي اعم من فكرة القانون وبشكل ملموس اكثر فأن النظام السياسي الذي يستند الى القاعدة القانونية باعتبارها مفضلة على القانون هو النظام الذي توجهه المبادئ التي يصوغها المجتمع اذ يقول مونتسيكو: "ان حكم القاعدة القانونية هو حكم الاخلاق " فهي نتاج اجتماعي وتفترض ان يصار الى تثقيف المجتمع وهي تسمح بتحقيق مثال المجتمع الذي لايستسلم كليا للدولة.
وهنا تظهر ضرورة القاعدة وحيويتها بالنسبة للقانون فالقاعدة تقع في امتداد ديمقراطية القانون والتي تخلصه من اسره البيروقراطي.
لقد بقيت نظرية التمثيل مدة اكثر من قرن كامل الشكل السائد للحكومات.. غير ان هذه النظرية التي قامت على اساس فلسفة فردية تتفق مع عهد الدولة الليبرالية لم تعد تتماشى مع متطلبات عصر يطالب بالديمقراطية الاجتماعية.
اذ من الواضح انها تقوم على مجاز وافتراض.
فالامة (اذا كان النائب يمثلها حسب الادعاء) وبالتالي يتصور انمن حقه ان يتخذ ماشاء من قرارات حسب طبيعة الاكثرية والاقلية او يدعو الى سن قوانين كقانون تقاعد (النواب) او رواتبهم ومكافآتهم التي تجاوزت المعقول- والشعب يعيش المأساة بأقسى صورها ودون حل موضوعي.
ايها السادة نواب الشعب حسبما تدعون- فالامة ليست كائنا اجتماعيا له ارادة واحدة تتمثل بمصالحكم ومكاسبكم الشخصية فقط بل تتكون من مصالح متباينة متناقضة وطبقات اجتماعية مختلفة هي في واد وانتم بعيدون عنها في واد آخر.
وتظهر لنا الحياة البرلمانية وتطورها في العالم الديمقراطي ان الانتخاب لم يعد مجرد انتقاء ممثل لذاته.. بل اصبح اختياراً لبرنامج سياسي واجتماعي معين- وبالتالي سيفصح الناخب عن ارائه التي تلزم النائب انتهاجها والتقيد بها فلم يعد النائب حرا في التعبير عن ارادته الشخصية ومفهومه الشخصي دون اعتباره للصالح العام ويستتبع ذلك تغير طابع النيابة فبدلا من ان تكون تمثيلية اصبحت اقرب الى نظام التعليمات الالزامية وفق ما متعارف عليه في العالم الديمقراطي وكالآتي:
-1النائب مفروض عليه ان يقدم حسابا الى ناخبيه ليثبت لهم وفاءه بالعهود التي قطعها على نفسه عند انتخابه لكن الحق بجانبكم فأين سترون الناخب وانتم بسياراتكم المصفحة.
-2 تبذل الاحزاب والتجمعات جهدها لتحتفظ بولاء انصارها من النواب وانضباطهم وتقيدهم بالبرامج التي اعلنها الحزب او التجمع في الانتخابات- ولو اقتضى الأمر منها اتخاذ اجراءات تأديبية كالفصل عن الحزب او التجمع.
ويعتبر عدم تجديد انتخاب النائب المؤيد الفعلي لهذه الاعتبارات.

ويبقى امل الشعب رغم مطالبة النواب بمزيد من الدولارات والمصفحات " ان الشعب صاحب السيادة يمارس سلطات الدولة بواسطة ممثلي الشعب الحقيقيين يراقبهم الشعب وهم مسؤولون امام الشعب عن الاثراء بلا سبب.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن