كيف تصبح روسيا مكباً للنفايات النووية في العالم؟

ناتالي ميليس

2002 / 6 / 5

NATHALIE MELIS

عشرون ألف طن من النفايات النووية الأجنبية مقابل عشرين مليار دولار. تلك هي المبادلة التي يقترحها منذ سنوات عدة وزير الطاقة الذرية الروسي، وقد حصل السيد يفغيني اداموف على قرار برفع حظر استيراد النفايات النووية من الخارج لتخزينها وطمرها والذي نصت عليه المادة 50 من القانون الخاص بالبيئة. والدول الراغبة في التخلص من هذه النفايات مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان إضافة الى بعض دول الغرب بات في إمكانها ان تفعل ذلك. وفي المقابل يبدو ان سويسرا تراجعت عن البروتوكول الأولي الذي وقع مع روسيا في العام 1998، كما ان وزير البيئة الألماني السيد يورغن تريتن كشف في حزيران/يونيو عام 2001 ان جمهورية ألمانيا الاتحادية لا ترغب في أن تكون كفيلة هذه "التلاعب اللامسؤول بصحة المواطنين الروس وأمنهم" [2] .

كل شيء بدأ، او بالأحرى تجدد [3] في 18 تموز/يوليو عام 2000 عندما قدمت وزارة الطاقة الذرية، الميناتوم، اقتراحاً بثلاثة مشاريع الى مجلس الدوما تنص على تعديل القانون من أجل السماح "باستيراد النفايات والمواد النووية إضافة الى بعض المحروقات المشعة بغية تخزينها أو طمرها أو معالجتها". لكن المشروع نص على تأسيس صندوق خاص لتنظيف المناطق المشبعة بالاشعاعات بعد خمسين سنة من التجارب النووية. وقد لوحت وزارة الطاقة الذرية علناً بأوراق الدولار الخضراء مقترحة تخصيص 3.5 دولار للموازنة الفيديرالية و7 مليار لأعمال التطهير والتسعة المتبقية لتطوير الصناعة النووية، وفي هذا بحسب ما يرى السيد أداموف "مفخرة للوطن"، كما انه يضمن استقلاله المالي.

في كانون الأول/ديسمبر عام 2000، وبحسب مؤسسة الاحصاء "رومير" كان 94 في المئة من الروس يعارضون رفع قانون حظر هذا الاستيراد. لكن هذا لم يجدِ نفعاً إذ ان الدوما أقرّ في 21 كانون الأول/ديسمبر المشروع مرة أولى بغالبية 318 صوتاً ضد 38 صوتاً [4] ، ثم صادق عليه في مداولات ثانية في 18 نيسان/أبريل عام 2001 بعد مرحلة من التردد. وبعد مداولات أخيرة في 6 حزيران/يونيو قل عدد المتحمسين له في شكل واضح، إذ أيده 243 نائباً مقابل 125 عارضوه.

بعد ذلك كان على المجلس الاتحادي، حيث تتمثل الأقاليم، أن يتخذ موقفاً من المشروع، والحال أن عدداً من حكام المناطق ومن المجالس الاقليمية الأكثر قرباً عادة من المواطنين، أكدوا أنهم يعارضون المشروع. لكن رئيس المجلس الأعلى السيد إيغور ستروييف، القلق على دوره السياسي، أرجأ عملية التصويت الى 27 حزيران/يونيو، أي الى ما بعد انتهاء المهلة التي يمنحها الدستور للمجلس كي يتخذ موقفاًَ. في اختصار، لوّح الحكام بالمواجهة ثم تمنعوا عنها.

ولم يبقَ سوى الرئيس فلاديمير بوتين الذي لم يكن قط قد عبّر عن رأيه علناً، وقبل ان يوقع القانون في 11 حزيران/يونيو عام 2001، حرص على ان يجتمع بـ"ممثلين عن الشعب" اختيروا بدقة فيما راحت بعض البرامج التلفزيونية تمتدح حسنات الذرة. ومن جهة أخرى شكل لجنة توكل اليها مهمة إعطاء الموافقة على كل عملية استيراد لكنه أوكل رئاستها الى حائز جائزة نوبل في الفيزياء يوريس الفيروف وهو من مؤيدي المشروع. وأعلن الوزير أنه اذا سار كل شيء على ما يرام فقد تبدأ العمليات في غضون ثلاث سنوات.

وقد جاء الرد من انصار البيئة سريعاً بقدر ما بدا ان الكرملين عازم على سحب البساط من تحت أقدام جميع من يعوق عملية التلويث المستدامة. وفي الواقع، في حزيران/يونيو عام 0200، كانت لجنة البيئة ودائرة الغابات الاتحادية، وهما من المخلفات الهزيلة لوزارة حماية الموارد الطبيعية القديمة قد الحقتا بوزارة الموارد الطبيعية بناء على قرار رئاسي...

وكان الهجوم على الخضر قد بدأ قبل ذلك. ففي 20 شباط/فبراير تعرضت ثلاث منظمات بيئية في ثلاث مدن مختلفة لعمليات دهم متزامنة، فخرج المحققون من مكاتب "زيليونيي مير(عالم أخضر) في بطرسبورغ بوثائق تتعلق بالصناعة الذرية، وفي الشهر التالي حاصرت الشرطة مقار منظمة غرينبيس في موسكو حاملة أوامر (لم يؤكدها القضاء) بختمها بالشمع الأحمر بذريعة الاحتيال الضرائبي.

أما المكتب الاتحادي الأمني فراح يضايق المناضلين ضد السلاح النووي. ففي كانون الأول/ديسمبر عام 1999 قام باستدعاء السيدة اليسا نيكولينا وتهديدها، وهي منسقة الحملة المعارضة للسلاح النووي، والمشتركة بين الاتحاد الاجتماعي والبيئي الروسي ومنظمة "الإيكوديفانس" (الدفاع عن البيئة) وذلك في إطار تحقيق حول اعمال ارهابية. وقبل ثلاثة اشهر من ذلك كان السيد فلاديمير سليفكاف، الرئيس المساعد في هذا البرنامج، قد تعرض  لاستجواب مشابه داخل سيارة ادخل فيها عنوةً. أما الصحافي العسكري غريغوري باسكو الذي كان قد دين في العام 1999 [5] ثم عفي عنه إثر محاكمة أولى بتهمة التجسس والخيانة العظمى، فقد حكم عليه مجدداً في آخر كانون الأول/ديسمبر عام 2001 بالسجن أربع سنوات. فيما الأختصاصي في موضوع نزع السلاح النووي إيغور سوتياغين لا يزال في السجن منذ ما يزيد على سنتين بتهمة "خيانة الدولة".

وقد انطلقت "حرب المعلومات" بكل معنى الكلمة بين الكرملين وأنصار البيئة في حزيران/يونيو عام 2000. ففي تظاهراتهم يكرر أنصار البيئة معزوفتهم "لن يكون هناك تطهير للمناطق الملوثة ولا إعادة معالجة ولا مكسب مالي للشعب". ويوضح السيد الكسي يابلوكوف، المستشار البيئي السابق لدى الرئيس بوريس يلتسين والمنسق الحالي لحملة الاتحاد الاجتماعي والبيئي الروسي، أنه "إذا كانت المناطق الملوثة التي يتحدث عنها الوزير تشكل فعلاً مشكلة بيئية من الأشد إحراجاً في البلاد فإن اصلاح الضرر يتطلب 200 مليار دولار على الأقل". والحال، فإن القوانين المقرة لا تحدد أبداً وسائل التمويل.

كما أن أنصار البيئة يذكرون بأنه لا يوجد في الوقت الحالي الا مكان واحد للمعالجة، وهو المركّب الصناعي "ماياك" في منطقة الأورال. لكن هذا المركز لا يستطيع ان يعالج سنوياً سوى 200 طن من النفايات من اصل 14000 طن آسنة في مواقع تخزين غير مأمونة، وتؤكد السيدة نيكولينا أنها "مطمورة حتى وبكل بساطة تحت التراب بدون أي إذن رسمي". يتطلب الأمر إذاً بناء مواقع جديدة حيث "سيكون مصير النفايات "النسيان" من دون أن يأتي أحد أبداً لاستعادتها" [6] بحسب تقديرات مجلة "نوفايا غازيتا" الاسبوعية. فالصحافيون الأختصاصيون وأنصار البيئة يشككون في نجاح مشاريع المعالجة، رغم تأكيدات الوزارة الحماسية التي تقول إن الوقود المشع ليس من النفايات بل مادة اولية يمكن إعادة استخدامها وبيعها [7] .

حقاً إن هذه الوزارة ميالة الى الكتمان، فالسيد الكسندر روميانتسيف، خليفة الوزير أداموف الذي كان ابعد بعدما اتهمه مجلس الدوما بالاختلاس، هو ايضاً مؤيد متحمس لتشريع الاستيراد. وعلى كل حال، هو كان قبل هذه الترقية مدير مؤسسة كورتشاتوف، مركز الأبحاث النووية الذي تسبب بفضيحة في اول نيسان/أبريل عام 2001 حين اودع فيه 2000 طن من النفايات النووية... في قلب العاصمة تماماً! وليس في الأمر ما هو مستغرب طالما ان وزارته، المقربة من المجموعة المالية النافذة "ام.دي.أم." وقد سيطرت عليها الآن مجموعة الفا التي بدأت تبرز على الساحة منذ وصول السيد بوتين الى السلطة، متهمة بأنها تسعى الى اختلاس جزء كبير من مخصصات معالجة النفايات آملة في الوقت نفسه في تخصيص ما تبقى كما هو متوقع لبناء حوالى ثلاثين مركزاً إضافياً، إضافة الى المفاعل النووي البحري الأول في العالم.

كما ان جزءاً من المال سيساعد في تسريع عملية تطوير الذخيرة النووية من الجيل الجديد، والهدف منها فتح إمكان خوض حرب نووية محدودة، وقد كتبت صحيفة "موسكوفسكي نوفوستي" [8] : "وخلال عشر سنين ستنفجر قنبلة صغيرة خلال عملية إضافية ضد الارهابيين، وستسكت جميع الارهابيين بضربة واحدة إضافة الى ما عندهم من ماعز وأبقار وخضر ومن أشياء بسيطة صغيرة". وقد تأكد هذا الخيار في الطرح الأخير لسياسة البلاد العسكرية الذي صادق عليه السيد بوتين في 10 كانون الثاني/يناير عام 2000، وهو يسمح باللجوء الى السلاح النووي "في حال استنفدت بقية القوى والوسائل لتسوية الوضع أو تبين انها غير فعالة".

ويرى السيد سليفياك أن وزارة الطاقة الذرية تعلم أنها لا يمكن أن تفعل شيئاً في شأن برنامج الاستيراد إذ: "يكفيها ما عندها من مشاكل. لكن في سياق الازمة الاقتصادية يبدو ان من فاز في الأمر هو عزم بعض المحترفين على إنقاذ مفاعلات البلاد، أضف الى ذلك مصالح بعض المصارف التي تحتمي بوزارة الطاقة والتي لا حدّ لأطماعها. كل ما في الأمر ان النفايات سوف تطمر فيما الموازنة المخصصة لها سوف تذهب من جهة الى الصناعة النووية الروسية ومن جهة اخرى الى جيوب بعض الموظفين في الوزارة والى أصحاب المصارف".

في 23 كانون الثاني/يناير عام 2001 نشرت منظمة الدفاع عن البيئة تقريراً ينذر بخطر نقل المواد النووية، فالقانون لا يتوافق والمعايير الدولية، والبلاد تستخدم مستوعبات بالية والتشريعات الاقليمية والفيديرالية غير متوافقة ويجري الاستخفاف بأصول منح الاجازات للمستوردين، والموظفون لا يتمتعون بالكفاءة ولا بالوقاية و40 في المئة من آليات السكك الحديد تشوبها النواقص، الخ. وهذه الخلاصات تعكس وضع الصناعة النووية الروسية. فإذا كانت البلاد تمتلك امكانات علمية مهمة فإن هذه الصناعة تتطور في اطار غير مستقر حيث الفساد واللامسؤولية والنقص المزمن في الأموال هي سيدة الساحة منذ عشرات السنين. وبحسب وزارة الخارجية الاميركية فإن المفاعلات السبعة الأكثر خطراً في العالم موجودة كلها على اراضي الاتحاد السوفياتي السابق [9] .

وفي حزيران/يونيو عام 2000 تقدم أنصار البيئة بطلب رسمي من أجل إجراء استفتاء وطني حول مسألة النفايات ومن أجل إنشاء أجهزة حكومية فعلية للدفاع عن البيئة، وقد ناضلوا على مدى أربعة أشهر لجمع المليوني توقيع التي يفرضها الدستور، وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر قدموا 2.5 مليون توقيع الى اللجنة الانتخابية المركزية التي ألغت بعد شهر 800000 توقيع لأسباب سخيفة. فتقدم الخضر عندذاك بعريضة رفضتها المحكمة الدستورية في آذار/مارس عام 2001.

غير انهم خلال صيف العام 2000 حققوا انتصاراً مهماً أثناء "مخيم العمل" الذي أقاموه بالقرب من مركز المعالجة في ماياك على مقربة من تشيليابنسك في منطقة الأورال. فما بين 23 تموز/يوليو و5 آب/اغسطس، قام حوالى ستين من ممثلي المنظمات في عشر مدن روسية ومعهم أيضاً ممثلون عن  بلدان أجنبية مثل النمسا وسلوفاكيا، بنصب خيمهم في احدى المناطق الأكثر تلوثاً في محيط المركّب والتي لا تعترف الدولة بتلوثها. وبذلك أراد كل من الاتحاد الاجتماعي البيئي الروسي مع جمعيتين محليتين لفت الانتباه الى الوضع الصحي لسكان المناطق الملوثة، والتظاهر ضد استيراد النفايات وتخزينها في ماياك وأخيراً الاعتراض على بناء مفاعل جديد في جنوب الأورال.

وفيما كان علماء من جامعة نوفوسيبيرسك (سيبيريا الغربية) يقيسون مستوى الاشعاعات، كان البيئيون يسيرون عبر المدينة. وفي 3 آب/أغسطس قطع حوالى الثلاثين منهم المدخل الى مقر الحاكم الذي رضخ للاجتماع بهم. ثم في الثامن من الشهر نفسه رفض تخزين النفايات النووية الأجنبية في ماياك ثم أعلن أنه سيعارض استيراد النفايات طالما أنه لم تلحظ في الموازنة الفيديرالية للعام 2001 خطة لاعادة التأهيل الاجتماعي لسكان المجتمع.

وقد تضاعفت حركة الاحتجاج إثر تصويت النواب الفيديراليين على المشروع في كانون الأول/ديسمبر عام 2000. وفي 15 كانون الثاني/يناير عام 2001 قامت في آنٍ واحد نشاطات عدة في عشرات المدن في مختلف أرجاء روسيا. ففي تومسك وزعت "دولارات مشعة" وجرت توعية السكان على وسائل الضغط المتوافرة لديهم. وفي إيركوتسك جمعت التواقيع لتقديمها الى مجلس الدوما الاقليمي، وفي ساراتوف أقيم مسرح بيئي في الشارع. أما في نيجني نوفغورود فوزع انصار البيئة في درونت بطاقات بريدية موجهة الى النواب الاتحاديين، وقد حققت هذه المبادرة نجاحاً ملحوظاً، ففي الأشهر التالية أرسلت ألوف البطاقات وبعد أيام على التظاهرة أعلن الحاكم، وهو على ابواب الانتخابات، أنه يعارض استيراد النفايات النووية. وإذا كان الناس لا ينزلون بكثرة الى الشارع، لأنهم يخافون الشرطة أو لا يثقون بتأثيرهم الذاتي، فإن التعبير عن شجبهم يجري عبر الاستفتاءات أو البرامج التلفزيونية أو البريد، والنتيجة انه في آب/أغسطس عام 2001 صوت حوالى ثلث المجالس التشريعية الاقليمية ضد المشروع.

وفي هذه الأثناء تعد المنظمات البيئية الكبرى لمبادرات على الصعيد الدولي، وهي تخوض معركة المعلومات وصولاً الى تايوان او الى اليابان حيث تدّعي وسائل الاعلام ان تصدير النفايات الى روسيا هو أمر شرعي. كما أن الاتحاد الاجتماعي البيئي الروسي ينظم حملة من أجل إغراق النواب الروس برسائل الفاكس. ويشارك في ذلك منظمات بيئية من قازاقستان (يدرس مجلس نوابها تشريع استيراد النفايات) ومن اليونان وبريطانيا وقرغيزستان.

وداخل مجلس الدوما يحاول نواب من الحزب الليبيرالي يابلوكو الذي يتزعمه السيد غريغري يافلينسكي وهم من المعارضين للمشروع مع نواب إتحاد القوى اليمينية أن يخففوا من تمادي التشريعات عبر اقتراح بعض التعديلات، ومنها اقتراح بأن يوافق مجلس الدوما على كل عقد، وآخر يدعو الى فرض إعادة النفايات بعد معالجتها الى بلد المنشاً، لكن أياً من هذه التعديلات لم يعتمد.

وفي 15 شباط/فبراير عام 2001 وبدعوة من الاتحاد الاجتماعي البيئي الروسي وجمعية الدفاع عن البيئة وحزب يابلوكو، تظاهر في موسكو حوالى 200 شخص أمام مجلس الدوما، حيث صرح السيد أمان توليياف، حاكم مقاطعة كيميروفو (سيبيريا الغربية) الواسع الشعبية أنه مستاء جداً من المشروع. وفي أول آذار/مارس تلقى الرئيس بوتين رسالة موقعة من 600 منظمة من أوساط المواطنين من كل روسيا، وفي 22 أضافت غرينبيس لمستها، فقد ارسلت فتاتين برداء ابيض لالهاء حراس مدخل مجلس الدوما فيما كان شريكان لهما يتسلقان الجدران ويعلقان لافتة كبيرة على شبابيك المبنى. في اليوم التالي كانت الصحف تتخوف من عدم فعالية أجهزة أمن ممثلي الشعب...

وفي 18 نيسان/أبريل عام 2001 كان أعضاء جمعية بيئية اخرى، كرانيتلي رادوجي [10] ، يكبلون انفسهم عند ابواب الدوما، وفي أيار/مايو، وقبل جلسة المداولات الثالثة، لم يتراجع عدد المتظاهرين. ثم تباعاً يجب ذكر الـ200000 توقيع التي جمعت من مقاطعة إيركوستك وأيضاً التحرك القوي الذي قام به سكان نوفوروسيك التي أعطت إدارة محطة السكك الحديد فيها موافقتها المبدئية لوزارة الطاقة النووية على مرور النفايات النووية عبرها. وفي حزيران/يونيو ايضاً كتب تسعة أعضاء في أكاديمية العلوم رسالة مفتوحة الى الرئيس يشجبون فيها المشروع.

"إن الناس لا يموتون نتيجة الاشعاعات، بل بالعكس انهم لدى سماعهم خطاباتكم يشعرون بالحبل حول اعناقهم ومن أشكال التصفية في تشيرنوبيل أنه كان هناك الكثير من حالات الانتحار وهذا واقع طبي"، هذا كان رد وزير الطاقة الذرية على أنصار البيئة في احد البرامج التلفزيونية في أواخر شهر آذار/مارس عام 2001. و"ليس للجماهير الجاهلة الحق في إبداء الرأي" هذا تم إيضاحه للصحافيين في الجلسة العامة الأولى للمؤتمر البيئي الروسي الذي شكله الكرملين لمواجهة الدعوة الى الاستفتاء.

وهذا لم يمنع أنه في تشرين الأول/اكتوبر الماضي كانت روسيا تشهد بذعر وصول قافلة تحمل 41 طناً من النفايات النووية من بلغاريا، بغية معالجتها، لكنها نقلت حالياً الى مركز التخزين في كراسنويارسك. وليس ان العقد قد تجاوز عملية الكشف التي فرضها القانون [11] بل تبين أن في الأمر فضيحة. فالشركة التي سمّتها إدارة المفاعل النووي البلغاري على أنها وسيط الدفع، لم تعد موجودة منذ آذار/مارس عام 2001، لكنها ظلت مسجلة على انها شركة ممولة. لكن شركة "الأوف شور" هذه، "إنرجي انفست اند ترايد" ، مرتبطة في شكل وثيق بمجوعة ألفا التي حصل مصرفها في العام الماضي على امتياز إدارة حسابات وزارة الطاقة وتالياً حسابات العقد البلغاري...

وقبل ساعات من مرور قطار النفايات هذا، خرجت 15 مقطورة من قطار آخر عن الخط ملحقة الضرر بـ350 متراً من الطرق. ويجري السيد سليفياك بعض الحسابات: "إن حياة ألوف السكان المقيمين على طول الخط السيبيري ستكون في خطر بسبب 670 نقلة قطار من النوع نفسه إذا تقرر فعلاً نقل الـ20000 طن من النفايات الى سيبيريا. ويجري الاعداد حالياً لثلاث عمليات استفتاء حول هذه المسائل، فهل سيجري التنكر مرة اخرى لحق الشعب الروسي في فرض موقفه  من قرارات بهذه الأهمية؟ إن الرهان، بالنسبة الى أليسا نيكولينا، ديموقراطي قبل كل شيء.

ويبدو ان الروس على حق. ففي استفتاء أجرته مؤسسة رومير في حزيران/يونيو عام 2001 اعتبر ثلث سكان موسكو أن قرار الدوما يستجيب مصالح أصحاب النفايات الأجانب، و19.6 في المئة عزوه الى مصالح  وزارة الطاقة و17.8 الى الحكومة الروسية، 4 في المئة فقط من سكان العاصمة رأوا أن في هذا القرار مصلحة لجميع الشعب الروسي.

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]   صحافي، بروكسل

[2] In " Poutine signe la loi sur l importation nucléaire ", The Guardian, Londres,12 juillet 2001.

[3]  أساساً في العام 1995 صدر مرسوم رئاسي في محاولة لتشريع عملية الاستيراد لكنه أبطل بنجاح في المجلس الدستوري بعد طعن من غرينبيس

[4]  الارقام تتعلق بمشروع تعديل المادة 50 من قانون البيئة.

[5]  لأنه سلّم وسائل الاعلام اليابانية صوراً تبيّن البحرية الروسية وهي ترمي النفايات النووية والكيميائية في بحر اليابان.

[6] Novaïa Gazeta, Moscou, 8-15 octobre 2000.

[7]  عند إعادة تصنيعه يتضمن الوقود المشع مزيداً من البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض مدنية أو عسكرية وهو أكثر خطراً على الصحة من الأورانيوم.

[8]  في 26/12/ 2000 وفي 2/1/2001، ذكرت موسكو بأمر صادر عن مجلس الأمن يعود الى العام 1999، حول ضرورة "تسريع إعداد الذخائر من الجيل الجديد التي تدخل عميقاً في الأرض وذات قوة يمكن التحكم بها من أجل الاستعمال في الحروب النووية المحلية والمحدودة"

[9]  René Sepul, " Recrudescence des accidents au niveau international ", in Avancées, Bruxelles, mai 2000.

[10]    9. يلقب بالانكليزية "راينبو كيبر" (Rainbow Keepers).

[11]  وقع العقد في حزيران/يونيو عام 2000 أي انه غير خاضع للتعديلات المعروفة، وأياً يكن فإن القانون القديم يسمح بالاستيراد من اجل المعالجة لكنه يفرض الارجاع الى بلد المنشأ وشرط الكشف على كل عقد.

جميع الحقوق محفوظة 2001© , العالم الدبلوماسي و مفهوم
 

 

 



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن