الثقافة العربية للقندرة العراقية

درويش محمى

2008 / 12 / 18

الرئيس جورج دبليو بوش المسكين, كان بالتأكيد ومن دون ادنى شك ضحية لكذبة كبرى واستشارة غير موفقة من هذا الطرف او ذاك, ليدخل من دون ان يعلم في جحيم العراق ويتورط كل هذه الورطة في المستنقع العراقي, كلنا يتذكر جورج بوش وهو يعلن من على متن حاملة الطائرات الاميركية في مايو عام 2003 انتهاء عمليات العسكرية الرئيسية لتحرير العراق, بعد ان وصلت قوات بلاده والقوات المتحالفة معها الى قلب عاصمة الرشيد, بسرعة البرق وبصورة غير متوقعة ومن دون مقاومة تذكر, بالتأكيد تم خداع الرئيس بوش كما خدعنا نحن المصفقين والمهللين لتحرير العراق وخلاصه من حكم الطاغية صدام حسين ونظامه الشمولي البعثي, لقد خدعنا كما خدع الرئيس بوش بوجود هذا الكم الهائل من اتباع الثقافة الظلامية في بلاد الرافدين العراقي وتشبثهم بعقيدة الاستبداد والاستعباد .
كنا نتصور وربما كان الرئيس بوش يتصور كذلك, ان القوات المحررة للعراق ستستقبل من جموع العراقيين المعتقين لتوهم, بالزهر والورد والاهازيج وحتى "الدبكة العربية", كما جرت العادة لدى باقي شعوب المعمورة, وكما فعل الالمان والفرنسيون وشعوب اوروبا في اعقاب الحرب العالمية الثانية بعد تحررهم من حكم الاستبداد والنازية على ايدي الاميركيين القادمين من وراء المحيطات, وكما فعل ابناء الكويت وكما فعلت أخيراً الكوسوفو المسلمة, نعم خدعنا بعرب العراق فقد اعلنوها حرباً طائفية ضروس على بعضهم بعضاً وحرباً قومية جهادية على من حررهم من نير الاستبداد والظلم, لتبقى الدراما العراقية من قتل وتشرد قائمة الى يومنا هذا في دوامة مستمرة لا تنتهي .
لا شك ان الدرس العراقي كان قاسياً على الجميع, على العراقيين وعلينا نحن انصار التحرير وعلى الرئيس بوش وبلاده, والجميع اصبح يدرك اليوم ان الديمقراطية وملحقاتها لا تفرض بالقوة ولا بالنوايا الطيبة ولا بمجرد القضاء على الانظمة الاستبدادية وازاحتها عن السلطة, فالديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة هي ثقافة وتربية واخلاق قبل ان تكون شكلاً من اشكال الحكم السياسي .
التصرف الهمجي والمتخلف للصحافي العراقي منتظر الزيدي, ضد ضيف بلاده ومخلصه ومخلص العراق والعراقيين الرئيس جورج بوش, لايقلل من شأن الرئيس الشجاع الجريء الذي يسجل له انه قضى على اكبر وابطش طغاة العصر, وحتى لانظلم عرب العراق ونجحف بحقهم, سيخرج في الغد القريب الملايين من انصار ثقافة "السبابيط" و"الصرماية" و"الشبشب" وحتى "القباب"في مشرق العالم العربي ومغربه, للدفاع عن صاحب "القنادر" الطائرة الصحافي العراقي الزيدي, عميد ثقافة "القندرة" العراقية وابنها البار, لتنصيبه بطلاً قومياً ورمزاً تاريخياً للامة العربية المجيدة, ويجدر بنا الذكر في هذا المقام, بجرأة ووضوح المفكر العراقي السيد حسن العلوي وتسجيله لسبق تاريخي منقطع النظير, بخروجه على الشاشة الفضائية السورية السباقة بدورها, ليؤكد من قلب دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 على اصالة " القندرة" وثقافتها المتفشية في بلاده, ويقول" هذه هي ثقافتنا العراقية".



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن