وعي السلطة التخريبي

رداد السلامي

2009 / 1 / 8

أي مراقب يمكن أن يلحظ مدى الجمود المستعصي الذي يواجه به النظام اليمني مشاكل البلاد وأزماتها ، فما أن يتجه نحو مسار غير عقلاني حتى يزداد الخلل، وتتفشى ثقافة القهر والحرب ويتخذ المجتمع سلوكا حديا جارحا في حل مشاكله ، تتمثل في الاختطافات والحروب القبلية ، والمناطقية ، وغيرها الكثير .

وعي السلطة وعي تخريبي، غير قادر على استيعاب مآلات النهايات التعيسة لما تحدثه من أزمات ومشاكل وانفلات أمني ، هي أزمات ترتد بالضد على وجودها ذاته ،أي أنها حين تمارس ضغطا على القوى السياسية مستغلة حاسة الانتماء الوطني والنضالي السلمي الواعي لديها من أجل دفعها نحو المشاركة في انتخابات محسومة لصالحها لأسباب معروفة ، تلجأ إلى تحريك تناقضات المجتمع ومشاكله وتستخدم ذاكرته القديمة الثأرية المتصارعة ككرت جديد للإحراق بعد أن فوتت عليها أحزاب المعارضة فرصة استخدامها كمتناقضات كانت تؤدي دائما إلى جعلها الحاسمة لصراعاتها البينية التي لا تخدم سوى وجود السلطة ذاته .
السلطة تكرس السلبية ، تنحت من ممكنات الايجابية ، لتطمرها تحت سنابك خيلها الجامح ، ورعونة أداءها المختل والمخاتل ، هي لا تدرك أن ذلك يؤثر على وحدة البلاد ، فتفكيك النسيج الاجتماعي ، وعقد تحالفات ذات قيم مادية مصلحيه أنانية، يجعل الانزواء والتراجع والبحث عن غنيمة على حساب المجموع أمر شائعا ، في ظل عدم وجود اقتصاد حقيقي يمكن الاعتماد عليه ، نحن لا يوجد لدينا اقتصاد ، والإشكالية الكبرى في انه لا يوجد لدينا أيضا اقتصادا منتجا، ومن هنا يكون الصراع على أشده على الثروة والسلطة ، فإذا بالممسكين على السلطة ،يقعون أيضا هم ضحية هذا الصراع الذي عادة ما يرتد على مبدعة..!! الذي أجاد شبكة ثم عجز عن تفكيكه .

لنفترض أن ما أقوله أوهام ، أو يعبر عن يأس ذاتي بحسب توصيف محامي مخضرم لي ذات مقيل ، لكن الواقع الوطني لا ينبئ عن أن ما تتحدث عنه الصحافة الحزبية والمستقلة ، مجرد تهاويم مخترعة ، كما يحلو لبعض رموز السلطة السياسيين ونخبها أيضا وصفه ، الأمور خرجت عن كون النظارة سوداء أو بيضاء ، لأنها تجسم ذاتها كما هي دون مبالغة ، واقعنا أبلغ من قلم كاتب ، أو توصيف سياسي محنك ، الانسدادات السياسية مستمرة تلازمها شائعات عن وجود اتفاقيات لم تحدث، ووساطات روجت لها صحف مستقلة ، استدرجت إلى خانة الإعلام الرسمي لتمارس ذات الدور المحبوك والمعتاد له، شائعات ، وحلول ولقاءات وهمية ، هي في الأساس تستهدف تعويم الرأي العام اليمني للتشكيك بالمواقف المبدئية والثابتة لأحزاب اللقاء المشترك ، التي لم تكن عائمة في مواقفها بل حددت شروطها ، وقالت رؤيتها بوضوح في مجمل القضايا الوطنية والسياسية ومنها قضية الانتخابات ، التفكير بالعقلية "السفرية" الآنية أمر ملازم للسلطة ، إذ لا إستراتيجية وطنية لديها ،هي تمضي بالبلاد كيفما اتفق ، لها أهداف إستراتيجية ضيقة ومهمومة في صيغة لا تتعدى شخوصها وكيف تعيد إنتاج ذاتها ، الوضع هذه الأيام مريحا لها لم يعد هناك حراكا شعبيا في مكان ما ، هناك حروبا قبلية ، الناس انشغلت عنها ببعضها ، (50) قتيلا بين قبيلتي حاشد وبكيل أمر ٌ يفتح للسلطة شهية الإغواء ، وإدخال الناس في متاهة الثأر ، لا تدرك السلطة أن ثمة استراتجيات للحرب القائمة والقريبة من هذه المناطق منذ سنوات هناك قد تغيرت ، وبدأت تدريجيا تتخذ بعدا واسعا متدرعة بقوى قبلية ذات طموح سياسي تشعر أنها عاشت مقصية من السلطة ، على ان السلطة أيضا تدرك أن مصالحها أولى من مصلحة الوطن العليا ، هي بالتأكيد ليست غبية ، لكن الغباء يبدو أحيانا ذكيا..!!

حزب المؤتمر الحاكم مجمع مصالح ونافذين ومتساقطين ذوي اشتهاءات ذاتية ومطامح أنانية ضيقة ولأنه حزب قال عنه ياسر العواضي ذات حوار معه إحدى الصحف لا يحكم وإنما هو وجود شكلي فيما يحكم البلاد قوى تقليدية خفية جمعتها جغرافيا ومصالح كونت حولها ثروة ..إي أنها مجرد غطاء قانوني لمافيا عصابات تنهش الوطن وتذل الشعب وتستنزف مقومات الحياة فيه .

أما المشترك فهي أحزاب وطنية لا نستطيع البت فيما إذا كانت قادرة على إصلاح الأوضاع أم لا، نحن لا نستطيع أن نصدر عليها حكما قاطعا إلا إذا كانت حاكمة ومن الناحية الموضوعية هي قوى وطنية حقيقية تسعى للتغيير وتنتهج مسارا نضاليا راقيا متمثلا في النضال السلمي .

المؤتمر الحاكم هدد الوحدة الوطنية ممارسته غير منطقية ولا تفصح عن أداء وطني جيد ، لسنا مع ما رفعت من دعوات تجاوزت مفهوم الدولة الوطنية الموحدة لكن أستطيع أن أقول أن ظاهرة هذه الدعوات الشاذة حالة نفسية وطنية هكذا يمكنني أن أطلق عليها وهي حالة شاذة أنتجتها حالة سياسية شاذة وممارسات سلطوية سيئة في لمناطق الجنوبية ..كان يفترض أن ينتهي الحديث عن الوحدة والانفصال بعد حرب 94م، لكن النظام لم يتعامل مع الناس هناك كيمنيين،أطلق يد ناهبيه لنهب الأراضي والعبث بحقوق الناس وإقصاؤهم من وظائفهم وتسريحهم قسرا وبالتالي فهي حالة نفسية أوجدها سلوك لا وطني من قبل النظام ومافياه . فيما اعتبره الأكاديمي عبد الله الشعيبي نتيجه طبيعيه لغياب العمل السياسي والحزبي الحقيقي مما ترك فراغاً بين أوساط الناس دفعها لان تفكر تفكير اخر وتتجه به نحو مناحي أخرى.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن