فقهاء الاستنجاء والاستجمار...!؟

جهاد نصره
jehadnasra@gmail.com

2009 / 2 / 27

يتجاهل كتّاب التاريخ الإسلامي وعلى رأسهم فقهاء التقديس أنهم جرّدوا الزمن من أبعاده الثلاثة، مبقين على الماضي الديني وحده لا شريك له، وهم بهذا التعاطي يتجاهلون معظم الحقائق التاريخية السابقة للدعوة الإسلامية التي باشرها ـ محمد ـ في مكة.
ثم إنهم حاربوا، ولا زالوا يحاربون، وكفَّروا ولا زالوا يكفِّرون، كل من يسعى لرؤية مجتمعات عربية لا تكتفي بالنظرة التعبدية التقديسية لماضيها فتبقى أسيرة الماضي بكل ما فيه.. ورهينة بأيدي أعداء المستقبل الذين يجهلون حقائق التاريخ أو يتجاهلونه، ويناهضون من يعمل على كشفها، وإبرازها، وغربلتها من الأوهام ومن كل ما هو خارج عن العقل والمنطق والحقيقة..! وليس أدلُّ على ذلك من كون البلد الإسلامي الأول المتمثل بالمملكة السعودية لم يعرف السينما إلا منذ فترة قصيرة ناهيك عن باقي الفنون.!؟
لقد أفلح هؤلاء الفقهاء في تعمية أغلبية المسلمين عن كثير من الحقائق فهم اليوم لا يدرون أن ـ محمداً ـ لم يضف الكثير من التشريعات على ما كان معروفاً في الفترة التي سبقت دعوته والتي يطلق عليها الفقهاء مصطلح الجاهلية بهدف تجيِّير كل تفاصيلها لمصلحة الدعوة المحمدية بالرغم من أن محمداً نفسه قال لبنى سليم: ( اجعلوا رأسكم على ما كانت في الجاهلية وقوِّدوا عليكم من كان يقودكم في الجاهلية ) فعلى سبيل المثال كان الرجال قبل الإسلام يطِّلقون زوجاتهم بالثلاث، وكان الناس يحجّون إلى البيت، ويعتمرون، ويطوفون، ويمسحون الحجر الأسود، ويسعون بين الصفا والمروة، ويلبّون، وكانوا يقفون بعرفات، ويأتون مزدلفة، ويرمون الجمار، ويعظمون الأشهر الحرم ويحرمونها، وكانوا يغتسلون من الجنابة، ويغسلون موتاهم، ويكفنونهم، ويصلون عليهم قائلين : (( عليكم رحمة اللـه )) قبل أن يُدفنوا..! وكانوا يؤمنون بيوم الحساب لذلك كانوا يوقفون راحلة (دابة) الميت عند قبره ويتركونها بدون علفٍ وماء حتى تموت من أجل أن يركبها صاحبها يوم القيامة، أي أنهم كانوا يؤمنون بيوم القيامة..! وكانت تلك الناقة التي يُفعل بها هذا تُسمى: (البلية)..! وكانوا يقطعون يد السارق اليمنى، وكانوا ينكحون أربع نساء..!؟
ثم إن العرب كانت تصنع عشرة أشياء منها خمسة في الرأس هي المضمضة والاستنشاق والسواك والفرق وقص الشارب. وفي الجسد خمسة هي الختانة وحلق العانة ونتف الإبطين وتقليم الأظافر والاستنجاء وقد أوصى محمد بكل هذه الأفعال والعادات...!؟
وعرف عن العرب قبل الإسلام أنهم يوفون بالعقود ولا يأكلون الميتة قال الشاعر الجاهلي ابن أوس الكلبي:
لا آكل الميتة ما عمرت نفسي وإن أبرح إملاقي
والعقد لا أنقض منه القوى حتى يوارى القبر أطباقي
لقد نضجت في حينه مجمل الظروف التي سادت أرض الحجاز فتوفرَّت فرصة سانحة للانتقال إلى درجة مجتمعية أكثر تنظيماً فكان التخطيط لدعوة ـ محمد ـ ص في هذا السياق وجاء نص ـ محمد ـ القرآني متفرقاً كتعبير نظري عن هذا الحراك الذي استوجب العمل على توحيد القبائل والعشائر المتناثرة في أنحاء الجزيرة العربية خلف الراية الجديدة وكانت آيات هذا النص وسوره ومن ثم شروحات ـ محمد ـ وسلوكياته اليومية وتعاليمه كل ذلك كان مواكباً بنباهة جلية للتحولات الجارية يوماً بيوم وحدثاً إثر حدث فليس من العقل ولا المنطق النظر إليها على أنها صالحة لكل زمان ومكان كما يدعي فقهاء الاستنجاء والاستجمار المعاصرين وهم الذين رضخوا لشرط الزمان فأفتوا بجواز استعمال المحارم الورقية عوضاً عن الأحجار.!؟ وفي الوقت الذي لا يزال السادة الفقهاء يطلبون فيه من المسلمين التقيّد الحرفي بسنة نبيهم مؤكدين على كونها دائمة الصلاحية فيشرحون لهم مثلاً في باب الطهارة كيف كان الرسول يستجمر ويقدمون لهم أحاديث صحيحة حول هذا العلم منها ما رواه مسلم عن سلمان رضي الله عنه قال: ( نهانا رسول الله صلعم أن نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار ) فإنهم جميعاً أفتوا بجواز استخدام غيرها...!؟
1 ـ المحبر لـ أبو جعفر محمد بن حبيب
2 ـ الأصنام لـ الكلبي
3 ـ ديوان الأعشى
4 ـ تلبيات الجاهلية



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن